السعوديون والبحث عن الروح (..) المفقودة !!

علي ال غراش

 

هل يعيش الشعب السعودي أزمة بسبب غياب الروح الوطنية بين المواطنين - أي لا وطنية ولا محبة ولا تسامح ولا تواصل.. -، الى درجة ان يبادر بعض المواطنين بالدعوة الشعبية إلى عقد لقاءات وطنية للتذكير والتأكيد على اللحمة الوطنية؟!.

الحقيقة والواقع يقول نعم ونعم، فهناك أزمة وطنية تنخر بجسد الوطن وتهدد مستقبل المواطنين، نتيجة غياب روح الوحدة الوطنية الخالصة، وفقدان الهوية الوطنية، بسبب السياسة المتبعة في ادارة الوطن.

 ولكن المشكلة الأكبر في هذه اللقاءات، إنها محاولات من قبل بعض المواطنين لمعالجة المشكلة والأزمة بصورة سطحية، وبدون الإشارة إلى المسبب الحقيقي للمشكلة والأزمة الهوية الوطنية والوحدة الوطنية...، للوصول إلى حل لها بشكل جذري وناجع - وهي السلطة -!!. والمثل الشعبي يقول ((اذا علتك من بطنك من وين تجيك العافية)).

أما ما يدل على وجود أزمة بين المواطنين، هو تحول أي دعوة للقاء والاجتماع بين المواطنين عبر المبادرات الوطنية للتعارف والتواصل المباشر لتكريس الوطنية والمحبة والتسامح، وللاتفاق والمشاركة الفعالة على برامج لأعمار الوطن وخدمة المواطنين، والبحث عن حلول وطنية للمشاكل والازمات، إلى حدث غير طبيعي!.

بل اللقاء والقائمون عليه يتعرضون للنقد والهجوم والتشكيك والتخوين..!!.

من المؤلم جدا عندما يتعرض الوطن لمخاطر بسبب سياسة المسؤولين، أو يتعرض بعض المواطنين في أي مدينة من مناطق الوطن الغالي لمحن وأزمات ويحدث احتقان وتشنج، وتنزف الدماء وتسقط أرواح غالية على أرض الوطن لمواطنين أبرياء، وترتفع بعض الاصوات الحرة العاشقة للوطن لحقن الدماء ومعالجة الازمات بحكمة ورشد وبنفس وطني..، تغيب بل تموت مشاعر الوحدة الوطنية والتضامن مع الشعب من قبل بعض الشخصيات، وتتبنى الموقف السياسي الرسمي للسلطة المتشنج والتصعيدي، وربما تتحرك بعض هذه الشخصيات ضد المواطنين والتشكك في انتمائهم الوطني وتخوينهم، لدعم رواية السلطة والحصول على رضاها!!.

هل ممكن إقامة اللقاءات الوطنية بين كافة التيارات الوطنية في وقت الأزمات لحل المشاكل بروح وطنية خالصة للمحافظة على اللحمة الوطنية، أما ان هناك ارادة سياسية تمنع اقامة هذه اللقاءات؟.

وهل سماح السلطة بعقد بعض اللقاءات التي تدعو وتذكر المواطنين بالوحدة والروح الوطنية وبحماية الوطن..، يأتي بسبب الظروف الحرجة والمأزق الداخلي، ونتيجة الحراك الشعبي والسقف العالي للمطالبة بالاصلاح الشامل اي التغيير، ونتيجة التغيرات الكبيرة وثورة شعوب المنطقة، بالاضافة الى الضغوط الدولية على السلطة باحترام حقوق الانسان..، السلطة في مأزق صعب وضعف وأضح وهي بحاجة الى دعم الشعب لها باسم الوحدة الوطنية؟.

ولهذا على المواطنين الوعي بما يدور وتفهم هذه المرحلة المهمة لتحقق الشعوب إرادتها بتشييد دولة المواطنة والقانون والعدالة، ولهذا على الشخصيات التي تدعو لتلك اللقاءات الوعي والحذر من استغلال السلطة لها لتحقق مكاسبها، وينبغي على الوجهاء والشخصيات الحذر ثم الحذر من التسابق في خدمة السلطة وتسهيل خروجها من الأزمات والمآزق التي تواجهها، وتنخدع بالاستقبال الحافل من السلطة وبوعودها التي تتبخر بمجرد خروجها من المأزق، بدون تقديم اي إصلاح واقعي، وهناك خوف على الشخصيات الوطنية من السقوط في مستنقع السلطة كما حدث للوجهاء والشخصيات السابقة، اذ بمجرد خروج السلطة من الأزمة تعود حليمة لعادتها القديمة، وتضيع اهم فرصة لفرض إرادة التغيير الحقيقي في الوطن بكرامة وعزة، وبدون استعطاف ومدح وتقبيل للاكتاف.

المرحلة الحالية مختلفة عما سبق في تاريخ المنطقة والوطن منذ تأسيسه، ولهذا تحتاج المرحلة الى آليات وأساليب جديدة وجريئة بمطالب عالية جداً كإقامة دولة ذات دستور يمثل الإرادة الشعبية عبر التصويت المباشر باختيار نوع نظام الحكم.

الوطن يعاني من مشاكل وأزمات ومنها أزمة الثقة بين المواطنين والسلطة، إذ طالما السلطة - واعلامها - تؤكد على ان أبوابها مفتوحة لكافة المواطنين للاستقبال والنقاش في كل وقت، فاذا كانت مفتوحة الأبواب واللقاءات متاحة ومتواصلة؛ لماذا يتحول اللقاء بين الشعب مع رأس السلطة إلى حدث مهم واستثنائي، ويضخم اعلاميا، ويضع الشعب الآمال العريضة على ذلك اللقاء!!؟؟.

اما ان اللقاءات بين القيادة والمواطنين مقطوعة..، وهناك توتر وتشنج واحتقان وغضب شعبي، وأزمة بسب أصرار السلطة على معالجة الملفات والمشاكل الداخلية بطريقتها التي لم تنجح، وما دعوة الحكومة لبعض المواطنين، إلا محاولة منها للخروج من الأزمة التي تفاقمت وشكلت فجوة واسعة بينها والشعب وشعرت بالورطة!. وهذا الاهتمام المبالغ فيه وابرازه بتلك الطريقة دليل على وجود أزمة ومأزق؟؟!!.

حتما هناك أزمة هوية وطنية، وازمة وحدة وطنية بين المواطنين، وازمة ثقة مع السلطة، وأزمة وصراع بين أبناء العائلة الحاكمة!!. وازمات اخرى جعلت السعودية تواجه مأزقا خطيرا!.

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/alialgarash.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 2/تشرين الثاني/2013 - 28/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م