شبكة النبأ: في الاونة الاخيرة سببت
فضحية التجسس الامريكية على دول الاتحاد الاوربي وخاصة المانيا، خلاف
دبلوماسي لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية، قد يبدد الثقة
بين البلدين الحلفيين، وهذا الامر يطرح سؤالا هاما هل تتجسس أمريكا على
حلفائها قبل اعدائها؟.
حيث ظهرت بوادر الخلاف بشأن انشطة التجسس الأمريكية لاول مرة في وقت
سابق هذا العام بعد ان ذكرت انباء ان واشنطن تنصتت على مكاتب تابعة
للاتحاد الاوروبي وسجلت نصف مليون مكالمة هاتفية ورسائل بالبريد
الالكتروني ورسائل نصية في ألمانيا خلال شهر تقريبا، ولكن الجانبين
توصلا على ما يبدو إلى حل بعد ان قالت حكومة ميركل في أغسطس اب اي قبل
اسابيع من الانتخابات البرلمانية ان الولايات المتحدة قدمت تأكيدات
كافية على انها تحترم القانون الألماني.
ويُرجع بعض المحللين اسباب التنصت على المستشارة الالمانية الذي بدأ
منذ 2002، عندما كانت زعيمة المعارضة، اي قبل ثلاث سنوات من توليها
منصب المستشارة، الى ان جورج بوش الرئيس السابق للولايات المتحدة كان
مرتابا من الاشتراكيين الالمان نظرا لعلاقاتهم بالرئيس الروسي فلاديمير
بوتين.
ودفعت المعلومات التي كشفت مؤخرا حول فداحة التنصت الاميركي على
حلفائها بمن فيهم قادتهم -نتيجة تسريبات العميل السابق في وكالة الامن
القومي ادوارد سنودن- بالقادة الاوروبيين الى مطالبة واشنطن باتفاق
جديد حول جمع المعلومات الاستخباراتية لصيانة تحالفهم مع مواصلة مكافحة
الارهاب.
فقد اثارت المعلومات الجديدة التي كشفت عن مراقبة واسعة النطاق
للاتصالات الالكترونية الالمانية من قبل اجهزة الاستخبارات الاميركية
صدمة واستهجانا في المانيا، الدولة الحريصة على احاطة شؤونها الداخلية
بحماية خاصة بسبب تاريخها.
حيث رأى أغلب المحللين ان قضية التجسس المتهمة فيها أمريكا ستؤثر
سلبا على مسار تطوير العلاقات بين المانيا وولايات المتحدة الامريكية ،
محذرين من تداعيات خطيرة على العلاقات الثنائية بحال ثبوت صحة وثائق
سربها سنودن لمجلة ألمانية تشير إلى تجسس واشنطن على تنصتت على هاتف
المستشارة الألمانية انجيلا ميركل لأكثر من 10 سنوات.
وقد تجددت مخاوف امريكا من تكتيكات التجسس الأمريكية بعدما كشف عن
وثائق أمريكية سرية إن الولايات المتحدة تتنصت على نصف مليار من
الاتصالات ورسائل البريد الالكتروني والرسائل النصية في المانيا شهريا
وصنفت اكبر حليفة لها في اوروبا على أنها هدف مماثل للصين.
وهذا ما دفع بالمانيا لإنشاء شبكة انترنت ألمانية بعد فضيحة تجسس،
خصوصا وان التجسس الحكومي مسألة حساسة للغاية في ألمانيا التي تطبق
واحدا من اشد القوانين محافظة على الخصوصية في العالم إذ أن هذا الأمر
يعيد للأذهان عمليات تجسس الشرطة السرية (ستاسي) في ألمانيا الشرقية
السابقة حيث نشأت ميركل، وهيمن الأمر على مناقشات قمة الاتحاد الأوروبي
ما دفع ميركل لمطالبة الولايات المتحدة بابرام اتفاق "عدم تجسس" مع
برلين وباريس بحلول نهاية العام.
ومنذ ذلك الحين يتعرض اوباما لضغوط لطمأنة حلفاء الولايات المتحدة
بشان نطاق وحجم العمليات الامريكية لجمع المعلومات، ووعد البيت الابيض
بأن المسؤولين الامريكيين لا ولن يتجسسوا في المستقبل على إتصالات
ميركل.
في حين يرى الكثير من المحللين انه بالرغم من تعهد الرئيس باراك
اوباما بالشفافية بشأن برامج المراقبة، فان الكشف عن معلومات جديدة مثل
معلومات يعكس أجندات منظمة واسعة لسيطرة على على عرش العالم بالمجالات
كافة.
وفي الشأن ذاته ووسط خلاف دبلوماسي بين الولايات المتحدة والاتحاد
الأوروبي بسبب اتهامات بالتجسس تريد شركة الاتصالات الألمانية دويتشه
تليكوم المدعومة من الحكومة التعاون مع شركات اتصالات ألمانية أخرى
لحماية الانترنت المحلي من أختراق أجهزة المخابرات الأجنبية.
غير أن هذه الجهود الوليدة -التي زادت اهميتها بعد أن قالت ألمانيا
إن لديها أدلة على أن هاتف المستشارة انجيلا ميركل المحمول كان مراقبا-
تواجه معركة شرسة إذا ثبت انها ليست مجرد خطة تسويقية ذكية.
وخلصت نتائج لقاءات مع ستة من خبراء الانترنت إلى أن الشبكة لن تعمل
عندما يتصفح الألمان مواقع الكترونية محملة على خوادم بالخارج مثل شبكة
التواصل الاجتماعي فيسبوك أو محرك البحث جوجل، وقد تواجه دويتشه تليكوم
كذلك صعوبة في الاندماج مع مجموعات منافسة تقدم خدمة الانترنت السريع
لأنها ستخشى من تبادل معلومات الانترنت، وقال دان كامنسكي وهو باحث
أمني أمريكي إنه إذا حصنت المزيد من الدول نفسها فقد يؤدي ذلك إلى
"بلقنة" الانترنت بشكل مزعج مما يشل الانفتاح والكفاءة اللذين جعلا من
الشبكة مصدرا للنمو الاقتصادي، وقال تورستن جيربوت استاذ إدارة الاعمال
والاتصالات بجامعة دويسبرج-ايسن "لم يسبق على المستوى الدولي ان يتجاوز
المرور على الانترنت في دولة متقدمة خوادم دولة أخرى... مسعى دويتشه
تليكوم محمود لكنه كذلك يعد خطوة تتعلق بالعلاقات العامة".
وتلقت دويتشه تيليكوم التي تملك الحكومة حصة 32 بالمئة من اسهمها
مساندة لمشروعها من هيئة الرقابة على الاتصالات بسبب احتمالات منح
العملاء المزيد من الخيارات، وفي أغسطس آب طرحت الشركة خدمة أطلق عليها
"بريد الكتروني صنع في ألمانيا" يرسل البريد فقط عن طريق الخوادم
الألمانية.
ويقول كلاوس لاندفيلد عضو منظمة غير هادفة للربح تدير نقطة تحويل
للانترنت في فرانكفورت إن أكثر من 90 بالمئة من الدخول على الانترنت في
ألمانيا يتم داخل حدودها، ويشير آخرون إلى ان تفضيل دويتشه تليكوم تلقي
أموال من شبكات انترنت اخرى مقابل نقل خدمتها للمستخدم النهائي بدلا من
تبادل الاتفاقات مجانا يتعارض مع هدفها في إبقاء الاتصالات داخل
المانيا، وقد يكون دخول الألمان على الإنترنت أرخص سعرا أو مجانيا إذا
تم عن طريق لندن أو امستردام حيث يمكن لوكالات التجسس الأجنبية الإطلاع
عليها.
وقال توماس كريمر المدير التنفيذي المسؤول عن خصوصية البيانات
والشؤون القانونية في الشركة الألمانية إن الشركة تحتاج إلى توقيع
اتفاقيات ارتباط مع ثلاث شركات أخرى كي يكون اعتماد خدمة الإنترنت على
المسار الوطني ممكنا. "وإذا لم يكن الأمر كذلك يجب التفكير في حل
تشريعي".
وفي الأساس فإن هذه المبادرة تخالف اسلوب عمل الانترنت اليوم إذ يمر
الدخول العالمي على الانترنت من شبكة لشبكة وفقا لاتفاقات مجانية او
مدفوعة الاجر دون التفكير في حدود وطنية.
وينتشر التحكم في الدخول على الانترنت بدرجة اكبر في دول مثل الصين
وإيران حيث تسعى الحكومات لتحجيم المحتوى المسموح لشعوبها بالوصول إليه
باقامة جدران الكترونية عازلة وحظر مواقع مثل فيسبوك وتويتر.
وقال كريمر "مادام المرسل والمستقبل في منطقة شنجن أو في ألمانيا
يجب ألا تمر الاتصالات من خلال بلدان أخرى." وتضم منطقة شنجن 26 دولة
أوروبية لا يحتاج المرور فيها إلى جوازات سفر، وقال متحدث باسم شركة
تليفونيكا الألمانية إن الشركة تجري مباحثات أولية بخصوص شبكة وطنية مع
شركات أخرى، وقال متحدث باسم شركة فودافون إن الشركة "تجري تقييما" عما
إذا كان اقتراح دويتشه تليكوم سيطبق وكيفية تطبيقه.
فيما كشفت مجلة دير شبيجل ان الولايات المتحدة ربما تنصتت على هاتف
المستشارة الألمانية انجيلا ميركل لأكثر من 10 سنوات وان الرئيس
الأمريكي باراك أوباما ابلغ ميركل بانه كان سيمنع التنصت لو كان علم به.
وقالت المجلة الألمانية إن هاتف ميركل المحمول كان مدرجا على قائمة
المستهدفين من الجهاز الخاص بجمع المعلومات التابع لوكالة الأمن القومي
الأمريكي منذ عام 2002 وكان لا يزال على القائمة قبل اسابيع من زيارة
أوباما لبرلين في يونيو حزيران.
وقالت وكالة الأمن القومي الأمريكي في وثيقة لجهاز جمع المعلومات
استندت اليها المجلة إنها "لم تسجل بشكل قانوني فرعا للتجسس" في
السفارة الأمريكية في برلين لان كشفه سيؤدي إلى "ضرر كبير في علاقات
الولايات المتحدة بحكومة اخرى".
وكان العاملون بوكالة الأمن القومي الأمريكي والمخابرات المركزية
الأمريكية يتنصتون من هناك على الاتصالات في إدارة حكومة برلين باجهزة
مراقبة ذات تقنية عالية.
ونقلت دير شبيجل عن وثيقة سرية من عام 2010 ان فروع التجسس هذه
موجودة في نحو 80 موقعا حول العالم بما في ذلك باريس ومدريد وروما
وبراج وجنيف وفرانكفورت، وقالت المجلة انه لم يتضح ما اذا كان الجهاز
الخاص بجمع المعلومات التابع لوكالة الأمن القومي الأمريكي سجل
المحادثات ذاتها او مجرد بيانات الاتصال.
ونقلت دير شبيجل عن مصدر في مكتب ميركل قوله ان أوباما اعتذر لميركل
عندما اتصلت به سعيا للحصول على توضيحات بشأن القضية، وقالت صحيفة
فرانكفورتر الجماينه تسايتونج ان أوباما ابلغ ميركل بانه لم يكن يعلم
بأمر التنصت، ورفض المتحدث باسم ميركل والبيت الابيض التعليق، وقالت
كيتلين هايدن المتحدثة باسم مجلس الامن القومي في البيت الابيض "لن
نعلق على تفاصيل مناقشات دبلوماسيين".
من جهة أخرى وكما يبدو كان الرئيس الاميركي باراك اوباما يعلم منذ
2010 ان المستشارة الالمانية انغيلا ميركل تخضع لعملية تنصت قد تكون
بدأت منذ 2002، وفق ما افادت معلومات جديدة نقلتها وسائل اعلام المانية
قد تزيد في فداحة قضية التجسس من قبل وكالة الامن القومي الاميركية.
ونقلت صحيفة بيلد ام سونتاغ عن مصادر في الاستخبارات الاميركية ان
رئيس وكالة الامن القومي الاميركية كيث الكسندر ابلغ اوباما بعملية
تنصت على اتصالات ميركل منذ 2010، وقال مسؤول في هذه الوكالة للصحيفة
ان "اوباما لم يوقف هذه العملية بل تركها تستمر،واكدت بيلد ام سونتاغ
ان اوباما كان يريد الاطلاع بكل التفاصيل شخصيا عن اخبار المستشارة
الالمانية التي لعبت دورا حاسما في ازمة ديون منطقة اليورو وتعتبر اكثر
قادة اوروبا نفوذا. بحسب فرانس برس.
واوضحت الصحيفة ان وكالة الامن القومي زادت في مراقبة اتصالاتها
مركزة ليس فقط على هاتف ميركل النقال الذي تستعمله للتواصل مع حزبها
المحافظ بل ايضا على هاتفها الرسمي المشفر ايضا.
وبامكان خبراء الاستخبارات الاميركية تسجيل تلك المكالمات وكذلك
الرسائل القصيرة التي ترسلها انغيلا ميركل يوميا الى عشرات مساعديها،
ولم يبق سوى الخط المباشر المؤمن في مكتبها خارج سيطرة الجواسيس
الاميركيين وفق ما اوضحت بيلد.
واضافت الصحيفة ان المعلومات كانت تنقل مباشرة الى البيت الابيض دون
المرور بالمقر العام لوكالة الامن القومي في فورت ميد بولاية ميريلاند،
من جهة اخرى وصفت بيلد وشبيغل النشاط الحثيث لخلية التجسس في الطابق
الرابع من سفارة الولايات المتحدة في برلين على مرمى حجر من مباني
الحكومة الالمانية حيث كانت الولايات المتحدة تتابع ميركل وغيرها من
المسؤولين الالمان.
الى ذلك يعقد البرلمان الالماني جلسة خاصة لمناقشة تقارير قالت ان
الولايات المتحدة تجسست على هاتف المستشارة انجيلا ميركل وطالبت
الاحزاب اليسارية باجراء تحقيق علني يستدعي شهودا من بينهم المتعاقد
السابق مع وكالة الامن القومي الامريكية ادوارد سنودن.
وقال حزب ميركل المحافظ الذي يجري الان محادثات مع الحزب الديمقراطي
الاشتراكي لتشكيل حكومة ائتلافية جديدة بعد الانتخابات التي جرت في 22
سبتمبر ايلول انه لن يقف في وجه اي تحقيق برلماني في قضية التجسس.
وقالت اندريا ناهليس الامين العام للحزب الديمقراطي الاشتراكي وهو
حزب يسار وسط "هذه الافعال لا يمكن السكوت عليها لها قوة تدمير روابط
الصداقة التي ربطت دوما بيننا وبين الولايات المتحدة"، وقالت ناهليس
لصحيفة بيلد "لا مفر من اللجوء الى لجنة في البوندستاج (مجلس النواب)
لالقاء الضوء على القضية. ويمكن ان يكون ادوارد سنودن شاهدا مهما".
على صعيد متصل نفى رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الالماني غيرهارد
شيندلر اتهامات نظيره الاميركي الذي افاد ان المانيا تتجسس على
الولايات المتحدة، بحسب ما اوردت الاسبوعية دي تسايت، وقال شيندلر "ليس
هناك عمليات لمراقبة الاتصالات تجري انطلاقا من السفارة الالمانية في
واشنطن" وفق تصريحات نقلتها الاسبوعية على موقعها الالكتروني، واعلن
المدير العام للاستخبارات الاميركية جيمس كلابر ومدير وكالة الامن
القومي الجنرال كيث الكسندر الثلاثاء امام الكونغرس ان دولا "حليفة"
للولايات المتحدة تقوم او قامت بانشطة تجسس ضد الولايات المتحدة.
ويلتقي وفد من المستشارية واجهزة الاستخبارات الالمانية في واشنطن
ممثلين عن الحكومة الاميركية اثر المعلومات التي تم كشفها حول قيام
الاستخبارات الاميركية بالتنصت على اتصالات المستشارة انغيلا ميركل،
وفقا لوكالة الانباء الالمانية دي بي ايه.
وذكرت الوكالة ان الحكومة الالمانية تسعى لابرام اتفاق مع
الاميركيين يتعهدون فيه بعدم التجسس على الحكومة او على البعثات
الدبلوماسية الالمانية، واكد الجنرال الكسندر امام الكونغرس بعد ادائه
القسم ان ما كشفته صحف لوموند الفرنسية والموندو الاسبانية وليسبريسو
الايطالية عن تجسس وكالة الامن القومي على اتصالات مواطنين اوروبيين،
"خاطئ تماما".
بينما سعى مسؤولون امريكيون وألمان لتهدئة التوترات بين حكومتيهما
في اعقاب تقارير بأن وكالة الامن القومي الامريكية تجسست على الهاتف
المحمول للمستشارة الالمانية انجيلا ميركل، واجتمعت سوزان رايس مستشارة
الامن القومي للبيت الابيض مع نظيرها الالماني بعد اسبوع من شكوى غاضبة
من ميركل الي الرئيس الامريكي باراك اوباما بشان اتهامات بان الولايات
المتحدة تجسست عليها لسنوات.
ويقول مسؤولون كبار بالادارة الامريكية ان اوباما يدرس فرض حظر على
التجسس على زعماء الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة، واجتمع مستشار
الامن القومي الالماني كريستوف هويسجن ومنسق شؤون المخابرات
بالمستشارية الالمانية جونتر هايس مع رايس وليزا موناكو مستشارة اوباما
للامن الداخلي في البيت الابيض.
وشارك في الاجتماع ايضا جيمس كلابر مدير المخابرات القومية
الامريكية وكريس انجليس نائب مدير وكالة الامن القومي، وقال جوش ارنست
المتحدث باسم البيت الابيض ان الاجتماع عقد "في اطار جهودنا لتهدئة
التوتر الذي اثارته بعض التقارير التي ذكرت انشطة للمراقبة تقوم بها
الولايات المتحدة". بحسب رويترز.
وقالت كاتلين هايدن المتحدثة باسم مجلس الامن القومي بالبيت الابيض
ان الاجتماع كان محاولة لتكثيف وتعزيز التعاون بين اجهزة الاستخبارات
الامريكية والالمانية، واضافت قائلة "مناقشات اليوم كانت فرصة لان
يستمع كل من الطرفين الي الاخر وأن يقررا بشكل مشترك أفضل السبل للسير
قدما في الحوار من اجل تقديم الضمانات اللازمة وتعزيز تعاوننا". |