اقتصاد إيران يتنفس الصعداء بعد الاتفاق النووي

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: أضاف الحصار الاقتصادي المفروض على إيران من لدن القوى الغربية نتيجة لبرنامجها النووي المثير للجدل، بعداً أخر أثقل كاهل الحكومات المتعاقبة وشجع التضخم والكساد والبطالة وانهيار العملة على التغلغل والتأثير عميقاً في طموحات إيران وجعلها تراجع الكثير من الحسابات وتغير الكثير من المبادئ في تكتيك استراتيجي لتغير المعادلة وترجيح كفتها من اجل الإفلات من قبضة الحصار الذي أضر كثيراً بمصالحها، وهذا ما حدث بالفعل، صعود رئيس لحكومة جديدة وصفت بالاعتدال وتغليب الحوار على التشنج والمواقف الانية، ليبدأ رحلة قد تطول او تقصر في تقليل الاضرار وتقريب وجهات النظر ورئب الصدع الذي خلفه سابقه كما أشار الرئيس "روحاني" وهو يتحدث عن مشاكل الاقتصاد القومي الذي تعانيه ايران وعكس نتائجه على الشعب بشكل مباشر.

بعد الاتفاق المبدئي حول خارطة للطريق النووي الذي يجب سلوكه بين الغرب وإيران وتثبيت اركان الثقة المتبادلة تحققت أولى النجاحات الاقتصادية التي اعتبرها المحللون مؤشراً ايجابياً خصوصاً وان إيران وما تملكه من إمكانات اقتصادية وبشرية كبيرة قادرة على تجاوز الصعوبات فيما لو أكملت مشوارها السياسي والدبلوماسي بنفس النجاحات المتحققة، ويبدو ان الخطوة الأولى على طريق النجاح الاقتصادي في نظر الحكومة الإيرانية هي محاربة "التضخم" والديون المتراكمة بخطط اقتصادية جديدة.    

مشاكل إيران الاقتصادية

حيث قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن "مشاكل إيران الاقتصادية تتجاوز العقوبات الغربية وحمل سلفه مسؤولية "ركود تضخمي لا نظير له"، وقال محللون إن فترتي رئاسة محمود أحمدي نجاد من عام 2005 إلى أغسطس آب الماضي شهدتا نموا غير مسبوق لإيرادات النفط بفضل الأسعار المرتفعة لكنها أهدرت على الدعم الذي ضخ أموالا في الاقتصاد ورفع نسبة التضخم، وقال روحاني إن الاقتصاد انكمش ستة بالمئة على مدى السنة المنتهية في مارس آذار الماضي حين بلغت نسبة التضخم نحو 40 بالمئة، وتابع في كلمة في ساعة متأخرة بمناسبة مرور 100 يوم على توليه منصبه "هذه الحقائق تبين الأوضاع التي ورثناها والأجواء التي نتعامل فيها مع المشاكل"، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد الإيراني بنسبة 1.5 بالمئة بالأسعار الحقيقية هذا العام بعد أن انكمش 1.9 بالمئة العام الماضي وهي أعلى نسبة منذ 1988 أي عقب انتهاء الحرب مع العراق التي استمرت ثمانية أعوام، ورغم إيرادات 600 مليار دولار من صادرات النفط على مدار ثمانية أعوام قال روحاني إن أحمدي نجاد خلف ديونا بنحو 67 مليار دولار، وبلغ الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لإيران 549 مليار دولار في 2012 وسينكمش إلى 389 مليار دولار في 2013 بحسب توقعات صندوق النقد الدولي الصادرة في أكتوبر تشرين الأول، وقال نوريل روبيني رئيس مجلس إدارة روبيني جلوبال ايكنوميكس وأستاذ الاقتصاد في جامعة نيويورك إن العقوبات التي رفعت لن تحدث فرقا كبيرا في هذه المرحلة، وأضاف على هامش مؤتمر مالي في دبي "سيظل الاقتصاد خاضعا لقيود مشددة نظرا لأن العقوبات الأكثر أهمية لم ترفع والولايات المتحدة والقوى الكبرى تتوخى الحذر، تريد أن تتأكد أن إيران لا تناور"، وقال روحاني "لا أريد أن أقول إن جميع المشاكل الاقتصادية مرتبطة بالعقوبات، وجزء كبير من المشكلة يرجع إلى سوء الإدارة"، وأضاف أن خفض نسبة التضخم من أولويات حكومته موضحا أنها هبطت إلى 36 بالمئة بنهاية أكتوبر تشرين الأول وأن الحكومة تهدف لخفضها إلى 35 بالمئة بنهاية السنة الفارسية الحالية في مارس آذار 2014 وأن تنزل عن 25 بالمئة في العام التالي، وتشرع الحكومة في إصلاح النظام المصرفي وترجئ إصلاح نظام الدعم باهظ التكلفة الذي طبقه أحمدي نجاد لمرحلة ثانية، وقال روحاني إن حكومته تهدف لدعم الزراعة من أجل خفض اعتماد البلاد على الواردات وأضاف "حين تصارع العالم ينبغي أن تعتمد على نفسك، لا يمكن مجابهة العالم بالشعارات". بحسب رويترز.

وقالت وسائل إعلام إيرانية إن روحاني خصص 66 مليار دولار للإنفاق الحكومي في السنة المالية التي تبدأ مارس آذار 2014 بحساب سعر الصرف في السوق المفتوحة في حين يقدر سقف الموازنة بنحو 265 مليار دولار مما يترك مجالا لزيادة الإنفاق بناء على حجم الدخل في هذه السنة، وبلغ حجم مشروع موازنة 2013-2014 الذي جرى إعداده في عهد أحمدي نجاد حوالي 200 مليار دولار لكن الموازنة لم تقر بالكامل حتى الآن، وفي أغسطس آب أشار مسؤولون في حكومة روحاني إلى أن خطط الإنفاق تواجه عجزا كبيرا، ويقول بعض معارضي أحمدي نجاد إنه بدد مليارات الدولارات على الإعانات المالية والمشروعات السكنية مما أذكى التضخم وزاد من صعوبة مهمة الحكومة الجديدة، وأشار روحاني إلى أن هناك آلية جديدة للإعانات المالية سيبدأ العمل بها قريبا.

وشدد روحاني أيضا على أهمية زيادة إجمالي إنتاج إيران من الغاز عبر مراحل جديدة في حقل بارس الجنوبي العملاق، وقال الموقع الإلكتروني لوزارة النفط الإيرانية إن مشروع الموازنة يقدر صادرات النفط بنحو 1.1 مليون برميل يوميا مما يشير إلى أن طهران لا تتوقع تعافيا كبيرا للمبيعات في العام المقبل رغم التخفيف المحدود المحتمل للعقوبات، وقالت وسائل إعلام إيرانية إن حجم الإنفاق لعام 2014 مربوط عند 100 دولار لمتوسط سعر برميل النفط أي أقل بعشرة دولارات تقريبا من السعر الحالي لخام برنت القياسي، ويتوقع صندوق النقد الدولي انكماش الاقتصاد الإيراني 1.5 بالمئة هذا العام بحسب بيانات معدلة في ضوء التضخم.

التصدي للتضخم

فيما دعا صندوق النقد الدولي السلطات الايرانية الى التصدي ل"التضخم المرتفع" و"اعادة تحريك النمو" في بلد اتعبته العقوبات الدولية، وذلك بحسب تقرير اعدته بعثة للصندوق زارت طهران، وخلال هذه المهمة التي استمرت عشرة ايام وانتهت الخميس، ناقش خبراء للصندوق "التطورات الاقتصادية الاخيرة" مع السلطات التي تخوض مفاوضات دولية حول برنامجها النووي، وقال صندوق النقد في بيان ان "هذه المحادثات تركزت على ضرورة ان تتصدى ايران للتضخم المرتفع وتعيد تحريك النمو الاقتصادي"، وتناهز نسبة التضخم في ايران اربعين في المئة، ويتوقع ان يشهد البلد في 2013 عاما ثانيا من الانكماش الاقتصادي بتاثير من العقوبات التي تطاول خصوصا الصادرات النفطية، ودعا الصندوق طهران الى التصدي ل"تحديات اقتصادية بنيوية" على صعيد السياسة النقدية والمالية، والى اصلاح القطاع المصرفي، واعتبرت المؤسسة ان السلطات تدرك الصعوبات و"التوقعات الكبيرة" للافرقاء الاقتصاديين، ما يشكل "فرصة مرحبا بها" لاجراء هذه الإصلاحات، ومن دون ان يشير مباشرة الى العقوبات الدولية، لاحظ الصندوق ان على طهران ان تواجه "بيئة خارجية صعبة"، واضاف البيان ان السلطات في طهران مستعدة للقبول بالتقييم الاقتصادي السنوي الذي يجريه الصندوق لدوله الاعضاء، وذلك للمرة الاولى منذ 2011، واوضح ان هذا التقييم سيبدأ "في مستهل العام المقبل"، واحيا انتخاب الرئيس الايراني المعتدل حسن روحاني في حزيران/يونيو الامل باعادة بناء الجسور الدبلوماسية مع القوى الغربية الكبرى. بحسب فرانس برس.

على صعيد ذي صلة نقلت صحيفة إيرانية عن مسؤول كبير قوله إن إيران تدرس رفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم المرتفع في دلالة على أن حكومة الرئيس الجديد المنتخب حسن روحاني تخطط لتغيير السياسة الاقتصادية، وذكرت صحيفة طهران تايمز نقلا عن وكالة أنباء مهر الإيرانية شبه الرسمية أن محمد نهاونديان عضو مجلس النقد والإئتمان قال إن رفع أسعار الفائدة قيد الدراسة لكن سيتعين على البنك المركزي أن يتحرك بحذر نظرا لضعف الاقتصاد، وتابع نهاونديان يقول "تشهد البلاد حاليا ركودا تضخميا لذا فمن غير الممكن تغيير الفائدة بسرعة"، ويساعد مجلس النقد والإئتمان الذي يضم محافظ البنك المركزي ووزراء الاقتصاد وأعضاء آخرين في وضع السياسة النقدية لإيران، ودعا سيف إلى تبني ممارسات مالية أكثر انضباطا، ونقلت طهران تايمز عن سيف قوله في وقت سابق إن روحاني وافق على منح البنك المركزي المزيد من الاستقلال للتركيز على السيطرة على التضخم والمعروض النقدي، لكن في ظل الركود الذي يعاني منه الاقتصاد بسبب العقوبات من المرجح أن يكون أي تشديد للسياسة النقدية تدريجيا ومحدودا.

إعانات الطاقة النقدية

الى ذلك نقل تقرير إعلامي عن عضو قيادي في البرلمان الإيراني قوله إن المنح النقدية التي قدمتها الحكومة السابقة للتعويض عن ارتفاع أسعار الوقود تحرم شركات الطاقة الحكومية من أموال تحتاجها لتطوير مشاريع ضرورية، وفي ديسمبر كانون الأول 2010 خفضت حكومة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد الدعم الذي جعل أسعار وقود السيارات في إيران ثاني أدنى أسعار بعد فنزويلا وأعادت جزءا من الإيرادات التي جمعتها إلى بعض الأسر نقدا، وأظهرت دراسة أجراها المعهد الدولي للتنمية المستدامة أن خفض الدعم نجح في ترشيد استخدام الوقود وتقليل الهدر، غير أن نظام الإعانات النقدية الذي يهدف إلى تخفيف المعاناة تحول إلى دعم أوسع نطاقا للإيرانيين لمساعدتهم على مواكبة التضخم المتصاعد بسبب العقوبات الغربية الصارمة المفروضة على البلاد، ونقل عن جعفر قادري العضو الكبير في لجنة الميزانية بالبرلمان الإيراني قوله إن المنح النقدية تستنزف موارد شركة الغاز الوطنية الإيرانية والشركة الوطنية الإيرانية لتكرير وتوزيع النفط مما يمنعهما من تشييد البنى التحتية المطلوبة بشدة، ونقل الموقع الإلكتروني لوزارة النفط الإيرانية يوم السبت عن قادري قوله "بدون دفع صافي التكاليف إلى الشركات القابضة لن تستطيع (تلك الشركات) تنفيذ مشروعاتها التنموية"، وحتى بعد الارتفاع الشديد في الأسعار ظل أصحاب السيارات في إيران يدفعون 0.33 دولار في المتوسط لشراء اللتر (1.25 دولار للجالون) في عام 2012 مقابل متوسط عالمي يبلغ 1.41 دولار للتر وفقا لبيانات البنك الدولي، وقال موقع وزارة النفط إن انخفاض أسعار الوقود فضلا عن نقص التمويل بسبب المنح النقدية أدى إلى عجز الشركة الوطنية الإيرانية للتكرير عن تغطية تكاليف التوزيع ومن ثم لجأت إلى بيع سندات لتدبير التمويل، وأضاف قادري "علينا التحرك نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي للشركات لتمويل مشروعاتها التنموية"، وكان وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه قال في أوائل أكتوبر تشرين الأول إن الحكومة تستعد لتطبيق زيادة جديدة في أسعار الوقود من أجل تخفيف عبء الدعم على الاقتصاد المتضرر بشدة جراء العقوبات الغربية، وأرجأت إيران حزمة ثانية من الإصلاحات التي كانت مقررة في منتصف عام 2012 وذلك لأسباب منها الخوف من أن تسبب معاناة أكبر من اللازم في ضوء تهاوي مستويات المعيشة بالفعل بسبب العقوبات.

كذلك قال رئيس الشركة الوطنية الايرانية للغاز ان زيادة اعتماد الجمهورية الاسلامية على حرق المشتقات النفطية لتوليد الكهرباء لعدم قدرتها على استخراج المزيد من الغاز الطبيعي يكلفها عشرات المليارات من الدولارات، ولدى ايران أكبر احتياطي معروف من الغاز الطبيعي في العالم وفقا لتقديرات شركة بي.بي البريطانية لكنها لم تحرز تقدما يذكر في تطوير هذه الاحتياطيات في الوقت الذي يزداد فيه الطلب فيما يرجع الى حد بعيد إلى العقوبات الغربية بسبب برنامجها النووي، وقال مدير الشركة حامد رضا عراقي للموقع الالكتروني لوزارة الطاقة ان استخدام ايران للمقطرات الوسيطة لتوليد الكهرباء زاد من 8.4 مليار متر مكعب في 1996 الى 22.3 مليار في 2012 ووصل بالفعل الى 30 مليار متر مكعب في الشهور السبعة الماضية، وقال عراقي ان استخدام الوقود السائل بدلا من الغاز كلف ايران بالفعل 28 مليار دولار لكنه لم يحدد فترة زمنية او يوضح كيف حدد الرقم، وحذر وزير النفط الايراني من أن نقص الغاز على مدى العامين المقبلين سيجبر ايران على حرق المزيد من المشتقات النفطية المكلفة والملوثة للبيئة مثل زيت الوقود والديزل، ومن المتوقع أن تهبط صادرات زيت الوقود الايرانية خلال الشهور القليلة القادمة حيث يدفع الطلب في الشتاء الحكومة على تحويل الانتاج لمحطاتها للكهرباء، وتشير احدث تقديرات لشركة بي.بي ان ايران استهلكت نحو 156 مليار متر مكعب من الغاز في 2012 مما يجعلها ثالث اكبر مستهلك له بعد الولايات المتحدة وروسيا، وقال عراقي ان 20 مليون اسرة ايرانية تستخدم الغاز الطبيعي حيث تصل الامدادات إلى 95 في المئة من سكان الحضر و 54 في المئة من سكان الريف، واضاف ان 70 في المئة من المحطات مجهزة للعمل بالغاز.

طريق التعافي الاقتصادي

من جهة اخر قفزت العملة الإيرانية أكثر من ثلاثة بالمئة مقابل الدولار الأمريكي بعد أنباء التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج طهران النووي الأمر الذي عزز الآمال بأن يتعافى الاقتصاد الذي يعاني من جراء العقوبات الدولية، ويتيح الاتفاق لإيران الاستخدام المؤقت والمشروط لأرصدة مجمدة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات على مدى الأشهر الستة المقبلة في حين يسعى دبلوماسيون للتفاوض بخصوص اتفاق نهائي، ولا يعوض الاتفاق في حد ذاته إيران عن عشرات المليارات من الدولارات التي خسرتها خلال العامين الأخيرين بسبب العقوبات التي قلصت مبيعاتها من النفط وعزلتها إلى حد كبير عن النظام المصرفي العالمي، وقد يؤدي اتفاق جنيف إلى الحد من خروج روؤس الأموال من إيران والتشجيع على إحياء الاستثمار المحلي جزئيا من خلال تقليل احتمالات توجيه ضربة عسكرية لإيران وتعزيز فرص تخفيف المزيد من العقوبات في المستقبل، وقد يكون ذلك كافيا لانتشال الاقتصاد من الركود الذي عانى منه خلال معظم العامين الأخيرين وتشجيع رجال الأعمال الإيرانيين والأجانب على البدء في إعادة بناء العلاقات التجارية، وقال ناريمان أفلاني المتعامل في مجموعة ايه.اف.آي وهي شركة هندسة مدنية إيرانية بالهاتف "نستشعر المعنويات الإيجابية داخل إيران"، وقال إن أسعار مواد البناء مثل السيراميك والأسمنت تتراجع في إيران لأن الناس يأملون في تخفيف تدريجي للعقوبات بما سيسهل الاستيراد من الخارج، وبموجب اتفاق جنيف تحصل إيران على تخفيف محدود للعقوبات يشمل إمكانية الحصول على 1.5 مليار دولار من إيرادات تجارة الذهب والمعادن النفيسة وإذنا لتحويل 4.2 مليار دولار من إيرادات تصدير النفط عبر الحدود، وقالت الحكومة الأمريكية إن إجمالي قيمة المزايا الممنوحة يصل إلى نحو سبعة مليارات دولار وهو مبلغ ضئيل إذا ما قورن بالتكلفة المستمرة للعقوبات والتي من شأنها أن تحرم إيران من إيرادات نفطية تبلغ نحو 30 مليار دولار على مدى الأشهر الستة القادمة، غير أن هذه المقارنة تقلل من أهمية اتفاق جنيف بالنسبة للاقتصاد الإيراني والتي تبرز في صعود الريال أمام الدولار. بحسب رويتز.

وقال متعاملون إيرانيون إن العملة سجلت نحو 29 ألف ريال للدولار في السوق الحرة بطهران مقارنة مع حوالي 30 ألفا قبل الاتفاق النووي. وظهر معروض كبير من الدولار مع توقع المضاربين تباطؤ خروج رؤوس الأموال من إيران بعد انحسار التوترات الدبلوماسية، وقد يساعد تحسن النظرة المستقبلية لعملة إيران على إحياء تجارتها الخارجية في مجموعة من السلع الزراعية والاستهلاكية غير النفط من خلال تقليص مخاطر أسعار الصرف التي تسببت في عزوف كثير من التجار على مدار العامين الأخيرين، وقد يصير رجال الأعمال الإيرانيون والأجانب أكثر استعدادا لإبرام صفقات حتى في ظل الهيكل الحالي للعقوبات إذا استشعروا أن المسار السياسي باتت يصب في صالحهم وأنهم لن يواجهوا عقوبات أشد من الحكومات الغربية في المستقبل، وقال حسين أسرار حقيقي أحد مؤسسي مجلس الأعمال الإيراني في دبي وهو حلقة وصل رئيسية للتجارة بين إيران وباقي العالم "حتى الآن كان الاتجاه يسير نحو مزيد من فرض القيود على التجارة"، وأضاف "ما يمكننا قوله الآن هو أن القيود لن تزيد بعد ذلك. وإذا لم يتوقع الناس زيادتها فسينظرون تدريجيا في سبل ممارسة الأعمال في ظل الوضع الراهن"، وأظهرت بيانات لجمارك دبي أن حجم التبادل التجاري غير النفطي بين الإمارة وإيران انكمش أكثر من الثلث في الأشهر الثمانية عشر الأخيرة ليصل إلى 2.9 مليار دولار في النصف الأول من عام 2013، وقد لا يثمر اتفاق جنيف عن ارتفاع قيمة الريال الإيراني لفترة طويلة إذ أشار مسؤولون بالحكومة إلى أن الارتفاع المفرط في قيمة العملة يمكن أن يضر بالصادرات ويعقد الوضع المالي للدولة، وتوقع أفلاني أن تتدخل السلطات في السوق إذا لزم الأمر للحيلولة دون ابتعاد سعر صرف العملة كثيرا عن 29 ألفا و500 ريال للدولار، لكن من خلال كبح جماح تكاليف الاستيراد فقد يساعد تحسن النظرة المستقبلية للعملة على المدى الطويل الحكومة على مواجهة كبرى مشكلاتها الاقتصادية والسياسية والتي تتمثل في وصول التضخم إلى نحو 40 بالمئة، وتحسن الظروف الاقتصادية الناجم عن اتفاق جنيف حتى ولو كان محدودا قد يعطي الرئيس الإيراني حسن روحاني ومحافظ البنك المركزي الجديد ولي الله سيف رصيدا سياسيا كافيا للمضي قدما في تطبيق إصلاحات اقتصادية صعبة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 14/كانون الأول/2013 - 10/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م