الكتابة.. أصوات وحكايات

اعداد: حيدر الجراح

 

شبة النبأ: ما الذي تعنيه الكتابة للكاتب؟، يراها البعض اعترافا، والأخر مشاكسة، وثالث إجابة عن تساؤلات، ورابع تمرين مستمر على التمرد، وخامس وسادس حتى اخر قلم في هذا العالم، معاني متعددة.

كيف ينظر الكتاب الى كتابات اخرين غيرهم؟، كيف يفكر الكاتب قبل الكتابة وعند الشروع فيها؟، ما الفرق بين الكتابة بالقلم والكتابة على الكيبورد؟، ماذا يوجد في قلب الكاتب؟، ما هو الخوف الجديد الذي يشعر به بعض الكتاب؟.

الإجابة على هذه الأسئلة، ستكون عبر مختارات من عدد من الأقلام التي كتبت...

فاشية

أحياناً كاتب واحد يشكّل جيتو في حد ذاته. لا يرى ما يكتبه الآخرون، أو يراه ويرفضه، لأنه يُخالف طريقته في الكتابة، أن ترفض الكاتب لأنه يكتب بطريقة أخرى. لأنه لا يشبهك، ولا يُشبه كتابتك، لأنه يؤمن بأفكار غير التي تؤمن بها، لأن نظرته إلى الحياة تختلف عن نظرتك، لأنه يسرد أو يكتب الشعر بطريقة مغايرة، فتلك فاشية!.

الخوف من الطائرة

في عنوان له أكثر من دلالة ‘فلنكن رجالا، ولنتحدث عن الخوف من الطائرة’  يبدأ غابرييل غارسيا ماركيز مقاله كالتالي ‘الخوف الوحيد الذي نعتز به نحن الأمريكيين اللاتينيين دون خجل، بل وبشيء من الاعتزاز الرجولي، هو الخوف من الطائرة. ربما لأنه خوف مختلف، لم يكن موجودا منذ نشأتنا، كما هو الخوف من العتمة أو الخوف من ظهور الخوف علينا.

١٥ حقيقة عن قلب الكاتب

الحقيقة الأولى: ليس لدينا خيار آخر.

الحقيقة الثانية: لدينا عشيقة سريّة دائمًا.

الحقيقة الثالثة: سنتوقف عند الإشارات الحمراء.

الحقيقة الرابعة: من المخيف أحيانًا أن نحمل كل هذه الكلمات داخلنا.

الحقيقة الخامسة: الكتابة هي أكثر ما نحتاجه.

الحقيقة السادسة: هنالك أيام تصبح الكتابة فيها بالنسبة لنا مسألة نجاة.

الحقيقة السابعة: نشعر بالاطمئنان عندما نعيش في تناقضاتنا.

الحقيقة الثامنة: نحن نكتب منذ أن كنّا في الثامنة أو الحادية عشرة أو الخامسة عشرة.

الحقيقة التاسعة: ينزف الآخرون دمًا، بينما ننزف روايات.

الحقيقة العاشرة: نعيش في المجاز كما نعيش في الواقع.

الحقيقة الحادية عشرة: نحن لا ننتظر.

الحقيقة الثانية عشرة: تعلّمنا أن نتحدث في المساحات الفاصلة بين الكلمات.

الحقيقة الثالثة عشرة: أن تكون فنانًا يعني أن تكون عالم آثار وجرّاحًا في الوقت نفسه.

الحقيقة الرابعة عشرة: إذا أحببتنا، ولو لبعض الوقت، لن نتركك تغادر سالمًا.

الحقيقة الخامسة عشرة: القوائم الشبيهة بهذه القائمة عبارة عن هراء محض.

(يخبرك الناس دائمًا أنك تعيش وتتعلم، ولكن أحيانًا يكون هذا خاطئًا. أحيانًا كل ما تفعله هو أنك تعيش فقط. وتستمر بالعيش. وما تتعلمه تنساه).

أشياء يجب على المتشائم أن يجربها قبل أن يموت.

١- انهض من سريرك بحماس لتبدأ اليوم.

٢- اذهب للسير على الشاطئ دون القلق بشأن إصابتك بسرطان الجلد.

٣- اركب الطائرة دون أن تطالب بمقعد قرب مخرج الطوارئ.

٤- انتظر أمتعتك دون أن تفزع وتفكر أنها في طريقها إلى غوام (جزيرة أمريكية نائية).

٥- ادخل المصعد الكهربائي دون الاستماع لصوت الاحتكاك والذي قد يعني أنك عالق بين طابقين.

٦- نم في سرير الفندق دون فحص الأغطية والقلق بشأن وجود حشرات.

٧- اشتر بطاقة يانصيب.

٨- لا تفترض أن النادل أخطأ في سكّر قهوتك.

٩- استغل الليالي التي تشعر فيها بالأرق لنسج وشاح بدلًا من مراجعة كل خطأ ارتكبته في حياتك.

١٠- احضر حفل زفاف دون أن تفكر: (سيتطلقان في أقل من خمس سنوات).

١١- اعط أحدهم أسبوعًا ليرد على رسالتك دون أن تقرر بأنه يكرهك.

١٢- اذهب إلى حفلة دون أن تتوقع بأنك ستكرهها.

١٣- اذهب إلى عملك دون أن تقلق بشأن طردك منه.

١٤- اخرج في المطر وأنت مؤمن بأن سيارة تاكسي ستظهر أمامك خلال ثوانٍ.

١٥- إن أخبرك أحدهم: (ستتجاوز هذه المشكلة). لا ترد عليه بقولك: (وماذا لو لم أتجاوزها؟).

١٦- انظر إلى صورك القديمة دون أن تعتقد بأن أفضل أيامك أصبحت وراءك.

١٧- لمرة واحدة، جرب أن تقول في نفسك: (الحياة جميلة).

لماذا أكتب؟

حين لا أكتب، يجتاحني شعورٌ بفقد شيء ٍما. إذا طالت بي الحال، تزداد الأمور سوءًا، وأصاب باكتئاب. حينها، أمرٌ مصيريٌّ يكفُّ عن الحدوث، عطبٌ بطيء يشرع في التكوّن. كما لو أنني أهبط من تلّة، بفعل الجاذبية وحدها، لبعض الوقت، لكن بعد ذلك، تصاب أطرافي بالخدر. أمرٌ سيء يحدث، أعرفهُ. وكلما طال انتظاري، صعب علي البدء بالكتابة مجدّدًا.

حين أكتب، خاصةً إذا كان سير الكتابة جيدًا، أعيش في بُعدين مختلفين؛ هذا العالم الذي أعيش فيه، الآن، وأستمتع به كثيرًا؛ والعالم المختلف كليًا الذي أُقيم فيه دون أن يعرف به أحد، ولا أظن أن زوجي حتّى يمكنه التنبؤ به. حياة مضاعفة هذه التي أعيشها، دون أن أمس زواجي وجنّته بسوء.

سلطة اللغة ولغة السلطة

في مقال تحت عنوان "اللغة"، يطرح إدواردو جاليانو أزمة استخدام مفردات مكان مفردات أخرى. يقول:"في العصر الفيكتوري، لم يكن مسموحاً ذكر كلمة بنطلونات في حضور آنسات. واليوم، ليس مستحسناً قول بعض الألفاظ أمام الرأي العام". محاولة إقصاء كلمات من قاموس اللغة المنطوقة في مقابل إعطاء شرعية لكلمات أخرى، يثير سخرية الكاتب. فالإمبريالية صارت عولمة، والرأسمالية تُسمى اقتصاد السوق، وضحايا الإمبريالية يُسمون دولاً نامية، كما نسمي الأقزام أطفالاً.  بدلاً من الانتهازية نقول براجماتية، كما نسمي الخيانة واقعية.نستبدل كلمة فقراء بمحتاجين أو محدودي الدخل. والتعذيب يُسَمى ضغوطاً غير مشروعة أو ضغوطاً جسدية ونفسية، وسرقة خزائن الدولة مجرد إهدار للمال العام أو ثراء غير شرعي. وجرائم السيارات تسمى حوادث.

يقول جاليانو إن تسمية الأشياء بغير مسمياتها يمتد حتى للمرض، فالسرطان أو الإيدز يسمى بالمرض الوحش. ويذكر حادثة وقعت في عام 1995، عندما خرج سفير فرنسا في نيوزلندا عقب الانفجارات النووية الفرنسية في جنوب المحيط الهادي، وقال:"لا تعجبني كلمة قنبلة، إنها ليست قنابل، بل مواد تنفجر". ويتذكر الفعل "يتعايش" الذي طالبت به الحكومة الكولومبية عندما ازدادت عصابات قطع الطرق التي كانت تغتال المارة تحت حماية العسكر. و"كرامة" كان اسم أحد المعتقلات في الديكتاتورية الشيلية، كما كان "حرية" اسم أكبر سجن في الديكتاتورية الأوروجوائية. والمجموعة التي كانت تدافع عن العسكر وقتلت 45 فرداً، كلهم من النساء والأطفال، أثناء صلاتهم في كنيسة بقرية أكتيال، كانت تسمى: السلام والعدالة.

احراق الكتب

لا ينبغي لمتحضر أن يحرق كتابا. ولقد كتب الشاعر الألماني "هاينرش هاينه" قبل قرن من ظهور النازية يقول إنهم "يبدءون بإحراق الكتب، لينتهوا بالبشر". إحراق الكتب دنس، إحراق الكتب تابو أول من يلتزم به هم الكتاب أنفسهم.

الكتابة بالقلم او الكيبورد

يزعم الروائي الإيطالي إمبرتو إيكو، مؤلف رواية (اسم الوردة)، قدرته على التمييز بين العمل المكتوب بالقلم والورقة، والآخر المكتوب بالكومبيوتر، بداعي وجود فروق نوعية واضحة بينهما، فالكتابة بالقلم تستدعي قدراً أكبر من التأمل والرويّة، في حين تتدفق الكتابة بالكومبيوتر بسلاسة وتمنح الكاتبَ القدرة على نقل كتل من المعلومات من مكان لآخر.

وتؤكد الأميركية ليڤيا بلاكبيرن، المتخصصة في علم نفس المعرفة، وصاحبة كتاب (من الكلمات إلى العقل)، أن الأبحاث أثبتت وجود العديد من الفروق بين كتابات الكومبيوتر وكتابات القلم، فمستخدمو الكومبيوتر يستهلكون نصف الوقت الذي يستهلكه كتّاب القلم، ومستخدم الكومبيوتر يكتب حوالي 20% أكثر من مستخدم القلم في حال كتابتهما في نفس الموضوع، كما يقوم مستخدم الكومبيوتر بمراجعة 80% من النص في المسودة الأولى، في حين أن مستخدم القلم يراجع 50% فقط خلال المسودة الأولى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 5/كانون الأول/2013 - 1/صفر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م