أسرى السجون الإسرائيلية... حرية باهظة الثمن

 

شبكة النبأ: قضية الإفراج عن الأسرى في السجون الإسرائيلية والذين اعتقلوا قبل اتفاق أوسلو للسلام في العام 1993، هي اليوم محط اهتمام العديد من الأوساط السياسية والإعلامية والشعبية في إسرائيل وفلسطين والعديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية كما يقول بعض المراقبين، الذين أكدوا على ان ملف حقوق المعتقلين والأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي والذي يصل عددهم الى أكثر من 4500 أسير فلسطيني وعلى الرغم من التطورات الجديدة والمهمة لايزال يحتاج الكثير من العمل، خصوصا وان الحكومة الإسرائيلية التي أقدمت على إطلاق سراح هؤلاء الأسرى توجه موجة انتقادات شديدة داخل إسرائيل، هذه الصفقة الجديدة والتي أتت ضمن تفاهمات إعادة إحياء عملية المفاوضات وبرعاية أمريكية اعتبره البعض مقايضة مقابل الحصول على الأرض والاستمرار في عمليات بناء المستوطنات جديدة، وفي هذا الشأن فقد أفرجت إسرائيل عن 26 سجينا فلسطينيا في المرحلة الثانية من عفو محدود يهدف الي مساعدة محادثات سلام ترعاها الولايات المتحدة تسير بخطى متعثرة بسبب انقسامات في كلا الجانبين. ونقل السجناء المفرج عنهم والذين ادينوا بقتل اسرائيليين قبل او بعد اتفاقات السلام المؤقتة التي وقعت قبل عقدين في حافلات من السجن الى اماكن تجمع فيها اقاربهم للترحيب بهم في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة. ورغم ان الاف الفلسطينيين مازالوا في السجون الاسرائيلية الا ان عملية الافراج عن السجناء قد تدعم مصداقية الرئيس الفلسطيني محمود عباس وهو يجري مفاوضات مع إسرائيل ترفضها حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة.

واستؤنفت المفاوضات بين ادارة عباس واسرائيل في واشنطن في يوليو تموز بعد توقف استمر ثلاثة اعوام. ولم يكن للمحادثات التي تجرى في طي الكتمان تأثير يذكر في طمأنة الفلسطينيين المنزعجين من الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية المحتلة او الاسرائيليين الذين يشكون في قدرة عباس على إلزام حماس بالتقيد بأي إتفاق سلام مستقبلا. ولا يرغب اي من الجانبين في اصابة ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما بخيبة أمل بعد ان جعلت من المصالحة بينهما أولوية لسياستها في الشرق الاوسط. والقضية الهامة الاخرى بالنسبة لواشنطن هي برنامج ايران النووي المثير للجدل والذي ترى فيه إسرائيل خطرا على وجودها.

وقال موشي يعلون وزير الدفاع الاسرائيلي في كلمة مشيرا الى الافراج عن السجناء الفلسطينيين بوصفي واحدا قضى معظم سنوات عمره في محاربة الارهاب الفلسطيني في اسرائيل والخارج هذا الحدث ليس سهلا بالنسبة لي. وقال ان اسرائيل واجهت ظروفا دبلوماسية حساسة واعتبارات استراتيجية جسيمة خلال الاشهر القليلة الماضية تتطلب ان نتخذ خطوات صعبة ومؤلمة. هذا موقف لا يوجد فيه أبيض وأسود.

وكانت اسرائيل قد افرجت عن مجموعة من 26 سجينا فلسطينيا في وقت سابق في إطار تفاهمات تم التوصل اليها اثناء جهود دبلوماسية مكوكية قام بها وزير الخارجية الامريكي جون كيري الذي حدد إطارا زمنيا مدته 9 اشهر لاختتام المفاوضات. وفي المجمل سيتم الإفراج عن 104 سجناء ممن صدرت عليهم أحكام بالسجن لفترات طويلة. وتجمع مئات من اقارب السجناء والمهنئين عند مكتب عباس في مدينة رام الله بالضفة الغربية لاستقبال 21 من الرجال المفرج عنهم في احتفالات ورددوا هتافات تقول أبطالنا عائدون.. يعيش الاسرى.

ودعا عدد من الأسرى المفرج عنهم الذين صعب التحدث معهم بسبب ازدحام الناس حولهم وسعيهم لاصطحابهم الى منازلهم التي لم تعد تلك المنازل التي خرجوا منها عند اعتقالهم الى مواصلة العمل من اجل الإفراج عن باقي الأسرى. وقال الاسير الفلسطيني المفرج عنه موسى قرعان الذي سجن عام 1992 بتهمة القتل انه يفكر في زملائه الذين تركهم خلفه في السجون الاسرائيلية وقال انه رغم انه مطلق السراح الا انه يشعر بالحزن لوجود سجناء آخرين داخل السجون وأعرب عن أمله في الإفراج عنهم. وقال قرعان تبقى الفرحة منقوصة دون الإفراج عن باقي الاسرى. وذهب الخمسة الاخرون من الاسرى المفرج عنهم الى غزة حيث أعدت احتفالات مماثلة في الجانب الاخر من الحدود مع إسرائيل.

وتعهد عباس في كلمة له في حفل استقبال الاسرى بعدم التوقيع على اتفاق سلام نهائي مع اسرائيل وهناك أسير واحد خلف القضبان. وأضاف عباس قائلا نبارك ونحيي اخوتنا الابطال القادمين من وراء القضبان الى دنيا الحرية . الان نتكلم عن 104 أسرى جميعهم بإذن الله سيخرجون كما خرج إخوتنا هؤلاء. لن تتم الفرحة الا بإخراج الجميع من السجون.

ويقول الفلسطينيون ان اسرائيل تحتجز في سجونها ما يقارب 5000 معتقل بينهم اطفال ونساء وشيوخ منهم من يقضي حكما بالسجن واخرون لم تتم محاكمتهم بعد. ورفض عباس ما صدر من تصريحات جاء فيها ان صفقة الافراج عن الاسرى كانت مقابل استمرار إسرائيل في التوسع الاستيطاني. وقال قد توجه الينا انتقادات هنا وهناك. حرية اسير واحد اهم من التفاهات التي يطلقونها. بحسب رويترز.

وأصدرت الحكومة الفلسطينية بيانا قالت فيه ان الافراج عن هؤلاء الاسرى هو مقدمة لعفو كامل عن كل السجناء واقامة دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة تكون القدس الشرقية عاصمة لها. وقالت ان الفلسطينيين سيرفضون اي محاولات من جانب اسرائيل للاتجار بالسجناء مقابل الاستمرار في البناء الاستيطاني. لكن صائب عريقات مبعوث عباس للسلام قال ان الفلسطينيين أرجأوا تقديم طلبات للانضمام الى مؤسسات الامم المتحدة المتاحة أمامهم الان منذ ان اعترف المجتمع الدولي العام الماضي بفلسطين كدولة غير عضو في الامم المتحدة.

ومن بين هذه المؤسسات المحكمة الجنائية الدولية التي يمكن للفلسطينيين ان يقاضوا اسرائيل أمامها بسبب المستوطنات التي تعتبرها معظم قوى العالم غير مشروعة. وقال عريقات ان ثمنا باهظا دفع لكن الدولة التي تحترم نفسها تدخل حربا لإعادة هذه الرموز في اشارة الى الاسرى وقال ان بعضهم قضى 19 عاما في السجن بل 30 عاما.

جدل في إسرائيل

على صعيد متصل أحدثت عملية الإفراج عن السجناء الفلسطينيين صدعا في الحكومة اليمينية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وأيد حزب البيت اليهودي الذي ينتمي لأقصى اليمين وهو ضمن الائتلاف الحاكم دعوة اسرائيليين فقدوا اقارب لهم أو اصيبوا خلال هجمات فلسطينية بإلغاء العفو. لكن المحكمة العليا الاسرائيلية رفضت طعنا على قرار العفو.

وقال حزب البيت اليهودي الذي يعارض اقامة دولة فلسطينية في بيان إن إطلاق سراح الارهابيين مقابل حق تسيبي ليفني (كبيرة المفاوضين الإسرائيليين) المشكوك فيه في لقاء صائب عريقات (كبير المفاوضين الفلسطينيين) خطير للغاية. وحاول حزب البيت اليهودي بزعامة نافتالي بينيت تمرير اقتراح بتجميد اجراءات الافراج المقبلة من خلال لجنة وزارية وصوت حزب ليكود الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء الاسرائيلي برفض الاقتراح.

وقالت ليفني زعيمة حزب هاتينواه الوسطي الصغير في صفحتها على موقع فيسبوك بعد رفض مقترح حزب البيت اليهودي الصورة واضحة الان تعمل الحكومة وبخلاف أحد الأحزاب المشاركة فيها من أجل المصلحة الوطنية.. تدفع هذه الحكومة عملية السلام إلى الأمام. ولم ينته الخلاف عند هذا الحد حيث انتقد بينيت وزراء حزب ليكود وقال إطلاق سراح الإرهابيين أمر غير أخلاقي ويضعف إسرائيل ويعرض مواطنيها للخطر وسنستمر في محاربته بطريقة ديمقراطية. بحسب رويترز.

وفي محاولة واضحة لإرضاء حزب البيت اليهودي والمتشددين في ليكود قال مسؤولو الحكومة إن مشروعات بناء وحدات سكنية جديدة ستعلن قريبا في الكتل الاستيطانية بالضفة الغربية المحتلة التي تريد إسرائيل الاحتفاظ بها في إطار أي اتفاق سلام بالمستقبل. وقال معلقون سياسيون إسرائيليون أن بينيت الذي يشغل حزبه 12 من مقاعد الكنيست البالغ عددها 120 مقعدا يتمسك بقضية الأسرى كوسيلة لكسب الأنصار اليمينيين التقليديين لنتنياهو والظهور في صورة زعيم بديل لهذا المعسكر. وأوضح يوفال شتاينتز وزير الشؤون الاستراتيجية في إسرائيل والعضو في حزب ليكود إن موافقة الحكومة على الافراج عن الأسرى تعني فعليا رفضها طلب الفلسطينيين وقف البناء في المستوطنات. وأضاف قضية الافراج عن السجناء هي بالتأكيد الأكثر إيلاما بالنسبة لنا جميعا. لكن ثمن تجميد البناء في المستوطنات من الناحية الاستراتيجية سيكون أعلى بكثير.

واضطر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهوالى تبرير قرار الموافقة على تحرير 26 أسيراً فلسطينياً في السجون الإسرائيلية وقال لم يكن أمام الحكومة خيار سوى اتخاذ هذا القرار الذي كان أحد أصعب القرارات». بهذه الجملة حاول رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، امتصاص غضب الإسرائيليين الذين اعترضوا على قرار مجلس الوزراء بالموافقة على تحرير 26 معتقلاً فلسطينياً من معتقلات الاحتلال.

رئيس الحكومة الذي عبر عن تعاطفه مع العائلات الثكلى اللواتي اعترضن على القرار، لفت إلى أن هذا القرار هو ضرورة يفرضها الواقع الذي نعيش فيه، مضيفاً اننا مضطرون للسير في ساحة دولية معقدة وكثيرة التحديات التي تفرض القيام بمناورات من اجل دولة اسرائيل. ورداً على المواقف المعترضة، رأى نتنياهو أنه من اللحظة التي تم فيها اتخاذ القرار ينبغي التصرف باتزان.

في السياق ذاته أعلنت إسرائيل عن خطط لبناء مئات من المنازل الاستيطانية الجديدة على أراض يريدها الفلسطينيون كجزء من دولتهم المستقبلية وذلك بعد ساعات من إطلاق سراح مجموعة من الأسرى الفلسطينيين. وقالت وزارة الداخلية الإسرائيلية إن 1500 وحدة سكنية ستقام في رامات شلومو وهي مستوطنة يغلب على سكانها اليهود المتطرفون أقيمت بالقدس الشرقية عام 1995.

وكان مسؤولون إسرائيليون قد قالوا إنه سيتم الإعلان عن مشروعات سكنية في مستوطنات تعتزم إسرائيل الاحتفاظ بها في أي اتفاق للسلام وذلك في محاولة لإرضاء الأعضاء اليمينيين في الائتلاف الحاكم. ويرى الفلسطينيون في المستوطنات عقبة في طريق إقامة دولة تتمتع بمقومات البقاء في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية. وترى معظم الدول المستوطنات الإسرائيلية غير مشروعة. وتعتبر إسرائيل مستوطنة رامات شلومو داخل دائرة بلدية القدس التابعة لها وتقول إن المدينة ستكون عاصمتها الأبدية الموحدة وهو شيء يقول الفلسطينيون إنه غير مقبول.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 6/تشرين الثاني/2013 - 2/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م