العمالة في الخليج... اشكالية تجاوز سقف المقبول

تقرير : كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تعد دول الخليج من أكثر دول العالم استقطابا للأيدي العاملة المهاجرة، إذ تعتمد هذه الدول على العمالة الأجنبية بصورة رئيسية لعدة اسباب ابرزها محدودية العدد السكاني فيها، إضافة إلى قلة الخبرة والمهارة المطلوبة، فضلا عن قابلية العمالة الأجنبية على التكيف في كافة الأعمال بالرغم من تنوع مصاعبها وظروفها.

فقد كشفت الدراسات الحديثة أن دول الخليج تجاوزت نسبة تحديد سقف عدد العمالة الوافدة لديها، مما خلق عدم توزان بين السكان والوافدين تهديدا للأمن الوطني، كما هو الحال مع الامارات التي سمحت السلطات لالاف الأطفال الذين ولدوا من أباء أجانب وأمهات من الامارات بالتقدم بطلبات للحصول على الجنسية، في حين يبلغ عدد العمالة الوافدة تسعة ملايين شخص في السعودية التي تسجل نسبة 12,5 في المئة من البطالة رسميا، وقد ترك التوافد الهائل للعمالة الاجنبية في الخليج آثارا جما على المستوى الاجتماعي والحقوقي، حيث تعرض سجل السعودية في مجال حقوق الانسان لانتقادات في الامم المتحدة واتهم منتقدون المملكة بانتهاك الحقوق الاساسية للنساء والعمال الاجانب.

فلا تزال حقوق العمال مشكلة رئيسية في اغلب بلدان الخليج وخاصة السعودية وقطر والامارات، ولاسيما ما يسمى بالعمالة السائبة، إذ يستمر مسلسل الاضطهاد والاستغلال للعمال في السعودية، فقد اعلنت السلطات ترحيل ومغادرة ما لا يقل عن 900 الف عامل غالبيتهم العظمى من دول جنوب شرق اسيا، ويشار الى ان اجراءات تعديل المهنة ونقل الكفالة غالبا ما تعني عاملا واحدا، يشار الى ان غالبية العمالة المخالفة من دول جنوب شرق اسيا خصوصا الهند وبنغلادش وباكستان فضلا عن الفيليبين واليمن ومصر، وتوعدت الحكومة السعودية  بشن حملات تفتيش بعد انتهاء مهلة التصحيح في الشركات والأسواق والأحياء التجارية لتعقب العمالة التي تخالف الأنظمة المعمول بها بالعمل لحسابها أو لدى كفيل غير المثبت في أوراقهم الرسمية، بينما الكثير من الخبراء والمحللين الاقتصاديين على المخاطر العديدة التي تترتب على تضخم أعداد العمالة الآسيوية في دول الخليج ووصولها لمراكز حساسة داخل البنية العامة للمجتمع الخليجي وخصوصا البنية الاقتصادية لتلك الدول، في حين بدأت حصّة العمّال من الدخل القومي بالانحسار في معظم بلدان الخليج، وأن ذلك أفضى إلى استياء المواطنين، وازدياد خطر ظهور اضطرابات اجتماعية وحقوقية.

العمالة السائبة

في سياق متصل شهدت شوارع العاصمة السعودية الرياض هدوءا نادرا مع تجنب أعداد كبيرة من الوافدين الخروج من منازلهم في اليوم الأول بعد انتهاء المهلة التي منحتها الحكومة للمخالفين لأنظمة العمل من أجل تصحيح أوضاعهم.

وعلى غير المعتاد في أوقات الذروة كانت السيارات تتحرك في شوارع العاصمة بانسيابية ومرونة ولم تكن الشوارع وحدها التي خلت من المارة إذ هجر العمال العديد من مواقع البناء كما أغلقت الكثير من المحال أبوابها في عدد من الأحياء التي يقطنها الوافدون أصحاب الدخول المنخفضة، وكانت حملات التفتيش التي انطلقت في مارس آذار - قبل صدور الامر الملكي بالمهلة - أسفرت عن ترحيل آلاف المخالفين الامر الذي أثار مخاوف عدد كبير من المخالفين العاملين في المملكة التي تضم تسعة ملايين وافد توفر تحويلاتهم دعما لاقتصاد بلدانهم وعلى رأسها الهند وباكستان والفلبين وبنجلادش واليمن والسودان ومصر.

ونقلت صحيفة الاقتصادية عن مفرج الحقباني نائب وزير العمل قوله إن عدد العمليات التصحيحية من المهلة بلغت منذ بداية الحملة أكثر من تسعة ملايين عملية تصحيحة، وأضاف " المهلة كانت كافية للجادين لتصحيح أوضاعهم سواء على مستوى المنشآت أو العمالة الوافدة...الوزارة تأخذ بعين الاعتبار وضع العمالة التي لا زالت معاملاتها تحت الإجراء وستمنحهم فرصة لإنهاء إجراءاتهم شرط تقديم ما يثبت ذلك"، من جهته قال اللواء منصور التركي المتحدث باسم وزارة الداخلية في بيان "الحملة الأمنية الميدانية التي سيتم تنفيذها مع وزارة العمل ستشمل كافة المدن والمحافظات والقرى والهجر التي تربطها ببعضها البعض وستضبط الوافدين الذين يعملون لحسابهم والمتغيبين عن العمل والمتأخرين عن المغادرة من القادمين بتأشيرات حج أو عمرة أو زيارة بأنواعها أو للسياحة أو للعلاج أو للعبور والمتسللين المقبوض عليهم خارج الحدود"، وأضاف التركي "سيتم إيقاف المخالفين في مواقع مخصصة للإيواء واستكمال الإجراءات النظامية لتنفيذ العقوبات بحقهم وترحيلهم...(كما) سيتم ضبط من يقوم بتشغيل أي من المخالفين وكل من يترك عمالته يعملون لحسابهم الخاص ومن يتستر عليهم أو يؤويهم أو ينقلهم أو حتى المستفيدين الذين لم يبلغوا عن تأخر من استقدموهم عن المغادرة في الوقت المحدد لمغادرتهم".

وعلى مدى العامين الماضيين أطلقت وزارة العمل عددا من البرامج الرامية لإصلاح سوق العمل ورفع نسبة السعوديين العاملين بالقطاع الخاص بأن عدلت نظام حصص التوظيف القائم في القطاع الخاص وفرضت غرامات على الشركات التي تعين عددا من المغتربين أكبر من عدد موظفيها السعوديين، ويبلغ معدل البطالة الرسمية في المملكة 12 بالمئة ويمثل الوافدون 55 بالمئة من إجمالي القوة العاملة البالغة نحو 11 مليونا.

بموجب قانون العمل السعودي يفرض على كل عامل وافد ان يكون له كفيل محلي لكن كثيرين يقومون بتغيير وظائفهم بعد دخول المملكة دون تغيير المهنة في بطاقة الإقامة، وتستغل الشركات نظام الكفالة في التحايل على القوانين الصارمة لوزارة العمل عن طريق تسجيل الأجانب العاملين بها لدى كفيل آخر. كما أدى النظام إلي ظهور سوق سوداء للعمالة إذ يتقاضى الكفلاء أموالا من الوافدين المسجلين لديهم لتجديد إقاماتهم بينما هم في واقع الأمر يعملون في وظائف أخرى، وعلى مدى الأسابيع الماضية أصدرت وزارة العمل وجهات حكومية أخرى تحذيرات متكررة في وسائل الإعلام وعبر رسائل نصية ناشدت فيها المخالفين سرعة تصحيح أوضاعهم لتفادي الإجراءات الحاسمة المرتقبة والتي تصل إلى الترحيل من البلاد للمخالفين وإلى السجن عامين والغرامة بحد أقصى 100 ألف ريال للمتسترين عليهم.

وخارج أحد مكاتب الجوازات بالعاصمة اصطف العشرات من العمال الوافدين من جنوب شرق آسيا وبلدان عربية أخرى في طابور طويل في محاولة لمغادرة البلاد دون دفع غرامات وحمل بعضهم متعلقاتهم الشخصية على أمل مغادرة المملكة على الفور، وقالت إحدى ربات المنازل إن خادمتها التي كانت تعمل لديها لم تأت إليها خشية الترحيل.

وذكرت خادمة إثيوبية أنها وعدد من زملائها قررن البقاء في المنزل لحين اتضاح الصورة خشية القبض عليهن إذ فشلن في العثور على أسر ينقلن كفالتهن لديها بدلا من كفيلهن السعودي الحالي الذي يجعلهن يعملن مقابل رسوم سنوية.

فيما قالت عاملة بمركز تجميل إنها نقلت كفالتها لتتبع الآن زوجها وقررت البقاء في المنزل والعمل لدى "الزبائن الموثوق بهم عبر الذهاب إلى منازلهم" وفي سؤال عما إذا كانت تخشى القبض عليها قالت "زوجي يوصلني لمنازل زبائني واذهب لمن أثق بهم فقط ...لا أحد سيدخل المنازل للتفتيش"، وفي المنطقة الصناعية بالرياض حيث يعمل عدد كبير من العمال الأجانب اغلقت معظم المحال، وقال شاهد عيان لرويترز إنه رأى سيارة شرطة في شارع مجاور وبمجرد سماع صوت الإنذار الخاص بالسيارة التي كانت على مسافة بعيدة لمح نحو عشرة عمال يجرون في محاولة للهرب والاختباء، وقال أبو صفوت وهو سوري يمتلك محلا لبيع العدد اليدوية والآلات "اليوم لم أبع أي شيء. الوضع سيء للغاية وأثر على حركة البيع والشراء"، فيما قال صاحب محل آخر امتنع عن ذكر اسمه "انا وابني نعمل بأنفسنا اليوم لأن من يعملون لدينا قرروا البقاء في منازلهم خشية الترحيل".

وفي منطقة البطحاء بجنوب الرياض حيث يقطن الآلاف من العمال الأجانب محدودي الدخل اغلقت المحال فيما فتحت فقط تلك التي يعمل بها مواطنون سعوديون وخلا الشارع الذي يعج دائما بالبائعين والمشترين لكل شيء من الفاكهة والملابس إلى الأدوات المنزلية وأجهزة الهاتف المحمول من نشاطه المعتاد.

على الصعيد نفسه يغادر الالاف من الاسيويين السعودية مع اقتراب انتهاء المهلة الزمنية لتصحيح اوضاع العمالة المخالفة لنظام الاقامة والعمل، في حين تمكن ملايين من تسوية امورهم وبلغت اعداد المرحلين 900 الف منذ بدء الحملات مطلع العام الحالي.

وقال سليمان احمد الاثيوبي الجنسية بينما كان في البطحاء وسط الرياض "جئت الى السعودية للمرة الثانية. دفعت عشرين الف ريال (5400 دولار) خسارة والكفيل اختفى لا اريد البقاء هنا سارحل"، ونقلت تقارير اعلامية قبل ايام عن احمد الحميدان وكيل وزارة العمل للشؤون العمالية ان الوزارة انهت تغيير مهنة 1,958 مليون عامل ونقل خدمات 2,087 مليون اخرين منذ بداية الحملة، في نيسان/ابريل الماضي.

من جهته، اكد الناطق الرسمي للمديرية العامة للجوازات المقدم احمد اللحيدان "مغادرة اكثر من 900 الف وافد بتأشيرات خروج نهائي" حتى العشرين من الشهر الحالي، وطلب عدد من الدول الاسيوية تمديد المهلة عدة اشهر اخرى لتسوية اوضاع رعاياهم المخالفين.

واعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية عزيز احمد شودري لفرانس برس "لقد طلبنا من الحكومة السعودية تمديد المهلة الزمنية حتى 31 كانون الثاني/يناير 2014 لكي تتمكن بقية الباكستانيين الاستفادة" من تصحيح الاوضاع.

بدروها، قدمت الفيليبين طلبا الى وزارة الخارجية لتمديد المهلة نظرا لعدم تمكنها من تلبية طلبات الالاف من مواطنيها، لكن المتحدث الرسمي لوزارة العمل حطاب العنزي نفى وجود نية لتمديد المهلة التصحيحية التي تنتهي الاحد المقبل، بحسب مصدر رسمي، يشار الى ان غالبية العمالة المخالفة من دول جنوب شرق اسيا خصوصا الهند وبنغلادش وباكستان فضلا عن الفيليبين واليمن ومصر.

ويقدر بعض العمال الاسيويين ان عدد المغادرين والمرحلين "اكثر من المعلن" مشيرين الى "خلو الاماكن" المعتادة لتجمع العمالة التي تبحث عن عمل يومي في الرياض، وقال الباكستاني حافظ الدين شاه بينما كان واقفا في احد شوارع منطقة السليمانية (غرب الرياض) "الاعداد اكثر مما هو معلن (...) نحن في السوق نراقب ونرى لم تعد الاوضاع كما كانت عليه في السابق"، واضاف الاربعيني صاحب اللحية المخضبة بالحنة لفرانس برس "اذا كنت في هذا المكان سابقا لكان هناك المئات. اما الان فكما ترى عددهم لا يكاد يتجاوز العشرين شخصا"، واكد شاه الذي كان يعمل سائقا انه تمكن من نقل الكفالة الى شخص اخر مقابل مبلغ عشرة الاف ريال (2700 دولار) مشيرا الى انه يعمل في احدى شركات النقل حاليا، بدوره، قال الهندي شيخ اطهر انه تمكن من تصحيح وضعه القانوني ايضا.

اما بالنسبة لتاثير مغادرة العمالة على الاقتصاد، قال عبد الوهاب ابوداهش الخبير الاقتصادي "لا اعتقد ان مغادرة هذه الاعداد السعودية ستؤثر على عجلة الاقتصاد، لانها في الاساس عمالة فائضة عن الحد المطلوب وكانت تقوم باعمال غير مهمة للغاية، تنظيم سوق العمل هو الاهم"، اضاف لوكالة فرانس برس "هذه الاعداد لم يكن يحتاجها الاقتصاد والا كان تم تصحيح اوضاعه كما صحح الاخرون اوضاعهم لو كان بحاجة لها (...) خروج مليون وافد مخالف وقد يلحق بهم نصف مليون اخر بعد انتهاء المهلة، كانت ضمن حدود التوقعات".

ومنذ مدة، تحض وزارتي الداخلية والعمل جميع الوافدين المخالفين لنظامي الاقامة والعمل على الاستفادة من تمديد مهلة التصحيح، لانه سيتم تطبيق العقوبات المقررة بحق المخالفين ومن يشغلهم بكل حزم ودون تهاون بعد انتهاء المهلة الزمنية، وتلوح الوزارتين بحملات تتضمن جولات ميدانية مباغتة على الشركات والمؤسسات مستعينة بدوريات من الشرطة بعد تجهيز فرق تفتيش مدربة تم منحها الصلاحيات اللازمة لضبط العمالة المخالفة في اماكن عملها.

وفي هذا السياق، قال ابو داهش "نتوقع مغادرة المزيد من العمالة في الاشهر القادمة بعد بدء حملات التفتيش، واعتقد ان تنظيم سوق العمل يجب ان يستمر لاسيما العمالة الوافدة، وتعامل الشركات مع العمالة داخل المنشات التجارية مهم جدا"، يذكر ان حملات الترحيل لمن لا يوجد بحوزتهم اقامة بدات مطلع العام الحالي وشملت حوالى 200 الف مخالف خلال الاشهر الثلاثة الاولى.

بدوره، قال الخبير الاقتصادي احسان ابو حليقة لفرانس برس ان "الاقتصاد السعودي لن يتاثر بترحيل هؤلاء". واضاف ان "هذه العمالة هامشية من حيث الكفاءة والمهارات كما ان ما يقارب الربع من هم من الاميين بلغاتهم الاصلية لذا فان تاثيرها محدود جدا"، ودعا ابو حليقة الى "اعادة هيكلة العمالة الوافدة، اي جلب اصحاب الخبرات والكفاءة لان هؤلاء مفيدون في عملية التنمية الاقتصادية"، وختم قائلا ان "المجتمع استخدم العمالة الهامشية بدواعي الكسل ليس اكثر".

الهوية الوطنية

فيما أثارت دعوة وجهها أحد مواطني دولة الامارات العربية المتحدة بالنظر في منح بعض الوافدين الحق في التقدم بطلب للحصول على الجنسية جدلا حول الهوية الوطنية للدولة الخليجية حيث يتجاوز الأجانب عدد السكان المحليين بأكثر من خمسة أمثال.

وصاحب الدعوة هو سلطان سعود القاسمي الذي ينتمي إلى إحدى الأسر الحاكمة في الامارات واحد من المعلقين البارزين في البلاد وأحد أشهر مستخدمي موقع تويتر في الشرق الأوسط ويتابع تغريداته ما يربو على 250 ألف شخص، واقترح القاسمي في مقال بإحدى صحف دبي فتح الباب امام تجنيس بعض الأجانب المقيمين منذ فترة طويلة في البلاد الذين قدموا اسهامات كبيرة للمجتمع قائلا أن المجتمع الاماراتي مستعد للتغيير.

وكتب القاسمي في صحيفة جلف نيوز في سبتمبر أيلول "ربما حان الوقت في النظر في طريقة التجنيس...سيفتح هذا الباب أمام رجال الأعمال والعلماء والاكاديميين وغيرهم من الأفراد المجتهدين الذين قدموا المساندة والرعاية للبلاد كما لو كانت بلدهم"، لكن رد الفعل الغاضب على المقال يشير إلى أن الكثير من الاماراتيين يفكرون بصورة مغايرة، وسرعان ما جذب وسم (هاشتاج) باللغة العربية تحت عنوان كاتب لا يمثلني عشرات من التغريدات الغاضبة، وكتب مستخدم لتويتر عرف نفسه باسم سيف النيادي تغريدة تقول " اذا حاب تتودد للاجانب مش ع حساب بلادنا يا مثقف." واستاء كثيرون من أن القاسمي كتب المقال بالانجليزية مستهدفا الأجانب فيما يبدو وليس باللغة العربية مخاطبا الشعب الاماراتي.

وغرد عبد الخالق عبد الله استاذ العلوم السياسية الاماراتي خارج السرب وأثنى على القاسمي لاثارته هذا الموضوع وقال "يعجبني الانسان الذي لا يتردد من اعتلاء المنابر ليقول رأيه في القضايا الاجتماعية وحتى السياسية بجرأة. سلطان القاسمي نموذج."

وتراوحت الاعتراضات بين مخاوف من مزيد من الانفاق - إذ تنفق الامارات عشرات المليارات سنويا على خدمات مجانية مثل التعليم والرعاية الصحية وعلى قروض الاسكان والمنح لسكانها الذين يقدر عددهم بنحو 1.4 مليون نسمة - إلى ما إذا كان بوسع المواطنين المتجنسين أن يصبحوا اماراتيين بحق.

لكن الشاغل الأكبر ربما يكون ما هو التأثير الذي قد يحدثه الأجانب على النظام السياسي في الامارات وثقافتها المحافظة التي تقوم على القيم القبلية الراسخة والتي تعتبر مهددة بالفعل.

وبالرغم من أنه لا توجد فرصة لتنفيذ اقتراح القاسمي في المستقبل المنظور تكشف ردود الأفعال التي أثارها عن قلق عميق في مجتمع يعتمد على الأجانب كعاملين وسائحين لكنه يحاول أيضا حماية نفسه من التشبه بهم، وقال رجل الأعمال عبد الله المهيري (35 عاما) "نحن من غير تجنيس الهوية الوطنية عندنا الله يستر عليها ووضعها مزري فما بالك بالتجنيس".

ودولة الامارات عمرها 40 عاما فقط إذ تأسست عام 1972 بعد عقود من الانتداب البريطاني.

وتقدم أبوظبي أكبر الامارات السبع التي تشكل الدولة الخليجية وهي أيضا عاصمة البلاد نصيب الأسد من الميزانية الاتحادية إذ تتمتع بعائدات نفطية هائلة وعادة ما تمول مشروعات البنية التحتية والرعاية الاجتماعية في الامارات ذات الموارد المحدودة مثل رأس الخيمة. وتحقق دبي معظم ثروتها من التجارة والسياحة والخدمات المالية.

وقبل اكتشاف النفط في الخمسينيات من القرن الماضي كان السكان ومعظمهم مسلمون سنة يعيشون في الصحراء أو في بلدات ساحلية صغيرة ويكسبون قوتهم من صيد اللؤلؤ والتجارة.

ولا يبقى سوى القليل من أثار هذا الماضي وسط ناطحات السحاب الحديثة ومراكز التسوق الراقية ومن بين هذه الاثار منزل جد حاكم دبي وأسواق التوابل وزوارق الصيد الخشبية التي لا تزال تحمل البضائع إلى ايران والصومال.

ويتنوع السكان الأجانب بين عمال بناء يحصلون على أجور زهيدة معظمهم من جنوب آسيا يعيشون في معسكرات على مشارف المدن الكبرى ومديرين تنفيذيين يحصلون على مرتبات سخية معفية من الضرائب. وتجلب السياحة عشرة ملايين أجنبي آخر سنويا إلى دبي وحدها.

ويسمح للأجانب بشرب الكحوليات في الفنادق وارتداء ملابس بحر من قطعتين (البكيني) على الشواطيء العامة لكن تصرفاتهم وملابسهم تتناقض بصورة صارخة مع المواطنين الاماراتيين الذين يتسمون بالاعتدال وعادة ما يرتدون الملابس التقليدية ذات اللون الواحد.

وكثير ما توجه إليهم اتهامات بمخالفة قيم البلاد ويحاكمون أحيانا لانتهاك قانون الاحتشام. وفي قضية حديثة وقعت في نوفمبر تشرين الثاني الماضي وجهت اتهامات لسيدة بريطانية ورجل ايرلندي بممارسة أفعال جنسية في سيارة أجرة بدبي وحكم عليهما بالسجن ثلاثة أشهر ثم تم ترحيلهما، وفضلا عن الاختلافات الثقافية يجد الكثير من الاماراتيين صعوبة في الاقتناع بان الأجانب مستعدون لقبول النظام السياسي للبلاد. بحسب رويترز.

وكتب المعلق جلال بن ثنية ردا على القاسمي في جلف نيوز "بعد منحهم الجنسية..هل ستكون الحقوق السياسية هي الخطوة التالية؟، وذكر المهيري رجل الاعمال الذي لم يفز بمقعد في المجلس الوطني عن رأس الخيمة أن الأجانب المتجنسين لن يشاركوا على الأرجح الاماراتيين في ايمانهم بأهمية الاستقرار قبل كل شيء، وأضاف "ليس لدينا أحزاب سياسية ولا مشاكل سياسية لدينا استقرار سياسي وما أحد يريد أن يشتري زعزعة. كيف تضمن أن التجنيس يحافظ على استقرارنا؟".

وقال مصبح الكتبي عضو المجلس الوطني إن منح الجنسية لآخرين قد يشوه سكان البلاد بصورة أكبر كما شكك في ولاء المتجنسين وقال "كيف يكون لهم ولاء للبلد الوطنية إحساس مغروس في المواطن"، وقال القاسمي لرويترز انه هدفه كان المطالبة بعملية لمنح الجنسية فقط وليس فتح الباب على مصراعيه أمام تجنيس الأجانب، وأضاف "يبدو أن بعض المنتقدين يشعرون بعدم الأمان لدرجة خوفهم من تآكل هويتهم خلال 1000 سنة".

انتهاك حقوق الوافدين

الى ذلك قال مسؤول حقوقي إن مقطع فيديو يظهر سعوديا فيما يبدو يضرب عاملا اسيويا لأنه تحدث مع زوجته دفع كثيرين للدعوة لإجراء تحقيق رسمي، ولفت المقطع الذي نشر على الانترنت الانتباه الى ما تقول جماعات مدافعة عن حقوق الانسان إنها مشكلة أوسع تتمثل في إساءة معاملة المستخدمين السعوديين للعمال الاجانب. ولم تستطيع رويترز التحقق من صحة الفيديو ولم يتسن الاتصال بالحكومة للتعليق.

ويظهر الفيديو عاملا اسيويا يرتدي زيا برتقاليا يضربه رجل يتحدث بلهجة سعودية ويرتدي جلبابا ابيض، ويتهم السعودي العامل الاسيوي بأنه تحدث الى زوجته ثم قام بجلده بحزام بينما كان العامل يصرخ الما. ويبدو ان واقعة الضرب جرت في منزل السعودي. ولم يتضح من الذي كان يصور بكاميرا الفيديو. بحسب رويترز.

وقال مفلح القحطاني رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الانسان المرخصة من الحكومة بالهاتف لرويترز إن الجمعية تحقق في الواقعة وإنها خاطبت السلطات للتحقق من صحة هذا الفيديو وتحديد من قام بهذا. وأضاف أنه اذا تأكدت صحته فستطالب الجمعية بمعاقبة مرتكب الاعتداء وبمنح العامل الاسيوي حقوقه.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 9/تشرين الثاني/2013 - 5/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م