اصدارات جديدة: لا توقع الكراسة

 

 

 

الكتاب: لا توقع الكراسة

الكاتب: خالد المرضي

الناشر: طوى للثقافة والنشر والاعلان

عدد الصفحات: 63 صفحة متوسطة القطع

عرض: جورج جحا

 

 

 

 

 

شبكة النبأ: في مجموعة خالد المرضي القصصية التي حملت اسما هو (لا توقع الكراسة) يبرز الوصف الدقيق في كتابة وجدانية تجمع غالبا بين الحسي وما يحمله من تداعيات نفسية.

مجموعة الكاتب السعودي اشتملت على 15 قصة قصيرة جاءت في 63 صفحة متوسطة القطع وصدرت عن (طوى للثقافة والنشر والاعلان) في لندن.

القصة الأولى التي حملت عنوانا هو (إلى الحياة) تعتبر "نموذجية" من حيث أنها تمثل السمات التي ترد في سائر قصص المجموعة كلها وان تميزت الواحدة منها عن الأخرى قليلا هنا أو هناك.

في هذه القصة الاولى من المجموعة نجد مراوحة بين نصين : شعري وقصصي والنص القصصي يلفه غموض فيكاد لا يفهم قصصيا بل يمكن الدخول اليه من الباب الشعري.

يقول خالد المرضي "على قمة التل جدران ملساء عالية من البعد تبدو كصندوق نبتت على اركانه حجرات صغيرة... في سماء الصندوق تغني صفارات في غير فرح فتتناسل رؤوس تعتمر قبعات صخرية تذرع جوانب الحجرات قلقة ومتوترة ترمي عيونها بشرر تكاد تشتعل له كل السفوح المجاورة."

وفي قصة (عين الحارس) وصف دقيق يختلط فيه الحسي بالنفسي الوجداني وبالاحداث في الوقت ذاته. المشاعر الغريبة والاوهام والتأثر بقراءات مختلفة منها قصص للامريكي ادجار الان بو ومنها ايضا (الجريمة والعقاب) لدوستويفسكي.. تؤدي الى دفع بطل القصة الى ارتكاب جريمة قتل استنادا الى اوهام وصور مسبقة وتأثر بقراءات كالسالفة الذكر. ويمكن استنتاج ذلك باسهام من البطل اي باشارات منه الى تلك الاعمال السردية. بحسب رويترز.

في القصة وصف يجمع بين الحسي وما يحمله من تداعيات نفسية. يقول الكاتب خالد المرضي بلسان بطل قصته هذه "بدأت قطرات المطر تنقر سقف الصفيح.. الصفيح الذي يغطي سقف حجرة السطح. لا اعرف لماذا تذكرت الان حارس العمارة العجوز الحارس الذي طالما نهرني عند الخروج والدخول يتعلل بكرهه لرائحة الدخان وبقايا اعقابها التي تتناثر في زوايا الدرج عند مدحل العمارة."

في قصة (لا توقع الكراسة) التي اعطت اسمها للمجموعة ذكريات طفولة عن مدرسة واستاذ. يتداخل فيها الوصف المادي بالحالة النفسية فيتشكل لنا مزيج مؤثر يلتحم بعضه ببعض بحرارة وحياة.

الاستاذ الجديد الطيب رغم مظهره الخشن او القاسي يتكهن بان الطالب (سعيد) الذي رسم وجه الاستاذ خلسة سيصبح رساما عظيما. يوصيه بالا يوقع كراسة الرسم من يده.

يصف الكاتب بجمال نزهة للطلاب واستاذهم في يوم ماطر. يقول "هناك من ناحية القرية كانت تسافر نحونا اصوات متقطعة. ثغاء وخوار وصياح نسوة وبالقرب كانت زقزقة عصافير تختلط برعد ينمو عند قمم الجبال البعيدة."

وتبرز هنا كما في اماكن اخرى من المجموعة القصصية قدرة لدى الكاتب على جعل الاحداث والاجواء والظروف المادية وحتى الاصوات المتعددة المتنوعة تتحول الى حالات نفسية شعورية او ما يقارب تلك الاحوال.

في قصة (مفتاح) تصوير بنسج من الرمزي والسوريالي. انها قصة تشبه قصيدة يقول الكاتب "توسل الشاب شاهدين وقرر بتمام عقله ان يقفز الى الستين. وكان يضحك. ابيض شعره وزادت قدماه واحدة... وكان يضحك.

"اشترى ارضا ليبني عليها مسكنا كان سعيدا وهو يتأمل مساحتها الغبراء. يبني عليها بيتا من خيال ويزرع حوله الاشجار.. يدلي من احد فروعها ارجوجة لاطفاله. وكان يضحك.

"وقف امام الباب وتناول سلسلة مفاتيحه رفعها الى موازاة انفه وهزها فرقصت. وكان يضحك. انحنى امام ثقب الباب وفي قفل الحياة ادار مفتاح الموت."

في المجموعة وتحت عنوان (أرزاق) نجد خليطا مما يمكن أن نعتبره قصصا شديدة القصر وقصصا يمكن وصفها بانها قصص قصيرة جدا. الا انه يمكننا ايضا ان نعتبر هذه القصص بعضا من قصة واحدة تتشكل منها كلها. من براعة الكاتب انه ترك لنا مجالا لتخيّل الحالين. وقد وضع ارقاما لكل واحدة من تلك القصص او تلك الاجزاء من القصة.

في الفئة الاولى وتحت الرقم واحد نقرأ مثلا قوله "ينسج العنكبوت بيته في زاوية عليا صمته صبر يميت الجوع تفتح الجدة نافذة الصباح تهب نسمة قروية باردة فتبعثر بقايا نوم عالقة في زوايا الحجرة. يشتد وهن بيت العنكبوت يتأكد من خيوطه ويعاود انتظاره الطويل." كأن الكاتب هنا يقول "وتستمر الحياة."

ونقرأ بعد ذلك مثلا "من سريرها تستيقظ الشمس تهب الحجرة خيوط يقظتها يهز العنكبوت خيوطه يختبر تماسكها ويراقب هبة الشمس." ونتابع القراءة "في مجال اخر ترفع القطة ذيلها تتمسح بحذاء الجدة. تتوقف وترفع رأسها وتموء."

والواقع أن هذه "القطع" أو القصص القصيرة أو القصيرة جدا هي على شبه استقلالية وفي الوقت نفسه كل منها مترابط بعضه ببعض. وعندما ترتبط هذه "القطع" تشكل بدورها قصة أكثر اتساعا من كل واحة منها منفردة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 16/تشرين الثاني/2013 - 12/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م