اولادنا المراهقون وحكايات التمرد والاكتئاب

تحقيق: انتصار السعداوي

 

شبكة النبأ: تعد مرحلة المراهقة من المراحل الحرجة التي تتشكل خلالها شخصية الشاب وتتحدد هويته وطباعه، وفي كثير من الأحيان يميل الأولاد الى العصيان في تنفيذ وصايا العائلة من الالتزام بالهدوء وتلبية الطلبات، ويحاول بعض الشباب ان يتصرف وفق رغباته.

وبحسب خبراء علم النفس، ان مرحلة المراهقة تعرض الشباب لتغيرات هرمونية وجسدية كبيرة، ينتج عنها الكثير من تقلبات المزاج، وتذبذب الآراء والأحاسيس والانفعالات، ويفتقر خلالها الشباب الى الثقة بالنفس والشعور بالخوف والتردد، والخروج على العادات والتقاليد.

كما يعتبر الاكتئاب في هذه المرحلة مشكلة صحية خطيرة يمكن أن تسبب مشكلات طويلة الأمد جسدية وعاطفية، حيث يؤثر سلباً على علاقة مسيرتهم الحياتية، فضلا عن تأثرهم بالعادات السيئة.

 (شبكة النبأ المعلوماتية) استمعت الى عدد من أولياء الأمور ومعاناتهم مع أولادهم المراهقين من أجل تسليط الضوء على هذه المشكلة وطرح الحلول المناسبة لها.

هموم عائلية

السيدة (سهيلة شمخي) قالت: أنا أمٌّ لأربعة أولاد جمعيهم من الذكور، ومشكلتي مع ولدي الأكبر، فانه يشعر قد أصبح رجلا، ولا أستطيع التحدث معه أو توجيهه إلى أي شيء، ويكون دائماً في حالة غضب، كما أنه يؤثر على اخوته الذين يحاولون تقليده في بعض التصرفات، حتى بدأت المشكلة تتوسع وبدأ يقلل احترامه، وإذا حاولت معه الحوار والتفاهم لا يتقبل ذلك، وعند ضربه للتأديب أخذ يتشابك معي.

والمشكلة اني لا أستطيع إيصال كل شيء إلى زوجي لأنه عصبي جدا وعقابه صارم قد لايتناسب مع حجم المشكلة.

اكتئاب بسبب الحب

أم احمد (45 عام) موظفة تقول ان اصغر بناتها البالغة من العمر 15 عام تقدم لها شاب يكبرها بخمسة عشر عاما، وهي لاتزال طالبة في المتوسطة وبعد ان رفض والدها كونها طالبة ولصغر سنها علمنا أنها على علاقة معه ولا اعرف كيف حصل هذا ومتى وأين؟ وعلى أثر الرفض أصيبت ابنتي باكتئاب شديد تركت الدراسة على أثره وتدهورت صحتها. ونحن في حيرة من أمرنا هل نوافق على هذه الزيجة تحت ضغطها من حيث العمر والمستوى الدراسي؟.

الحوار والتفاهم

جمانه مال الله (40 عاما) باحثه اجتماعية وهي متزوجه ولديها اربعة فتيان قالت: تعلمت ان الاستمرار في منع ابنائي من الكثير من التصرفات او الأفعال وإصدار الأوامر والانتقاد المباشر في كثير من الأمور: كالدراسة، والعمل، والتصرفات، والإنفاق المالي، واللباس، وقصة الشعر، كل ذلك يدفعهم الى التمرد ورفض الانصياع لاوامرنا وارائنا.

وتؤكد: ان لغة الحوار هي من أفضل السبل للتعامل مع الطفل المراهق، اما لغة الضرب والتوبيخ والشتائم، فهي لا تجدي في هذه المرحلة.

ويقول صفاء خضير (مدرس): نعاني نحن كمدرسين من مشكلة العناد والتمرد والعصيان، وحالات الاكتئاب التي تنتاب المراهق في هذه المرحلة وتؤثر على مستواه الدراسي وقد تؤدي الى تركه الدراسة نهائيا وقد يؤدي به الاكتئاب الى نحو العادات السيئة مثل التدخين او تناول الحبوب المخدرة.

ويقول صفاء نظرا لتقلب الشخصية في هذه المرحلة، وللأسف فالكثير من اولياء الامور لا يعرفون كيف يتعاملون مع ابنائهم في سن المراهقة ولايتعاونون معنا لتدارك مشاكل الطلبة ومعالجتها.

قصص أخرى

أبو علي (50 عاما) أب لأربع بنات وفتى، قال لـ(شبكة النبأ المعلوماتية): أرى ان معاملة الطفل الوحيد تختلف اختلافا كلياً، لانه ينشأ في بيئة انثوية مختلفة عن أقرانه، كونه يعيش حالة من الوحدة من بني جنسه. وهنا يقع على عاتق الأهل الدور الأكبر من حيث متابعتهم.

ويضيف: ان ابني في هذه المرحلة، يكذب كثيرا وعنيد جدا، ويخفي أشياء كثيرة عنا، وللأسف هناك أخطاء كثيرة وقعنا، حيث اننا نلبي كل طلباته، فهذه مشكلة كبيرة وقعنا بها نتيجة لجهلنا في التعامل معه.

من جانب آخر يقول (ح.خ) وهو أب لثلاثة أولاد ان حالة شديدة من الاكتئاب تلازم ابني الأصغر عند قطع الانترنيت وخصوصا ايام الامتحانات وفي بعض الحالات يجرح نفسه او يصبح عنيفا فيكيل الضربات المبرحة لإخوته الصغار ويخرج خلسة من البيت ويغلق هاتفه حتى لانتصل به.

نصائح طبية ونفسية

ويقول الدكتور شافي حسين الشريفي الاستاذ في قسم علم النفس التربوي/جامعة كربلاء: ان الاكتئاب هو مرض نفسي خطير يتحول الى مرض جسمي لوجود العلاقة بين النفس والجسم ويصيب المراهق عندما لايجد من يشبع رغباته وطلباته التعجيزية في بعض الاحيان. فيصاب المراهق بالشخصية العصبية الكئيبة ويتحول الى شخصية سوداوية قد تؤدي الى الانتحار في بعض الأحيان.

وينصح الدكتور شافي الشريفي، الاهل بعدم إهانة المراهق وخصوصاً عند جلوسه مع اصدقائه أو حتى مع افراد العائلة. وينبغي ان يشعر الطفل بانه محترم وله شخصية.

مؤكدا على ان القيم الدينية والأخلاقية تحمي الاولاد من الاكتئاب وتأثير الثقافات الدخيلة على قيمنا الدينية عبر الانترنيت الذي تبث عبره أفكار تؤثر سلبا على شبابنا.

وأضاف الشريفي لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، يجب على الاباء ان يحددوا وقتا يوميا للتحدث مع المراهقين والاستماع منهم لكل ما يجول بخاطرهم، لان هذه الخطوة مهمة وعدم ترك الشباب في عزلة.

ويتوضح ان لمرحلة المراهقة اسقاطات على تكوينة الشباب النفسية وبالمحصلة فان ذلك اسقاط على السلوك اليومي لمستقبل الشاب هذا فضلا عن تأثره في الراهن من الزمن وانسيابه في الطرق غير السوية التي تكون عنيفة ومتمردة على الواقع كرد فعل مستتر يلقى متنفسه عبر تلك السلوكيات.

ولعل الانتباه لأهمية هذه المرحلة أمر هام من أجل التربية الصحية فان مرحلة المراهقة تحتاج الى الكثير من الرعاية على مختلف الأصعدة والمجالات لكي يسجل لها نهوضا وتنمية يعتد بها وهذا يتوقف على تظافر الجهود المخلصة والى فعل تسانده المشاريع الحكومية عبر مؤسساتها المتنوعة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 11/كانون الأول/2013 - 7/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م