المخدرات في العالم العربي.. ارهاب من نوع آخر

تقرير: كمال عبيد

 

شبكة النبأ: باتت المخدرات من اعقد المشكلات الاجتماعية في مجتمعاتنا العربية بالوقت الراهن، إذ تشكل تحدياً رئيسيا لعالمنا العربي وذلك لما لها من أخطار صحية واجتماعية واقتصادية ولارتباطها بالعديد من أنماط الإجرام والعنف والسلوك الإجرامي كالارهاب.

حيث ترتبط المخدرات وتجارتها مع الارهاب بعلاقة طرديا، فاصبحت تمثل سلاحا قاتلا صامتا لا يترك اثرا على الشخص نفسه فقط، بل على المحيطين به من مجتمعه، ويلجأ الكثيرون منهم الى تعاطي المخدرت غالية الثمن، فمن لايستطع تغطية اجور المخدرات يلجأ الى ارتكاب الجرائم بانواعها كافة، واعتاها الارهاب.

إذ يغذي انتشار المخدرات اغلب المعضلات الاجتماعية من الإرهاب، الفساد، البطالة، ويرى بعض الخبراء بهذا الشأن تقف عدة اسباب وراء تنامي المخدرات عربيا، أهمها التهريب المضطرد لها، وفقدان السبل النافعة لمكافحة انشارها، خاصةً في الجزائر والمغرب والسعودية والاردن، فعلى الرغم من ان الجهود الحثيثة التي تقوم بها الجهات المسؤولة الحكومية وغير الحكومية، إلا أن آمال الحد منها ومكافحتها بصورة رصينة، مازالت بعيدة المنال في الوقت الحالي، بسبب التراخي في تطبيق القانون، وغياب الحلول الجذرية الاكثر فعالية.

الجزائر

فقد بلغت كمية القنب الهندي المهرب من المغرب التي ضبطتها مختلف اجهزة الامن والجمارك الجزائرية اكثر من 127 طنا خلال الثمانية اشهر الاولى من سنة 2013، بحسب ما اعلن الديوان الوطني لمكافحة المخدرات وادمانها، وصرح مدير الديوان محمد زوغار لوكالة الانباء الجزائرية ان "مجموع ما تم ضبطه من مخدرات القنب الهندي بلغ 127,09 طنا خلال الثمانية اشهر الاولى من سنة 2013"، واضاف "كل كمية القنب الهندي جاءت من البلد المجاور المغرب"، وتم توقيف 12759 شخصا منهم 48 اجنبيا في قضايا متعلقة بتهريب المخدرات بحسب نفس المصدر.

ووصف زوغار هذه الكمية من القنب الهندي ب "الضخمة" بالمقارنة مع الكمية الاجمالية التي تم ضبطها خلال كل سنة 2012 والمقدرة ب 157 طنا، وآخر كمية اعلن ضبطها في الحدود مع المغرب كانت عندما تمكن أفراد حرس الحدود بمغنية (تلمسان، 600 كلم غرب الجزائر) من احباط محاولة تهريب 3,2 اطنان من الحشيشة قادمة من المغرب حسب الدرك الوطني. بحسب فرانس برس.

من جهته قال وزير الداخلية الجزائري دحو ولد قابلية ان الجزائر اعتبرت تهريب المخدرات تهديدا للأمن القومي مرتبطا بالتطرف في المنطقة وكلفت الجيش بمهمة محاربته، وأضاف لوكالة الأنباء الجزائرية الحكومية "نحن نحارب نوعا جديدا من الإرهاب" مضيفا أن تهريب المخدرات "نشاط إرهابي"، وقال مصدر امني مطلع على نشاط الجماعات المتشددة في الصحراء بالجزائر ان مختار بلمختار العضو البارز في تنظيم القاعدة الذي اعلن المسؤولية عن الهجوم الدموي على منشاة للغاز في الجزائر في يناير كانون الثاني يوفر الامن لمهربي المخدرات في الجزائر مقابل الحصول على اموال.

وقال مسؤولون ان وضع المسؤولية على الجيش يرسل اشارة قوية بان الجزائر تاخذ المشكلة على محمل الجد. وكانت محاربة تهريب المخدرات في السابق مهمة قوات الدرك الوطني والجمارك ودوريات حرس الحدود، وقال أنيس رحماني وهو خبير أمني ورئيس تحرير صحيفة النهار لرويترز إن التهريب يمد الجماعات المسلحة وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي بالوسائل المالية لشراء أسلحة وضم متشددين جدد، واضاف ان من الواضح ان القوة الوحيدة القادرة على مواجهة نشاط التهريب المتزايد الذي يشمل تهريب المخدرات هو الجيش الجزائري.

ويقول المكتب الوطني لمكافحة المخدرات والادمان انه تم ضبط حوالي 78 طنا من راتنج القنب خلال الشهور الستة الاولى من عام 2013 مقابل 71 طنا خلال نفس الفترة في العام الماضي، ويقول مسؤولون جزائريون ان معظم القنب وراتنج القنب ياتي من المغرب"، وقال مسؤول امني بارز طلب عدم نشر اسمه لرويترز "نعتبر ان تهريب المخدرات هو الان التهديد الامني الاول للجزائر والارهاب في المركز الثاني"، وقد أعلنت الجمارك الجزائرية ان قوة عسكرية تمكنت من مصادرة أكثر من 5.7 أطنان من المخدرات في عملية نفذتها في جنوب البلاد، وذكر بيان صادر عن المديرية الجهوية للجمارك في محافظة ورقلة الواقعة في الصحراء أن عناصر الجيش التابعين للناحية العسكرية الرابعة بالتعاون مع الفرقة المتنقلة للجمارك في منطقة سطيل أوقفت في نقطة تفتيش شاحنة وعثرت في داخلها على صفائح مخدرات من أوزان مختلفة مخبأة بإحكام، وأضافت أن العملية أسفرت أيضاً عن توقيف سائق الشاحنة.

المغرب

على الصعيد نفسه وبنبرة حاسمة يقسم محمد، الجالس برفقة قرابة 30 مدمنا على المخدرات داخل قاعة انتظار في إحدى الجمعيات بمدينة طنجة شمال المغرب، انه لم يعد يرغب في "سرقة الناس للحصول على الجرعة اليومية من المخدر"، ومحمد واحد من مدمنين كثيرين في مدينة طنجة المغربية قرروا طي صفحة المخدرات من حياتهم، وما كان يرافقها من أعمال مشينة للحصول على ثمن الجرعات اليومية.

وتعد جمعية "حسنونة" التي تأسست في 2006 من أولى جمعيات مساعدة المدمنين للتغلب على إدمانهم من خلال "استراتيجية تقاربية"، عبر اقامة حوار وعلاقات قائمة على الثقة المتبادلة مع المدمنين، في بلد محافظ يضعهم على هامش المجتمع. بحسب فرانس برس.

وقد شهدت مدينة طنجة التي يقارب تعداد سكانها 800 ألف نسمة، والواقعة على بعد 14 كيلومترا قبالة جبل طارق، ازديادا في وتيرة الاتجار بالمخدرات واستهلاكها خلال السنوات الأخيرة، وتشرح فوزية بوزيتون، إحدى المسؤولات في هذه الجمعية في حديثها لوكالة فرانس برس "سياستنا قائمة على التوعية لمساعدة المدمنين على فهم مرضهم، وإدراك مشكلة إدمانهم" بدلا من إدانتهم، وتضيف بوزيتون ان "التحدي الكبير يتمثل في إقامة علاقات ثقة مع المدمنين في الأماكن التي يتعاطون ويستهلكون فيها المخدرات، خصوصا في الأحياء الشعبية مثل حي +بني مكادة+ حيث توجد نسبة عالية من العمال"، وفي مرحلة لاحقة تعمل الجمعية على مصاحبة المدمنين تدريجا من أجل الخضوع للعلاج في مؤسسات متخصصة.

ويوضح الطبيب محمد الصالحي أن أغلب مدمني المخدرات يتوقون الى الحصول على الميثادون، وهو دواء بديل تملك جمعية "حسنونة" رخصة توزيعه على المدمنين، على أساس وصفة طبية، لكن اصدار وصفة طبية بهذا العقار للمدمن لا يتم قبل التثبت من نيته الاقلاع عن الادمان فعلا، "لأن المدمنين الذين لا يملكون مالا لشراء الهرويين يأتون إلينا للحصول على جرعات الميثادون" كبديل للهروين، بحسب الصالحي.

وداخل مقرات جمعية "حسنونة"، يقول الشاب الثلاثيني محمد لمراسل فرانس برس "لم أعد أرغب في سرقة الناس للحصول على جرعتي اليومية من المخدر، ومنذ أن بدأت في استعمال الميثادون، أشعر بتحسن فهو يساعدني على وقف الهيروين"، ويوضح محمد أن أمه تساعده في بعض الأحيان للحصول على جرعته من الهيروين لأنها كما يقول، "لا تتحمل رؤيتي في تلك الحالة السيئة" الناتجة عن غياب الجرعة.

ويؤكد محمد الذي يبدي خجله من تحوله الى سارق بسبب إدمانه، انه كان لديه "طفولة طبيعية في مدينة طنجة، الى ان تركت المدرسة في سن 17 سنة، حيث مارست مختلف أنواع المهن من حارس سيارات وعامل في حمل السلع داخل الميناء الى نادل في مقهى"، ويشكو محمد وغيره من المدمنين القاصدين العلاج من "نظرة الآخرين والاقصاء".

يدخل الهيرويين الى المغرب بشكل اساسي من اوروبا، عبر بوابة مدينة سبتة الواقعة تحت السيادة الاسبانية على الارضي المغربية على بعد 80 كيلومترا شمال مدينة طنجة، ويراوح ثمن الجرعة الواحدة بين ثلاثة يوروهات وخمسة.

ويسر أحد المدمنين في المركز لمراسل فرانس برس ان "الحد الأدنى هو ثلاث جرعات في اليوم الواحد، لكن أغلبنا يحتاج الى ما بين خمس جرعات وسبع من الهيروين، وأحيانا عشر خلال يوم واحد"، وفيما لا يتوفر المال دائما للمدمنين، يتورط بعضهم في أعمال غير مشروعة كالسرقة أو الدعارة لكسب ثمن الجرعة اليومية من المخدر.

وتقول فاطمة البالغة من العمر 45 عاما "اضطررت الى ممارسة الدعارة في السابق للحصول على جرعتي اليومية"، وتروي فاطمة، التي تتحدر من اسرة ثرية، انها بدأت اولا باستهلاك الكوكايين في سن العشرين، قبل ان تنحدر الى استهلاك المخدر القاتل الهيرويين، وبعد عشرين سنة على الادمان، قررت فاطمة ان تطوي هذه الصفحة المظلمة من حياتها، مستعينة بالجمعية حيث باتت تعمل الآن.

وتقول فوزية بوزيتون "نعيش في مجتمع يحكمه ثقل الكثير من المحرمات، ونحن نسعى الى تغيير العقليات، علنا نقنع الناس بأن الإدمان مرض كباقي الأمراض يمكن علاجه وإعطاء المدمنين فرصة ثانية في حياتهم"، وتلفت بوزيتون الى ان معظم المدمنين بدؤوا تعاطي المخدرات وهم قاصرون، مشيرة بذلك الى توزع المسؤولية على الأهل والمجتمع وعدم اقتصارها على المدمن نفسه.

السعودية

على صعيد ذو صلة اعدمت السلطات السعودية باكستانيا في محافظة القطيف، شرق المملكة، اثر ادانته بتهمة تهريب الهيرويين الى المملكة، وافادت وكالة الانباء الرسمية نقلا عن وزارة الداخلية ان السلطات قبضت على "المدعو جعفر غلام علي، باكستاني الجنسية، إثر قيامة بتهريب كمية كبيرة من الهيروين المخدر"، واشارت الى تنفيذ حكم القتل في الجاني في محافظة القطيف بالمنطقة الشرقية. بحسب فرانس برس.

واعدمت السلطات المعنية عددا من الاجانب خصوصا من سوريا وباكستان خلال هذه السنة اثر ادانتهم بتهريب المخدرات، وبذلك، يرتفع عدد الذين اعدمتهم السلطات السعودية منذ مطلع العام الى 71 شخصا، وقد اعدمت السلطات 76 شخصا على الاقل العام الماضي بحسب ارقام جمعتها وكالة فرانس برس استنادا الى بيانات لوزارة الداخلية.

كما اعلنت وزارة الداخلية السعودية اعدام سوري في منطقة الجوف الشمالية الحدودية اثر ادانته بتهريب حبوب مخدرة الى المملكة، ونقلت وكالة الانباء الرسمية عن بيان للوزارة ان علي مصطفى دربالة، سوري الجنسية، قام بتهريب كمية كبيرة من الحبوب المخدرة إلى المملكة"، واكدت تنفيذ حكم القتل اليوم في الرجوب في منطقة الجوف المجاورة للاردن والعراق، ودربالة هو السوري الرابع الذي يعدم بتهمة الحبوب المخدرة منذ مطلع العام الحالي.

في الوقت نفسه اعلن مسؤول في مديرية مكافحة المخدرات في السعودية ضبط ستة ملايين حبة مخدر من نوع امفيتامين في الرياض تم اخفاؤها عبر خلطها بحبوب الذرة والحمص، مشيرا الى اعتقال ستة اشخاص متورطين في القضية.

ونقلت وكالة الانباء الرسمية عن المتحدث باسم المديرية قوله "رصد عدد من المتورطين و(تم) القبض على ستة، هم سعوديان وثلاثة سوريين واردني، ضبط بحوزتهم ستة ملايين قرص إمفيتامين مخدر تم اخفاؤها بخلطها مع حبوب الذرة والحمص في 24 شوالا"، واضاف ان المداهمة "تمت بناء على معلومات عن تهريب كمية كبيرة من المخدرات باستغلال شاحنات الترانزيت، فتم تكليف فرقة امنية خاصة من رجال مكافحة المخدرات بمنطقة الرياض مهمة التحري عن الشاحنة المستخدمة في جريمة التهريب ومتابعتها"، ولم يحدد المصدر متى حصلت عملية المداهمة. بحسب فرانس برس.

وكانت السلطات في المملكة اعلنت قبل اقل من شهر احباط محاولة تهريب حوالى اربعة ملايين من الحبوب المخدرة مخبأة في سيارة قادمة عبر احد المنافذ الحدودية مع الاردن.

وتعلن السلطات في السعودية من وقت لاخر ضبط كميات او احباط محاولات تهريب للمخدرات وحبوب المخدر وخصوصا الكبتاغون غالبيتها عبر المنافذ الحدودية مع الاردن، وكشف التقرير الاحصائي للعام 2011 لنشاط المديرية العامة لمكافحة المخدرات على مستوى المملكة ضبط 57 مليون حبة مخدر حاول مهربون ادخالها فضلا عن انواع اخرى من المخدرات مثل الحشيش والهيرويين والقات، ويصنف مكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات مادة كبتاغون على انها "منبه من النوع المثير"، وهذا النوع رائج في دول الخليج وغيرها في الشرق الاوسط. ويشير مكتب الامم المتحدة الى انه يصدر من بلغاريا وبدرجة اقل من تركيا ويعبر الى المنطقة من خلال سوريا.

الاردن

الى ذلك ضبطت السلطات الاردنية 600 الف حبة مخدرة واعتقلت ثلاثة اشخاص متورطين واحالتهم لمحكمة امن الدولة، على ما افاد مصدر امني، وقال المركز الاعلامي في مديرية الامن العام في بيان ان "العاملين في ادارة مكافحة المخدرات تمكنوا من ضبط 600 الف حبة من الحبوب المخدرة بقضيتين منفصلتين في مدينة العقبة (325 كلم جنوب عمان) ومنطقة الازرق في محافظة الزرقاء (23 كلم شمال شرق عمان)"، واوضح انه "تم ضبط 400 الف حبة في منطقة الازرق و200 الف حبة في العقبة"، واكد البيان توقيف "ثلاثة اشخاص تورطوا في القضيتين"، مشيرا الى انهم "احيلوا جميعا الى مدعي عام محكمة امن الدولة".

وتعلن السلطات الاردنية بشكل دوري عن ضبط كميات من المخدرات، وتؤكد وزارة الداخلية الاردنية ان 85 % مما يتم ضبطه من المخدرات معد للتهريب الى خارج المملكة.

الى ذلك تم توقيف 12 شخصا، من بينهم اربعة يحملون جنسيات عربية متهمون بالتورط في قضايا تهريب المخدرات، بحسب ما كشفت مديرية الامن العام في الاردن في بيان نشر، وقال المركز الاعلامي في المديرية ان "الموظفين في ادارة مكافحة المخدرات تعاملوا خلال الايام الماضية مع قضايا تهريب مخدرات وترويج حبوب مخدرة في عدد من محافظات المملكة"، واضاف انه "تم القاء القبض في مدينة العقبة (325 كيلومترا جنوب عمان) على ثلاثة اشخاص من جنسية عربية اثناء تجهيزهم لكمية من الحبوب المخدرة داخل مركبة تمهيدا لتهريبها إلى احدى دول الجوار وضبط في حوزتهم 57 الف حبة مخدرة ... كما القي القبض على شخص من جنسية عربية اثناء محاولته اجتياز الحدود باتجاه دولة عربية بعد تفتيشه والعثور في حوزته على ثمانية آلاف حبة مخدرة قام باخفائها في مناطق مختلفة من جسمه". بحسب فرانس برس.

واوضح البيان انه "تم كذلك التعامل مع اربع قضايا ترويج لحبوب مخدرة في عدد من محافظات المملكة تورط فيها ثمانية اشخاص القي القبض عليهم جميعا". وضبط في إطار تلك التحقيقات حوالى 15 الف حبة مخدرة، واحيلت هذه القضايا كلها، بحسب البيان، إلى مدعي عام محكمة امن الدولة، وتعلن السلطات الاردنية بانتظام عن عمليات ضبط مخدرات. وتؤكد وزارة الداخلية الاردنية ان 85% من المضبوطات معد ليهرب الى خارج المملكة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 10/تشرين الثاني/2013 - 6/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م