مشاريع عالمية طموحة فوق صروح من الأزمات

 

شبكة النبأ: تسعى العديد من دول العالم الى إقامة بعض المشاريع الحيوية والتنموية المهمة وإعداد الخطط المستقبلية في سبيل التغلب على بعض المشاكل والأزمات الاقتصادية والصحية والإنسانية كما يقول بعض الخبراء. الذين أكدوا على ضرورة إعداد الدراسات المسبقة قبل الشروع بتنفيذ الإعمال وذلك لتلافي الأخطاء التي قد تكون سبب في إفشال تلك المشاريع التي قد تكون لها بعض المخاطر الصحية والبيئية وبتالي ستكون عرضة للانتقادات والرفض، وفيما يخص بعض تلك المشاريع فقد أطلقت الصين مشروعا ضخما يهدف إلى استخراج الموارد المائية من الجنوب لتلبية الحاجة إلى المياه في الشمال قد يتسبب بمزيد من المشاكل بدلا من أن يحل تلك الأزمة القائمة.

وقد بدأ العمل على هذا المشروع المائي في العام 2002، لكن إنجازه سيستغرق حوالى خمسين عاما وسيكلف بصورة إجمالية 500 مليار يوان تقريبا (60 مليار دولار). ويكمن الهدف منه في فتح ثلاثة ممرات من جهات مختلفة من نهر يانغتسيه لنقل عبر قنوات تمتد على 4350 كيلومترا حوالى 45 مليار متر مكعب من المياه إلى ضواحي بكين وشمال البلاد حيث يسجل نقص في الموارد المائية.

فهذه المناطق التي تشكل مساحتها خمس المساحة الإجمالية في البلاد تضم نصف سكان ثاني اقتصاد في العالم وثلثي الأراضي الصالحة للزراعة في الصين، بحسب تقرير صادر عن البنك الدولي. وقد باتت الصين على مر التاريخ من البلدان المعروفة بمشاريعها المائية الضخمة، أبرزها القناة الكبرى التي تربط شنغهاي ببكين والتي أبصرت النور منذ حوالى 2500 عام وتوسعت على مر القرون.

ولفت موقع المشروع المعروف ب "مشروع تحويل المياه من الجنوب إلى الشمال" إلى أن ماو تسي تونغ مؤسس الجمهورية الشيوعية هو في الواقع صاحب هذه الفكرة . وكان قد صرح في العام 1852 ما مفاده "يضم الجنوب الكثير من المياه والشمال القليل منه. ومن الممكن أن يزود الجنوب الشمال بالمياه في حال لم يكن يشكل ذلك مشكلة".

لكن كثيرة هي المشاكل في الواقع، فالتلوث المنتشر قد يؤثر على المياه المنقولة ومضخات المياه تحتاج إلى طاقة جد كبيرة كما أن إدارة الخزانات قد تتسبب بالتلوث. وخطر التلوث يهدد بصورة خاصة المسالك الشرقية التي من المفترض ان تبدأ بنقل المياه اعتبارا من نهاية هذا العام من إقليم جيانغسو الساحلي (الشرق) إلى شاندونغ (الشمال) وجنوب بكين. وقد صمم هذا المشروع بالاستناد إلى شبكة واسعة من الممرات الحالية، من بينها القناة الكبرى. وقد ينقل منذ البداية مياه مليئة بالمواد الملوثة، بالرغم من ضمانات التأكد من نوعية المياه التي قدمها مرارا وتكرارا القيمون عليه.

ويؤكد سكان بلدة غوبانغ الفقيرة الواقعة في منطقة شاندونغ أن المياه المنقولة في القناة التي تمر في بلدتهم حيث أجريت تجربة في وقت سابق كانت جد ملوثة. ويخبر بانغ المتقاعد المتخصص في تربية الأسماك أن مياه بحيرة دونغبينغ حيث تصب هذه القناة كانت مليئة بالأسماك النافقة.

وقد أثر هذا التلوث على مزارع تربية الأسماك العائلية. ورفضت السلطات المحلية شكاوى العائلات لكنها منحتها تعويضات بقيمة 5 آلاف يوان وطلبت منها عدم نشر هذه القضية التي أوقف في إطارها ثلاثة مربي سمك، بحسب السكان. وأدى الجزء الاوسط من المشروع الذي من المفترض أن يبدأ العام المقبل بتحويل المياه من إقليم هوباي (الوسط) إلى بكين إلى نقل نحو 350 ألف شخص من مساكنهم. بحسب فرانس برس.

وأقرت وكالة الأنباء الرسمية في الصين في بأنه "ليس من المؤكد" أن تستوفي الأنهر الخمسة التي تغذي المنبع الرئيسي لهذا المشروع وهو خزان دانجيانغكو شروط نظافة المياه، وذلك بسبب نقص الموارد المالية المخصصة لمكافحة التلوث. كما أن الجزء الغربي من المشروع الذي من المفترض أن يصل نهر يانغتسيه بالنهر الأصفر يعد مهمة شبه مستحيلة من الناحية التقنية مع قنوات ستحفر في منطقة جبلية تشهد نشاطا زلزاليا كبيرا. ويتعذر تشغيل القنوات قبل 40 عاما.

 وحتى لو حقق المشروع اهدافه، قد يصبح غير كاف في بلد يسجل نموا كبيرا ويشهد طلبا متزايدا على المياه. وبحسب ما جون المدافع الشهير عن شؤون البيئة، ليس مشروع تحويل المياه من الجنوب إلى الشمال سوى تكملة عدد لكسب الوقت بانتظار التوصل إلى حلول مستدامة.

مشروع يثير القلق

الى جانب ذلك تصب القناة المائية الضيقة المحاطة بالأشجار المورقة في بحيرة زرقاء تحيط بها الجبال في جنوب البوسنة. انها محمية هوتوفو بولتو احد مواطن طيور البلقان المهاجرة. لكن هذه الجنة الارضية الممتدة على 7400 هكتار باتت اليوم مهددة بالزوال، بسبب مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية، بحسب ما تقول منظمات غير حكومية تعنى بالحفاظ على البيئة.

ويقول زوران ماتلايك المسؤول عن الصندوق العالمي للطبيعة في البوسنة ان هذا المشروع يشكل خطرا على ما تبقى من مستنقعات في دلتا نيريتفا المطل على البحر المتوسط، ونحن نكافح للحفاظ عليها. وهذا المكان هو غابة تضم نحو 160 نوعا من الطيور، وتشكل ملاذا في الشتاء للطيور المهاجرة من الشمال الاوروبي.

وتندد المنظمات غير الحكومية بهذا المشروع الذي يقضي بإنشاء ثلاث محطات لتوليد الطاقة في البوسنة، ومحطة رابعة في كرواتيا. وتقدر قيمة هذه المشاريع ب 800 مليون يورو تقريبا، و تشكل المرحلة الاخيرة من بناء محطات كهرومائية بدأ تشييدها في السبعينات نظام تيتو الشيوعي، وتوقفت بسبب حرب البلقان في التسعينات.

وتعمل حاليا اربع محطات، ثلاث في البوسنة وواحدة في كرواتيا، وتنتج 2800 غيغاوات. ولدى الانتهاء من المحطات الاربع الاضافية سيرتفع الانتاج الى 3900 غيغاوات سنويا. وتعد البوسنة من الدول الاوروبية النادرة القادرة على تصدير الكهرباء في جنوب شرق اوروبا. وهذه المنطقة غنية بالمياه وتتمتع بمنسوب مرتفع من المتساقطات. لكن المدافعين عن البيئة ينظرون الى الامر من زاوية مختلفة. ويقول عالم الطيور مارينكو دالماتين في حال تحقق هذا المشروع، فان البحيرة ستتحول الى مستنقع عديم الفائدة، وستهجر الطيور هذا المكان.

ولتشغيل المعامل الجديدة، ينبغي تحويل مجاري المياه المتجهة الى منطقة بحيرات هوتوفو بلاتو، ودلتا نيريتفا، باتجاه معامل الطاقة، علما ان مجاري المياه هذه هي من الموارد المائية الاساسية في تلك المنطقة الزراعية التي بدأت اصلا تعاني من نقص المياه وازدياد نسبة الملح في مياه الري. ويقول مدير المحمية نيكولا زوفكو لا احد يسألنا عن رأينا، فمجموعات الضغط المستفيدة من مشاريع توليد الطاقة أقوى منا.

ومن المقرر ان يبدأ اول المعامل الاربعة الجديدة بالعمل في العام 2017، بحسب ما يقول مديره. ويقر هذا المهندس بان بعض مجاري المياه ستحول من وجهتها العادية لري الاراضي الزراعية، باتجاه المعمل، لكنه ينفي الاتهامات الاخرى التي تتحدث عنها المنظمات غير الحكومية. ويقول لا يمكن ان نبني محطة توليد طاقة من دون اثار جانبية سلبية، لكن هدفنا هو ان نقلص هذه الاثار السلبية الى الحد الادنى الممكن. بحسب فرانس برس.

وعلى بعد كيلومترات عدة، الى جنوب هوتوفو بلاتو، يبدي مزراعون في منطقة متكوفيتش الكرواتية المجاورة قلقهم الكبير من هذه "الكارثة". وهم يتخوفون خصوصا من ان تنضب المياه الجوفية المستخدمة في الري، فتطغى مكانها مياه البحر الادرياتيكي المالحة. ويقول احد المسؤولين المحليين في المنطقة المعني بشؤون التنمية الريفية ان بساتين الليمون تدر 30 مليون يورو سنويا، اي ما يعادل العائدات المرتقبة من المعامل الجديدة للطاقة. وبحسب منظمة ايكو موست المحلية وغير الحكومية، فان تحويل مجاري المياه الى المعامل سيؤدي الى زيادة نسبة الملح وتحويل المكان بالتالي الى صحراء جرداء خلال عشرين عاما.

جدل في البندقية

قدمت إحدى كبرى شركات المنتزهات الترفيهية في العالم الإيطالية "تسامبرلا" مشروعا مثيرا للجدل في البندقية يقضي بتخصيص جزيرة للنشاطات الثقافية والترفيهية. وأكد ألبيرتو تسامبرلا صاحب هذه الشركة المتعددة الجنسيات أنه لن يحول الجزيرة إلى مدينة ترفيهية. فهو يعتزم تحويل جزيرة سان بياجيو الاصطناعية الممتدة على أربعة هكتارات والتي تقع على ضفة قناة جوديكا والتي كانت تستخدم كمكب للنفايات قبل 30 عاما، إلى منتزه للنشاطات الترفيهية، في حال حصل على جميع الترخيصات اللازمة، وذلك في إطار خطوة ستكون الأولى من نوعها في البندقية. وأوضح رجل الأعمال الإيطالي "المسألة تخص تاريخ البندقية الذي سأعرضه على طريقتي. فأنا أعلم ما يروق للزبائن وقد صممنا منتزهات ترفيهية كثيرة في الولايات المتحدة وروسيا والعراق والمكسيك وكوريا الشمالية والصين وتايلاند.

ويرغب ألبيرتو تسامبرلا الذي نال رخصة الامتياز الخاصة بالجزيرة لمدة أربعة أعوام في التوفيق بين الابداع والذوق والتاريخ والتعليم والربحية في هذا المشروع الذي تبلغ ميزانيته 80 مليون يورو والذي من المفترض تنفيذه مع جامعة كافوسكاري العريقة. ويتوقع ألبيرتو تسامبرلا الذي ساهم في ترميم المنتزه الترفيهي في مدينة كالكار الألمانية الذي كان محطة نووية في ما مضى وتشييد منتزه "يوروديزني" بالقرب من باريس وتصميم حدائق تيفولي في كوبنهاغن أن يستقطب مشروعه في البندقية 11 ألف زائر في اليوم الواحد.

وتعهد أمام وسائل الإعلام والسلطات المحلية وممثلين عن السكان بتحويل هذه الجزيرة المهملة إلى موقع استراتيحي يستقطب السياح والسكان على حد سواء، وذلك في غضون سنتين. وقال كارلو كارارو رئيس جامعة كافوسكاري التي تشرف على عدة مشاريع خاصة بالبندقية، أبرزها مشروع لحماية البيئة والحفاظ على الثروة النباتية والحيوانية "نريد أن ينفذ هذا المشروع وفق الأصول، بالاستناد إلى قاعدة صلبة وأسس ثقافية وعلمية".

لكن هذا المشروع يثير الجدل حتى قبل البدء بتنفيذه. وشرح ماتيو سيكي من منظمة "فينيسيا.كوم" نحن نعارض معارضة شديدة هذا المشروع، فهو لن يكون سوى منتزه ترفيهي مع ألعاب كبيرة. ولا شك في انه يساهم في إعادة تأهيل منطقة متدهورة حيث كانت تشغل محرقة حتى الثمانينات. لكننا لسنا بحاجة إلى المزيد من المواقع الترفيهية، إذ لدينا ما يكفي منها. وللبندقية أولويات أخرى". ويبدي المسؤول البلدي روبيرتو فيانيلو تفاؤلا أكبر "من الجيد إعادة تأهيل جزيرة مهملة كانت مكبا للمعادن الثقيلة وهي تقع على بعد 12 دقيقة بالزورق عن ساحة القديس مرقس في وسط البندقية". بحسب فرانس برس.

أما ألبيرتو تسامبرلا الذي يعيش في نيويورك، فيعتبر المشروع "تحديا" فعليا، لافتا إلى أن من شأنه أن يوفر 500 فرصة عمل على الأقل ويساعد على إدارة تدفق السياح إلى البندقية الذين يزيد عددهم عن 20 مليونا مليون سائح في السنة، علما ان هذا الاقبال الكثيف للسياح يهدد إحدى أجمل مدن في العالم.

براغ منقسمة

على صعيد متصل تشهد براغ جدلا مستعرا حول امكانية هدم مبنى تاريخي لبناء مركز تجاري واداري ضخم مصنوع من الزجاج والفولاذ الذي قد يسيء كثيرا الى صورة العاصمة التي تعرف "بمدينة المئة برج". وتقول كاترينا بيكوفا رئيسة نادي براغ القديمة "في ظل الشيوعية كان من المستحيل الاحتجاج. لكن اليوم النتيجة هي نفسها تقريبا. الهمجية لا تزال قائمة". هذه الجمعية التي اسست العام 1900 تعمل على المحافظة على سحر المدينة القديم وهي مزيج من الانماط الهندسية الجميلة من الروماني القديم والقوطي والباروك والروكوكو وآر نوفو والتكعيبي. وهي مدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي وتستقبل سنويا ملايين السياح.

لكن المدينة لتي افلتت بمعجزة من دمار الحرب العالمية الثانية تواجه مخاطر جديدة على ما يخشى المدافعون عن التراث. ويرص نادي براغ القديمة الصفوف خصوصا لمحافظة على المبنى الاداري المؤلف من خمسة طوابق والذي يتمتع بواجهة تجمع بين طرازي "آر ديكو" والنيوكلاسيكي من عشرينات القرن الماضي بمحاذاة ساحة فاتسلاف. ويريد مالك المبنى ان يقيم مكانه مبنى جديدا من تسعة طوابق وثلاتة اخرى تحت الارض لركن السيارات.

ويحذر المهندس المعماري توماس فيتش "في حال انجز المشروع فنكون قد وصلنا الى نقطة اللاعودة. وستشكل سابقة خطرة. في حال نجح المستثمر في هدم المبنى فان الشيء نفسه سيصبح ممكنا في الشارع المجاور وفي اي مكان اخر. انها بداية سلسلة من المصائب". ويقع المبنى المهدد بالقرب من المتحف الوطني ومن تمثال القديس فاتسلاف وهو مكان ذو رمزية كبيرة جدا بالنسبة للتشيكيين. فهنا اعلنوا استقلال البلاد العام 1918 و"الثورة المخملية" بعد سبعة عقود على ذلك. وهنا اضرم الطالب يان بالاش النار في نفسه العام 1969 احتجاجا على الاحتلال السوفياتي.

وسكان براغ لا يمليون كثيرا الى النزول الى الشوارع لكنهم تظاهروا حتى الان خمس مرات لانقاذ المبنى رقم 47 في ساحة فاتسلاف الجادة الرئيسية في البلاد. فلا تحويل كنيسة سابقة الى مرقص تعري ولا اعادة بناء فاشلة لجسر يعود للقرون الوسطى اديا في لماضي الى هذه التعبئة من قبل المواطنين. ويؤكد فيتش "المشروع الجديد ليس سوى هيكل ومبنى مع فسحات مفتوحة يمكن ان تؤجر الى اي طرف. بالنسبة للوسطاء العقاريين وحدها الامتار المربعة الواقعة في عنوان جيد مهمة".

وقبل اشهر على وفاته العام 2011 ، ندد الرئيس التشيكي السابق فاكلاف هافل بالمشروع معتبرا المبنى الجديد المحتمل بانه "قبيح جدا". ولا يتردد نائب رئيس نادي براغ القديمة ريتشادر بيغل في مقارنة المراكز التجارية التي بنيت حديثا "بورم على جسم المدينة". ويقر ان ثمة مجالا في براغ لهندسة جديدة "لكن بالتأكيد ليس مكان ابنية قديمة ذات قيمة".

ووافقت على عملية الهدم اللجنة المكلفة اشغال الهدم في الدائرة الاولى، بعدما رفضت وزارة الثقافة منح المبنى وضع التاريخي. وقد تقدم معارضو عملية الهدم بشكوى وهم يضاعفون الجهود. وتقول ايفا سيموفا (50 عاما) التي عملت في المبنى كموظفة قبل ربع قرن، المبنى في وضع جيد لا ارى سببا لهدمه. لكن ثمة اشخاصا غير مقتنعين تماما بضرورة المحافظة على المبنى فتتساءل يانا سوكوفا وهي من سكان براغ تبلغ الخمسين من العمر "الا يمكننا ابدا ان نبني شيئا جديدا"؟. بحسب فرانس برس.

الناطقة باسم البلدية في الدائرة الاولى في براغ فيرونيكا بلازكوفا تدافع عن عملية الهدم وتقول "المبنى يعود الى القرن العشرين. لا نرى ان اختفاءه سيشكل خسارة كبيرة اذ ان قيمته ليست كبيرة جدا". ويقول المستثمر البريطاني جيمس وولف من شركة "فلو ايست" ان هندسة المبنى "عادية" في حين ان مشروعه "استثنائي" ويقدم "قيمة مضافة جديدة". وتؤكد بيكوفا "على الدولة ان تبت بالامر" مؤكدة ان مؤيدي براغ القديمة "سيتمرون في النضال حتى النهاية".

نفق يربط أسيا بأوروبا

الى جانب ذلك دشن القادة الاتراك في مراسم احتفالية في اسطنبول، اول نفق للسكك الحديد تحت البوسفور يربط بين الضفتين الاوروبية والآسيوية للمدينة، في مشروع عملاق تعتبره السلطات "ورشة القرن". فبعد اعمال استمرت تسعة اعوام، سيتيح نفق مرمراي الذي يبلغ طوله 14 كلم من بينها 1,4 كلم تحت الماء، الربط بين القارتين المطلتين على البوسفور.

وسينقل القطار عبر هذا النفق الركاب من آسيا الى اوروبا على امل تسهيل التنقل بين القارتين، في رحلة يقوم بها يوميا ملايين الاسطنبوليين. وفي وقت سابق، قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان وهو خلف مقود القطار الذي قام باولى التجارب في النفق تحت بحر مرمرة ان "حلما عمره عقودا يتحقق". واضاف ان "هذا المشروع حلم عمره 150 عاما اجدادنا فكروا فيه ونحن نفذناه.

وقد طرح السلطان العثماني عبد المجيد فكرة حفر نفق تحت البوسفور للمرة الاولى في 1860. لكن انعدام الوسائل التقنية والاموال الكافية، حالا دون خروج تلك الفكرة الى حيز التنفيذ. واعيد طرح المشروع في التسعينات، مع الانفجار السكاني لاسطنبول التي تضاعف عدد سكانها منذ 1998 وتجاوز 15 مليون نسمة. وبفضل الدعم المالي من بنك اليابان للتعاون الدولي (735 مليون يورو)، ثم من البنك الاوروبي للاستثمار، بدأ كونسورسيوم من شركات تركية ويابانية تنفيذ المشروع في ايار/مايو 2004. وتقدر التكلفة الاجمالية للمشروع اليوم بثلاثة مليارات يورو.

وكان من المفترض ان تنجز اعمال الحفر خلال اربعة اعوام، لكن اكتشاف مجموعة من الكنوز الاثرية، اوقفها فترة طويلة. واسفرت اعمال الحفر عن العثور في الاجمال على 40 الف قطعة اثرية، خصوصا على الضفة الاوروبية لبحر مرمرة. ومنها مقبرة استثنائية لحوالي ثلاثين سفينة بيزنطية تشكل اكبر اسطول معروف حتى اليوم من القرون الوسطى.

وقد حمل هذا الصيد التاريخي غير المتوقع رئيس الوزراء التركي على التساؤل قبل سنتين "تحدثوا في البداية عن قطع اثرية، ثم عن اوان فخارية، ثم عن هذا وعن ذاك. وهل كل ذلك اهم من الناس؟". واخيرا، انجز النفق الذي هو كناية عن قناة مزدوجة محفورة على عمق 50 مترا تحت مجرى البوسفور. وفي هذه المنطقة التي يكثر فيها النشاط الزلزالي، يفترض ان يتمكن من مقاومة الهزات الارضية التي تبلغ قوتها تسع درجات على مقياس ريختر المفتوح.

وعبر هذا النفق الموصول ب 75 كلم من الطرق الجديدة، تريد السلطات وقف المعاناة لمليونين من سكان اسطنبول يجتازون يوميا جسري البوسفور الدائمي الاكتظاظ. وقال رئيس بلدية اكبر مدينة تركية قادر طوباس ان "النفق ينشىء محور طرق بين شرق وغرب المدينة التي سيخفف كما اعتقد العبء عن الجسرين (في المدينة) بفضل قدرته على استيعاب 150 الف مسافر في الساعة. ويعرب البعض عن شكوكهم في ذلك. بحسب فرانس برس.

فلم تكن الانتقادات التي وجهت الى هذا النفق اقل من تلك التي انصبت على المطار الثالث للمدينة، والقناة التي يبلغ طولها 45 كلم الموازية للبوسفور او الجسر الثالث على المضيق. وقد اعتبرت تلك المشاريع "العملاقة" ادلة الانحراف التسلطي والابتزاز لدى الحكومة الاسلامية المحافظة خلال احتجاجات حزيران/يونيو. وقال تايفون خرمان رئيس غرفة مهندسي مدينة اسطنبول "انه مشروع مهم تحتاج اليه المدينة سيقلص كميات غاز الدفيئة. لكن ربطه بالاجزاء الاخرى من شبكة النقل المشترك لم يتحقق بعد. واعرب خرمان عن اسفه بالقول ان "القسم الموضوع في الخدمة محدود جدا. وقد ارجئ كل ذلك الى وقت لاحق، ويتساءل الناس لماذا الاسراع في التدشين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 3/كانون الأول/2013 - 29/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م