الجوائز الأدبية.. معايير النجاح والفشل

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: الجوائز الأدبية ظاهرة صحية تدعم الثقافات كافة، لهذا نلاحظ وجود جوائز متعددة المستويات، منها محلي على مستوى المدينة، او البلد، وربما تقتصر الجائزة على اعمار معينة، وقد تتصاعد لتصبح قارية، أي تخص قارة بعينها، وهناك جوائز عالمية شهيرة كما في جائزة نوبل المعروفة، وقد نتفق على أن الجوائز تساعد تنمية المواهب، وتشحذ قرائح الشعراء وأخيلة كتاب السرد، وتمنح كتّاب النص المسرحي والدرامي والثقافي عموما، دافعا قويا للابداع، وابتكار الجديد على مستوى الشكل او الفكرة، فكلنا نعرف أن المبدع الذي يفوز بجائزة نوبل، سوف يتحول الى عالم الاغنياء من خلال الشهرة الكبيرة التي يحصل عليها، والاقبال الكبير على شراء كتاباته ومؤلفاته، وطبعها بعدة لغات بملايين النسخ، كما تابعنا ذلك مع جميع الكتاب والادباء الذين فازوا بهذه الجائزة الاهم في العالم.

هذه المقدمة تطرح سؤالا مفاده، هل الجوائز الادبية طريقة للتشجيع أم التقريع والتعويق؟، لا شك أن الجائزة المرموقة النزيهة، تهدف الى تشجيع المواهب، وتسعى الى حث الكتاب نحو الابتكار والتفاعل، نظرا للاهمية القصوى التي تنطوي عليها الكتابات الادبية، فقد بيَّنت دراسات متخصصة، أن المشاريع والمضامين التي يطرحها الخيال البشري الابداعي كما جاء في الروايات مثلا، أسهم ولا يزال في تطوير العالم، وأسهم في نقل الانسانية من حال الى حال، وأن معظم التطورات في مجال التقانة والمكتشفات المستقبلية، إنما كانت على يد الخيال الابداعي، لهذا يستحق هؤلاء جوائز رفيعة تناسب ما قدموه للبشرية من ابداع متقدم.

ولكن متى تكون الجوائز الادبية فاعلة، وقادرة على تحقيق الاهداف الحقيقية التي تسعى إليها، وتبتعد عن حالات الاحباط التي قد تتسبب بها، من خلال اعتماد المعايير الفاشلة؟، ثمة ضوابط ومعايير هي التي تعطي الانطباع الجيد عن الجائزة أو العكس، بمعنى هناك جوائز ادبية كاذبة، وأخرى غير نزيهة، ومنها جوائز للدعاية الفارغة، وثمة جوائز تخضع للامزجة الشخصية، والمصالح السياسية والحزبية، وفي هذه الحالة تكون المردودات التي تفرزها جوائز كهذه سيئة جدا، وتصيب المبدعين الحقيقيين بالإحباط، فالجائزة التي تتحكم بها السلطة، والسياسة، والحزب، والمآرب المسبقة (الايدولوجية خاصة)، إنما تشكل ثقلا كبيرا على تطور الادب، واسهامه في تحقيق تحولات كبرى في حياة المجتمع.

ومن الشروط الاساسية لنجاح الجائزة الادبية، انها ينبغي أن تراعي قضية المواهب، وتتنبّه الى وجودها، وأن تبتعد كليا عن السطحية، والمآرب التي تثير الشكوك فيها، خاصة تلك الصفقات المشبوهة التي قد تشي بفساد، او اتفاقات مسبقة على النتائج وما شابه، بمعنى اوضح، من المهم ان تكون الجائزة شفافة، تعتمد معيار النزاهة بدقة، وتحترم الكفاءات والمواهب، وتحفظ الحقوق وفق معيار تكافؤ الفرص، والمساواة في التحكيم والاختيار وما شابه، وأن تبتعد بصورة كلية عن النزعة المتحاملة، وعن الايدولوجيا وعن السياسة عموما.

بمعنى أن يهتم القائمون على الجائزة باستقلاليتها، وخاصة في قضية التمويل، وعدم الانصياع لمآرب مسبقة تطيح بالأهداف الجيدة للجائزة، على أن يكون المعيار الدقيق لمنح الجوائز، قيمة النصوص من الناحية الابداعية، والتجديد في الطرح والتناول، ومدى الاستفادة من المادة الادبية فنيا وفكريا، ومدى امكانية مشاركة مضامين النصوص في تحسين الحياة، مثل فضح الاعمال العنصرية والتجاوز السلطوي على حقوق الانسان، وعمليات التعذيب والملاحقة، وفضح الانظمة المستبدة، وطرح البدائل والحلول والآفاق المستقبلية الاجمل، من خلال عرض الواقع البائس، وما شابه من طرق فنية متميزة للنصوص الادبية، وفي كل الاحوال، تبقى الجوائز الادبية وسيلة لتطوير الادب واستنهاض الافكار من واقع الانسان نفسه، لتحقيق الواقع الافضل والاجمل دائما، وهذا لا يتحقق من دون اعتماد معايير، تعتمد الاستقلالية والعدالة والشفافية، في منح الجوائز للمتسابقين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 3/كانون الأول/2013 - 29/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م