شبكة النبأ: زجت لبنان الى دوامة
الحرب الاقليمية بشكل مباشر ومن اوسع الابواب، لتحيل الصراعات السياسية
الدولية الى معارك ضارية داخل وخارج حدود تلك الدولة الصغيرة جغرافيا،
والكبيرة معنويا وتاريخيا.
وخلال الايام القليلة الماضية صعدت القوى الاقليمية في لبنان سقف
الصراع لتحول البلاد الى ساحة مفتوحة لجميع التوقعات بما ذلك استباحة
امن واستقرار الدولة.
ويرى المراقبون ان تداعيات الازمة السورية باتت اشد تأثيرا على
الوضع اللبناني، سيما بعد اشتراك القوى السياسية والشعبية في الاقتتال
الضاري الدائر حول دمشق، خصوصا بعد ان وضع تيار المستقبل والجماعات
الجهادية المرتبطة به، الى جانب حزب الله كل بيضهم في سلة الازمة
السورية.
وعلى الرغم من موقف لبنان الرسمي الداعي الى النأي بالنفس عن الصراع
الدائر في سوريا الا ان البلاد تعرضت لموجة من العنف الطائفي المرتبط
بالصراع وعادت الى الاذهان ذكريات الحرب الاهلية المؤلمة التي دامت 15
عاما وانتهت عام 1990.
وعكست التفجيرات الارهابية التي ضربت بيروت وبعض المناطق اللبنانية
الاخيرة خروج الصراع عن دائرة السيطرة وانفتاح جميع الجبهات على الحرب
الاقليمية المتصاعدة.
وقتل عشرات الأشخاص في لبنان هذا العام في سلسلة اشتباكات طائفية
وهجمات بالقنابل على أهداف سنية وشيعية لها صلة بالصراع السوري.
اذ هز تفجيران انتحاريان مجمع السفارة الإيرانية في لبنان الامر
الذي أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 23 شخصا بينهم الملحق الثقافي الإيراني
وتناثر الجثث والحطام المحترق في الشارع.
وأعلنت كتائب عبد الله عزام المرتبطة بتنظيم القاعدة وتتمركز في
لبنان مسؤوليتها عن التفجيرين وهددت بمزيد من الهجمات ما لم تسحب إيران
قواتها من سوريا حيث تدعم القوات الحكومية في الحرب الاهلية.
وقال الشيخ سراج الدين زريقات مرشد كتائب عبد الله عزام في موقع
تويتر إن الجماعة نفذت الهجوم. وأضاف "غزوة السفارة الإيرانية في بيروت
هي عملية استشهادية مزدوجة لبطلين من أبطال أهل السنة في لبنان."
وقال "ستستمر العمليات في لبنان -بإذن الله- حتى يتحقق مطلبان الأول:
سحب عناصر حزب إيران من سوريا والثاني فكاك أسرانا من سجون الظلم في
لبنان."
ونقلت وكالة انباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن المتحدث باسم
وزارة الخارجية الإيرانية وصفه للانفجارين بانهما "عمل غير انساني
وخبيث نفذته إسرائيل وعملاؤها الارهابيون." وقال سفير إيران في بيروت
غضنفر ركن أبادي إن من بين الضحايا ابراهيم أنصاري الملحق الثقافي.
كما عطل الجيش اللبناني سيارة مفخخة في الضاحية الجنوبية لبيروت
معقل حزب الله حليف دمشق، والتي تعرضت في الاشهر الماضية لتفجيرين
داميين بسيارتين مفخختين، بحسب ما افاد بيان لقيادة الجيش.
وقالت قيادة الجيش-مديرية التوجيه، وعلى أثر الاشتباه بسيارة نوع
جيب +غراند شيروكي+ كحلية اللون مركونة في محلة المعمورة – الضاحية
الجنوبية، فرضت قوى الجيش طوقاً أمنياً حول المكان، كما استدعي عدد من
الخبراء العسكريين المختصين". واضافت "تبين أن السيارة المذكورة مفخخة
بكمية من المواد المتفجرة، ولا يزال العمل جارياً لتفكيكها ونقلها إلى
مكان آمن.
وادى تفجير في منطقة الرويس في 15 آب/اغسطس الى مقتل 27 شخصا، في
حين جرح اكثر من خمسين شخصا في تفجير مماثل في منطقة بئر العبد في
التاسع من تموز/يوليو.
واتهم الامين العام لحزب الله حسن نصرالله "جماعات تكفيرية" بالوقوف
خلف التفجيرين، وذلك على خلفية قتال الحزب الى جانب قوات نظام الرئيس
بشار الاسد.
واتخذ الحزب اجراءات امنية مشددة في الضاحية الجنوبية اثر
التفجيرين، قبل ان تتسلم قوة مشتركة من الجيش وقوى الامن الداخلي
والامن العام مسؤولية الحواجز التي اقامها، اثر انتقادات من خصوم الحزب
لما سموه "الامن الذاتي".
وشهد لبنان المنقسم بين موالين للنظام السوري ومعارضين له، سلسلة من
اعمال العنف على خلفية النزاع المستمر منذ منتصف آذار/مارس 2011.
وتعرضت مدينة طرابلس (شمال) لتفجيرين بسيارتين مفخختين قرب مسجدين في
23 آب/اغسطس، اديا الى مقتل 45 شخصا على الاقل.
في الوقت ذاته قالت الحكومة السورية إن جنودها سيطروا بالكامل على
بلدة قارة التي تقع على طريق سريع من دمشق إلى المعاقل الحكومية على
الساحل وتستخدمها المعارضة المسلحة ايضا في العبور إلى سوريا من لبنان.
وقد تمثل السيطرة على قارة بداية هجوم اوسع للجيش السوري الذي
استطاع بدعم مقاتلين من جماعة حزب الله ومقاتلين شيعة من العراق
استعادة السيطرة على منطقة القلمون الجبلية الحدودية وعزز سيطرة قوات
الرئيس بشار الأسد على اراض حول دمشق وبالقرب من الحدود اللبنانية.
وساعد الدور العسكري لجماعة حزب الله في سوريا على اثارة التوتر
الطائفي في سوريا وفي لبنان. ويؤيد كثير من اللبنانيين السنة المعارضة
السورية المسلحة في حين يؤيد كثير من الشيعة الأسد المنتمي للطائفة
العلوية الشيعية.
وقال ايهم كامل محلل شؤون الشرق الأوسط في مجموعة أوراسيا
الاستشارية إن تفجير السفارة هو محاولة من انصار المعارضة السنية
لإضعاف دعم حزب الله وإيران للأسد وتقويض حملة القلمون وربما الضغط على
طهران قبل المحادثات النووية غدا الأربعاء.
وقال "ستزيد التوترات الطائفية في لبنان وسيتركز الرد الانتقامي
لحزب الله على سوريا حيث سيشارك بقوات عسكرية اضافية للقضاء على تهديد
المعارضة السنية على امتداد الحدود السورية اللبنانية."
وقال تشارلز ليستر المحلل في مركز آي اتش اس جينز المتخصص في شؤون
الارهاب والتمرد ان كتائب عبد الله عزام التي اعلنت مسؤوليتها عن
الهجوم لها صلات قوية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان
بالاضافة إلى صلات مع الخليج وان اثنين من كبار قادتها العسكريين
سعوديان.
وأضاف "هذا الهجوم هو تصعيد كبير. فبعد اشهر واشهر من التكهنات اكدت
جماعة على صلة بالقاعدة ضلوعها الان في مسرح العمليات اللبناني المتعلق
بسوريا."
واتهم وزير الاعلام السوري عمران الزعبي ضمنيا السعودية وقطر بدعم
متشددين راديكاليين ألقى عليهم بالمسؤولية عن هجمات سابقة على اهداف
شيعية.
وقال النائب محمد رعد رئيس كتلة حزب الله في البرلمان اللبناني "هذا
النمط من التفجيرات هو تطور جديد وخطير ويستوجب من اللبنانيين أن
يكونوا على قدر المسؤولية."
وقبل ثلاثة عقود نفذ متشددون شيعة دعمتهم إيران تفجيرات انتحارية
مدمرة في لبنان استهدفت السفارة الأمريكية وايضا قواعد عسكرية أمريكية
وفرنسية وإسرائيلية.
«حزب الله» يمتلك 200 ألف صاروخ
من جهتها نقلت الإذاعة الإسرائيلية عن أردان قوله، خلال مؤتمر ينظمه
«معهد بيغن ـ السادات للدراسات الاستراتيجية» في جامعة بار ايلان، إنه
بحسب أخطر سيناريو وضعه الجيش قد تتعرّض إسرائيل لهجوم بآلاف الصواريخ
سيستمر ثلاثة أسابيع في حال نشوب حرب في المنطقة.
وأشار إلى أن «حزب الله» يمتلك أكثر من 200 ألف صاروخ تستطيع إصابة
كل منزل في إسرائيل. وأضاف أن الكنيست سيستكمل خلال أسابيع عملية تشريع
قانون الجبهة الداخلية الجديد، مشيراً إلى أنه اتفق مع وزير الحرب
موشيه يعلون على أن قيادة الجبهة الداخلية ستتولى المسؤولية عن مجالات
الوقاية والحماية والمواد الخطرة والإعلام.
وفي سياق الحداث المتسارعة اعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما
مساعدة جديدة للجيش اللبناني بقيمة 8,7 ملايين دولار للحفاظ على "الاستقرار"
في الدولة المجاورة لسوريا، وذلك اثناء اجتماع مع نظيره اللبناني ميشال
سليمان.
واوضح اوباما الى جانب سليمان الذي التقاه على هامش الجمعية العامة
للامم المتحدة في نيويورك ان الولايات المتحدة "تدعم دور القوات
المسلحة اللبنانية في الحفاظ على استقرار لبنان، واليوم نعلن صرف 8,7
ملايين دولار اضافية ستسمح (بتقديم) التجهيزات الضرورية لدعم القوات
المسلحة اللبنانية في مهماتها الداخلية (...) وعلى الحدود".
واشاد اوباما ايضا ب"الكرم الرائع" للبنانيين حيال السوريين الذين
لجأوا الى لبنان منذ بدء الازمة في سوريا قبل عامين ونصف عام.
واعلن الرئيس الاميركي من على منبر الامم المتحدة صرف 340 مليون
دولار اضافية كمساعدة للنازحين جراء النزاع منها 74 مليونا للبنان،
بحسب البيت الابيض.
وياتي هذا اللقاء عشية اجتماع دولي في نيويورك مخصص لمساعدة لبنان
على مواجهة تدفق اللاجئين السوريين.
ومن اصل مليوني لاجىء سوري جراء النزاع، يستقبل لبنان العدد الاكبر،
اي 746 الفا وفقا للاحصاءات الاخيرة للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين
التابعة للامم المتحدة.
ويتحدث مسؤولون لبنانيون من جهتهم عن وجود 1,3 مليون سوري على
الاراضي اللبنانية بينما تقر مفوضية شؤون اللاجئين بان عددا كبيرا من
السوريين في لبنان لم يسجلوا اسماءهم كلاجئين.
ولبنان الذي يقدر عدد سكانه باربعة ملايين نسمة، يرزح تحت عبء هؤلاء
اللاجئين الذين يضغطون بقوة على الخدمات والمالية العامة. |