صراع الأديان.. غياب الحوار يصنع التطرف

 

شبكة النبأ: الصراعات الدينية بين مختلف الطوائف والأديان هي اليوم مشكلة بارزة وأساسية تساهم بزيادة التطرف، بسبب غياب الحوار الموضوعي. ومنها الخلاف المسيحي الإسلامي كما يقول بعض الخبراء، الذين أكدوا على وجود تنافس وتصادم بين الديانتين وهو ما انعكس وبشكل سلبي على الكثير من العلاقات الاجتماعية والسياسية، خصوصا مع غياب الحوار الديني بسبب التوجهات والطروحات المتزمتة لبعض رجال الدين والتي لاتخلوا من الإساءة والتجريح والاستفزاز.

 وفي هذا الشأن فقد شهدت الأزمة الراهنة بين الأزهر أكبر مؤسسة دينية في العالم الإسلامي، والفاتيكان التي تمثل أعلى سلطة دينية في الغرب، مزيداً من التصعيد مؤخراً، على خلفية تصريحات منسوبة لأحد كرادلة الكرسي الرسولي، اعتبر الأزهر أنها تعكس استمرار تجاهل الفاتيكان للمؤسسة الإسلامية. وجاء هذا الموقف بعد ساعات على إعلان الأزهر أن عودة العلاقات المجمدة مع الفاتيكان، مرهونة بما تقدمه من "خطوات إيجابية جادة، تظهر بجلاء احترام الإسلام والمسلمين"، وفي مقدمتها الرد على رسالة التهنئة التي بعث بها شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، إلى بابا الفاتيكان، فرانسيس الأول، بعد ترسميه على كرسي البابوية.

وتناقلت وسائل إعلام مصرية وأجنبية تصريحات لرئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان في الفاتيكان، الكاردينال جون لوي توران، أشار فيها إلى ما نشره المتحدث باسم الكنيسة الكاثوليكية المصرية، الأب رفيق جريش، بأن الكنيسة المصرية قامت بالرد على تهنئة شيخ الأزهر، والتي يقول الأزهر إنه لم يتلق رداً عليها حتى الآن. ورداً على تلك التصريحات، أصدر مكتب شيخ الأزهر، بياناً منسوباً لمستشاره للحوار، الدكتور محمود عزب، أكد أنه يأتي بهدف توضيح بعض الحقائق التي نكررها دائماً، ويغفلها المسئولون في الفاتيكان، وخصوصاً الكاردينال توران.

وأكد مستشار شيخ الأزهر في بيانه أن الأزهر مع مركزه للحوار، يتحاور مع كل الراغبين في الحوار، داخل الوطن وخارجه، ولا يستثني أحداً مادام الحوار سلمياً قائماً على الاحترام المتبادل، مع التزام آدابه وقواعده، والأزهر أدرى بها، إذ هي من صميم روح الإسلام. وتابع البيان أن الأزهر يتحاور "مع المسيحيين في العالم كله، وفي مقدمتهم الكاثوليك في كل بلاد الغرب، أما الكاثوليك المصريون، فهم عضو أساسي في بيت العائلة المصرية وفي حوار عملي بنَّاء على أرض الواقع في وطننا العزيز، ولا علاقة لهم بموضوع الخلاف مع الفاتيكان.

وألمح البيان إلى أن الأزهر يرصد بعض مواقف الفاتيكان تجاه الإسلام. والتي تتميز بروح أقرب إلى الخصومة ومجافاة الحقائق التاريخية، منها إلى الوئام وروح التقارب المنتظرة من الحوار، ولذا فقد علق الأزهر الحوار منذ فبراير (شباط) 2011 وحتى الآن. وأوقف الأزهر الحوار مع الفاتيكان، في أعقاب تصريحات للبابا السابق، بندكتس السادس عشر عام 2006، اعتبر فيها أن الدين الإسلامي يرتبط بالعنف، وتعرضت محاولات استئناف الحوار بين المؤسستين الدينيتين لضربة جديدة عام 2011، بعد مطالبة بابا الفاتيكان بحماية الأقباط في مصر، عقب تفجير كنسية القديسين بالإسكندرية. بحسب CNN.

إلا أنه وبعد ترسيم البابا فرانسيس الأول، بعث الدكتور أحمد الطيب برسالة تهنئة باسم الأزهر، وهي الرسالة التي اعتبرتها الفاتيكان "مبادرة سلام" من قبل الأزهر، إلا أن شيخ الأزهر لم يتلق رداً رسمياً من بابا الفاتيكان على رسالته حتى اللحظة، بحسب البيان.

حظر جماعات إسلامية

 في السياق ذاته قالت أنجولا إنها رفضت تسجيل عدد من الجماعات الإسلامية وأغلقت مساجد غير قانونية نظرا لأنها لا تتماشى مع القوانين المعمول بها في البلاد ولكنها نفت أي اضطهاد للمسلمين. وواجهت حكومة أنجولا عاصفة من الانتقادات بعد أن ذكرت وسائل إعلام عالمية أنها حظرت الإسلام مما سبب إحراجا للدولة.

واندلعت موجة الغضب عقب إعلان وزارة العدل في وقت سابق هذا الشهر عن قائمة تضم 194 طائفة دينية رفضت طلبات تسجيلها ومن بينها المجتمع الإسلامي في أنجولا. ورفضت أيضا طلبات عدد من الجماعات المسيحية الانجيلية وبعض الجماعات غير الإسلامية الأخرى.

وقال ديفيد جا أحد قادة المجتمع الاسلامي في أنجولا إن السلطات أغلقت عشرات المساجد بل وهدمت بعضها في أنحاء أقاليم أنجولا الثمانية عشر فيما وصفها بحملة مستهدفة في هذا البلد الذي تقطنه أغلبية كاثوليكية. وفي بيان قال وزير الخارجية الأنجولي خورخيس تشيكوتي إن هناك "سوء فهم" بخصوص الخطوة التي اتخذتها الحكومة. وأضاف "لم يتم اضطهاد أي مسلم. فليس من سياسات الحكومة اضطهاد أي طائفة أو ديانة. كان ذلك تفسيرا من المجتمع الإسلامي في أنجولا."

وذكر أن الدستور الأنجولي يدافع عن حرية الديانة ولكن القانون يلزم الجماعات الدينية بتلبية المعايير القانونية للاعتراف بها كطوائف رسمية. وتابع "هناك ثماني مجموعات اسلامية طلبت جميعها التسجيل. ولكن أيا منها لم يف بالشروط القانونية ومن ثم لا يمكنها ممارسة شعائرها لحين استكمال العملية. وأشار إلى أن بعض الجماعات لم تسجل مساجدها ضمن دور العبادة الرسمية ولكنه لم يخض في تفاصيل بخصوص المتطلبات القانونية التي لم تف بها تلك الجماعات. بحسب رويترز.

وقال جا إن المسلمين البالغ عددهم نحو 900 ألف في البلاد يشعرون بالاضطهاد واصفا ما قالته الحكومة عن المتطلبات القانونية بأنه ذريعة لحظر الإسلام. وذكر تشيكوتي أن أنجولا تواجه تدفقا كبيرا للمهاجرين غير الشرعيين وكثير منهم مسلمون. وأضاف أن الكثير من المسلمين حصلوا على تراخيص لبناء منشآت تجارية ثم استخدموا هذه المواقع لبناء مساجد دون أن يحصلوا على التصريح القانوني أو تراخيص البناء اللازمة لدور العبادة هذه.

وقال لم يتم بناء أي من هذه المساجد وفقا للقانون. ففي أنجولا ثمة عدد كبير من المسلمين يدخلون البلاد بطريقة غير مشروعة ثم يمارسون شعائرهم في أماكن تجارتهم." وأنجولا ثاني أكبر منتج للنفط في إفريقيا وعضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) .

آيا صوفيا في اسطنبول

الى جانب ذلك و منذ 15 قرنا لم تبق كاتدرائية آيا صوفيا في منأى عن العواصف بشتى اشكالها، لكن هذا المعلم التراثي الذي يجذب اكبر عدد من الزوار الى اسطنبول نجح في تجاوز الحروب ومقاومة الزلازل والجدل. وأصبحت الكاتدرائية مجددا محط جدل، ففي حين تتهم الحكومة التركية بالسعي الى "اسلمة" البلاد اشعل نائب رئيس الوزراء بولنت ارينتش فتيل ازمة بإعرابه عن الرغبة في تحويل الكنيسة الارثوذكسية الاثرية العريقة التي اصبحت متحفا في 1934 الى مسجد كما كانت في ظل السلطنة العثمانية.

وقال ارينتش بعد زيارة الكاتدرائية اننا نشاهد آيا صوفيا حزينة. آمل في ان نراها تبتسم قريبا. وهذه العبارة الصغيرة التي اطلقها احد الاعضاء البارزين في حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا منذ 2002 تركت وقعا. وكحارس للتراث الارثوذكسي والبيزنطي، سارعت اليونان الى التنديد بتصريحات تمس بالمشاعر الدينية لملايين المسيحيين.

وكاتدرائية آيا صوفيا التي شيدها الامبراطور يوستينيانوس في القرن السادس ميلادي كانت مقر بطريرك القسطنطينية الارثوذكسي. ثم حولت الى مسجد في القرن ال15 بعد ان استولى العثمانيون على المدينة في 1453.

وفي ظل نظام مصطفى كمال اتاتورك العلماني حولت الى متحف في 1934 يزوره اليوم ملايين السياح. كما اعربت الطائفة الارثوذكسية الصغيرة في القسطنطنية سابقا عن صدمتها لتصريحات ارينتش. وقال ميخائيل فاسيلياديس رئيس تحرير صحيفة ابويفماتيني اليونانية ومقرها في اسطنبول البعض يرى آيا صوفيا حزينة منذ اكثر من 500 سنة ويريدون ان تصبح كنيسة مجددا.

وقال فاسيلياديس الناطق باسم اليونانيين في اسطنبول ان لا حاجة لتحريك مجددا حرب اديان. واضاف فاسيلياديس (74 عاما) من اجل خير العلاقات بين المجموعتين من الافضل ان يبقى هذا المعلم رمزا للتعايش. واوضح ليس من مصلحة احد اعادة فتح الجروح.

وفي المعسكر الاخر يبدو ان ناشطي حزب الاتحاد الكبير الاسلامي والقومي في غاية التصميم. وقال نائب رئيس حزب الاتحاد الكبير بيرم كرجان "ان عملية المسح تقول ان آيا صوفيا مسجد يضم مدافن واماكن عامة ومكان عبادة ومدرسة فقه. واكد لم يقبل الشعب التركي ابدا تحويل آيا صوفيا الى متحف.

وكان هذا الحزب طلب مرارا تحويل كاتدرائية آيا صوفيا المدرجة على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي، لكن دون نتيجة. وعلى الساحة الكبرى في حي السلطان احمد الفاصل بين آيا صوفيا والمسجد الازرق، تتجمع الحشود التي فوجئت لاعادة تحريك هذا الجدل. وقال الايراني غيلاري كيازند (32 عاما) لا افهم لماذا يجب تحويل آيا صوفيا مجددا الى مسجد اذا بقيت لفترة طويلة متحفا استقبل الديانتين.

وذكر احمد كوياس الاستاذ المحاضر في جامعة غلطة سراي في اسطنبول ان الدوافع السياسية للحكومة الاسلامية المحافظة قبل اشهر من الانتخابات المحلية وراء هذا القرار. وقال بدأت السلطة حملة لجذب بعض الاصوات من هنا وهناك لكنني لا اعتقد ان ذلك سيفضي الى نتيجة. ومنذ اشهر كثف اردوغان الذي بات يطلق عليه لقب "السلطان الجديد" اتخاذ القرارات ذات الطابع الديني، من فرض قيود على بيع الكحول واستهلاكها الى السماح بارتداء الحجاب في الوظائف العامة.

وحولت كنيستان مؤخرا في تركيا الى مسجدين. وفي اسطنبول سيحول دير مهجور يعود الى القرن الخامس الى مسجد العام المقبل. وبات عدد المساجد في تركيا 83 الفا بزيادة نسبتها 7% منذ وصول اردوغان الى السلطة قبل 11 سنة. وعدد المساجد في اسطنبول ثلاثة الاف منها المسجد الازرق. وقال فهمي سيمسك احد تجار الحي ساخرا هناك الكثير من المساجد هنا ومعظمها فارغة". واضاف "من سيشغل كل هذه المساجد اذا حولت آيا صوفيا الى مسجد؟ كما انه لن يكون هناك سياح". بحسب فرانس برس.

وقالت سيفداس المحجبة المقيمة في حي السلطان احمد آيا صوفيا لنا وبالتالي يجب ان تكون مسجدا. ورد الاستاذ كوياس يعاني البعض للأسف من عقدة النقص ويشعرون بالحاجة لتأكيد وجود الاسلام. لهذا السبب يريدون تحويل آيا صوفيا الى مسجد وسيكون ذلك ضربة جديدة الى النظام العلماني في تركيا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 10/كانون الأول/2013 - 6/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م