مغامرون... بين المتعة والتحدي والاكتشاف

 

شبكة النبأ: المغامرة تجربة مثيرة تتسم بالمخاطرة يقوم بها البعض لأسباب مختلفة في سبيل الحصول على تجارب جديدة وغير مألوفة من أجل الترفيه و الإثارة و التعلم كما يقول بعض الخبراء، الذين أكدوا على ان المغامرة قرار خاص يحتاج الى قدرات وقابليات والشجاعة فائقة قد لا تتوفر لدى الكثير من الناس، وفي ما يخص أخر تلك المغامرات فقد تمكن فرنسي مصاب بمرض تصلب الأنسجة المتعدد من القفز بواسطة مظلة من على ارتفاع 10 الف متر في الهيملايا، ليكون اول معوق يقفز بالمظلة في العالم. وقال الرجل البالغ من العمر 55 عاما واسمه مارك كوب "انا سعيد جدا، انا مرهق جدا لكني سعيد جدا"، وذلك اثناء وجوده في مستشفى كاتماندو الذي نقل اليه للتثبت من انه لا يعاني من اي مضاعفات ناجمة عن القفزة.

وقفز الرجل مع صديقه المظلي ماريو غيرفاسي. وقد قفزا من الطائرة المروحية على ارتفاع عشرة الاف متر واستمرا في السقوط الحر على مدى الف متر، ثم فتحت المظلة على ارتفاع 4500 متر عن سطح الارض، قبل الهبوط بسلام في مكان اعد خصيصا لذلك. وقال مارك كوب لمراسل آمل ان تشكل هذه الخطوة التي قمت بها حافزا لاشخاص آخرين مصابين بهذا المرض. وأوضح ان التحضيرات لهذه القفزة كانت شاقة جدا. ويعجز هذا الرجل عن المشي بسبب مرضه، ولذلك هو يستعين بكرسي متحرك، وقد اضطر الى ركوب حصان في بعض المناطق الوعرة التي لم يكن استخدام الكرسي المتحرك فيها ممكنا. وقد أمره الاطباء بالراحة 24 ساعة بعد هذا الجهد.

من جانب اخر حمل رجل في التاسعة والأربعين من العمر ثلاجة على ظهره وركض في جميع أنحاء بريطانيا لجمع تبرعات للأعمال الخيرية، ما أدى إلى دخوله المستشفى بإصابات في عموده الفقري. وقالت صحيفة ديلي ميرور إن طوني موريسون، عانى خلال ركضه الماراثوني من إصابة في عموده الفقري وكان يشعر بساقة اليمنى فقط بعد أن أكمل رحلة الجري، وقطع مسافة 1009 أميال، أي ما يعادل نحو 1624 كيلومتراً.

وأضافت أن موريسون أُدخل إلى المستشفى العام في بلدة ساوث شيلدز الساحلية بمقاطعة دورهام، بعد أن بات غير قادر على المشي، ونُقل من هناك إلى مستشفى متخصص لإجراء فحوصات بالأشعة لتقييم الاصابات التي لحقت بعموده الفقري. وأشارت الصحيفة إلى أن الإصابة قد تجبر موريسون على التخلي عن تحدياته الصارمة وغير التقليدية، في إطار مساعيه لجمع التبرعات لصالح الأعمال الخيرية. ونسبت إلى موريسون قوله إنه مجرد رجل عادي وشعر بآلام مبرحة بنهاية رحلة الجري والتي اعتبرها أعظم لحظة في حياته، ولن يندم في حال كانت المرة الأخيرة التي يقوم فيها بمثل هذه المغامرة.

على صعيد متصل وصل عداء أسترالي إلى دار الأوبرا في سيدني بعدما طاف العالم في 20 شهراً قاطعاً مسافة 26 ألف كلم. وذكرت إذاعة إيه بي سي أن توم دينيس بدأ رحلته في 31 ديسمبر (كانون أول) عام 2011 من دار الأوبرا بسيدني، التي عاد إليها بعدما زار القارات الست، وأتلف 17 زوجاً من الأحذية الرياضية خلال قيامه بما يعادل ماراثون يومي خلال 622 يوماً.

وقال دينيس في تصريح للإذاعة المحلية لم أفكر قط في الانسحاب. أشعر أنني أكثر قوة الآن عن البداية. أعتقد أنني اعتدت. وأشار إلى أنه بعدما طاف الكرة الأرضية، أصبح العالم بالنسبة له أصغر. وتولت زوجة دينيس مهمة تصوير رحلة العداء، بينما رافقته ابنتاه في بعض محطات الرحلة. وسمحت رحلة دينيس بجمع نحو 40 ألف دولار لمؤسسة أوكسفام الخيرية في أستراليا.

من جهة اخرى اقلع رجل اميركي من كاريبو شمال شرق الولايات المتحدة على متن حجرة تحملها مئات البالونات المملوءة بغاز الهيليوم، آملا في اجتياز المحيط الاطلسي. وانطلق هذا الرجل ويدعى جوناثان ترايب (39 عاما) وسبق لهذا القبطان ان حلق فوق بحر المانش وجبال الالب مستخدما الطريقة نفسها. لكنه هذه المرة يعتزم عبور مسافة اربعة الاف كيلومتر على ارتفاع يراوح بين خمسة الاف متر و7600 على متن هذه المركبة التي تطير بواسطة 370 بالون هيليوم. وقال المغامر لقد تم تجاوز الاطلسي مرات عدة، لكن ليس بواسطة هذه الطريقة. ولم يقرر المغامر بعد ما اذا كان سيهبط في احدى دول شمال افريقيا او في النروج شمال اوروبا، وفقا لصحيفة بانغور دايلي نيوز.

في السياق ذاته تمكن المغامر اللبناني مكسيم شعيا من اجتياز المحيط الهندي تجذيفاً على متن قارب صغير، إذ وصل إلى جزر موريشيوس. ودامت رحلة شعيا التي بلغت مسافتها حوالي 6500 كلم، لمدة شهر و27 يوماً و21 ساعة قطعها تجذيفاً في المحيط الهندي، ورافقه في هذه الرحلة مخرج الأفلام الوثائقية البريطاني ستيورات كيرشو (33 عاماً) وصديقه ليفار نيستد (42 عاماً) من جزر فارو.

وانطلق المغامرون الثلاثة من جزر قريبة من مدينة بيرث عند الشواطئ الغربية لأستراليا، وأطلق على الرحلة اسم عملية «ريو» أو عبور المحيط الهندي تجذيفاً. واشتهر شعيا بمغامراته في الطبيعة، فحقق أرقاماً قياسية ببلوغه القمم السبع الأعلى في العالم بينها قمة ايفرست عام 2006 واجتيازه على مزلاجين القطبين الشمالي والجنوبي عام 2009

في جبال باكستان

في السياق ذاته يتسلق جيروم باجيس منذ عقدين المسالك الجبلية في شمال باكستان وهو متسلح بشباك لكن هذا الفرنسي لا يطارد الاسلاميين المتشددين بل فراشات جميلة مستعينا بفاكهة مخمرة. وجبن بلدة ماروال الفرنسية. وفي جبال منطقة ايوبية المغطاة باشجار ارز معمرة والتي تلوح في افقها منطقة كشمير، يبحث جيروم في ذلك اليوم عن فراشة نادرة من نوع معروف في الهند لكن لم يسبق ان رصد في باكستان المجاورة معقل حركة طالبان وجنة غير معروفة لمطاردي الفراشات.

ويقول الفرنسي الستيني بلحيته البيضاء وضحكته الصريحة امام فراشة صفراء مع تموجات خضراء "انها فراشة جميلة جدا! هي نوع لا نجده الا في جبال الهملايا". الا انها ليست الفراشة التي يسعى جاهدا الى ايجادها، لذا يواصل طريقه. مع مرافقه نصير وهو رجل قصير القامة لديه شاربان كبيران وهو من الشيعة الاسماعليين من بلدة هونزا الوقعة في وادي الهملايا ، جاب جيروم على مدى ستة اسابيع هذه السنة الغابات والهضاب و الجبال في شمال باكستان يرافقه عناصر مسلحون من الشرطة.

قبل هجمات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر، كانت هذه المناطق ببحيراتها الزمردية تجذب الاف السياح الاجانب. الا ان الوضع تغير منذ ذلك الحين. والاجانب القلائل الذين يأتون الى هذه المنطقة الصخرية يلازمهم عناصر من الشرطة كظلهم. وقد قتل عشرة متسلقي جبال خلال الصيف الحالي من قبل مجموعة اسلامية مسلحة في منطقة نانغانت باربات. وتتقلص المناطق المتاحة لمطاردي الفراشات القلائل مثل هذا الياباني النحيل البنية الذي التقاه جيروم هذه السنة، بسرعة بسبب انعدام الامن المتزايد في البلاد.

لكن هذا لم يمنع الاخصائي في علم الحشرات ودليله وسائقه على متن سيارة جيب "ويلليس" خضراء من ان يجوبوا هذه السنة ايضا اجزاء كبيرة من مناطق خيبر باختونخوا وجيلجيت-بلتيستان وكشمير بحماية الشرطة.

في حياته اليومية يعمل جيروم استاذا في كلية الهندسة الزراعية في رين في منطقة بروتانييه الفرنسية. لكن مع انتهاء السنة الدراسية يتحول الى مستكشف ينتقل الى الجبال في شمال باكستان وفي اقاصي الهند والصين بحثا عن فراشات.

وبعدما طارد الفراشات في تركيا لسنوات، انتقل الى باكستان اعتبارا من العام 1994. ويوضح ان "الوصول الى افغانستان كان مستحيلا وايران صعبا لذا فرضت باكستان نفسها. وميزة هذا البلد انه يوفر مناطق متنوعة جدا" من غابات رطبة ومناطق صحراوية وتدرج بين مستوى البحر وجبال هملايا الشاهقة. ويوضح "مطاردة الفراشات في فرنسا لا تأتي بجديد لان كل الانواع معروفة فيها منذ قرن تقريبا لكن في باكستان يمكننا ان نأمل ايجاد نوع جديد".

وقد رصد الكثير من الانواع الجديدة قبل تغلغل حركة طالبان في وادي سوات الجميل في شمال غرب البلاد حيث فرض الاسلاميون المتشددون حكمهم بين العامين 2007 و2009 مانعين الفتيات من التوجه الى المدرسة. وقبل سنة على ذلك، اكتشف جيروم في وادي سوات جوهرة مجموعته وهي فراشة عريضة باجنحة بنية وصفراء كانت غير معروفة حتى الان اسماها "تنييا" تيمنا بزوجته آن واعطى نماذج منها الى متحف الانسان في باريس ومتحف "بريتيش ميوزيوم".

وفيما يطارد الخبير اشعة الشمس على سفوح الجبال والاشواك التي تجذب الفراشات، لا يتردد ايضا في جذب الفراشات من خلال فاكهة مخمرة او حتى جبن ماروال ذي الرائحة القوية والقشرة البرتقالية اللون. ويوضح "اشترت زوجتي هذا الجبن قبل ايام على بدء رحلتي لكن مدة صلاحيته كانت قد انتهت. فقررت أخذه معي في رحلتي الى باكستان" لان الفراشات تنجذب الى المواد العفنة. الا ان هذا الجبن لم يساعده بعد في العثور على الفراشة المرجوة من رحلته.

كنز على جبل

الى جانب ذلك عثر متسلق جبال فرنسي شاب على كنز من الاحجار الكريمة على مجلدة في جبل مون بلان في سلسلة جبال الالب من مخلفات تحطم طائرة هندية قبل نصف قرن على الارجح. والرجل الشاب الذي لا يريد الكشف عن هويته قام بهذا الاكتشاف خلال الصيف عندما كان يتنزه على مجلدة بوسون وهي شريط ضخم من الجليد ممتد من قمة اعلى جبل في اوروبا الغربية.

وقال باتريك كوينسي المدعي العام للجمهورية في البيرفيل (الوسط الشرقي) ان المتسلق عثر على علبة بحجم علبة سكر معدنية قديمة الطراز وكانت تحمل عبارة صنعت في الهند تكاد لا تقرأ. وداخل العلبة وقع على حجارة كريم صغيرة جدا يصل وزنها الاجمالي الى 136 غراما. واوضح المدعي العام اكبر هذه الحجارة يصل وزنها الى 1,5 غرام.

وقال قائد الدرك في البيرفيل سيلفان ميرلي كان بامكانه ان يحتفظ بكل شيء لكنه فضل نقل الحجارة الى مركز الدرك في بورسان موريس (سافوا) قرب مكان اقامته. وقد ختمت الحجارة الكريمة وهي من الزمرد والياقوت الاحمر والازرق بالشمع الاحمر وقدر احد الصاغة قيمتها بين 130 و246 الف يورو. واشاد القائد ميرلي والمدعي العام ب"نزاهة" المتسلق الشاب. واوضح قائد الدرك من الواضح ان الامر يتعلق بحجارة كريمة لكنه ادرك فورا انها ملك شخص توفي على هذه المجلدة وفضل تاليا تسليمها.

هذا الكنز هو على الارجح من مخلفات طائرة هندية تحطمت على هذا الجبل قبل اكثر من خمسين عاما. وكانت طائرتان تحطمتا في المنطقة نفسها بفارق 16 عاما. فطائرة مالابار برينسيس التابعة لشركة "اير انديا" تحطمت في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر 1950 على ارتفاع 4700 متر واسفرت الكارثة عن سقوط 48 قتيلا. وسرت شائعات مفادها ان الطائرة كانت تنقل سبائك ذهب من دون ان يعثر على اي اثر لها.

وفي 24 كانون الثاني/يناير 1966 تحطمت طائرة "كانغشينجونغا" التابعة ايضا لشركة "اير انديا" كانت تقوم برحلة بين بومباي ونيويورك على المجلدة نفسها وفيها 117 راكبا على ارتفاع 4750 مترا. ولم ينج احد من ركابها. ومنذ هذين الحادثين تجرف المجلدة بوسون بانتظام اجزاء من حطام الطائرات التي سقطت في جبل مون بلان. فالمجلدة تسيل بانتظام على طول الجبل وتلفظ عند جوانبها كل ما جرفته من القمة.

وقال المدعي العام ان هذه الحجارة الكريمة تأتي على الارجح من حادث العام 1966 لان طائرة العام 1950 كانت تنقل بحارة. وفي العام 1975 اكتشف دليل الجبال العالية كريستيان كولييه من جهته على مجلدة بوسون ايضا عجلات الهبوط العائدة لطائرة "مالابار برينسيس" خلال سباق في الجبال. وفي ايلول/سبتمبر 2008 نقل المغامر الفرنسي من ليون، دانييل روش بمروحية من هذه المجلدة نفسها احد محركات الطائرة نفسها. وقد عثر في المكان نفسه تقريبا على قصاصات صحف هندية تعود الى 23 كانون الثاني/يناير 1966 اي عشية تحطم طائرة "كانغشينجونغا". بحسب فرانس برس.

في آب/اغسطس 2012، عثر متسلقان شابان من شاموني على حقيبة دبلوماسية هندية تحوي قصاصات صحف وقد سلماها رمزيا الى السلطات الدبلوماسية الهندية. وبوشر باجراء اداري لدى السلطات الهندية وشركة "اير انديا" في محاولة للعثور على مالك هذه الحجارة الكريم او ورثة محتملين. وفي حال عدم العثور على اي مالك في غضون سنتين سيعود نصف الكنز الى المتسلق الشاب على ما افاد المدعي العام. اما الجزء الثاني فسيعود الى مجلدة بوسون اي بلدة شاموني وبالتالي الى الدولة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 9/تشرين الثاني/2013 - 5/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م