بطون فارغة وافواه جائعة

الفقر... أرقام ومشاكل وتحديات

 

شبكة النبأ: تعتبر مشكلة الجوع وازدياد معدلات الفقر من أهم واخطر التحديات العالمية، ويخشى الكثير من الخبراء من ازدياد نسبة الفقر والمجاعة في العالم بسب تنوع المشاكل السياسية والاقتصادية والمناخية، يضاف إليها غياب التخطيط وضعف الأداء الحكومي في العديد من الدول وعجز المنظمات العالمية عن توفير الكثير من الاحتياجات الأساسية بسبب جهل الأعداد الحقيقة للجياع والفقراء وتردي الإمكانات والتمويل كما تشير بعض التقارير الخاصة التي حذرت من تفاقم هذه المشكلة التي ستكون سبب بازدياد معدلات الجريمة والانحلال الأخلاقي، وفي هذا الشأن قالت الأمم المتحدة إن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع المزمن بلغ 842 مليون شخص فى أنحاء العالم مشيرة إلى إحراز بعض التقدم فيما يتعلق بالتخفيف من حدة هذه المشكلة فى العالم النامى. وبحسب ما ذكره تقرير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) فان هذا الرقم يمثل عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع المزمن في الفترة 2011-2013 وهو منخفض بالمقارنة بالفترة من 2010 إلى 2012 والتى بلغ العدد فيها 868 مليون شخص.

وجاء فى تقرير المنظمة بعنوان (حالة عدم الأمن الغذائى فى العالم) إن 6،826 مليون شخص من الذين يعانون من الجوع يعيشون فى الدول الفقيرة. وسجلت جنوب آسيا أعلى عدد بلغ 295 مليون شخص فى حين تم تسجيل أعلى معدل جوع فى أفريقيا جنوب الصحراء بلغ شخص بين كل أربعة أشخاص. وأشارت الفاو إلى أن النمو الاقتصادي فى الدول النامية أدى لتحسين إمكانية الحصول على الطعام. كما أشادت المنظمة بالتقدم فى مجال نمو الإنتاج الزراعى. وأدرجت المنظمة شرق آسيا وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية ضمن المناطق التى أحرزت تقدما فى تخفيف مشكلة الجوع. ومع ذلك فإنها لم ترصد أى تقدم فى غرب أفريقيا ورصدت تقدما بطيئا فقط فى جنوب وشمال أفريقيا.

وقالت المنظمة إن الاتجاهات الحالية تضع العالم على طريق الاقتراب من تحقيق أهداف الألفية للتنمية المتعلقة بخفض أعداد الجوعى فى العالم بحلول 2015 دون الوصول إليها. ومن أجل تحقيق ذلك يتعين خفض أعداد الجوعى لأقل من 12% من تعداد سكان العالم. ويشار إلى أن 14،3% من سكان العالم مصنفون حاليا على أنهم جوعى. وقالت الفاو إن 62 دولة حققت هذا الهدف فى حين أن هناك ست دول أخرى في طريقها لتحقيق ذلك.

في السياق ذاته جزم تقرير اقتصادي رسمي بأن عدد الفقراء في مصر ارتفع بشكل كبير خلال العقد الماضي لتصل نسبتهم إلى ربع إجمالي عدد سكان البلاد. وقال تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، نقلته صحيفة الأهرام المصرية، إن نسبة الفقراء في مصر ارتفعت من 16.7 في المائة خلال الفترة ما بين عامي 1999 و2000 إلى 25.2 في المائة خلال الفترة ما بين 2010 و2011.

يشار إلى أن مصر تعاني منذ عام 2011 من أزمات سياسية وأمنية أثرت كثيرا على الأوضاع الاقتصادية فيها، وتعاني عدة قطاعات مصرية، على رأسها السياحة، من ضغوطات كبيرة، وقد سارعت عدة دول عربية مؤخرا إلى دعم الاقتصاد المصري بمساعدات مالية مباشرة أو ودائع. وأشار التقرير إلى أن نسبة الفقر المدقع الفقر الغذائي بين المصريين ارتفعت من 2.9 في المائة من إجمالي السكان بين عامي 1999 و2000 إلى 6.1 في المائة بين عامي 2008 و2009، إلا أن هناك تحسنًا وانخفاضا ملحوظا في هذه النسبة التي وصلت عامي 2010 و2011 إلى 4.8 في المائة. بحسب CNN.

وأوضح التقرير أن أقل نسب للسكان الفقراء ماديا تقع في محافظة البحر الأحمر حيث بلغت ما بين 2 و6 في المائة في السويس ودمياط وبورسعيد، أما النسبة الأعلى للفقراء فكانت في "محافظات الوجه القبلي" الجنوبية، وسجلت 69 في المائة في أسيوط و59 في المائة في سوهاج و54 في المائة في أسوان و51 في المائة بقنا.

دعارة القاصرين

في السياق ذاته تندد منظمات كثيرة تعنى بالدفاع عن حقوف الأطفال، من بينها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، بالدعارة المتزايدة في أوساط القاصرين في مدغشقر حيث هاجمت جموع مغتاظة في جزيرة نوسي بي (الشمال) ثلاثة رجال اتهمتهم بالتحرش بالأطفال وبقتل طفل وضربتهم حتى الموت. وفتح تحقيق إثر هذه الحادثة التي هزت مشاعر الرأي العام في أنحاء العالم أجمع. ولم يجمع بعد أي دليل يسمح بإثبات شبهات التحرش بالأطفال وقتل طفل في الثامنة، وهي شبهات وقعت الحادثة بسببها.

وشرحت ماري دارمايان المديرة المحلية لمنظمة "إي سي بي إيه تي" غير الحكومية التي فتحت فرعا لها في البلاد في العام 2012 أن دعارة الأطفال والتحرش بهم يكتسبان بعدا يثير القلق في مدغشقر وهما ظاهرتان تنتشران في البلاد. وأكدت اليونيسيف أنه تم تسجيل ارتفاع في حالات التحرش بالأطفال خلال السنوات الخمس الأخيرة، لكنه يتعذر علينا تقديم المعطيات لتوضيح نطاق هذه الظاهرة.

ولا يخفى على أحد أن الحانات في في جزيرة نوسي بي السياحية حيث وقعت الجريمة باتت بيئة مؤاتية لممارسة الدعارة تتجول فيها شابات بألبسة ضيقة وقصيرة مع أوروبيين أكبر سنا منهن. ومن غير المعلوم، إذا كانت هؤلاء الشابات قاصرات أم لا. وشرح فرنسي مقيم في الجزيرة فضل عدم الكشف عن هويته أن الشابة تتقاضى عادة 40 ألف ارياري (حوالى 13 يورو) عند الصباح ... ولا تحدث الأمور كما هي الحال عادة في أوروبا حيث تفرض الشابة السعر الذي تريده. وتقر السلطات بانتشار هذه الظاهرة المذكورة أيضا في الكتيبات السياحية، لكنها تحمل الأهالي مسؤوليتها. وصرح جانو الأمين العام لوزارة السياحة كثيرون هم الاهالي الذين يدفعون أولادهم إلى ممارسة الدعارة بسبب الفقر. بحسب فرانس برس.

وأكد موريس زاندري رئيس الخدمة المركزية لشرطة الآداب وحماية القاصرين في الواقع، إن الاهالي هم الذين يرسلون أطفالهم في بعض الأحيان لممارسة الدعارة بغية تأمين القوت. وتؤكد "إي سي بي إيه تي" واليونيسيف هذه المعلومات. وأوضحت ماري دارمايان أنه من الصعب إيجاد فرص عمل وكل يوم، يكتشف مدربونا الميدانيون حالات جديدة من الشابات اللواتي يمارسن الدعارة في الشوارع. وأضافت أن الاستغلال الجنسي للأطفال الصغار ليس النوع الأكثر إنتشارا من الدعارة في البلاد، إذ انه في أغلبية الأحيان، تطال الدعارة، بحسب دراساتنا، شابات اكبر في السن، ترواح اعمارهن بين في الخامسة عشرة أو السابعة عشرة أو حتى في عمر أكبر. غير أن قانون البلاد ينص على حماية القاصرين وفرض عقوبات على مرتكبي عمليات الاستغلال الجنسي. وقد فتح خط هاتفي لتلقي اتصالات خاصة بسوء المعاملة والتحرش الجنسي بالأطفال. وأرسيت شبكات لحماية الأطفال في أنحاء الجزيرة برمتها تقريبا بدعم من اليونيسيف.

منظمة الأغذية والزراعة

على صعيد متصل واجهت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة انتقادات في عام 2012 بسبب الطرق التي تتبعها في حساب عدد الأشخاص الجوعى في العالم في تقريرها السنوي الذي تصدره بعنوان حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم. وقد تواصل الجدل حول هذا الموضوع في عام 2013 حيث أشارت الحسابات إلى أن 842 مليون أو 12 بالمائة من سكان العالم يعانون من الجوع المزمن على مدى العامين الماضيين.

وقد أعلنت منظمة الأغذية والزراعة في عام 2012 أنها تبحث في طرق جديدة لقياس مصطلحات الجوع وانعدام الأمن الغذائي ونقص التغذية التي غالباً ما يتم استخدامها على نحو متبادل. وقال الخبراء أن تقرير حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم لعام 2013 كان أفضل من تقرير عام 2012، ولكن مازال هناك بعض المشكلات في نوعية البيانات.

ويعد انتشار نقص التغذية المؤشر الرئيسي الذي تستخدمه منظمة الأغذية والزراعة لحساب الأعداد العالمية نظراً لأنه القضية الرئيسية. وقد طُرحت تساؤلات ليس فقط حول الكيفية التي تم بها إنشاء هذا المؤشر ولكن كيفية استخدامه ومن يستخدمه لقياس الجوع في مرحلة معينة من الوقت وتتبع التوجهات على مر الزمن كذلك.

وربما كان أكثر منتقدي منهجية منظمة الأغذية والزراعة في عام 2012 مجموعة من الباحثين في الولايات المتحدة وكندا طرحوا مخاوفهم في تقرير بعنوان تأطير الجوع استجابة إلى تقرير حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم 2012. وقال تيموثي وايز، مدير برامج السياسات والبحوث في معهد البيئة والتنمية العالمية في جامعة تافتس وأحد مؤلفي التقرير أن مقاييس نقص التغذية المزمن (انتشار نقص التغذية) يعرف بأنه عدم كفاية الكمية التي يتم تناولها من السعرات الحرارية لمدة أكثر من عام.

وهذا التقدير مبني على الحد الأدنى من متطلبات السعرات الحرارية للمشاركة في نمط حياة غير نشط. ويجعل هذا الحد والشرط لنقص التغذية بأن يدوم على الأقل لمدة عام المقياس مقيداً جداً نظراً لأنه يستبعد هؤلاء الذين يعانون من الجوع الشديد لمدة أقصر، مثل الذين يعانون من الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية. ويعد انتشار نقص التغذية المؤشر الرئيسي الذي تستخدمه منظمة الأغذية والزراعة لحساب الأعداد العالمية نظراً لأنه القضية الرئيسية وقد دافع بيرو كونفورتي، الإحصائي المخضرم في منظمة الأغذية والزراعة، عن استخدام مقياس انتشار نقص التغذية مرة أخرى في عام 2013 كأساس للحساب قائلاً أنه من الناحية المثلى يتبغي أن يتم تقييم مستوى نقص التغذية بصورة فردية ولكن منظمة الأغذية والزراعة غير قادرة على القيام بذلك من خلال الطرق العادية لجمع البيانات.

ويمكن أن يتأثر استهلاك الغذاء الفردي اليومي بالعديد من العوامل، طبقاً لما ذكره كونفورتي، منها الطريقة التي يتم بها تخصيص الغذاء في الأسر المختلفة وكمية الطاقة المطلوبة وعبء العمل والعادات الدينية والثقافية التي تؤثر على اختيار الغذاء وكميته، ولذلك فإن جمع البيانات الفردية ليس عملياً. من جهته، أشار كارلو كافيرو الإحصائي والاقتصادي المخضرم في منظمة الأغذية والزراعة إلى صحة المنهجية المستخدمة من قبل منظمة الأغذية والزراعة مؤكداً على أن الادعاء بأننا لا ندرك ظروف الناس المنخرطين في نشاط بدني يتطلب جهداً هو أمر لا أساس له تماماً فالتقديرات أخذت في اعتبارها التوزيع الحقيقي للمتطلبات الغذائية بين السكان، كما أنها عكست تنوع الوظائف في البلاد حيث يتبع بعض الناس نمط حياة قليل الحركة بينما يشارك الآخرون في أنشطة بدنية تتطلب الكثير من الجهد. وقد أشار كونفورتي، الذي كان واحداً من المحررين الفنيين للتقرير الجديد، إلى أن التقرير حاول التعويض من خلال تقديم ومناقشة حجم الأبعاد المختلفة للأمن الغذائي كتوفر الطعام والقدرة الاقتصادية والبدنية للحصول عليه والاستفادة من الغذاء والاستقرار (والضعف والصدمات) بمرور الوقت.

ويتم قياس كل من تلك الأبعاد عن طريق مؤشرات محددة مثل نسبة الأطفال الذين يعانون من التقزم والاعتماد على الحبوب وتقلب أسعار المواد الغذائية ومتوسط إمدادات البروتين وعدد الطرق ونوعية مصادر المياه والاستقرار السياسي. كما تساعد المؤشرات في رواية قصة أعمق عن أسباب انعدام الأمن الغذائي والإبلاغ عن القرارات السياسية. فعلى سبيل المثال، تشهد دول مثل باكستان وبورندي انخفاضاً في الاعتماد على الحبوب والبطاطس كسلع غذائية رئيسية ولكن كلا الدولتين لديها ارتفاع كبير في معدل انتشار التقزم. وفي حالة باكستان توضح البيانات عدم تمتع الجميع بفرص الحصول على نظام غذائي متوازن، ولذلك هناك حاجة إلى سياسات تدعم منح الرعاية الاجتماعية ونظم مساعدة الفقراء في الحصول على المزيد من الغذاء المتنوع. وتعد التدخلات التي تعزز الرضاعة الطبيعية وتوفر الأغذية المقوية أيضاً من الأمور المهمة، كما أشار التقرير. وفي حالة بورندي فإن كمية الغذاء المتوفرة كانت منخفضة ولذلك في هذا المثال ينبغي أن تركز السياسات على زيادة الانتاج الغذائي أو الواردات.

وقال كونفورتي أن منظمة الأغذية والزراعة تأمل من خلال مجموعة المؤشرات الجديدة في التصدي للانتقاد بأن منهجها لا يرصد الآثار القصيرة الأجل لارتفاع أسعار الغذاء أو الصدمات الاقتصادية الأخرى. وتعترف إيلين ميسير، وهي من العلماء المعارضين والمنتقدين لاستخدام مقياس انتشار نقص الغذاء من قبل منظمة الأغذية والزراعة والتي تنتمي أيضاً إلى كلية فريدمان لسياسات العلوم والتغذية في جامعة تافتس، بالجهود التي تبذلها منظمة الأغذية والزراعة في تقديم مجموعة إضافية من المؤشرات التي تأخذ في اعتبارها احتياجات الناس إلى المزيد من تناول الطاقة الاختيارية لدعم الحياة الصحية والنمو والأنشطة.

وقد توصل وايز من جامعة تافتس إلى أن منظمة الأغذية الزراعة "تستجيب للغاية إلى مخاوفنا وأن كل من الاحصاءات وتأطير تقرير حالة انعدام الأمن الغذائي هي أكثر دقة، مؤكداً على أن السياسات الحكومية الوطنية وليس النمو الاقتصادي فحسب هي عوامل أساسية لخفض الجوع. ولكن التقرير مازال قاصراً، فلم يقم على سبيل المثال باستكشاف الديناميكيات التي تربط الفروع المختلفة التي تؤثر على انعدام الأمن الغذائي وهو ما يشكل تحدياً مستمراً، طبقاً لما ذكرته ميسير.

فعلى سبيل المثال لا تعتبر البرامج الغذائية هي الاستجابة الوحيدة لمعالجة التقزم في جميع الحالات. وأضافت أنه من المحتمل أن تتطلب التدخلات الأكثر أهمية لخفض التقزم في بعض الحالات مثل غواتيمالا استثمارات في المياه النظيفة والرعاية الصحية لخفض معدلات المرض والأحمال الطفيلية. وأضافت أن المحللين السياسيين والاقتصاديين يؤكدون أيضاً على أهمية السيادة الغذائية وتقليل نفوذ الشركات الأجنبية. وباختصار فإن الأمن الغذائي موضوع معقد جداً. ولذلك فإن منظمة الأغذية والزراعة في شكلها الحالي لا تغطي الأمن الغذائي بكل تعقيداته على نحو ملائم".

وقال خوسيه لويس بول فاليرو، الناشط في مكافحة الجوع في جامعة لوفين الكاثوليكية، أن الأبعاد المتعددة هي "إضافة مهمة جداً للتقرير" وأن تقارير منظمة الأغذية والزراعة في تحسن. ولكن دراسة الروابط والعلاقة بين الأبعاد على المستوى الوطني أمر خارج نطاق تقرير منظمة الأغذية والزراعة ويجب أن يتم متابعته من قبل باحثين محليين أو فرديين، مضيفاً أن ذلك "سيكون مسألة صعبة بالنسبة لمنظمة الأغذية والزراعة نظراً لأن العلاقات السببية والمتبادلة قد تكون متعددة ومربكة.

وقد استطاعت منظمة الأغذية والزراعة القيام بدراسات حالة شاملة تقوم بتحليل جميع أبعاد انعدام الأمن الغذائي الحالي أو التوقعات طويلة الأمد لجميع الدول" طبقاً لما ذكرته ميسير. وقد أشارت إلى أن وكالات الأمم المتحدة الأخرى المعنية بالغذاء مثل برنامج الأغذية العالمي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية وأيضاً جامعة الأمم المتحدة والمؤسسات الحكومية الدولية مثل معهد بحوث السياسات الغذائية الدولية والبنك الدولي تقوم بإعداد تقديرات شاملة عن الأمن الغذائي في أوقات أكثر ملائمة.

وقد أقرت ميسير بالعمل الذي يقوم به مكتب المقرر الخاص بالحق في الغذاء أوليفير دي شاتر الذي يلعب دوراً متزايداً عن أي وقت مضى حيث يقوم بإعداد دراسات الحالة الوطنية للحق في الغذاء في بلدان مختارة.

وتتبع أيضاً تقارير دي شاتر القائمة على الحقوق أطر العمل القانونية والالتزامات السياسية ونفقات ونتائج البرامج الغذائية وبرامج التغذية، وتقوم أيضاً بدراسة تأثيرات منظمة التجارة العالمية والتحرر التجاري وتأثيرات الاستثمارات الأجنبية المباشرة على توفر الغذاء والحصول عليه والتغذية والقدرة على الصمود. وقالت ميسير أن مؤشرات مثل أبعاد النوع الاجتماعي من هم المزارعون؟ وما هي الموارد التي يتحكمون فيها؟ هي مؤشرات

ويعتقد بول أن بيانات انعدام الأمن الغذائي تحتاج إلى أن يتم تصنيفها على حسب النوع الاجتماعي (ذكور/إناث) والمناطق الريفية والحضرية لكي نحصل على صورة أفضل"، مضيفاً أنه "إذا لم يتم تخيل حصول النساء على الغذاء في تلك التقارير ذات العناوين اللافتة للنظر فيستمر الاستخفاف بمحنتهن من دون توقف.

وأشار بول إلى أن التحضر اتجاه عالمي ضخم يؤثر على جميع الدول ولكن يبدو أن قسماً كبيراً من الجياع مازالوا موجودين في المناطق الريفية. فما مدى أهمية الجوع في المناطق الحضرية مقارنة بالجوع في المناطق الريفية؟ نحن لا نعرف في الوقت الحاضر وما لدينا فقط هو تقديرات وتقارير عفا عليها الزمن. وقالت ميسير أن منظمة الأغذية والزراعة يمكنها فقط أن تكون جيدة بالقدر الذي تسمح لها البلدان بذلك، مضيفة أنه لا بد أن تكون الدول متقبلة للأفكار الجديدة وأن يكون لديها القوى العاملة. كما لابد للدول الأعضاء أن تمول الجهود الخاصة بإعداد المزيد من التحليلات الشاملة لانعدام الأمن الغذائي

تحرك تضامني

الى جانب ذلك وفي إطار بعض المبادرات الخاصة فقد اشترت ليديا ميلانوفيتش في وقت الذروة في احد المخابز في وسط بلغراد قطعتي كرواسون للفطور الا انها اخذت معها قطعة واحدة فيما ابقت الثانية لشخص مجهول لا يملك المال لشرائها. في صربيا اطلق ثلاثة موظفين شباب في شركة للتجارة الالكترونية موقعا عبر الانترنت يدعو السكان الى الشراء في المخابز مواد غذائية ستقدم الى الفقراء. وينشر الموقع خريطة تحصي حوالى ستين متجرا يشاركون في هذا التحرك. ويشير ملصق معلق على الواجهة ان هذا المخبز يشارك في المبادرة التي تحمل اسم سوليدارنا كلوبيتسا (الاكل التضامني).

البائعة سيلفيا تضع قطع الخبز الصغيرة والكرواسون التي قدمها الزبائن في سلة في الواجهة حتى يتمكن الاشخاص الجائعون والذين لا يملكون المال، من رؤيتها والمجيء لاخذ الاكل منها. وتقول ليديا وهي مقاولة شابة اكتشفت هذه المبادرة عبر شبكات التواصل الاجتماعي انه لامر رائع ان يكون احدهم وجد هذه الطريقة البسيطة لمساعدة الناس من دون استثمار الكثير من الوقت والطاقة.

في طابور الانتظار وراءها تسأل الطالبة الثانوية يوفانا بوغافاتش عن المبادرة وبعد اطلاعها عليها تقرر ان تحذو حذو ليديا. وتوضح ارى كثيرا في الحي الذي اقيم فيه اناسا يفتشون في سلال المهملات بحثا عن بقايا اطعمة لكني كنت اشعر بالحرج ان اعرض عليهم المساعدة. فكرتكم رائعة. ويعيش 9,2 % من سكان صربيا البالغ عددهم 7,2 ملايين نسمة في الفقر مع اقل من يورو واحد في اليوم على ما تفيد الارقام الرسمية. ويعيش شخص من كل خمسة اشخاص باربعة يوروهات. ويعيش 12,2 % من الاطفال في الفقر ويعاني 6,2 % من سوء التغذية.

اطلقت المبادرة التضامنية هذه من قبل ثلاثة موظفين في بوابة الانترنت كيوسكبيدجيز.كوم وقد استلهموا الفكرة من شريط فدييو بث عبر شبكات التواصل الاجتماعي عن تحرك مشابه في ايطاليا حيث يقدم الناس القهوة الى المشردين. واوضحت منسقة المبادرة نينا ميلوس لقد احببنا الفكرة واخترنا ان نقدم الاغذية. وقد اتصل الشباب الثلاثة بالمخابز لان اسعارها المعقولة ستسمح لكثير من الناس بالمشاركة.

وخلافا للتوقعات، توسعت المبادرة بسرعة في بلد تبلغ فيه نسبة البطالة 24 % وحيث 18 % من السكان يعيشون باقل من اربعة يورهات في اليوم. وتقول سيلفيا في البداية لم اكن اؤمن كثيرا بالفكرة لكن ثمة عددا متزايدا من الناس الذين يتركون الاغذية للفقراء. وتقول عالمة النفس انيكا ستويانوفيتش المشروع ناجح لانه لا يتطلب التزاما شخصيا ولا يكلف كثيرا. الناس الذين لا يملكون الكثير هم عادة الاكثر سخاء لان بامكانهم ان يتصورا بسهولة انهم قد يحتاجون مساعدة يوما.

والاصعب كان ايصال المعلومة الى المستفيدين الذين ليس لديهم نفاذ سهل الى الانترنت. وقد تم الترويج للمبادرة من خلال لوحات الاعلانات في الشارع وفي الصحف المجانية. وقد نشرت منظمات غير حكومية النبأ ايضا في مراكز استقبال المشردين. وقد طلب القيمون على المشروع من سكان بلغراد ان يبلغوا المشردين في احيائهم بهذه المبادرة. وتوضح سيلفيا عندما كنا نرى شخصا يفتش في سلال المهملات كنا نخرج لنعطيه الطعام ولنقول له ان بامكانه العثور عليه في متجرنا يوميا مجانا. بحسب فرانس برس.

ميريانا ام لثلاثة اطفال وعاطلة عن العمل، تعتمد عائلتها فقط على اجر زوجها عامل البناء وقد عرفت بالمبادرة عبر التلفزيون. وتقول المرأة الاربعينية التي تسير لمدة ساعة لتتمكن من الحصول على الخبز المجاني بات الان لدينا وجبة واحدة على الاقل يوميا. وبعد نجاح مبادرتهم غير المتوقع تريد نينا ميلوس واصدقاؤها تنويع تحركهم بطرق اخرى لمساعدة الفقراء وتصدير الفكرة ايضا الى مقدونيا المجاورة في خطوة اولى.

من جانب اخر قد يكون المغزى لدى معظم الشركات في العالم أن تحقق ربحها من خلال بيع المزيد من منتجاتها، إلا أن شركة "TOMS" للأحذية حققت نجاحها بالتبرع بمنتجاتها للفقراء. وساعدت فكرة دارت في خاطر مؤسس الشركة، بلايك ميكوسكسي، أن يسافر إلى الأرجنتين في رحلة بعد تركه دراسته الجامعية، وخلال رحلته شاهد متطوعين يجمعون أحذية لتقديمها إلى أطفال الأرجنتين، الذين لا يمتلكونها للذهاب إلى المدرسة.

وهكذا قرر ميكوسكسي أن يؤسس فكرة "اشتر حذاء لنتبرع بآخر غداً"، ورغم أن الكثيرين شككوا في قدرته على إنجاز مهمته دون أن يلحق الإفلاس بشركته، إلا أن النجاح تحول تدريجياً. إذ قال ميكوسكسي إن الشركة تمكنت من التبرع بعشرة آلاف حذاء في العام الأول ليزداد العدد إلى مليون، بل ويصل إلى عشرة ملايين حذاء ليساعد الأطفال المحرومين. ولم يكتف ميكوسكسي بهذا القدر، بل بدأ سلسلة من النظارات الطبية، ليساعد 150 ألف شخص على الرؤية بشكل واضح مجدداً.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 30/تشرين الاول/2013 - 25/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م