أطفالنا.. مسؤوليتنا!

زاهر الزبيدي

 

 شعار من أهم شعارات الإنسانية جمعاء والتي عملت على تحقيقها بشتى الوسائل والتشريعات القانونية، ونحن اليوم نخوض في تجارب سياسية وإقتصادية وإرهابية قاسية ؛ تناسينا أطفالنا لنكون بذلك قد تناسينا مستقبلنا وما سيفضي إليه واقع أطفالنا اليوم من مستقبل أقل ما يقال عنه بأنه سوف لن يرقى لمستوى ما يجب أن يكون عليه العراقيون من ثقافة وتحضر ليواجهو العالم به.

 العشرات من الأطفال اليوم يجوبون الأزقة حتى ساعات متأخرة من الليل تناساهم آبائهم بين كأس ووسادة وانشغلت عنهم أمهاتهم بمتابعة المسلسلات التركية وبرامج الترفيه وتناساهم أخوتهم الكبار في المقاهي الليلية والأركيلة القاتلة.. لا أحد يوجه ولا أحد يزرع مبادئ الخلق الحميدة في نفوسهم ولا أحد يزرع فيهم الشغف الجميل في العلم والتعلم، ومن المدرسة الى البيت تزدحم التجارب البغيضة أمام أطفالنا ووسائل التربية الآلية الإلكترونية التي دخلت حياتهم فأصبحت مهمة الحفاظ على المبادئ والأخلاق مسؤولية كبيرة وعظيمة قليل منا من يتجرأ على أن يصرف الكثير من وقته وجهده في إعدادهم للمستقبل وما أصعبها من مهمة في هذا زمن صعب.

 الشعار هذا كانت قد اعتمدته الأمانة العامة لمجلس الوزراء كشعار لمفاتحاتها الرسمية، كما جاء في صحف اليوم، إلا إن المسألة ترقى لأكثر من الشعارات والهتافات، أنها سلسلة أعمال تطول ولا تقصر في الحفاظ على نقاء النسل وديمومة الأخلاق الحميدة، وتأمين المستقبل، على أقل تقدير، إذا ما فقدنا حاضرنا اليوم وسط بشاعة الأحداث المتلاطمة فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن نضحي ونغامر بمستقبل أبناءنا حينما أصبح العنف المفرط تجربة يومية يخوضوها بمرارة، والفقر والحاجة تبعدهم عنا بعدما شغلتنا أمورنا الحياتية وسط زحامها بالنظر دائماً لهم والتحكم ببعض تصرفاتها التي نرى أنها تشذ بشكل كبير عن ما ألفناه من آباءنا على الرغم من كل التطور الحاصل بالتقنيات وتوسع مصادر التربية فهناك شواذ كثيرة دخلت على خط التربية هذا مع إنحسار الجهد المدرسي أوقعتنا أمام أكثر المهام صعوبة إذا ما أردنا أن نضمن المستقبل بضمان سلامة أخلاق أطفالنا اليوم.

فنحن إذا ما أخطئنا اليوم في تصويب أمور أطفالنا سنكون امام معضلة كبيرة في المستقبل القريب حينما ننتج نماذج غير مؤهلة لقيادة المستقبل والعراق مقبل على نهضة تنموية كبيرة، إن شاء الله، حينما تبدأ إمكانياته النفطية بظهور تأثيرها الحقيقي على حقل الطاقة في العالم ؛ سنجد حينها أننا قد دخلنا في متاهة عدم تأهيل اطفال العراق ليشبو على تعلم إخلاقيات العمل الصحيحة ويساهموا في بناء مستقبلهم، فكل دينار يصرف اليوم في سبيل تنفيذ خطط واسعة المدى على طريقة إعدادهم سيكون مردوده عالياً جداً ولا يمكن تقديره بثمن في المستقبل أي أن الإستثمار اليوم في الإنسان العراق أهم من كل إستثمارات الصناعة والنفط وكل الموارد، فما فائدة كل عائدات الثروات في العراق حينما لا تجد اليد التي تحسن إستغلالها في خدمة المجتمع أو توفر النية الشريفة البعيدة عن الفساد في تطويعها.

إن الظروف الإجتماعية لها إنعكاسات وتأثيرات كبيرة على حياة أطفالنا فالفقر رفيق البطالة والعنف المفرط وإنحسار المد التعليمي الأخلاقي في مدارسنا ساهمت وتساهم بإستمرار في تراجع مستويات إهتمامات الطفل العراقي بأهم ضرورات الحياة، على الرغم أن هناك عوائل كبيرة تمنح أطفالها حباً وعلماً كبيرين واهتماما بالغاً قل نظيره إلا إن الأكثر من ذلك أولئك الذين وضعوا تربية أطفالهم خلف ظهورهم تاركين أفكارهم الغضة تتلاعب بها الهوايات الضالة والأفكار المنحرفة التي سوف تأتي ثمارها العفنة بعد حين حينما نفقدهم شباباً على طريق البحث عن مصادر رزقهم بطرق مشبوهة قد يكون السرقة أهونها علينا والبحث عن أهوائهم الشيطانية.

 الاستثمار الأمثل للعراق اليوم في أطفاله وشبابه من خلال توفير الحياة الحرة الكريمة لهم ليتجاوزوا محنهم ويتفانون في خدمته من خلال المساهمة في الحفاظ على أمنه وسلامته إكراماً لكرامة العيش التي سيوفرها لهم.

إن بقاءنا على مقربة من أفكارهم مهمة جداً اليوم ومحاولة الحكومة إيصال رسائل مهمة لرجالها من الموظفين مسؤولية كبيرة، ففي العراق لدينا ما يقارب الثلاث ملايين موظف، أي أننا نحسن الاتصال بثلاث ملايين عائلة عراقية من خلالهم فماذا لو تم إصدار توصيات وتوجيهات من خلال أرباب الأسر تلك الى أسرهم ؟ وماذا لو ساهمت المجالس المحلية في توجيه العوائل، وماهو دور منظمات المجتمع المدني والمنظمات النسائية منها وتلكم التي تهتم بالطفل ؟ كلها محاولات قد لا تأتي ثمارها اليوم ولكننا نطوعها لخدمة الهدف الأسمى في حياتنا، ثم ماهو دور المؤسسات التعليمية والتربوية ؟ وماهو دور العبادة والحوزات العلمية والشيوخ ؟ كل منهم لديه مساهمة مهمة في هذا المجال عليه أن يحسن إنجازها.

أطفالنا أمانة في رقابنا ورقاب الحكومة ورقاب رجال الدين ورقاب المؤسسات التعليمية.. انها أمانة فلنحسن الحفاظ عليها.. وإلا فلا أمانة لنا.. حفظ الله أطفال العراق.

[email protected]

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/Zahiralzubaidy.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 17/تشرين الثاني/2013 - 13/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م