سوق الفن العالمي.. مزادات خيالية تطرح تساؤلات!

 

شبكة النبأ: على الرغم من المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها العديد من دول العالم بسبب الازمة العالمية التي اثرت وبشكل سلبي على الكثير، تشهد اسواق الفن العالمي ازدهاراً غير مسبوق بسبب كثرة المزادات والمعارض والطلبات على اقتناء بعض الفنية المميزة التي أنتجها عمالقة الفن والتي حققت وبحسب بعض الخبراء مردودات مادية كبيرة وغير متوقعة خصوصا بعد دخول بعض الدول المهمة الى اسوق كما تشير بعض التقارير الخاصة، مما يطرح تساؤلات كبيرة حول الدوافع الحقيقية والتي يلفها الغموض لهذا الارتفاع!!

وفي هذا الشأن شهدت سوق الفن المعاصر في العالم نموا بنسبة 15 % في 2012-2013 متجاوزة المليار يورو للمرة الاولى على ما ذكرت شركة "آرت برايس" الاولى عالميا في معطيات السوق الفنية. فبين تموز/يوليو 2012 ونهاية حزيران/يونيو 2013، بلغت قيمة مبيعات الفن المعاصر لأعمال فنانين ولدوا بعد العام 1945 ، مبلغ 1,047 مليار يورو اي اكثر ب140 مليون يورو مقارنة بالفترة نفسها من 2011-2012 على ما اوضحت الشركة الفرنسية مشيدة بهذه النتيجة القياسية.

في المقابل، سجلت السوق الفنية في العالم بجميع فئاتها تباطؤا طفيفا مع تراجع قدره 2,4 % لتصل قميتها الاجمالية الى 8,092 مليارات يورو في 2012-2013 على ما جاء في التقرير السنوي لشركة آرت برايس. وقال تييري ايرمان رئيس آرت برايس و مؤسسها هذا النمو الكبير في الفن المعاصر دليل على نضج السوق التي كانت حتى فترة قصيرة الاولى التي تشهد تراجعا في اوقات الازمات.

ولا يزال الفن المعاصر يشكل 13% من صفقات السوق الفنية فقط الا ان اهميته باتت الان راسخة. فقبل عشر سنوات كانت مبيعات هذه الفئة من السوق تصل الى 75 مليون دولار قبل ان ترتفع الى 979 مليونا في 2007-2008. وقد ادت الازمة المالية الى تراجع كبير فيها على مدى سنتين. الا ان الفن المعاصر عاد لينمو وتجاوز النتيجة القياسية المسجلة في 2007-2008. وتصدرت الولايات المتحدة مجددا سوق الفن المعاصر في 2012-2013 متقدمة على الصين بقليل. وحلت بريطانيا ثالثة وفرنسا رابعة.

من جانب اخر أعربت دار مزادات "كريستيز" عن تفاؤلها بالانفتاح المتزايد للسوق الفنية الصينية الواعدة جدا. وقال ستيفن مورفي مدير دار المزادات يسعدنا أن نعمل هنا حتى لو ليس في وسعنا بعد بيع تحف أثرية ثقافية. وعندما ستتسنى لنا هذه الفرصة، سنتكيف مع هذا التغيير. وتنظم الدار العريقة التي أسست في لندن سنة 1766 مزادا في شنغهاي، بعد حصولها على رخصة لتنفذ أعمالها بطريقة مستقلة في الصين القارية لذي بات محورا استراتيجيا من محاور السوق الفنية العالمية. بحسب فرانس برس.

وشرح ستيفن مورفي أن كريستيز فتحت فرعا لها في الصين أولا لتلبية حاجات الجمهور الصيني والزبائن وهواة التجميع وثانيا لضم شنغهاي ومن ثم الصين القارية إلى فروع كريستيز في نيويورك ولندن وباريس وميلانو، وغيرها من الفروع في انحاء العالم أجمع. ويفرض القانون الصيني قيودا على نشاطات دور المزادات الاجنبية، ما يؤثر سلبا على الدور العرقية من قبيل "كريستيز" و"سوذبيز" بالرغم من ازدهار النشاطات في هونغ كونغ. ويحظر القانون خصوصا بيع التحف الاثرية مثل القطع الخزفية والمخطوطات القديمة، لكنه يسمح ببيع المجوهرات والساعات وزجاجات النبيذ وأعمال الفن المعاصر.

مزادات واسعار

في السياق ذاته بيعت التحف الفنية سيلفر كار كراش للفنان آندي وارهول بسعر قياسي في نيويورك بلغ 105 ملايين دولار خلال مزاد نظمته دار سوذبيز وقد صمم الفنان الأميركي هذه التحفة التابعة لمجموعة "ديث اند ديزاستر" في العام 1963. ويمتد هذا العمل الفني على 2,45 متر طولا و4 أمتار عرضا وهو يتألف من قسمين أولهما مستطيل رمادي اللون وثانيهما سلسلة من 15 صورة لحادثة السير عينها.

وبيع هذا العمل الفني بسعر 105 ملايين و445 الف دولار، محطما الرقم القياسي السابق المسجل لأعمال وارهول والبالغ 71,2 مليون دولار، بحسب دار سوذبيز. وكانت دار كريستيز المنافسة قد باعت في نيويورك قبل يوم لوحة ثلاثية لفرانسيس بايكون تحمل اسم ثلاث دراسات للوسيان فرويد بسعر 142,4 مليون دولار أصبحت أغلى تحفة فنية في العالم.

على صعيد متصل بيعت لوحة لرسام الفن الحديث تشاو وو ـ كى بمبلغ 76 مليون يوان (12.47 مليون دولار) في اول مزاد ضخم تقيمه صالة سوذبي للمزادات في الصين لتحطم بذلك رقم الفنان القياسي والذي سجله في وقت سابق من العام الجاري في هونج كونج. وقال المدير التنفيذي لسوذبي في اسيا كيفن شينج لرويترز بعد المزاد "اشعر بسعادة غامرة" واضاف ان تشاو الذي اشتهر باسلوبه التجريدي سيصبح او انه اصبح بالفعل بيكاسو الصين.

وقدمت سوذبي وشريكتها المحلية شركة غيهوا بكين الفنية سجلا للأعمال الصينية المعاصرة والحديثة قدرت قيمتها الاجمالية باكثر من 123 مليون يوان (20.19 مليون دولار) كجزء من اسبوع بكين الفني. وحطمت لوحة "تجريد" لتشاو وو - كي الرقم القياسي الذي كان مقدرا لها ما بين 35 و45 مليون يوان (5.74 - 7.39 مليون دولار). وقالت سوذبي ان سعر البيع النهائي بلغ 89.68 مليون يوان (14.72 مليون دولار) يشتمل على اتعاب تحصل عليها سوذبي من المشتري نسبتها 18.5 بالمئة.

واشتمل المزاد على اكثر من مئة قطعة فنية بينها لوحات لبعض من اشهر رسامي الزيت والحبر في الصين بالإضافة الى ثلاث معارض بيع لمجموعة من الالماس والاثاث والفن الاوروبي. ونظرا لان البيع اقيم في منطة تيانتشو للتجارة الحرة فلن يكون لزاما على المشترين دفع ما يقرب من 25 بالمئة ضريبة ورسوم جمركية على الاعمال المستوردة الا اذا ارادوا ادخالها الى الصين. ونقلت مميزات المنطقة القريبة من المطار مؤقتا الى فندق فاره في وسط بكين حيث اقيم الحدث.

الى جانب ذلك حققت أعمال للفن الانطباعي والحديث أسعارا قوية في واحد من أكبر المزادات التي تقيمها صالة سوذبي على الاطلاق في تحول كبير عن مزادين مخيبين للامال أقيما في وقت سابق وتصدر المبيعات تمثال للنحات السويسري الشهير البرتو جياكوميتي باسم رأس دييجو الكبير الذي بيع بخمسين مليون دولار ولوحة زيتية للفنان الاسباني بابلو بيكاسو باسم رأس بيعت في المزاد بمبلغ 39.9 مليون دولار.

وزاد اجمالي المبيعات على 290 مليون دولار وتمكنت سوذبي من بيع 81 في المئة من المعروضات في المزاد وعددها 64 قطعة. وهذه أفضل صفقة تحققها سوذي لاعمال الفن الانطباعي والحديث بخلاف صفقة لبيع واحدة من نسخ لوحة النرويجي إدفارت مونك الشهيرة الصرخة التي بيعت في مايو ايار عام 2012 بمبلغ قياسي بلغ 120 مليون دولار.

من جانب اخر قالت دار مزادات جوليان إن جدارية رسمها فنان الجرافيتي البريطاني بانكسي على حائط محطة للغاز في لوس انجليس ستطرح للبيع في مزاد ومن المتوقع ان تجلب أكثر من 150 ألف دولار. وتصور جدارية (فتاة الزهور) التي رسمت بطريقة السلويت على حائط من الطوب في 2008 فتاة تنظر إلى كاميرا تلفزيونية محمولة على نبتة.

ومن المقدر ان تجلب الجدارية ما بين 150 ألف إلى 300 ألف دولار حيث اصبح بانكسي فنانا معاصرا مرموقا. وقال مارتن نولان المدير التنفيذي لدار مزادات جوليان في بيان بانكسي ليس فنانا مثيرا فحسب بل ممتعا جدا ايضا. انه لمن المسلي تماما ان يعرض فنه إلى جانب فنانين عظماء اخرين في زمننا. وستكون هذه هي الجدارية الوحيدة المعروضة في المزاد الذي سيقام في بيفرلي هيلز بولاية كاليفورنيا ضمن مجموعة فن الشارع. وستعرض اعمال اخرى منها لوحات زيتية ورسوم ورقية لفنانين مثل ريسك واندي وميروان. بحشب رويترز.

وبانكسي هو اسم مستعار لفنان بريطاني للجرافتي ظهر أول مرة في بريستول بانجلترا ضمن مجموعة مجهولة من الفنانين. ويخفي عن قصد هويته واسمه الحقيقي لكنه يؤكد اعماله بعرضها في موقعه الالكتروني. وظهر بانكسي في الفيلم الوثائقي الخروج من متجر الهدايا الذي رشح لجائزة الاوسكار في 2010 لكن حجب وجهه وغير صوته.

اكتشاف لوحة

على صعيد متصل أعلن متحف فان جوخ في امستردام انه ثبت بعد بحث جديد ان لوحة لمنظر طبيعي في فرنسا ظلت بعيدة عن الانظار طوال قرن للاعتقاد بانها مقلدة هي فعلا من أعمال المصور الهولندي الشهير. ورسم فينسنت فان جوخ لوحة الغروب في مونتماجور عام 1888 حين كان يعيش في ارليه بجنوب فرنسا. ومن المقرر عرض اللوحة وهي من المقتنيات الخاصة في متحف فان جوخ في امستردام في وقت لاحق وستظل معروضة لمدة عام.

و وصف اكسيل روجر مدير المتحف اكتشاف عمل جديد لفان جوخ بأنه تجربة تحدث مرة واحدة في العمر. وحتى وقت قريب عام 1991 خلص متحف فان جوخ الى ان اللوحة ليست من اعمال الفنان الهولندي الحقيقية حين اتصل به مقتنو العمل. لكن بفضل بحث جديد يشمل تحليلا دقيقا لمكونات اللوحة ورسائل لفان جوخ غير المتحف رأيه. بحسب رويترز.

ففي رسالة الى شقيقه ثيو بتاريخ الخامس من يوليو تموز 1888 وصف فان جوخ المنظر الذي رسمه في اليوم السابق لكنه لم يكن راضيا عن النتيجة النهائية وقال في رسالته جاءت أقل كثيرا مما كنت أود. وتعتقد أسرة موستاد ان كريستيان نيكولا موستاد اقتنى اللوحة عام 1908 لكنه أهملها ووضعها في القبو حين قيل له في وقت لاحق انها مقلدة وليست من اعمال فان جوخ الحقيقية.

لوحات اعلانية وروبوت لرسم

في السياق ذاته تعرض بريطانيا 57 عملا فنيا على 22 ألف لوحة إعلانية، منها بورتريه ذاتي للوسيان فرويد على حافلة ولوحة للرسام جون كونستابل في مركز تجاري، وذلك في إطار المعرض الفني الأكبر في العالم، على حد قول المنظمين. وفي هذا المعرض الفريد من نوعه، اختار الجمهور بنفسه من لائحة معدة مسبقا 57 تحفة لفنانين بريطانيين كي تعرض في شوارع بريطانيا.

وحصدت لوحة "ذي ليدي أوف شالوت" الزيتية الرومنسية للرسام جون وليام ووترهاوس أعلى نسبة من الأصوات، تبعتها لوحة "أوفيليا" لجون إيفيريت ميلايس التي تبين الوفاة المأسوية لأوفيليا وهي شخصية ابتكرها شكسبير في مسرحية "هامليت"، ولوحة "هيد 6" للرسام فرانسيس بايكون وهي رسم للبابا إينوسنت التاسع. ومن بين الفنانين الذين اختارهم الجمهور رسامون كلاسيكيون مثل جون كونستابل وتوماس غينزبورو وفنانون معاصرون مثل ديفيد هوكني وتريسي إمين وداميان هيرست. بحسب فرانس برس.

وتعرض هذه التحف الفنية في كل أنحاء البلاد على واجهات صالات للسينما ومراكز تجارية وعلى جدران محطات للقطار ومواقف للسيارات وحانات ونواد رياضية، وأيضا على ألفي حافلة وألف سيارة أجرة. وشرح منظمو المعرض الذي يحمل اسم "الفن أينما كان" أن الهدف هو تحويل مساحات اعلانية الى تحف فنية رائعة للاحتفاء بالفن البريطاني. ويمول هذا المعرض جهات خاصة والقطاع البريطاني للملصقات الاعلانية.

من جانب اخر لجأ رسام نمساوي إلى استخدام جهازي روبوت لرسم لوحة في ثلاث مدن فيينا ولندن وبرلين في وقت واحد في حدث قال انه الاول من نوعه في العالم. واستخدم اليكس كيسلنج جهاز استشعار يعمل بالأشعة فوق الحمراء لنقل حركات قلمه وارسالها عبر قمر صناعي إلى جهازي الروبوت في ميدان ترافلجار (الطرف الاغر) في لندن وميدان بريتشيدبلاتز في برلين ليعيدا انتاج الخطوط التي يرسهما على لوحتين اخريين.

واستغرق كيسلنج (33 عاما) اكثر من ستة اشهر كي يتقن استخدام تلك التقنية وبرمجياتها. وقال ماذا تصنع الالتان حقا؟ . بدا لي من خلال العمل مع الالتين ان الامر يبدو انه استنساخ اكثر من ان يكون نسخة. وسيجري تجميع النسخ الثلاث من الرسم الذي يصور وجها كاملا مع نصف رأس في كل من الجانبين معا لعرضها في فيينا ولندن.

1400 رسم ولوحة

من جهة اخرى اكد الالماني كورنيليوس غورليت الذي كان يخفي في شقته في ميونيخ مئات الاعمال الفنية التي سرقها النازيون على الارجح من يهود، انه لن يتخلى عن هذه القطع من دون كفاح. وفي مقابلة مع مجلة "دير شبيغل "الاسبوعية اعتبر غورليت الثمانيني ان والده تاجر الفن صاحب الماضي المشبوه في عهد النازية حصل على هذه الاعمال بشكل قانوني ومن الطبيعي ان تكون بحوزته بصفته وريثا له.

وقال لصحافية "دير شبيغل" التي امضت 72 ساعة مع هذا الرجل الغريب الاطوار الذي عثر في منزله على 1400 رسم ولوحة وغرافور عائدة لبيكاسو وماتيس ورينوار لن اعيد شيئا طوعا. امل ان تحل الامور سريعا واتمكن اخيرا من استعادة لوحاتي. وهو متهم بالتهرب الضريبي واخفاء مسروقات. وقال انه اعطى المحققين ما يكفي من الوثائق التي تثبت براءته. واعرب عن صدمته للاهتمام الذي يلقاه ولا سيما من قبل الصحافيين الذين يحاصرونه في منزله وقال انا لست بوريس بيكر (نجم كرة المضرب الالماني السابق) ماذا يريد هؤلاء الاشخاص مني؟ وتابع يقول اردت فقط ان اعيش مع لوحاتي.

وغورليت هو نجل هيلديبراند غورليت صاحب الغاليري الفنية الشهير الذي كان النازيون يعتبرونه يهوديا وقد شكل مجموعة فنية كبيرة في ثلاثينات واربعينات القرن الماضي. ويبدو ان غورليت عاش لسنوات من دون عمل ومن دون ان يكون مسجلا لدى ادارات البلاد في المانيا وكان يبيع من وقت الى اخر اعمالا فنية ورثها من والده. وستعرض الحكومة الالمانية عبر الانترنت صورا لـ590 عملا عثر عليها في شقته.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 8/كانون الأول/2013 - 4/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م