عورة الفساد في البلاد انكشفت!!

علي ال غراش

 

ما حدث ويحدث في داخل السعودية من أزمات ومشاكل – فقر وبطالة واستغلال وسرقة الثروات، وفشل سياسي وإداري في بناء دولة حضارية قائمة على العدالة والقانون والنظام - واحتقان ومطالبات ومظاهرات واعتقالات، ومحاكمات لمن يحمل منديلا عليه خرابيش، واخذ الناس بسوء الظن، بالإضافة للكوارث التي تعرض لها الوطن غرق المدن بسبب سقوط الأمطار، فيما الشعب يقابل ذلك بسخرية تعبر عن حالة السخط لديه، أمر يدعو للدهشة والغرابة..، وهناك خوف شديد من إن إستمرار الوضع يعني موت الضمير الوطني وموت الوطن!!.

لاشك ان السبب في ذلك يعود بشكل كبير إلى سرطان الفساد البشع المتضخم والمتورم والمنتشر لدرجة كبيرة جدا بحيث لا يمكن للوطن بمساحته الكبيرة الشاسعة تحمله وتغطيته، ولم تتمكن الأموال الطائلة والامبراطورية الاعلامية رغم كل المحاولات من تغييبه عن الأنظار.

إن كان الشعب يتميز بالصبر والنسيان والصمت عن الفساد خوفا من البطش، فأن الطبيعة أكثر جرأة لفضح الفساد المنتشر في البر والبحر وفي قلوب الناس بسبب الجهات المسؤولة عن إدارة الوطن، فالأمطار التي سقطت خلال أيام قليلة في شهر نوفمبر 2013م. كشفت عن بعض عورة الفساد، وظهر مدى القبح والبشاعة..، فمع هطول الأمطار سقطت الأوراق التي يحاول المسؤول ستر عورته بها، ورقة إنه يحكم باسم الدين والعدل والمساواة، وورقة إنه يتمتع بالحكمة والرشد والكفاءة، وورقة إنه حريص على مصلحة المواطنين..، ولكن ما كشفت عنه الأمطار كافي بالحكم على إدارة المسؤولين للوطن بالفشل في بناء دولة حضارية قائمة على قوانين منبثقة من الإرادة الشعبية والمؤسسات في ظل احترام التعددية والرأي والرأي الاخر، وتعريض الوطن لخسائر متتالية على صعيد السياسة الداخلية والخارجية، وضياع للمال العام، إدارة مسؤولة عن انتشار الفساد والسرقات والفقر المدقع والبطالة وحرمان المواطنين من أبسط حقوقهم الوطنية، وقتل الروح الوطنية وتحويل الدين إلى أسم والتدين إلى قشور ومظاهر خارجية لتحقيق أهداف خاصة، وتدمير الأخلاق والعادات والتقاليد الثقافية الأصلية، وتدمير العقول بسبب فشل السياسة التعليمية. إدارة مسؤولة عن بلد يفتقد للبنية التحتية رغم الأموال الطائلة: لا تخطيط استراتيجي سليم، لا تخطيط لمعالجة أزمة السكن، لا تصريف للأمطار ولا خطوط مجاري صحية، ولا طرق ولا أرصفة ولا جسور قادرة على الصمود والتحمل؛ - بل عقلية الأهالي السابقة قبل الطفرة النفطية وبحسب فطرتها واخلاصها كانت لديها حلول بدائية أفضل وأنجع، بل الدول الفقيرة لديها تخطيط للبنية التحتية بشكل أحسن-!!.

 مواطنون بلا منازل، ومنازل بسيطة لا تحمي سكانها من الحر والبرد والمطر، بيوت من الصفيح، وبيوت من الطين..، طرق تحولت إلى بحيرات تم استخدام القوارب فيها، وجسور تقطعت وسقطت بمن يسير عليها، وانفاق بلعت ما فيها، وسيول جرفت المنازل والسيارات والبهائم والشجر والحجر والبشر..، مباني حكومية كلفت المليارات تهاوت في لحظات لسوء الانشاء، ومستشفيات حصرت بمياه المجاري والمستنقعات القذرة الخطيرة، ومدارس اغلقت خوفا من غرق الطلاب والطالبات وتحمل المسؤولية، ومطارات على أساس انها تمثل الواجهة الحضارية للوطن ظهرت على حقيقتها بانها مجرد ديكور سقط مع رشات المطر...؛ ولو كان في بلد اخر فيه قوانين ومحاسبة للسلطة، والشعب واعي يرفض الظلم والفساد، لتحرك لإسقاط الجهات المسؤولة عن تلك الكوارث، ولو كانت تلك الجهات لديها مشاعر وطنية وتحترم المواطنين لبادرت بتقديم إستقالتها، مما حدث ويحدث من فساد وكوارث وطنية "بسبب سوء الإدارة "!!.

انه أمر مخجل ومعيب أن يحدث ذلك، في دولة أنعم الله عليها بالثروة الطائلة وسكان قليل، ومساحة أراضي شاسعة، ويتم الاعلان في كل عام عن تخصيص مئات المليارات من المال العام لإنشاء بنية تحتية، ولكن الحقيقة إنها ميزانية بل ميزان غير عادل لدجاج يبيض ذهبا للفاسدين باسم مشاريع خدماتية فاسدة، يتم من خلالها سرقة المال العام فقط.

الشعب يسمع عن خطط خماسية وسداسية وغيرها عبر الاعلام، ولكن لا يجد على أرض الواقع ما هو بمستوى المعلن عنه، حيث المدن تعاني من عدم وجود بنية تحتية للخدمات الأسياسية رغم وفرة المال، والعقود الطويلة من تحمل مسؤولية الإدارة، وليس معلوم متى ستتمكن من ذلك!!.

بل الأكثر غرابة إن الجهات المسؤولة عن الفشل في بناء بنية تحتية وعن انتشار الفساد في الوطن، تقوم ببناء مدن في الخارج تبنيها بشكل كامل ذات بنية تحتية قوية باسم مساعدة لتلك الدول، بينما هي عاجزة عن انشاء ذلك في الوطن للمواطنين!؟.

بعض المواطنين يعلقون على عدم وجود بنية تحتية في مدن الوطن بالقول: المسؤولون مشغولون بتقوية بنيتهم التحتية للتمسك بالسلطة والمنصب، وهو الأهم لديهم!!.

وما ذلك إلا دليل على ان تلك الجهات لا تتمتع بحس وطني، بل تبحث عن مصلحتها الشخصية؛ والظاهر إن المواطنين غرباء عليها أو العكس، وإن الشعب لا يستحق التمتع بخيرات وطنه!!.

تحية لكل المواطنين الشرفاء المخلصين النشطاء.. الذين يبادرون لإنقاذ المواطنين الذين تعرضوا للمخاطر والاذى وتقديم المساعدات للمحتاجين، والدفاع والتضامن مع كل حر شريف وطني يطالب بالعدالة..، وحمى الله الوطن والمواطنين وعالمنا العربي والاسلامي والعالم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 8/كانون الأول/2013 - 4/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م