حزب الله بين اجندات إيران وغضب السعودية..

معركة تسقيط محتدمة للصعود على عرش الشرق الأوسط

 

شبكة النبأ: تخوض السعودية مع خصمها اللدود إيران معركة محورية من أجل الهيمنة الإقليمية على منطقة الشرق الأوسط، فشكل تصاعد التوترات بينهما والاتهامات المتبادلة بشأن التدخل في الشؤون الداخلية لبعض الدول الإقليمية وخاصة سوريا، مصدرا رئيسا للخلاف بينهما، مما ألهب السباق المحتدم على عرش الشرق الأوسط.

وفي الاونة الأخيرة أصبح حزب الله اللبناني علامة مؤكدة على الصراع الإيراني السعودي خصوصا بعد انخراطه في الحرب السورية فغير موازين الحرب لصالح سوريا حليفة إيران، ليوجه هذا الانخراط ضربة قاسمة للأجندات ومصالح الدول الداعمة المعارضة المتمردة لاسيما دول الخليج وإسرائيل، ولكن في الوقت نفسه وضعت هذه المشاركة حزب الله  في هالة من الغموض الذي احدث استقطابا في لبنان، وقد نجم عن تلك المشاركة سلسلة من الاغتيالات للمجموعة من الشخصيات السياسية والعسكرية في حزب الله، اضافة الى موجة من الانفجارات ضربت مناطق متعددة في لبنان بالسيارات المفخخة عن طريق الاراضي السورية، لتصبح الحرب السورية معارك تقسيط متجددة لقلب موازين القوى الإقليمية.

حيث اتهم الامين العام لحب الله اللبناني السيد حسن نصرالله السعودية بالوقوف خلف تفجير السفارة الايرانية، واعتبر ان هذه الدولة الخليجية "تفترض نفسها قائدة العالم العربي والاسلامي، ولا تقبل صديق او شريك. تريد من كل دول وحكومات العالم العربي والاسلامية ان تكون تابعة للمملكة العربية السعودية"، وتعليقا على هذا الاتفاق، اعتبر نصرالله ان من ابرز نتائجه "دفع خيار الحرب (في المنطقة) الى أمد بعيد"، في اشارة الى احتمالات توجيه الولايات المتحدة او اسرائيل التي تعتبر ايران عدوتها التاريخية، ضربات عسكرية ضد المنشآت النووية الايرانية.

وفي الشأن السوري، قال نصرالله "لم ندخل الى سوريا بقرار ايراني. هذا كان قرارنا نحن. اعطينا الاخوة في ايران علما"، وشدد الامين العام لحزب الله على ان "الاولوية الاساسية (لمشاركة عناصره في القتال) هي دمشق وحمص (وسط) وصولا نحو حدودنا"، مؤكدا ان ما قام به الحزب "عمل استباقي. نحن ذهبنا لمنع الجماعات المسلحة من السيطرة على الاماكن المحاذية للحدود"، نافيا وجود "اي مقاتل" للحزب في المحافظات الاخرى.

اضاف "لو سيطرت هذه المجموعات المسلحة على المناطق الحدودية على لبنان لاندلعت حرب اهلية في لبنان"، وانه "لو لم يتدخل حزب الله في سوريا، لكان بدل ثلاث سيارات مفخخة، 30 سيارة"، في اشارة الى سيارتين مفخختين انفجرتا خلال الصيف في الضاحية الجنوبية لبيروت معقل الحزب، وثالثة فككها الجيش قبل تفجيرها اواسط تشرين الاول/اكتوبر، واتهم نصرالله في حينه "جماعات تكفيرية" في سوريا بالوقوف خلف الهجمات.

اضاف "ذهبنا الى سوريا للدفاع عن كل لبنان (...) وسيأتي يوم يشكرنا كل من انتقدنا"، في اشارة الى انتقادات لاذعة من المعارضة اللبنانية المناهضة لدمشق لمشاركة الحزب في النزاع السوري.

لذا يرى أغلب المحللين ان مخاوف السعودية ترجع الى أن تكون حليفتها الكبرى فشلت في اتخاذ موقف قوي في سوريا ومن انها قد تكون مستعدة لتقديم تنازلات كبيرة في أي مفاوضات تجريها مع إيران الخصم الرئيسي للسعودية في الشرق الأوسط، حتى باتت الازمة السورية الحالية العامل الابرز الذي يلهب أتون الحرب السورية المتسمة بـ صراع النفوذ والهيمنة الذي يحرك بوصلة المصير المشترك بين الحلفاء حزب الله وسوريا وإيران من جهة، والجماعات المسلحة في سوريا ودول الخليج واسرائيل من جهة أخرى، وذلك من خلال وحدة المصالح بمختلف أنواعها، التي جعلت من منطقة الشرق الأوسط اسخن منطقة في العالم سياسيا وأمنيا.

اتهامات متبادلة

في سياق متصل عبرت دول مجلس التعاون الخليجي عن استنكارها للاتهامات التي وجهها الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله للسعودية بالوقوف وراء التفجير الذي استهدف السفارة الإيرانية ببيروت في 19 تشرين الثاني/نوفمبر، والذي خلف أكثر من 20 قتيلا، واعتبر المجلس الوزاري أن "مثل هذه الاتهامات الواهية لن تتمكن من تشويه صورة" السعودية "انما تعبر عن سقوط وتخبط يمارسه الحزب في محاولة يائسة للإساءة والتشويه"، وكان حسن نصر الله اتهم المملكة العربية السعودية بالوقوف وراء التفجير الانتحاري المزدوج الذي تبنته جماعة مرتبطة بتنظيم "القاعدة".

وقال نصرالله إن "كتائب عبدالله عزام" التي تبنت العملية ليست "اسما وهميا، هذه الجهة موجودة بالفعل، ولها أميرها وهو سعودي، وقناعتي أنها مرتبطة بالمخابرات السعودية التي تدير مثل هذه الجماعات في أكثر من مكان في العالم"، وذلك في حديث إلى قناة "أو تي في" اللبنانية، واعتبر نصرالله الذي يعد من أوثق الحلفاء لطهران، أن "تفجير السفارة له علاقة بالغضب السعودي من إيران"، لأن المملكة "تحمل إيران تبعات فشل مشاريعها في المنطقة"، لا سيما في سوريا حيث يقاتل "حزب الله" إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد المدعوم من إيران، في حين تدعم السعودية المعارضة المطالبة بإسقاطه. بحسب فرانس برس.

ورأى الأمين العام للحزب الشيعي أن القاعدة "أسستها المخابرات الأمريكية والسعودية والباكستانية"، وأن المجموعات المرتبطة بتنظيم "القاعدة" التي يقودها سعوديون هي "على صلة بالمخابرات السعودية"، وكان انتحاريان نفذا تفجيرين أمام السفارة الإيرانية في منطقة بئر حسن في 19 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ما أوقع 25 قتيلا وعشرات الجرحى، وتبنت الهجوم "كتائب عبدالله عزام" المرتبطة بـ "القاعدة"، قائلة إنه رد على مشاركة "حزب الله" في القتال إلى جانب القوات النظامية السورية، والهجوم هو الأول يستهدف المصالح الإيرانية منذ بدء النزاع السوري، وتعرفت السلطات اللبنانية إلى هوية الانتحاريين، وهما لبناني وفلسطيني مقيم في لبنان، مقربان من رجل الدين السني السلفي أحمد الأسير المناهض لإيران وسوريا.

القتلى في معارك سوريا

فقد قتل قائد عسكري بارز في حزب الله في المعارك الجارية في سوريا حيث يشارك الحزب اللبناني في القتال الى جانب قوات النظام السوري ضد المعارضة المسلحة، بحسب ما ذكر مصدر امني لوكالة فرانس برس.

وكان افيد خلال الساعات الماضية عن مقتل عنصرين آخرين في الحزب في سوريا، وقال المصدر "قتل اليوم في منطقة معارك لم تحدد في سوريا علي بزي، وهو قائد عسكري بارز في حزب الله"، واشار المصدر الى ان بزي متحدر من بنت جبيل في جنوب لبنان، لكنه مقيم في حارة صيدا (جنوب)، وهو متزوج وله ثلاثة اولاد.

ولم يكن في الامكان جمع معلومات مفصلة عن بزي، علما ان حزب الله ينعي اجمالا "الشهداء" الذين يسقطون اثناء "قيامهم بواجبهم الجهادي المقدس" من دون ان يذكر ظروف مقتلهم ومكانه، ونشر موقع بنت جبيل الجنوبي الالكتروني القريب من حزب الله صورا لبزي باللباس العسكري وبلقطات عدة مع رشاشه، وقد غطى الشيب لحيته، بينما غطى راسه بقبعات عسكرية، وجاء على الموقع "زفت المقاومة الاسلامية الشهيد المجاهد علي حسين بزي من مدينة بنت جبيل وسكان حارة صيدا والذي قضى اثناء قيامه بواجبه الجهادي المقدس ويشيع جثمانه الطاهر في حارة صيدا".

وكانت صفحة "جنوب لبنان" على موقع فيسبوك القريبة من حزب الله ايضا نشرت خبر تشييع المقاتلين علي صالح من بلدة العباسية في قضاء صور وقاسم غملوش من بنت جبيل، ويجاهر حزب الله، حليف النظام السوري والمدعوم من ايران، بمشاركته في القتال في سوريا، معتبرا ذلك واجبا له لصد "الهجمة التكفيرية" والغربية على سوريا، وترد تقارير شبه يومية عن مقتل عناصر له في المعركة.

ووقعت ثلاثة تفجيرات في منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله. واتهم الامين العام للحزب حسن نصرالله مجموعات تكفيرية بالوقوف وراء التفجيرين الاولين اللذين وقعا في تموز/يوليو وآب/اغسطس، والمخابرات السعودية بالوقوف وراء التفجير الثالث في 19 تشرين الثاني/نوفمبر والذي استهدف السفارة الايرانية.

وعرضت قناة "المنار" التلفزيونية التابعة لحزب الله صورا لاربع سيارات قالت انه تم ضبطها في مدينة النبك السورية شمال دمشق التي تحرز فيها قوات النظام مدعومة من حزب الله تقدما متواصلا سعيا الى السيطرة الكاملة عليها.

ولم تحدد المنار تاريخ ضبط هذه السيارات، علما ان قوات النظام دخلت جزءا من النبك واجزاء اخرى وسط معارك عنيفة مع مقاتلي المعارضة، وبين السيارات الثلاث سيارة اسعاف، واخرى عبارة عن فان بيضاء اللون، وثالثة صغيرة لونها ابيض واسود، وظهرت في الصور ذخائر داخل السيارات وغالونات بلاستيكية تحتوي على سوائل على الارجح واشرطة كهربائية، وقالت المنار ان "وجهة هذه السيارات كانت لبنان"، من دون ان تحدد مصدرا لهذه المعلومات.

في الوقت نفسه قالت جماعة حزب الله اللبنانية إن أحد قادتها اغتيل امام منزله في بيروت واتهمت اسرائيل بقتله، ونفت إسرائيل أي دور لها في اغتيال حسان اللقيس الذي قالت جماعة حزب الله إنه وقع في منطقة الحدث بجنوب بيروت، وأعلنت جماعة لم يسمع بها من قبل اسمها "لواء أحرار السنة بعلبك" مسؤوليتها عن الهجوم في رسالة على موقع تويتر، وخاض حزب الله حربا دامت 34 يوما مع اسرائيل عام 2006 كما أرسل مقاتلين الى سوريا لمساندة الرئيس بشار الأسد في مواجهته مع معارضة مسلحة أغلب أفرادها من السنة وهو تدخل زاد من التوتر الطائفي داخل لبنان.

وقال مصدر قريب من حزب الله إن اللقيس قائد عسكري شارك في القتال بسوريا. وأضاف أنه قتل وهو في سيارته برصاصة في الرأس من سلاح مزود بكاتم للصوت في عملية وصفها بأنها محترفة، وأظهرت لقطات من الموقع بثها تلفزيون المنار التابع لحزب الله أثر رصاصتين على جدار وبصمات أصابع ملوثة بالطين قال إنها ربما كانت بصمات أكثر من مهاجم، ومن المقرر دفن اللقيس في مدينة بعلبك بسهل البقاع.

ووصفت جماعة حزب الله اللقيس بأنه "أحد قادة المقاومة الاسلامية" ضد اسرائيل التي قال حزب الله إنها استهدفته عدة مرات، وأضاف حزب الله في بيان أن اللقيس "أمضى شبابه وقضى كل عمره في هذه المقاومة الشريفة منذ أيامها الأولى وحتى ساعات عمره الأخيرة"، وأضاف البيان "إن الاتهام المباشر يتجه الى العدو الاسرائيلي... والذي حاول أن ينال من أخينا الشهيد مرات عديدة في اكثر من منطقة وفشلت محاولاته تلك الى ان كانت عملية الاغتيال الغادرة "، وقال "على هذا العدو أن يتحمل كامل المسؤولية وجميع تبعات هذه الجريمة النكراء وهذا الاستهداف المتكرر لقادة المقاومة وكوادرها الأعزاء".

لكن إسرائيل نفت أي دور لها، وقال يجال بالمور المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية "هذا ليس له أي علاقة من قريب أو بعيد بإسرائيل"، وقال "خدع حزب الله نفسه في الماضي بهذه الاتهامات الآلية التي لا أساس لها من الصحة... إذا كانوا يبحثون عن تفسير لما يحدث لهم فعليهم أن ينظروا إلى أفعالهم".

الى ذلك قتل ابن شقيق وزير الزراعة اللبناني حسين الحاج حسن المنتمي الى حزب الله خلال مشاركته في القتال من ضمن مجموعات الحزب في سوريا الى جانب قوات النظام، بحسب ما ذكر سكان في قريته في شرق لبنان لوكالة فرانس برس.

وقال السكان رافضين الكشف عن اسمائهم "قتل علي رضا فؤاد الحاج حسن، 22 عاما، وهو ابن شقيق الوزير حسين الحاج حسن" في القلمون شمال دمشق، واشاروا الى ان ثلاثة مقاتلين آخرين من رفاقه في الحزب قتلوا في المعركة نفسها. ولم يتم نقل الجثث بعد الى لبنان، ويتحدر حسين الحاج حسن من قرية حوش النبي في منطقة البقاع، ويشارك حزب الله، حليف نظام الرئيس بشار الاسد، بآلاف المقاتلين في المعارك في سوريا ضد مجموعات المعارضة المسلحة، ويعلن حزب الله بشكل منتظم عن تشييع "شهداء" من "المقاومة" سقطوا "اثناء قيامهم بواجبهم الشرعي" من دون ان يذكر المكان والظرف الذي قتلوا فيه، لكنه يجاهر بقتاله في سوريا في مواجهة "الهجمة الاميركية الصهيونية التكفيرية" التي تستهدفها.

وبدأت معركة القلمون منذ اكثر من اسبوعين. وهي تضم معاقل عدة لمقاتلي المعارضة. وتمكنت القوات النظامية مدعومة من حزب الله من احراز تقدم كبير فيها، لا سيما بعد السيطرة على مدينة قارة في 19 تشرين الثاني/نوفمبر، ومن شان السيطرة على كل القلمون الحدودية مع لبنان خنق مواقع المقاتلين المعارضين في منطقتي حمص ودمشق، كون المنطقة تشكل صلة وصل بين المنطقتين، وبالتالي تشكل ممرا ومقرا للمقاتلين والاسلحة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 16/كانون الأول/2013 - 12/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م