الطاقة النووية في العالم العربي... تطلعات في بداياتها

 

شبكة النبأ: تسعى بعض الدول العربية الى استخدام التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية والتي أصبحت تمثل ضرورة ماسة من أجل تلبية احتياجات الطاقة المتنامية الناتجة عن نسبة النمو السكاني وتعزيز النمو الاقتصادي وتقليل الاعتماد على المصادر التقليدية، لذلك فقد بدأت بعض الدول العربية وعلى الرغم من بعض المخاوف المتزايدة من استخدام الطاقة النووية بسبب الحوادث الخطيرة التي قد تسببها بعض المشاكل والأخطاء، بمشاريع تهدف إلى إنشاء المحطات النووية والاستفادة منها هذا بالإضافة الى الخطط والدراسات المستقبلية التي يمكن ان تسهم بتنمية القدرات العربية في بناء المحطات النووية، وفي هذا الشأن فقد اعلن رئيس هيئة الطاقة الذرية الاردنية خالد طوقان ان بلاده اختارت شركتين روسيتين لبناء وتشغيل أول محطة نووية في المملكة للأغراض السلمية وخصوصا من اجل توليد الكهرباء وتحلية المياه. وتم اختيار شركة أتوم ستروي اكسبورت الروسية كجهة مزودة للتكنولوجيا النووية وشركة روست أتوم اوفرسيز الروسية كشريك استراتيجي ومستثمر ومشغل للمحطة النووية الاردنية الاولى وفق اتفاقية ستبرم بين الحكومتين الاردنية والروسية.

وقال طوقان ان انجاز المشروع سيتم على مرحلتين، الاولى تمتد لمدة عامين وفيها تنفذ الدراسات التفصيلية للموقع والثانية يتم خلالها توقيع العقد والمباشرة بتنفيذ وبناء المشروع. واضاف ان المشروع يشمل مفاعلين نوويين بقدرة 1000 ميغاواط لكل منهما، ليشغل الاول عام 2021 ثم يليه الثاني بعامين. واوضح انه تم اختيار موقع عمرة على بعد 60 كيلومترا جنوب شرقي خربة السمرا في محافظة الزرقاء موقعا لإقامة المحطة النووية الاردنية الاولى. واشار طوقان الى ان هذا المكان بعيد عن التجمعات السكانية والمدن الكبيرة ومصادر المياه العذبة والمناطق الزراعية الحيوية وقريب نسبيا من مصدر لمياه التبريد فضلا عن انه يتميز بزلزالية منخفضة. ويبعد المكان المقترح نحو 75 كلم شرق العاصمة الاردنية عمان.

وبحسب طوقان فان مساهمة الجانب الروسي في المشروع ستكون بنسبة 49 بالمئة من كلفة المحطة النووية الاردنية على ان تكون نسبة الطرف الاردني 51 بالمئة. وابقى رئيس هيئة الطاقة الذرية على جميع خيارات التمويل مفتوحة ومن ضمنها انجاز المشروع بالكامل على نظام بناء تملك تشغيل. وبحسب محمد المومني وزير الدولة لشؤون الاعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة فأن كلفة المشروع قد تصل لعشرة مليارات دولار.

وكانت المملكة تدرس عرضين مقدمين من قبل أتوم ستروي اكسبورت الروسية وائتلاف شركتي أريفا الفرنسية وميتسوبيشي اليابانية. بحسب فرانس برس.

ويسعى الاردن، الذي تثير احتياطاته من اليورانيوم اهتمام العديد من البلدان، الى انشاء اول مفاعل نووي للأغراض السلمية وخصوصا من اجل توليد الكهرباء وتحلية المياه. وكانت اصوات ارتفعت تطالب بالتخلي عن الطاقة النووية في الاردن بعد حادث محطة فوكوشيما شمال شرق اليابان في 11 آذار/مارس 2011 والذي يعتبر الاخطر منذ كارثة تشرنوبيل قبل 25 عاما. وتستورد المملكة 96% من احتياجاتها من المشتقات النفطية، وتشير الدراسات الى ان الطلب على الكهرباء سيتضاعف بحلول عام 2020. كما تعد المملكة واحدة من افقر عشر دول في العالم بالمياه حيث يتجاوز العجز المائي 500 مليون متر مكعب سنويا بحسب تقديرات المسؤولين.

من جانب اخر اعلن وزير الطاقة والمناجم الجزائري يوسف يوسفي ان بلاده تعتزم انشاء محطتها النووية الاولى في 2025. وقال يوسفي بحسب ما نقلت عنه وكالة الانباء الجزائرية اننا نتوقع ان تكون لنا اول محطة نووية سنة 2025 ونحن بصدد العمل على هذا المشروع. واضاف ان معهد الهندسة النووية الذي تم انشاؤه مؤخرا سيشرف على تكوين المهندسين والتقنيين الذين سيكلفون بتشغيل هذه المحطة.

وكانت الجزائر أعلنت في تشرين الثاني/نوفمبر 2008 عزمها انشاء محطتها النووية الاولى في 2020، على ان تليها كل خمس سنوات محطة نووية جديدة. ولكن في آذار/مارس 2011 اعلن يوسفي وجود ثلاثة تحديات امام بناء المحطة النووية، هي امن المنشاة ومكان انجازها وتوفر موارد هامة من المياه. كما ابرز بان الجزائر تتوفر على احتياطات كافية لتشغيل محطة نووية. واكد الوزير من جهة ثانية ان الجزائر لديها احتياطات كافية من اليورانيوم لتشغيل المحطة النووية.

وبحسب ارقام الوزارة فان الاحتياطات المؤكدة للجزائر من اليورانيوم تقدر بحوالي 29000 طن مما يمكن من تشغيل محطتين نوويتين فقط بطاقة 1000 ميغاواط لكل واحدة منها لمدة 60 سنة. وقررت الجزائر اللجوء جزئيا الى النووي لا نتاح الكهرباء حرصا منها على خفض فاتورة انتاج الطاقة في بلد تزايد استهلاك الكهرباء فيه خلال السنوات الاخيرة بنسبة تتراوح بين 15 و20%.

أول محطة نووية

في السياق ذاته اكد السفير حمد الكعبي مندوب الدولة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن الإمارات اتخذت خطوات مهمة في تطوير برنامجها للطاقة النووية والبنية التحتية ذات الصلة وفقاً لإرشادات الوكالة الدولية وأفضل الممارسات دولياً. وقال الكعبي لقد بدأ بناء أول مفاعل نووي في الإمارات العربية المتحدة في يوليو 2012 وذلك بعد تقييم مفصل للتصميم الذي أخذ بعين الاعتبار وفي وقت مبكر الدروس الأولية المستفادة من حادثة فوكوشيما دايتشي . وبذلك تعتبر الإمارات أول دولة تبدأ في بناء محطة للطاقة النووية في برنامج جديد منذ 27 عاماً وإن تنفيذ البرنامج مستمر اليوم وبشكل متسق مع ما هو مخطط، حيث تم البدء في عملية إنشاء المفاعل الثاني في محطة براكة النووية في شهر مايو من هذا العام.

وأضاف الكعبي لقد مضى أكثر من عامين على حادثة فوكوشيما دايتشي وبالنظر إلى الصورة العالمية للقطاع النووي اليوم ورغم التحديات لاتزال الطاقة النووية تعلب دوراً مهماً ومتزايداً في قطاع الطاقة العالمي.. ولقد أبرزت حادثة فوكوشيما الحاجة إلى تعزيز السلامة النووية في جميع أنحاء العالم ولذلك التزمت الإمارات العربية المتحدة باعتماد الدروس المستفادة الحالية والمستقبلية في تصميم المفاعلات وذلك يأتي جزءاً من التزامها بأعلى معايير السلامة النووية في سياستها الوطنية.

وأشار السفير حمد الكعبي إلى أن الإمارات العربية المتحدة تؤكد الدور الرئيسي للوكالة في تعزيز السلامة النووية عالميا وترحب بكل الجهود التي بذلها المدير العام في الاستجابة إلى حادثة فوكوشيما وتنفيذ خطة الوكالة للسلامة النووية والتي تلتزم الإمارات العربية المتحدة بها بشكل كامل. وقال لقد أولت الإمارات أهمية عالية لبعثات استعراض النظراء والتي تقدمها الوكالة الدولية للطاقة الذرية نظراً لما تقدمه من تقييم يضمن مواءمة إجراءات السلامة والبنية التحتية الوطنية ذات الصلة، حيث واصلت الإمارات طلب وتلقي خدمات الاستعراض الشاملة من الوكالة ومن هذا المنطلق تحث الإمارات الدول الأعضاء على الاستفادة من هذه الخدمات وبعثات التقييم.

ولفت الكعبي إلى أن الإمارات تولي أهمية للاتفاقيات الدولية في مجال السلامة النووية والتي من شأنها أن توفر فرصاً لتبادل الخبرات واستعراض النظراء بهدف ضمان وتعزيز تدابير السلامة في المنشآت النووية.. وفي ذات السياق تشارك الإمارات بشكل نشط في عملية استعراض اتفاقية السلامة النووية وفي الجهود الرامية إلى تعزيز تنفيذها.. ودعا الدول التي لديها مرافق نووية ولم تفعل ذلك حتى الآن إلى الانضمام إلى اتفاقية السلامة النووية وتنفيذها في أقرب وقت.

وأشار الى أن الإمارات العربية المتحدة تعاملت مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية كشريك منذ الشروع في تنفيذ البرنامج السلمي للطاقة النووية واستمرت الوكالة في كونها شريكاً مهماً وحيوياً في تطوير هذا البرنامج.. مؤكدا أن دولة الإمارات العربية المتحدة تقدر عاليا كل جهود الوكالة في دعم الاحتياجات من خلال برامج الوكالة وخدماتها المختلفة للدول الأعضاء

وأضاف السفير الكعبي إنه تعزيزا لهذا الاطار وقعت الإمارات مؤخرا خطة عمل متكاملة مع الوكالة - 2013-2017 والتي تحدد إطاراً شاملاً للتعاون مع جميع إدارات الوكالة. كما أن الإمارات العربية المتحدة تواصل دعم عمل الوكالة من خلال استضافة الأنشطة ومن خلال الدعم بتوفير الخبراء والمستشارين إلى العديد من اللجان ومجموعات العمل وبعثات الخبراء. وتقدم الإمارات أيضا المنح الدراسية والزيارات العلمية من خلال برنامج الوكالة للتعاون التقني إلى الدول الأعضاء في بعض المجالات.

وعبر الكعبي عن تقدير الامارات لزيارة المدير العام للوكالة يوكيا أمانو إلى الدولة في مطلع هذا العام والتي أبرزت المصالح المشتركة وتعزيز التعاون الجاري بين الوكالة والامارات. وأشار الى أن الإمارات تؤكد أهمية تطوير نظام المسؤولية المدنية النووية بشكل يتوافق مع الصكوك الدولية الرئيسية التي تنظم المسؤولية النووية ومن ضمن جهودها في تطوير الاطار القانوني الوطني، حيث أصدرت الإمارات قانونا اتحاديا في أكتوبر 2012 استحدث نظاما وطنيا للمسؤولية المدنية تجاه الأضرار النووية كما انضمت الإمارات إلى اتفاقية فيينا بشأن المسؤولية المدنية النووية. دعم الأمن النووي

قال الكعبي: إن الإمارات تؤيد تعزيز دور وجهود الوكالة في مجال الأمن النووي حيث ترى الامارات أن للوكالة دوراً مهماً في تعزيز الإطار الدولي وإتاحة فرص التدريب في مجال الأمن النووي. وفي هذا الإطار وقعت الإمارات مع الوكالة خطة دعم الأمن النووي المتكاملة في سبتمبر من العام الماضي وتخطط لطلب بعثة لتقييم الأمن النووي في المستقبل القريب. ومن ضمن هذه الجهود تستضيف الإمارات مؤتمر الوكالة حول سلامة وأمن المصادر المشعة في أبوظبي في أكتوبر من هذا العام.

الامم المتحدة تفشل

من جانب اخر قال تقرير لمكتب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة يوكيا أمانو ان الأخير لم يتمكن من تضييق الخلافات الاسرائيلية العربية بشأن كيفية المضي قدما نحو شرق أوسط خال من الاسلحة النووية لكنه سيستمر في جهوده. وجاء في التقرير ان المحادثات مع مسؤولين من المنطقة أظهرت انه مازالت توجد خلافات اساسية في وجهات النظر بين اسرائيل والدول الاخرى في الشرق الاوسط.

ويعتقد على نطاق واسع ان اسرائيل تمتلك الترسانة النووية الوحيدة في الشرق الاوسط وهو ما يعرضها باستمرار لتنديد عربي وايراني. واسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي لم توقع على معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية. وتعتبر اسرائيل والولايات المتحدة ايران الخطر الرئيسي في العالم لانتشار الاسلحة النووية وتتهمانها بالسعي سرا لامتلاك أسلحة نووية وهو ما تنفيه الجمهورية الاسلامية.

وتمت الموافقة على اقتراح مصري لعقد اجتماع دولي يضع اساسا لجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل في مؤتمر مراجعة معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية عام 2010. لكن الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا وهم رعاة للاجتماع الدولي المقترح قالوا العام الماضي انه لن يعقد كما تقرر في ديسمبر كانون الاول عام 2012 ولم يحددوا موعدا جديدا لعقده. وقال مسؤولون امريكيون واسرائيليون ان اقامة شرق اوسط خال من الاسلحة النووية لا يمكن ان يصبح حقيقة اذا لم يتحقق السلام العربي الاسرائيلي ولم تقيد ايران برنامجها النووي. بحسب رويترز.

ومثلما هو الحال في سنوات سابقة طلب اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في عام 2012 من امانو اجراء مشاورات مع دول الشرق الاوسط بشأن وضع كل الانشطة النووية تحت اشراف الوكالة. وجاء في تقرير أمانو قبل اجتماع الدول الاعضاء هذا العام انه شجع على تطوير أفكار وتوجهات جديدة ذات صلة. ورغم ذلك لم يتمكن من تحقيق مزيد من التقدم بشأن تطبيق "ضمانات شاملة للوكالة التي تغطي كل الانشطة النووية في منطقة الشرق الاوسط" مضيفا انه سيستمر في مشاوراته.

من جهة اخرى أعلن الأمين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو، أن الوكالة تقوم بتحليل المخاطر المحتملة في حال تعرّض المنشآت النووية السورية للضربات العسكرية. وقال أمانو في تقرير أودّ إعلام المجلس بأنني تلقيت رسالة من روسيا الاتحادية تطلب فيه من الوكالة إجراء تحليل للمخاطر المتعلقة بالضربة العسكرية المحتملة على مفاعل النيوترون الصغير وغيره من المواقع في سورية. وأضاف أن الوزارة قد وزّعت الرسالة على البلدان الأعضاء في المنظمة، وتقوم الوكالة حالياً بالنظر في هذا الطلب. وكانت وزارة الخارجية الروسية قد أعربت عن مخاوفها من أن تطال الضربات العسكرية الأميركية المحتملة ضد سورية منشآت نووية حساسة في البلاد. وسلمت روسيا الى الوكالة الدولية طلباً رسمياً بتحليل المخاطر المحتملة في هذا المجال التي قد تؤدي اليها العملية العسكرية.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 2/تشرين الثاني/2013 - 28/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م