اعتقاد

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: ومنه المعتقد والمعتقدات، وهي اكثر ما تطلق في ايامنا هذه حين يتم الحديث عن الدين، وتكون على قسمين حسب تصور اصحاب اي دين، فهي معتقدات صحيحة او معتقدات فاسدة.

ونتيجة للصحة او الفساد، هذا التطرف والعنف الذي يصبغ حياتنا، والصعود به الى حد القتل والقتل المتبادل.. وفي هذه النقطة تظهر مفردة اخرى مع الاعتقاد وهي (الحرية) اي حرية الاعتقاد او الحرية الدينية او حرية التعبد، وهو مبدأ يدعم حرية الفرد أو مجموعة - في الحياة الخاصة أو العامة- في إظهار دينهم أو مُعتقداتهم أو شعائرهم الدينية سواء بالتعليم أو الممارسة أو الاحتفال، ويشمل المصطلح كذلك حرية تغيير الدين أو عدم إتباع أي دين. كما تنص على ذلك الكثير من القوانين والتشريعات الاممية او على مستوى الدول في دساتيرها..

لا يقتصر الاعتقاد او المعتقد على الدين، اذا نظرنا بصورة شاملة وواسعة نحو كل افعالنا وسلوكنا الحياتية، وعواطفنا ومشاعرنا. فقد امتد الاعتقاد او المعتقد الى الكثير من تلك الافعال والسلوكيات، فاصبحنا نسمع عن اعتقادات غذائية خاطئة، واكثر ماتكون حول الريجيم، واعتقادات طبية خاطئة، تُصنف لدى الوسط الطبي على أنها (خرافات طبية) واعتقادات خاطئة في التعامل مع النوم.

الاختلاف في النظر الى الاعتقاد، (حصرا وتوسعا) يمكن تبريره من خلال كثرة التعريفات له في اللغة وبقية العلوم الاخرى.

فالاعتقاد: معناه (اشتدّ وصلب)، واعتقدت كذا: عقدت عليه القلب والضمير. ومنه العقيدة: وهي ما يدين الإنسان به.... ويستخدم استعارةً في مثل عقد البيع ؛ لأنّه شدّ وربط بين البائع و المشتري.

وهو (عقدة القلب) و الضمير علي مايدين به الإنسان.

توسع الفقهاء في استعماله، فهو عندهم: (العلم المطلق - القطع و اليقين الجازمين - التديّن والعقيدة - التصديق المطلق).

هذا التوسع في فهم الاعتقاد يعود الى تعدد زوايا النظر والبحث فيه، الزاوية الاولى تناوله في علم الكلام، الثانية مباحث الظن لدى الاصوليين، الثالثة، الحديث عنه في باب النجاسات عند التطرق الى (الكفر – الكافر). وفي (الارتداد) في ابواب الحدود. اضافة الى مايتصل بالاعتقاد في فروع فقهية مختلفة.

لا يقتصر الاعتقاد على تلك الحروف ومشتقاتها (اعتقاد – عقد - عقيدة – معتقد)، بل له الفاظ ومفردات اخرى تحضر كدلالات تصفه او تشرحه او تفسره، منها: (العلم – اليقين – الاعتناق – الاطمئنان – الظن).

في معجم المصطلحات الاجتماعية للدكتور خليل احمد خليل، الاعتقاد هو (ماينعقد عليه الرأي، ما يظن انه صحيح)، وفي علم النفس الاجتماعي، تدرس الاعتقادات عبر تعلقها بالمسلك الفردي – الاجتماعي، المتصل من بعض وجوهه بالاعتقاد. يقال انقيادي، على المسلك الاعتقادي اي الموظف في نسق معرفي قوامه الاعراف والمعايير الاعتقادية، عرفي او وضعي..

ويفرق بين الاثنين:

الاول يشكل احكاما تتجلى في كيفيات مختلفة، كالخطاب الاعلامي، تاكيدا او نفيا لوقوع واقعة، او لحدوث جملة احداث، ويضفي طابع الامكان والاحتمال عليها.

الثاني يتميز بامكان ضبط صوابيته ومراقبتها من خلال مقارنته بالواقع. وهو يرتدي رداء (اعلام توقعي) يدور حول امر قابل للوقوع في مستقبل قريب نسبيا، الا ان تاريخ وقوعه غير محدد..

الاعتقاد هو بين بين، فهو متصلب او مرن، الاول يلغي والثاني يسامح.

الاعتقاد بفكرة صحيحة قد تكون مقبولة من المجتمع، الذي يعيش فيه الشخص، ومناسبة للثقافة السائدة في هذا المجتمع، فلا تصطدم به، ولا تلقى معارضة منه. وقد يكون الاعتقاد غير مقبول من المجتمع وشاذاً عنه، وحينئذ إمّا أن يكون هذا الاعتقاد تمرداً وخروجاً على السائد في المجتمع، وإمّا أن يكون مرضاً واضطراباً، وهذان الاحتمالان يتم الخلط بينهما من قبل المجتمع.

يمر الاعتقاد بمراحل متدرجة لدى الإنسان، إذ يبدأ كفكرة مجردة، ثم القناعة العقلية بتلك الفكرة، ثم تدعيمها بالمشاعر والانحياز العاطفي، ثم انعكاس الفكرة في سلوك الإنسان وتصرفاته بحيث تصبح جزءاً من سلوكه اليومي.

نعود الى موسوعة العلوم الاجتماعية، وهي تذكر الخلاصات التي توصلت اليها تلك العلوم في موضوع الاعتقادات، وتشير الى المفاهيم الفرعية التالية:

حساسية المعتقدات بالنسبة الى الواقع.

نسبية الطابع النظامي او النسقي الذي ترتديه المعتقدات.

دور الاعتقادات في تحديد اهداف الفعل الفردي والفعل الجماعي، الوسائل المثلى لبلوغها، العلاقات بينم الاعتقادات والبنى الاجتماعية المتحركة، دور المصالح في تقرير المعتقدات.

ما علاقة الاعتقاد بسلوكنا وتصرفاتنا؟

قامت إحدى الجامعات في كاليفورنيا بعمل دراسة عن التحدث مع الذات عام 1983م توصلت من خلالها إلى أن أكثر من 80% من الذي نقوله لأنفسنا يكون سلبياً ويعمل ضد مصلحتنا وبسبب ذلك القلق يتسبب في أكثر من 75% من الأمراض مثل ضغط الدم العام والقرحة والنوبات القلبية.

عندما نبلغ السابعة من عمرنا يكون أكثر من 90% من قيمتنا قد تم تخزينه في عقولنا، وعندما نبلغ سن 21 تكون جيع قيمنا قد اكتملت واستقرت في عقولنا.

وتوصلت تلك الدراسة الى ان خمسة اعتقادات تؤثر على تصرفاتنا هي:

الإعتقاد الخاص بالذات: وهو أقوى الإعتقادات تأثيراً، فكيفية إعتقادك في نفسك يمكن أن تزيد من قوتك وتساعدك على التقدم، ويمكن أن تكون مدمرة وتبعدك عن هدفك.

الإعتقاد فيما تعنيه الأشياء: هذا النوع من الإعتقاد يمثل ما تعنيه الأشياء بالنسبة لنا، وتدل على حالة الشيء هل هو ذو أهمية بالنسبة لنا أو أنه أن ليس ذو أهمية

الإعتقاد في الأسباب: وهو يتناول الدافع وراء أي موقف، والسبب وراء حصول هذا الموقف.

الإعتقاد عن الماضي: ما حدث لك في الماضي سواء كان إيجابي أو سلبي، يمدك بمجموعة من التجارب يمكن أن توثر في أشكال الإعتقاد السابقة (الذات ـ الأشياء ـ الأسباب)، كما أنها تؤثر في السلوك وتتحكم في تصرفاتك المستقبلية.

الإعتقاد في المستقبل: الأشخاص المتفائلون يعتقدون ويؤمنون بأن المستقبل يحتوي على فرص أكثر ومستويات أفضل وحياة أفضل، بينما الأشخاص المتشائمين يرون أن المستقبل ستكون فيه الحياة أصعب ولا يوجد فيه العديد من الفرص.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 24/تشرين الثاني/2013 - 20/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م