شوبنهاور والوهابية

علي حسين كبايسي

 

يرى شوبنهاور أن المرأة ظل للرجل، فالحسن ما استحسنه الرجل والقبح ما استقبحه، فالرجل يتفرد في سن القوانين وتأسيس المعايير الأخلاقية والعقد الاجتماعي، بل يذهب بعيدا بحضوره القوي في عالم المرأة الخاص، فكبير الطهاة ومبدع الأطباق الشهية رجل، ومبتكر الأزياء رجل، والمتفنن في تصفيف الشعر رجل، وتبقى المرأة في حكم المقلد!!.

لما أراد الرجل أن يجعل من عمل المرأة منكرا كان ذلك، ولما أراد ان يجعل منها سلعة إعلامية في عملية التسويق كان ذلك، ولم تتحرج في الكشف عن مفاتنها والتعري بلا حياء!!.

هل كان شوبنهاور قاسيا ومتطرفا بحق المرأة، فكانت نظرته بعيدة عن الحقيقة؟؟، وهذا يجعلنا بالقياس كذلك نخطئ الملائكة لما حكموا على الإنسان بالإفساد وسفك الدماء، هل جانفت الملائكة الحقيقة؟، كلا فالملائكة ما أخطأت، بل أصابت مرتبية من مراتب الحقيقة ولم تدرك مرتبية الإنسان الكامل، والحقيقة واحدة ليست متعددة بل لها مراتب متعددة فهي وحدة مشككة.

فمرتبية الإنسان الكامل تجسدها فاطمة عليها السلام، إذ تجعل من فاطمة (ع) عين الطهر والعفة وميزان الأخلاق ففاطمة (ع) قبس من الجنة، والمرتبية التي تعكس رؤية شوبنهاور في المرأة هي مثيلات آكلات الأكباد إيماء فاوست الذي صاحب الشيطان، وسلم له روحه.

فكيف لنا أن نفسر ظاهرة جهاد المناكحة!!؟، امرأة منقبة تدعي الطهر والعفة ولا تتحرج في ممارسة الدعارة، فإبطال العجب يكمن أن الرجل الوهابي سن لها جمع النقيضين، فكان الانغماس في الدنس تقرب إلى الله تعالى وسلوك في طريق الحق!!.

لا تعجب لقطع الإرهابيين لشجرة البلوط التي ناهز عمرها 150 عاما بحجة المساس بالتوحيد الوهابي وتصنيفها في قائمة الشركيات!!، فالخليفة الثاني قطع شجرة بيعة الرضوان لنفس السبب فالشجرتان جرمهم واحد!!، لا تعجب لقطع الإرهابيين لرؤوس الأبرياء فخالد بن الوليد قطع رأس مالك بن نويرة ونصب عليه قدرا، واليزيد اللعين جعل رأس سيد الشهداء (ع) وسليل النبوة في طست وتلاعب بشفتيه الشريفتين، لا تعجب من انتهاكهم للحرمات فخالد بن الوليد ضاجع زوجة مالك في ليلة استشهاده، وجيش اللعين في واقعة الحرة أحلوا النساء فحملت ألف امرأة دون أن يعرف لأولادهم نسبا، لا تعجب من أكلهم القلوب وشقهم للصدور فجدتهم آكلة الأكباد، لا تعجب من حرقهم للمنازل والمساجد والكنائس بعد السلب والنهب فقدوتهم وسيدهم سلب أمير المؤمنين (ع) حقه وعزم على حرق دار بضعة رسول الله ـ عليهم الصلاة والسلام ـ، لا تعجب ولا تعجب؟؟ فبعد يحي (ع) هانت الرؤوس فما بالك بعد رأس الحسين (ع)، فالتكفيريون يقومون بمحاكاة أفعال السلف الصالح التي وجدوها مدونة في الموروث، فالموروث هو الكتاب المقدس الذي لا يعتريه الباطل وإن خالف القرآن، فالطاعة للموروث ثم للقرآن إن لم يعترض الموروث ذلك هو الدين الأموي ودين كل وهابي متعطش للدماء وتنهدات ما ملكت اليمين، فلا تعجب!! فعلى سبيل المثال لا الحصر فالموروث يحرم الزوجة إن قال لها الزوج : طالق بالثلاث، وهذا يتعارض مع الصريح القرآني!!، الموروث يبيد الآخر، أين هذا في القرآن؟!.

فلسفة شوبنهاور ترى أن الدنيا عالم الشر المطلق، ما ان يأتي الانسان إلى الدنيا حتى تبدأ معه رحلة الألم والشقاء، والسعادة في حقيقتها ما هي إلا لحظة تخفيف الالم، ثم يعود إلى صيرورته، وعالم الوهابية انهار من الدماء، رؤوس متطايرة، أشلاء متناثرة، حرمات منتهكة، أطفال تصرخ من هول ما ترى، أليس هذا عالم الشر المطلق!!؟.

كتب محمود محمد شاكر في مقدمة كتاب الظاهرة القرآنية (1) عن جعد بن درهم :"وكان شيطانا خبيث المذهب، تلقى مذهبه عن رجل من ابناء اليهود....فضحى به خالد بن عبدالله القسري في عيد الضحى "، ونتساءل أين حرية الاعتقاد والرأي؟؟، ولماذا يغض الطرف عن كعب الأحبار مستشار الخليفة الثاني وملقن أبو هريرة الاسرائيليات، وموسى بن ميمون مستشار السلطان الايوبي وأول مستقدم اليهود إلى القدس الشريف، للأسف الجمل لا يرى سنامه!، ولماذا التغني بذبح جعد بن درهم كالخراف في يوم عيد الأضحى؟؟!!، هذا ديدنهم فقطع الرؤوس ليس بمستحدث في الفلكلور الوهابي، ولوكان الوهابي في بذلة إفرنجية!!، وهل بقي حديث عن مشكلات الحضارة؟؟!!.

..........................................

(1) طبعة دار الفكر، ترجمة عبد الصبور شاهين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 17/كانون الأول/2013 - 13/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م