حماية المغردين من التهم السياسية والطائفية

احمد جويد/مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات

 

الأحكام التي صدرت ضد مجموعة من (المغردين) على مواقع التواصل الاجتماعي، كانت بمثابة صدمة للعالم الحر الذي يعتبر الحق في حرية الرأي والتعبير هو حق أساسي يشكل إحدى الدعائم الجوهرية للمجتمع الديمقراطي. كما عَبَّرَ المهتمون بحقوق الإنسان عن خيبة أملهم بسلوك الدول التي انتهجت أسلوب التضييق على حرية التعبير عن الرأي من خلال محاكمة (المغردين)!

 نماذج من التهم والأحكام

 1- السلطات البحرينية أقدمت يوم الإثنين 11 مارس الماضي على اعتقال 6 مغردين على تويتر، وهو ما أكده عن الجانب الرسمي رئيس النيابة الكلية نايف يوسف في بيان صحافي، حيث قررت النيابة العامة حبس المعتقلين تمهيداً لإحالتهم للمحاكمة القضائية بتهمة (المساس بالذات الملكية).

 2- الأحكام القضائية الصادرة يوم الأربعاء 15 مايو 2013 بحق كل من المحامي مهدي البصري وأربعة نشطاء على موقع التواصل الإجتماعي “تويتر” – وهم: محمود طارش، محسن عبد علي، حسن عبد علي، عمار مكي – بالسجن لعامٍ واحد بتهمة (إهانة الملك) على “تويتر”، فيما قضت ببراءة متهم سادس مما نسب إليه.

 3- الحكم الصادر من أحدى المحاكم الكويتية التي حكمت في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 على رجل كويتي بالسجن خمس سنوات بسبب تعليق أدلى به على موقع تويتر حول أفكار دينية سنية وشيعية، هذا الحكم الصادر من محكمة الابتداء الكويتية ضد "مصعب شمساه" هو الثاني من نوعه بتهمة (الإساءة للنبي محمد).

هذه نماذج بسيطة لأحكام وتهم كثيرة، وهي ليست الأولى ولا الأخيرة التي يتم فيها معاقبة مغردين في الدول العربية وبخاصة في دول الخليج على خلفية اجتزاء مقاطع من تعليقاتهم، ورغم إن عددا من الدساتير والقانون تكفل حرية الرأي والتعبير، نجد هناك الكثير من القضايا والإحكام بسبب النشر على الانترنت كما في الأمثلة أعلاه.

 المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) أكدت على إن الحق في حرية التعبير التي تشمل البحث عن واستقبال وإرسال معلومات وأفكار عبر أي وسيط وبغض النظر عن الحدود. وجاء في المادة (19) كذلك من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ما يلي:

1- لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.

2- لكل إنسان حق في حرية التعبير ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دون ما اعتبار للحدود سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.

الانترنت حق في التعبير عن الرأي

 الجميع يعلم إن الانترنت أصبح أكثر الوسائل انتشارا للتعبير عن الرأي حيث أعطي مساحة لكل فرد في كل المجتمعات لكتابة ما يدور حوله وعرضه على الشبكة في فترة وجيزة، وكذلك التعبير عن أراهم ووجهة نظرهم الشخصية، وأصبح الانترنت أكثر الوسائل لتداول المعلومات دون مراعاة للحدود في وقت تتزايد فيه أهمية العهود والمواثيق والاتفاقيات الدولية في ظل علاقات دولية ومصالح اقتصادية شديدة التداخل والارتباط مما يضفي أهمية لدراسة العلاقة بين القوانين الوطنية ومدي توائمها مع القانون الدولي والمعاهدات الدولية فيما يخص الاستخدام وحماية حرية الرأي.

التهم سياسية وطائفية

 عند تفحص التهم المسندة للمدونين والمغردين بصورة قانونية دقيقة نجد أنها لا تستند إلى مواد ونصوص تعطي الحق للأجهزة الأمنية في الاعتقال والإدانة والملاحقة، وإن جميع التهم التي تم إسنادها لهؤلاء المتهمين هي أما كانت على أساس طائفي أو لاعتبارات سياسية من قبل أنظمة مستبدة تحاول تكميم أفواه الذين يعبرون عن آرائهم على شبكة الانترنت.

 إن الحكومات المعنية تمارس تعسفها بطريقة غير مسؤولة مع المغردين والشخصيات السياسية المخالفة لها، من خلال الإفراط بالتهم. والتساؤل: من له الحق في المحاسبة وتفسير النوايا؟ فمعظم القضايا التي اتهم المغردون بها هي تهم بالتلميح، وتقوم السلطات بتفسيرها بحسب أهوائها.

طريقة الحصول على الدليل

 بعض الكتاب والمدونين والمغردين على صفحات التواصل الاجتماعي يتم محاورتهم أو مناقشتهم في قضية معينة يتم طرحها من خلال الشبكة، ومن خلال محاورة طويلة يصار إلى إجتزاء بعض الكلمات التي يكون المغرد قد ذكرها على سبيل (التهكم أو طرح مثل معين) وهي مسألة طبيعية تحدث مع جميع المحاورين سواء كانوا كتاب أو مدونين أو حتى في برامج البث التلفزيوني، فيستقطع هذا المثل أو ذلك التهكم من كلام المحاور الآخر ليكون دليلا يساق ضده أمام المحاكم وبالتالي ينال عقوبة جزائية كالسجن أو الحبس أو الغرامة.

مواثيق حماية حرية التعبير

 كررت المواثيق الإقليمية أو توسعت في ضمان وحماية حرية التعبير، فالمادة (10) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان تحمي حرية التعبير على مستوى الدول الأعضاء، والمادة (9) من الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب تضمن الحق نفسه. وكذلك المادة (13) من الاتفاقية الأمريكية لحماية حقوق الإنسان تنص على أن: لكل إنسان الحق في حرية الفكر والتعبير ويشمل هذا الحق حريته في البحث عن مختلف أنواع المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دون ما اعتبار للحدود سواء شفهية أو كتابة أو طباعة أو في قالب فني وبأي وسيلة يختارها.

كما إن الأمم المتحدة وكافة الدول الديمقراطية والرأي العام الديمقراطي في العالم كله يكاد يجمع على أن حق الرأي والتعبير هو الركن الأساسي في كافة الحقوق الممنوحة للإنسان في المواثيق والعهود الدولية. وقد أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن حرية التعبير هي حق إنساني أساسي... وهي محك الاختبار لكل الحريات التي كرستها الأمم المتحدة، كما أكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان على أن" حق حرية التعبير يشكل واحدا من الأسس الجوهرية للمجتمع الديمقراطي واحد الشروط الأساسية لتقدم وتنمية الإنسان".

المقترحات والتوصيات

أولاً: عدم إطلاق يد الأجهزة الأمنية في ملاحقة آراء المغردين، وإن مكافحة النوايا يتصادم مع مفهوم الحريات العامة الذي رسخته المواثيق الدولية في باب حرية التعبير وفق مواده.

ثانياً: يجب ألا تصل بعض القضايا إلى المحاكم ودور النيابة، وحماية الحريات من جور القضايا الكيدية التي تساهم في وضع القضاء طرفاً في مخاصمات سياسية او طائفية.

ثالثاً: يجب ألا يلام الشخص على رأيه في السلطة مهما على شأنها، وعلى الأمير أو الملك أو الرئيس أن يستقبل النقد من الآخرين كما يستقبل الثناء.

رابعاً: التشجيع على حرية التعبير وعدم إشاعة الخوف والرعب في نفوس المنتقدين للسلطة وأصحاب الآراء العقائدية، إذ لا يحق لأي أحد أن ينصب نفسه مكان الخالق.

خامساً: عدم الإفراط في استخدام سلاح الملاحقات السياسية، وإيجاد طرق حوار مع الشباب، فهم ليسوا أنداداً لأنظمة الحكم، بل لهم مطالب إصلاحية يجب احتواؤها.

سادساً: أن يكون اختيار الأشخاص المتابعين لشبكات التواصل الاجتماعي، مؤهلين في حقوق الإنسان وبعيدين عن أي تشدد سياسي أو طائفي أو عرقي.

.....................................................

** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم) بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. ويسعى من أجل تحقيق هدفه الى نشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، كما يقوم برصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...

موبايل/009647712421188

http://adamrights.org

[email protected]

https://twitter.com/ademrights

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 7/كانون الأول/2013 - 3/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م