في أمريكا.. الفضائح الجاسوسية تطرق أبواب الجميع

متابعة: باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: بحسب صحيفة الغارديان البريطانية فان ما نسبته 99% من وثائق المتعاقد لمتعاقد السابق بوكالة الأمن القومي الأميركية (CIA) لديها لم تنشر بعد، وان العاصفة الكبرى قادمة مع الأيام القادمة، في حين اكدت في خبر اخر انها امتنعت عن نشر الكثير من الوثائق السرية خصوصاً فيما يتعلق بجانب الحرب الامريكية في أفغانستان والعراق لأنها شديدة الخطورة والاهمية.

الامر الذي أزعج الولايات المتحدة الامريكية كثيراً من هذه التسريبات وجعل منها نكسة استخبارية قد يستمر سقوطها المدوي لسنوات قادمة، لم تكن فضح عملية التجسس بحد ذاتها، وانما طبيعة هذا التجسس، والتي شملت الأمريكيين أنفسهم من جانب والحلفاء المقربين منها من جانب اخر، فضلاً عن مصدر المعلومة الذي كشف هذا الخبر جاء من داخل المؤسسة الامريكية بل من داخل الامن القومي المسؤول المباشر عن هذه العملية، مما سبب لها حرج غير مسبوق وجعل الجميع يراجع حساباته، ولعل اولهم الولايات المتحدة الامريكية نفسها.

اليوم كشفت (البوابات الخلفية) التي كانت تطرقها أمريكا في الخفاء لتحصل منها على مختلف المعلومات السرية المتعلقة بالأصدقاء والاعداء على حد سواء، كانت أمريكا تتجسس على هواتف الأمريكيين إضافة الى مئات المليارات من المكالمات لمختلف دول العالم، البيانات الشخصية، هواتف رؤساء الدول، منظمات دولية وعلى رائسها الأمم المتحدة، خوادم كبرى الشركات العالمية، المؤتمرات الدولية، وغيرها الكثير كان تحت انظار الامن القومي الأمريكي وبدون استئذان، وهذا الامر بالتأكيد سوف يدفع القائمين على هذه الوكالة اما بتغيير اسلوبهم في العمل او الايهام بتغيير اسلوبهم والنتيجة واحدة عند الولايات المتحدة الامريكية.

توصيات جديدة

فقد رفع فريق كلف التحقيق في ممارسات المراقبة التي تعتمدها وكالات الاستخبارات الاميركية الجمعة تقريره الى الرئيس الاميركي باراك اوباما وذلك بعد الكشف المدوي من قبل الخبير السابق في وكالة الامن القومي ادوارد سنودن عن عمليات تجسس واسعة على الاتصالات الهاتفية والانترنت، وقالت المتحدثة باسم مجلس الامن القومي كايتلن هايدن ان التقرير يفصل اكثر من 40 توصية سيدرسها البيت الابيض وان اوباما سيلقي كلمة حول برامج المراقبة بعد انهاء دراسة شاملة لعمليات التنصت الأميركية، وحسب المعلومات الصحافية، فان التقرير يوصي بمواصلة برامج المراقبة التي تعتمدها وكالة الامن القومي والتي اقلقت حلفاء الولايات المتحدة والمجموعات المدافعة عن الحريات المدنية، ولكن مع بعض التعديلات لادخال اجراءات حماية جديدة للخصوصية، وسيقوم البيت الابيض بدراسة توصيات مجموعة الدراسة المؤلفة من خمسة اشخاص على ان يتخذ قرار لاحقا حول ابقاء او استبعاد اي توصية، وينظر التقرير في امكانية واشنطن استخدام قدراتها الاستخباراتية لحماية الامن القومي مع الحفاظ على ثقة الشعب، وقال اوباما انه سيقوم بإدخال بعض الضوابط على الوكالة الوطنية للامن القومي في اعقاب التقرير، والمعلومات الاستخباراتية التي كشف عنها سنودن اللاجئ في روسيا، رفعت الغطاء عن شبكة تجسس واسعة، فعشرات آلاف الوثائق التي سربها سنودن لصحيفة الغارديان البريطانية وسواها من وسائل الاعلام ذكرت تفاصيل نشاطات وكالة الامن القومي السرية، وتظهر تسريبات سنودن ان وكالة الامن القومي تجسست بشكل منهجي على معلومات وبيانات ملايين الرسائل الالكترونية والاتصالات الهاتفية مما اثار الصدمة والقلق لدى حلفاء الولايات المتحدة، وقال وزير الخارجية الاميركي جون كيري انه يستطيع ان يضمن ان "لا الرئيس ولا انا نعتقد ان بعضا من جمع المعلومات الذي حصل في حالات خاصة جدا وضد شخصيات رفيعة محددة، لائق"، وقال لاندرس اوبنهايمر من سي ان ان الاسبانية "اعتقد ان الرئيس سيتحدث عن ذلك بكل وضوح في الايام المقبلة". بحسب فرانس برس.

وقالت نيويورك تايمز ان لجنة البحث ستوصي بالكشف عن تدابير حماية الخصوصية التي يمكن للمواطنين الاجانب توقعها عندما تقوم وكالة الامن القومي بجمع بيانات الهواتف والانترنت الخاصة بهم، وعلى صعيد منفصل، قال مسؤول اميركي ان البيت الابيض قرر ايضا الابقاء على ترتيبات "الوظيفة المزدوجة" التي تسمح لضابط عسكري واحد بترؤس دائرة التجسس في وكالة الامن القومي وعمليات الحرب الالكترونية الأميركية، في تلك الاثناء قالت وول ستريت جرنال ان الفريق المكلف سيوصي بان تكون بيانات الاتصالات الهاتفية التي تمتلكها وكالة الامن القومي بعهدة شركات الهاتف وليس وكالة الاستخبارات، وقالت نيويورك تايمز ان لجنة التحقيق ستوصي بان يراجع مسؤولو البيت الابيض مباشرة لائحة القادة الاجانب الذين تجسست وكالة الامن القومي على اتصالاتهم، وسيتم ادخال اجراءات حماية الخصوصية بعد الكشف عن جواسيس اميركيين تنصتوا على الهاتف الخليوي للمستشارة الالمانية انغيلا ميركل واتصالات زعماء آخرين، وقالت نيويورك تايمز ايضا ان مراجعة البيت الابيض ستقوم بانشاء هيئة محامين يجادلون محامي وكالة الامن القومي فيما يتعلق بعمليات التجسس في محكمة مراقبة الاستخبارات الخارجية، ورفض مسؤولو البيت الابيض التعليق على تلك التقارير، ويقول بعض منتقدي نظام "الوظيفة المزدوجة" في ترؤس وكالة الامن القومي وقيادة الحرب الالكترونية ان هذه الترتيبات تضع نفوذا كبيرا في يد شخص واحد، غير ان هايدن قالت بعد تقرير داخلي في الوكالة، ان الادارة ترى ان الاحتفاظ بمركزي مدير وكالة الامن القومي وقيادة الحرب الالكترونية في نفس الوقت، هو افضل الطرق الناجعة لادارة الوكالتين، وقالت هايدن ان "وكالة الامن القومي تلعب دورا استثنائيا في دعم مهمة قيادة الحرب الالكترونية، حيث توفر الدعم الضروري لبلوغ الاهداف والتنمية، بمن فيهم الملمون باللغات والمحللون والقدرات على تحليل الرموز والبنى التحتية التكنولوجية المتطورة"، وعمليا فان القرار يعني ان وكالة الامن القومي ستبقى تحت قيادة ضابط عسكري اذ ان رئيس قيادة الحرب الالكترونية لا بد ان يكون عضوا كبيرا في الاجهزة العسكرية، والقائد الحالي للوكالتين هو الجنرال كيث الكسندر الذي يتقاعد مطلع العام القادم، وشجبت مجموعات الدفاع عن الحقوق المدنية نشاطات وكالة الامن القومي وشبهتها بعمليات المراقبة التي تقوم بها الحكومات (بيغ براذر) وبانها تدوس على حقوق الأشخاص، وقال الاتحاد الاميركي للحريات المدنية "لا يمكن القبول باي شيء اقل من وقف المراقبة الكبيرة والمشبوهة للاميركيين"، وقال معهد التكنولوجيا المفتوح التابع لمؤسسة اميركا الجديدة (نيو اميركا) ان التقارير تشير الى انه يجري الاعداد لبعض الاصلاحات غير انه اعرب عن الخيبة للنتائج الاوسع التي توصلت اليها اللجنة، وقال مدير المعهد كيفن بانكستون ان "تفويض شركات الهاتف او جهة ثالثة الاحتفاظ ببيانات هواتف لسنوات في حال ارادت الحكومة ان تلقي نظرة عليها، ليس اصلاحا او نهاية للبرنامج الكلي لجمع (المعلومات) الخاص بوكالة الامن القومي، كما وصفته بعض التقارير".

التجسس لا يستثني أحد

في سياق متصل ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن وكالة الأمن القومي الأمريكية اخترقت خطوط اتصالات تستخدمها شركتا جوجل وياهو لنقل كميات ضخمة من البريد الالكتروني وغيره من معلومات المستخدمين بين مراكز بيانات في الخارج، ويظهر من التقرير المستند إلى وثائق سرية لوكالة الأمن القومي سربها المتعاقد السابق مع الوكالة ادوارد سنودون أن الوكالة استفادت فيما يبدو من ضعف القيود على أنشطتها في الخارج لاستغلال بيانات الشركات الأمريكية الكبرى بدرجة اكبر كثيرا من المتصور، وكانت برامج أعلن عنها من قبل ومنها برامج سمحت بالبحث بسهولة في مواد تخص جوجل وياهو وغيرها من شركات الإنترنت الكبرى تستند إلى أمر محكمة، لكن نظرا لأن الاختراق الأخير يحدث خارج الولايات المتحدة فإنه لا يخضع لرقابة المحكمة المختصة بجرائم السطو على المعلومات السرية، وقالت الصحيفة إنه أمكن التوصل إلى كيبل أو مفتاح يحول مرور المعلومات عبر شركة اتصالات لم يذكر اسمها، وقال ديفيد دراموند المسؤول القانوني بجوجل "نحن غاضبون من المدى الذي يبدو ان الحكومة وصلت إليه في اعتراض البيانات من شبكاتنا الخاصة وهو ما يؤكد الحاجة لإصلاح عاجل"، وقالت جوجل انها لم تكن على علم بالبرنامج رغم انها بدأت في الفترة الأخيرة في تكثيف جهودها في تشفير مرور المعلومات الداخلي، ومثل شركات أخرى ترسل جوجل وياهو باستمرار البيانات على خطوط ألياف بصرية دولية إما مستأجرة أو مشتركة أو حصرية، وأفادت إحدى الوثائق التي اوردتها واشنطن بوست ان البرنامج المكتشف حديثا والذي يدار بالاشتراك مع مقار الاتصالات الحكومية البريطانية جمع 181 مليون سجل معلومات خلال 30 يوما فقط، ولم يعرف كم منها يحتوي على مواد تخص سكانا أمريكيين حررت الوكالة بيانات عنهم أو كم من هذه المعلومات تم الاحتفاظ به، وقال متحدث باسم وكالة الأمن القومي في بيان إن افتراض الصحيفة ان الوكالة تستند إلى امر رئاسي فيما يتعلق بجمع المعلومات من الخارج لتجنب القيود القانونية المحلية "غير صحيح"، وأضاف البيان "التأكيد على أننا نجمع كميات ضخمة من المعلومات الشخصية عن مواطنين أمريكيين بهذه الطريقة غير صحيح أيضا، وكالة الأمن القومي وكالة استخبارات أجنبية، نحن نركز على كشف وتطوير المعلومات عن أهداف مخابراتية أجنبية قائمة فقط"، وسئل كيث الكسندر مدير عام الوكالة في مؤتمر في واشنطن ردا على سؤال عن تقرير الصحيفة فقال إنه لم يقرأه لكنه أكد أن الوكالة لا تملك حرية دخول غير مقيدة على خوادم الشركات الأمريكية، وأضاف "بوسعي أن أقول لكم انه ليس لدينا قدرة على الدخول على خوادم جوجل أو خوادم ياهو، نقوم بذلك بناء على أمر من المحكمة"، ولم يوضح بشكل مباشر ما إذا كانت الوكالة تخترق هذه الخطوط أثناء مرور المعلومات بها، ومن المعروف أن الوكالة تدخل على كابلات بحرية، وقالت متحدثة باسم ياهو "لدينا قيود صارمة لحماية امن مراكز بياناتنا ولم نسمح لوكالة الأمن القومي او لأي جهة حكومية أخرى بالدخول على مراكز معلوماتنا"، وستبدأ ياهو اعتبارا من يناير كانون الثاني في تشفير بريد المستخدمين الالكتروني لدى انتقاله إلى الشركة لكنها رفضت أن توضح ما إذا كانت ستمضي إلى ابعد من ذلك وتبقي على البريد الالكتروني مشفرا لدى انتقاله داخل ياهو، ومن المرجح ان يزيد هذا التقرير من التوتر بين اجهزة المخابرات الأمريكية وشركات التكنولوجيا التي تجاهد لطمأنة عملائها في الخارج بأنهم في مأمن من التجسس الأمريكي. بحسب رويترز.

بدوره قالت صحيفة جارديان البريطانية إن الولايات المتحدة تنصتت على هواتف زعماء 35 دولة طبقا لما ورد في وثائق سرية سربها الأمريكي ادوارد سنودن الذي تطلب واشنطن اعتقاله، وقالت الصحيفة على موقعها الالكتروني انه وفقا لما ورد في الوثائق فإن مسؤولا في هيئة حكومية أمريكية قدم أرقام الهواتف لوكالة الامن القومي الأمريكية، وذكرت الصحيفة إن موظفين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع صدرت لهم تعليمات بنقل بيانات الارقام لساسة أجانب، وجاء تقرير الصحيفة بعد ان طلبت ألمانيا ايضاحات من واشنطن بشأن مزاعم تجسس على هاتف المستشارة الالمانية انجيلا ميركل في اسوأ خلاف بين البلدين خلال عشرة أعوام، ولم ينكر البيت الابيض مزاعم التجسس واكتفى بالقول ان ذلك لن يتكرر في المستقبل، وجاء في مذكرة سرية تحمل تاريخ اكتوبر تشرين الاول 2006 نشرت الجارديان مقتطفات منها "في حالة واحدة جرت مؤخرا زود مسؤول أمريكي وكالة الامن القومي الأمريكية بمائتي رقم هاتف لزعماء 35 دولة"، ولم يكشف عن هوية هؤلاء الزعماء، ويظهر تقرير الجارديان ان التنصت على زعماء عدد من الدول قد يكون اوسع نطاقا عما كان يعتقد في السابق.

وذكرت صحيفة اسبانية أن وكالة الأمن القومي الأمريكية تعقبت مؤخرا ما يزيد عن 60 مليون مكالمة في اسبانيا خلال شهر، ونقلت الصحيفة هذه المعلومات عن وثيقة قالت إنها ضمن الأوراق التي قدمها ادوارد سنودن، وتقول حكومة اسبانيا حتى الآن إنها ليست على علم بتجسس الوكالة الامريكية على مواطنيها. وكانت وكالة الأمن القومي قد اتهمت بالتجسس على سجلات آلاف المكالمات الهاتفية الفرنسية ومراقبة هاتف المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، ورفضت اسبانيا دعوة المانيا لدول الاتحاد الاوروبي الثماني والعشرين لإبرام اتفاق لمنع التجسس على غرار اتفاق تسعى برلين وباريس للوصول اليه لكن رئيس الوزراء الاسباني ماريانو راخوي قال إن بلاده تتطلع الى مزيد من المعلومات، ونشرت صحيفة الموندو ما قالت إنها وثيقة تظهر ان وكالة الامن القومي تجسست على 60.5 مليون مكالمة هاتفية في اسبانيا بين 10 ديسمبر كانون الاول 2012 و8 يناير كانون الثاني من العام الحالي، وقالت الصحيفة إن مراقبة الهواتف لم تنطو على التجسس على محتوى المكالمات وإنما مدتها والمكان الذي جرت فيه، وقال راخوي في مؤتمر صحفي في بروكسل "سنرى حين يتوفر لنا المزيد من المعلومات ما اذا كنا سنقرر الانضمام لما قامت به فرنسا والمانيا".

مراجعة انشطة المراقبة

من جانب اخر اكدت الولايات المتحدة انها بصدد "مراجعة" انشطة المراقبة والتجسس التي تقوم بها وكالات الاستخبارات الاميركية، وذلك تنفيذا لامر اصدره الرئيس باراك اوباما، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية جنيفر بساكي "نحن نجري مراجعة" لبرامج التنصت والمراقبة التي تقوم بها وكالات الاستخبارات الأميركية، واضافت خلال مؤتمرها الصحافي اليومي "ما كنا لنجري هذه المراجعة لو لم نكن نعتقد ان هذه البرامج تستحق التمعن فيها من كثب"، مؤكدة انه "اذا تبين بنتيجة هذه المراجعة ان هناك حاجة الى اجراء تغييرات فبالتأكيد سنكون منفتحين على اجرائها"، ولا تنفك فضيحة انشطة التنصت الواسعة النطاق التي مارستها وكالة الامن القومي الاميركية والتي كشفتها تسريبات المستشار السابق في الوكالة ادوارد سنودن تكبر ككرة ثلج، وكان آخر ما تكشفت عنه ما نشرته صحيفة واشنطن بوست من ان وكالة الامن القومي ترصد بيانات مئات الملايين من مستخدمي عملاقي الانترنت غوغل وياهو، واكدت واشنطن بوست استنادا الى وثائق حصلت عليها من سنودن، اللاجئ حاليا في روسيا، ان البرنامج الذي اطلق عليه اسم "موسكولار" ونفذته وكالة الامن القومي الاميركية مع نظيرتها البريطانية يسمح للوكالتين بجمع معلومات من الالياف البصرية التي يستخدمها عملاقا الانترنت، واضافت ان الوكالة الاميركية جمعت معلومات عن مئات الملايين من مستخدمي غوغل وياهو خارج الولايات المتحدة، ونفت غوغل وياهو اي علاقة لهما بوكالة الامن القومي، وانضمتا الى كل من "آبل" و"مايكروسوفت" و"فيسبوك" و"ايه او ال" في توجيه رسالة مشتركة الى الكونغرس الاميركي تطالبه فيها بمراقبة افضل لانشطة وكالات الاستخبارات، ولا سيما لجهة حماية الحياة الخاصة. بحسب فرانس برس.

فيما قال مسؤول أمريكي مطلع إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمر وكالة الأمن القومي أخيرا بالحد من التنصت على مقر الأمم المتحدة في نيويورك في إطار مراجعة برنامج أمريكي للمراقبة الإلكترونية، والأمر الذي أصدره أوباما هو أحدث خطوة معروفة يقدم عليها البيت الأبيض للحد من برنامج واسع لجمع المعلومات تنفذه وكالة الأمن القومي في أعقاب احتجاجات من حلفاء للولايات المتحدة من بينهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على تجسس الولايات المتحدة على رؤساء الدول، والحجم الكامل للتنصت الأمريكي على مقر الأمم المتحدة غير معروف علنا وليس من الواضح أيضا ما إذا كانت الولايات المتحدة أوقفت كل عمليات مراقبة الدبلوماسيين لدى الأمم المتحدة في نيويورك أو في أماكن أخرى في أنحاء العالم، وقال مسؤول كبير في إدارة أوباما تحدث بشرط عدم الكشف عن شخصيته "لا تقوم الولايات المتحدة بعمليات مراقبة إلكترونية تستهدف مقر الأمم المتحدة في نيويورك"، ولم يتعرض المسؤول لعمليات المراقبة السابقة للهيئة العالمية، ومثل هذه البرامج شديدة السرية رغم قيام إدوارد سنودن المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي بتسريب بعض التفاصيل، وأفاد المسؤول الأول بأن مساعدي الرئيس قالوا في إفادات إن البيت الأبيض لم يعد يريد إجراء بعض عمليات المراقبة لأهداف بالأمم المتحدة، وأضاف المسؤول أن القرار اتُخذ في الأسابيع القليلة الماضية، ورفضت وكالة الأمن القومي الأمريكي التعليق على الأمر، ولم يرد متحدثون باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون على الفور على طلب للتعليق.

وتاريخيا كانت الأمم المتحدة والبعثات الدبلوماسية للدول الأعضاء في نيويورك أهدافا للتجسس الواسع النطاق من قبل الولايات المتحدة على حلفائها وخصومها على السواء، وقال البيت الأبيض إنه يجري مراجعة شاملة لبرامج حمع المعلومات الأمريكية لتحديد مدى ملاءمتها، وقالت المتحدثة باسم مجلس الامن القومي كيتلين هايدن "المراجعة التي تقوم بها الإدارة مستمرة ولذا فلست في وضع يسمح لي بمناقشة التفاصيل أو النتائج لكننا اتخذنا بالفعل بعض القرارات خلال هذه العملية وأتوقع اتخاذ مزيد من القرارات مع استمرارنا فيها"، وصدر البيان بعد أن شكت السناتور ديان فينستاين رئيسة لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ بخصوص أنباء التنصت على ميركل وحلفاء آخرين للولايات المتحدة وأعلنت أنها تجري من جانبها مراجعة متعمقة لبرامج جمع المعلومات الأمريكية، وقالت فينستاين إن معلوماتها تفيد بأن أوباما لم يكن يعلم بمراقبة اتصالات ميركل منذ عام 2002 وأضافت "وهذا مشكلة كبيرة"، وأضافت "أبلغني البيت الأبيض بأن جمع المعلومات عن حلفائنا لن يستمر وهو ما أؤيده"، وقال مسؤولون حاليون وسابقون على اطلاع على ممارسات وكالة الأمن القومي ان الوكالة تنصتت لسنوات على الزعماء الأجانب الأصدقاء والأعداء على السواء وإن هذه الأنشطة أبلغت بها لجنتا المخابرات في الكونجرس مرارا في إفادات على الأقل في صورة مختصرة"، وأضافوا أنه يحتمل مع ذلك انه لا زعماء لجنتي المخابرات مثل فينستاين ولا أوباما كانوا يعرفون تحديدا بالمسؤولين الأجانب الذين يحتمل أنهم استهدفوا في أي وقت من الأوقات.

أمريكا تدافع عن نفسها

من جهة أخرى قالت الولايات المتحدة إن المزاعم بأن أجهزة المخابرات الأمريكية تجسست على هاتف المستشارة الالمانية انجيلا ميركل المحمول وآخرين في فرنسا وايطاليا "تمثل لحظة توتر" مع بعض الحلفاء ويجب الا تقوض التعاون في قضايا مثل سوريا وايران، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الامريكية جين ساكي للصحفيين "لا شك أن الكشف عن معلومات سرية مثل لحظة توتر مع بعض حلفائنا"، وأضافت "نجري مناقشات مع هؤلاء الحلفاء"، وقالت إن وزير الخارجية الامريكي جون كيري ناقش مع مسؤولين الاتهامات التي تستند الى تسريبات المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الامريكي ادوارد سنودن المطلوب في الولايات المتحدة، وقالت ساكي إن التسريبات عن أنشطة اجهزة المخابرات الامريكية "سببت تحديات كبيرة في علاقاتنا" مع الدول الحليفة و"ارتباكا عاما"، ومضت تقول إن من المؤكد أن كيري "يدرك أننا ونحن نتطلع الى مجموعة من الأولويات الدبلوماسية سواء كان العمل على القضايا العالمية مثل سوريا او ايران او (المفاوضات التجارية) سيكون من الخطأ السماح لهذه المعلومات التي تم كشفها باعتراض سبيل ذلك"، وكانت ميركل قد طلبت من الرئيس باراك أوباما معالجة هذه القضية بعد اتهامات بأن وكالة الأمن القومي الامريكي تجسست على عشرات الآلاف من سجلات المكالمات الهاتفية في فرنسا وكذلك راقبت هاتفها الشخصي.

فيما اعلن مدير وكالة الامن القومي الاميركية الجنرال كيث الكسندر ان ما كشفته صحف لوموند الفرنسية وال موندو الاسبانية وليسبريسو الايطالية عن تجسس الوكالة على اتصالات مواطنين اوروبيين "خاطىء تماما"، وقال الكسندر خلال جلسة استماع امام لجنة الاستخبارات في مجلس النواب "لكي نكون واضحين تماما، لم نجمع معلومات عن مواطنين اوروبيين"، موضحا ان الامر يتصل ب"معلومات تلقتها وكالة الامن القومي" من شركائها الأوروبيين، ونقلت لوموند وال موندو في الايام الاخيرة استنادا الى وثائق سلمها المستشار السابق في الاستخبارات الاميركية ادوارد سنودن ان الوكالة الاميركية تجسست على اكثر من سبعين مليون اتصال هاتفي في فرنسا وستين مليون اتصال في اسبانيا خلال شهر، من جانبها، اوردت ليسبريسو نقلا عن الصحافي غلين غرينوالد ان الاستخبارات الاميركية والبريطانية تجسست على الايطاليين، واضاف الكسندر ان "ما ذكره صحافيون في فرنسا واسبانيا عن قيام وكالة الامن القومي برصد عشرات ملايين الاتصالات الهاتفية خاطئ تماما، هؤلاء لم يفهموا ما كان امام اعينهم على غرار الشخص الذي سرق المعلومات السرية"، واكد مدير الوكالة ما كشفته صحيفة وول ستريت جورنال عن ان التجسس الهاتفي الذي جرى في تلك الدول ونسب الى الوكالة الاميركية قامت به فعليا اجهزة الاستخبارات الاوروبية ثم "سلمته" للوكالة الأميركية، وشدد ايضا على ان هذه العمليات لم تشمل المواطنين الفرنسيين او الاسبان بل تتصل ببلدان فيها حضور لدول حلف شمال الأطلسي، واكد الكسندر ردا على سؤال ان الوكالة الاميركية تتقاسم معلوماتها مع "الحلفاء الاوروبيين" والعكس صحيح.

وقلل البيت الابيض من شان الجدل الناجم مما كشف من فضائح حول التجسس الاميركي في فرنسا، مؤكدا ان واشنطن تجمع من الخارج معطيات "من النوع نفسه الذي تجمعه كل الدول"، واوضحت المتحدثة باسم الرئاسة الاميركية كايتلن هايدن "لن نعلق علنا على كل انشطة الاستخبارات المفترضة وقلنا بوضوح ان الولايات المتحدة تجمع معطيات استخباراتية في الخارج من النوع نفسه الذي تجمعه كل الدول"، واضافت هايدن "كما قال الرئيس (باراك اوباما) في خطابه في الجمعية العامة للامم المتحدة، لقد بدأنا تقييم كيفية حصولنا على المعلومات الاستخباراتية لنتمكن من اقامة توازن بين القلق الامني المشروع لمواطنينا وحلفائنا والقلق الذي يتشاطره جميع الناس حيال (حماية) حياتهم الخاصة"، وكشف موقع صحيفة لوموند على الانترنت استنادا الى وثائق سربها العميل السابق في وكالة الامن القومي الاميركية (ان اس ايه) ادوارد سنودن في حزيران/يونيو ان الوكالة الاميركية سجلت 70,3 مليون تسجيل لمعطيات هاتفية للفرنسيين طيلة ثلاثين يوما بين 10 كانون الاول/ديسمبر 2012 و8 كانون الثاني/يناير 2013، واعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس انه "استدعى فورا" سفير الولايات المتحدة في باريس تشارلز اتش، ريفكين، واصفا هذا النوع من الممارسات بانه "غير مقبول بتاتا".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 16/كانون الأول/2013 - 12/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م