طائرات بدون طيار... اهداف واستراتيجيات تثير الانتقادات

 

شبكة النبأ: استعمال الولايات المتحدة لطائرات بدون طيار والتي تستخدم كأداة لمكافحة الارهاب خارج حدودها الخاصة، كان ولاتزال محط انتقادات الكثير من المنظمات الانسانية والحقوقية التي ترفض استخدام هذا النوع من الاسلحة الخطيرة والغير قانونية والتي تتسبب في سقوط خسائر كبيرة بين المدنيين كما انها تعتبر انتهاك لسيادة الدول أخرى، وهو ما تنفيه الإدارة الأمريكية بشكل مستمر وتقول أن الضربات العسكرية بدون طيار فعالة وقانونية وقد حققت الكثير من النتائج المهمة، وفي هذا الشأن فقد اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان الولايات المتحدة بانتهاك القانون الدولي بل ربما ارتكاب جرائم حرب بقتلها مدنيين في هجمات بالصواريخ وهجمات بطائرات بلا طيار كان القصد منها استهداف متشددين في اليمن وباكستان.

وأصدرت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية تقريرين منفصلين تضمنا تفاصيل مقتل عشرات المدنيين في اليمن وباكستان. وحثت المنظمتان ادارة الرئيس لامريكي باراك أوباما والكونجرس على التحقيق في الامر وانهاء سياسة السرية المفروضة على هذه العمليات. وقال مصطفى قدري وهو باحث باكستاني في منظمة العفو الدولية كتب التقرير الذي قالت فيه المنظمة ان هجمات الطائرات الامريكية بلا طيار قتلت باكستانية مسنة و18 عاملا مدنيا العام الماضي بعض الحالات التي درسناها. بدت كجرائم حرب لكن الصورة الكاملة يجب ان تكشف عنها حقا السلطات الامريكية. وقال في مؤتمر صحفي مشترك مع منظمة هيومن رايتس ووتش نقول للسلطات الامريكية عليك ان تبرئي نفسك.

وفي تعليق على التقريرين قال جاي كارني المتحدث باسم البيت الابيض ان المسؤولين في ادارة اوباما يتعاملون مع مسألة مقتل المدنيين بجدية شديدة. وقال انه لا يستطيع التحدث عن عمليات محددة لكن السياسات الامريكية تفي بالالتزامات القانونية الدولية والمحلية والمعايير التي تضمن عدم تعرض المدنيين للخطر بشكل شبه مؤكد. ويقول المسؤولون الامريكيون ان العمليات التي تنفذ بطائرات بلا طيار تحدد أهدافها بدقة وان الخسائر المدنية قلصت الى أدنى درجة وقد لا تتعدى العشرات.

وتحدثت منظمة هيومن رايتس ووتش بالتفصيل في تقرير مؤلف من 96 صفحة عما وصفته بست هجمات عسكرية أمريكية لم يعترف بها على أهداف في اليمن والتي إما انتهكت بشكل واضح أو محتمل القانون الدولي. وقتل 82 شخصا بينهم 57 مدنيا خلال الهجمات الست التي بحثتها المنظمة. ووقع هجوم منها في عام 2009 ووقعت بقية الهجمات في 2012 و2013.

وأوقع هجومان في اليمن أحدهما في سبتمبر أيلول عام 2012 والآخر في ديسمبر كانون الأول عام 2009 ما وصفته هيومن رايتس ووتش بأكبر عدد من الضحايا من المدنيين.

وقالت هيومن رايتس ووتش ان هجوم الثاني من سبتمبر أيلول عام 2012 أسفر عن مقتل 12 راكبا في سيارة ركاب كانوا عائدين من السوق بينهم ثلاثة أطفال وإمرأة حبلى في انتهاك لقانون الحرب الذي يحظر الهجمات التي لا تميز بين المدنيين والمقاتلين. وقالت المنظمة أن هدف الغارة كان على ما يبدو زعيما قبليا يدعى عبد الرؤوف الذهب. ولم يكن الذهب في السيارة عندما هوجمت ولم يتضح ما إذا كان عضوا في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

بينما قالت منظمة العفو انها أجرت تحقيقا تفصيليا في هجمتين وقعتا في وزيرستان الشمالية وأعدت تقريرا استند الى أكثر من 60 مقابلة أجرتها فرق من الباحثين يعملون بشكل مستقل عن بعضهم البعض. وألقت المنظمة بذلك الضوء على مصدر توتر رئيسي في العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان. وبحث تقريرا منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش في عدد من الهجمات الامريكية في اليمن وباكستان للمطالبة بالشفافية ومحاسبة السياسة الامريكية.

ودعت منظمة العفو الدولية في تقرير الولايات المتحدة الى وضع حد للسرية المحيطة بغارات الطائرات بدون طيار في باكستان ومحاكمة المسؤولين عن هذه الغارات غير الشرعية. وقتل ما بين 2000 و4700 شخص بحسب تقديرات مختلفة بينهم مئات المدنيين منذ العام 2004 في ما يزيد عن 300 غارة لطائرات اميركية بدون طيار في المناطق القبلية شمال غرب باكستان، المعقل الرئيسي لمقاتلي طالبان ومجموعات اخرى مرتبطة بالقاعدة على الحدود مع افغانستان. وفي تقريرها الواقع في حوالى ستين صفحة تدعو منظمة العفو الولايات المتحدة الى الكشف عن المعلومات حول هذه الغارات للتحقق مما اذا كانت تحترم القانون الدولي، وهي قد تكون كذلك في حال كانت تهدف الى القضاء على تهديد آني لواشنطن على سبيل المثال.

وقال مصطفى قادري ان السرية المحيطة ببرنامج الطائرات بدون طيار تعطي الحكومة الاميركية حقا في القتل يتخطى صلاحيات المحاكم والمعايير الجوهرية للقانون الدولي. وتابعت المنظمة في تقريرها ان على السلطات الاميركية ان تفتح برنامج طائراتها بدون طيار امام تدقيق (علني) مستقل وحيادي. وتطرقت منظمة العفو تحديدا الى اربعين غارة نفذت منذ منتصف 2012 في شمال غرب باكستان، داعية واشنطن الى احالة المسؤولين عن هذه الهجمات "غير الشرعية" على القضاء والتعويض على عائلات الضحايا الابرياء. ولفتت بهذا الصدد الى ان حتى الغارات التي تقتل فقط متمردين قد تعتبر تصفيات خارج اطار القانون.

ودعما لموقفها المندد بهذه الغارات تشير المنظمة الى الهجمات ضد فرق الاغاثة حين تقوم طائرة بدون طيار بقصف الموقع نفسه للمرة الثانية في وقت يكون اقرباء ضحايا الغارة الاولى وفرق الاسعاف في المكان. وكان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون اعلن خلال زيارة الى باكستان في اب/اغسطس الماضي ان غارات الطائرات بدون طيار الاميركية يجب ان تحترم القانون الدولي او ان تتوقف. بحسب فرانس برس.

الى جانب ذلك قال بن ايمرسون مقرر الامم المتحدة المتحدة لحقوق الانسان ومكافحة الارهاب ان باكستان اكدت ان نحو 2200 شخص قتلوا في هجمات طائرات بلا طيار خلال السنوات العشر الاخيرة من بينهم مالايقل عن 400 مدني بالاضافة الى 200 ضحية اخرى اعتبروا غير مقاتلين محتملين . وحث ايمرسون ايضا الولايات المتحدة على نشر بياناتها الخاصة بعدد المدنيين الذين سقطوا ضحايا بسبب هجمات الطائرات بلا طيار. واضاف ان وزارة الخارجية الباكستانية ابلغته انها سجلت مالايقل عن 330 هجمة لطائرات بلا طيار منذ 2004 في المناطق القبلية التي تديرها السلطات الاتحادية وهي منطقة مجاورة لافغانستان ينعدم فيها القانون الى حد كبير.

وتعتبر واشنطن ان تطهير الملاذات الحدودية للمتشددين امرا حاسما لاعادة الاستقرار لافغانستان ولاسيما مع انتهاء المهمة القتالية التي تقودها الولايات المتحدة في 2014 . ومعظم الهجمات التي شنتها طائرات بلا طيار نفذتها الولايات المتحدة. واستخدمت بريطانيا واسرائيل ايضا هذه الطائرات.

وقال ايمرسون في تقرير مؤقت للجمعية العامة للامم المتحدة ان سجلات الحكومة الباكستانية اظهرت ان هجمات الطائرات بلا طيار قتلت مالايقل عن 2200 شخص واصابت مالايقل عن 600 شخص بجروح خطيرة. واضاف ان باكستان اكدت ان مالايقل عن 400 مدني قتلوا نتيجة لهجمات الطائرات بلا طيار بالاضافة الى 200 شخص اخرين اعتبروا غير مقاتلين محتملين. واشار المسؤولون الى انه نتيجة عدم الابلاغ بدقة او معوقات امام التحقيق الفعال فمن المرجح ان تكون هذه الارقام تقدير اقل لعدد القتلى من المدنيين .

وقف الضربات

في السياق ذاته قال رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف إنه حث الرئيس الأمريكي باراك أوباما على وقف الهجمات بطائرات بلا طيار في باكستان. ولمس شريف بذلك موضوعا حساسا في وقت أخذت تتحسن فيه العلاقات بين البلدين بعد سنوات من الشكوك بشأن أفغانستان والجهود الأمريكية لمكافحة الإرهاب. وقال شريف للصحفيين عقب لقائه أوباما في المكتب البيضاوي أثرت أيضا مسألة الطائرات بلا طيار في اجتماعنا مشددا على ضرورة وقف مثل هذه الضربات.

غير ان صحيفة واشنطن بوست قالت إنه على الرغم من أن كبار المسؤولين الباكستانيين يستنكرون برنامج الضربات بطائرات بلا طيار فإنهم كانوا يوافقون سرا عليها طيلة سنوات ودأبوا على تقديم معلومات سرية عن الأهداف والضحايا. وقالت الصحيفة نقلا عن وثائق سرية لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ومذكرات دبلوماسية باكستانية ان العلامات الموضوعة على بعض الوثائق تظهر أنها كانت من إعداد مركز مكافحة الإرهاب التابع للوكالة حتى تعرض على المسؤولين الباكستانيين.

وتتحدث الوثائق عن ضربات أودت بحياة العشرات من العناصر المزعومة لتنظيم القاعدة والتي يقولون إنه لم يقتل فيها أحد من المدنيين. وقالت الصحيقة إن متحدثا باسم وكالة الاستخبارات المركزية تم الاتصال به لم يطعن في صحة الوثائق. ومسألة الهجمات الأمريكية باستخدام طائرات بدون طيار في باكستان من المسائل التي أثارت توترا في العلاقات بين البلدين. وشهدت العلاقات بين البلدين سلسلة من النكسات الكبيرة في السنوات الأخيرة منها ضربة جوية لحلف شمال الأطلسي عام 2011 قتلت خطأ حراس حدود باكستانيين وحادث آخر في ذلك العام قتل فيه متعاقد لوكالة الاستخبارات المركزية ورجلان في شوارع لاهور. بحسب رويترز.

وأقر اوباما بأنه حدثت توترات و"سوء فهم" بين البلدين. وقال انه وشريف تعهدا بالعمل معا في القضايا الأمنية على نحو "يراعي سيادة باكستان." وقال اوباما "التزمنا بالعمل معا لضمان ألا يكون هذا مصدرا للتوترا بين بلدينا وإنما مصدر لقوتنا ونحن نعمل معا." وكان استخدام الولايات المتحدة طائرات بلا طيار في مهاجمة متشددين مشتبه بهم في باكستان مثار جدل منذ وقت طويل لكن عدد هذه الحوادث تقلص في الأشهر الأخيرة.

الغارات في اليمن

دعت منظمة هود الى وضع حد للغارات الأمريكية والتي تستخدم فيها طائرات بدون طيار وطالبت الحكومة باحترام حياة مواطنيها والعمل على الحفاظ على كرامة شعبها وسلامة أراضيه . وقالت منظمة هود المدافعة عن حقوق الإنسان في اليمن أن على حكومة الجمهورية اليمنية مهما كانت الظروف عليه من السوء أن تحترم نفسها وتحترم حياة مواطنيها وتعمل على الحفاظ على كرامة شعبها وسلامة أراضيه وفاء بالعهود والأيمان الدستورية والقانونية التي أدوها عند تقلدهم لمناصبهم وتخرج للرأي العام بنتائج تحقيق شفاف وصادق عن كل قضية تمس حياتهم وأمنهم.

ودعت المنظمة في بيان الى الاعتذار عن الأخطاء والجرائم من قبل مرتكبيها ومعاقبة المباشرين لها وتعويض الضحايا التعويض العادل وتعديل السياسات الخاطئة التي كانت سببا في حدوث هذه الجرائم مشيرةً إلى أنه الطريق الأقل كلفة لتلافي آثار ونتائج سياسة الإرهاب الدولي. وعبرت هود عن شعورها بأسى شديد وهي لا تتوقف عن استقبال أخبار استهداف مواطنين يمنيين أبرياء بقصف طائرات أمريكية بدون طيار بشكل مستمر دون توقف أو حساب لنتائج هذه الحرب الكارثية وانتقدت المنظمة ما وصفته الخذلان الشعبي الذي تشعر بمرارته كما وصفت القوى الحية في المجتمع بأنها مصابة بتبلد الأحاسيس وقالت لا يبدو عليها أي أثر للحياة كما اتهمت الحكومة بالتواطؤ البشع مع هذه الجرائم وتمريرها استهانة بدماء اليمنيين وإمعانا في استفزاز مشاعرهم واستدعاء عقلية الصراع ورغبات الانتقام التي لن يكون أحد في مأمن من عواقبها. وأضافت في بيانها أن هذه الطريق لا يمكن أن ينتهجها تجار الحروب وأصحاب المصالح من أرباب الشركات المصنعة للسلاح والمصدرة للإرهاب ودعت المنظمة الشعب الأمريكي وقواه الحية لتقديم مصلحته على مصالح مصاصي الدماء من تجار الحروب ومروجي ثقافة الكراهية وصناعها، والعمل على كف أيديهم عن العبث بمستقبل العالم من أجل مصالحهم الفردية.

وقتل ما لا يقل عن عشرين مواطنا يمنيا خلال ثلاثة أيام بضربات الطيران الأمريكي التي تشنها طائرات بدون طيار، واعترف وزير الخارجية اليمني أن اليمن تستعين بالطائرات الأمريكية لتنفيذ عمليات في الأراضي اليمنية مبررا ذلك بضعف إمكانيات اليمن. وأسفرت غارة جوية استهدفت سيارة مواطن يعتقد بانتمائه لتنظيم القاعدة عن وقوع 14 قتلى على الأقل اضافة ل3 جرحى بمنطقة صرار قيفة بمديرية رداع محافظة البيضاء (وسط اليمن).

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 3/تشرين الثاني/2013 - 29/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م