المرأة السعودية... اصرار على انتزاع بعض الحقوق

 

شبكة النبأ: تعيش المرأة السعودية واقع مؤلم و معاناة متكررة، وسط مجتمع يعاني من سيادة العادات والتقاليد والثقافات القبلية وسيطرة المؤسسة الدينية على المجتمع الذي أصبح يخضع لفتاوى وأراء رجال الدين المتشددين، الساعين الى مصادرة جميع الحقوق والحريات ومنها حقوق المرأة السعودية، التي لاتزال تعاني من التمييز والتهميش الإنساني في كل مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا الشأن سعت الحكومة السعودية لإحباط حملة تهدف لإنهاء حظر على قيادة المرأة للسيارة وحذرت من أنها قد تلجأ للقوة لوقف أي احتجاج يهدف لانتهاك الحظر.

ونشرت ناشطات سعوديات في وقت سابق صورا وتسجيلات مصورة لهن وهن يتحدين الحظر بعد ان دعا بعض أعضاء مجلس الشورى لإنهائه. والسعودية هي البلد الوحيد في العالم الذي يحرم على المرأة قيادة السيارة إلا ان الجدل بشأن الحظر الذي كان الحديث عنه في الماضي حبيس الدوائر المغلقة ومواقع التواصل الاجتماعي انتشر ليشمل المنتديات العامة أيضا.

وقالت وزارة الداخلية السعودية ان الدعوات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي والتي تدعو لمسيرات وتجمعات محظورة لتشجيع السيدات على قيادة السيارة تخالف القانون. وقالت الوزارة في بيان بثته وكالة الانباء السعودية وزارة الداخلية تؤكد للجميع بأن الجهات المختصة سوف تباشر تطبيق الأنظمة بحق المخالفين كافة بكل حزم وقوة. ولا يوجد في المملكة قانون يحظر قيادة المرأة للسيارة لكن لا يسمح لها باستخراج ترخيص القيادة كما القي القبض على نساء بتهمة الإخلال بالنظام العام او الاحتجاج السياسي بعد ضبطهن وهن يقدن سيارات.

وحذر ما يسمى بإمام الحرم المكي أسامة بن عبد الله خياط من رفع الشعارات التي تحوي مطالب تكون عاقبتها تهديد السلم الاجتماعي والروابط الأخوية بما تبذره من بذور الفتنة والشقاق وما تحدثه من فرقة ونزاع. كما ايد عدد من الأكاديميات في بيان منع المرأة من قيادة السيارة مؤكدين ان هناك أمورا أخرى أكثر أهمية.

 وتدعو حملة "26 اكتوبر" السعوديين لوضع علامة الحملة على سياراتهم كما تدعو النساء اللائي لديهن رخص قيادة دولية للقيادة وحثت الأخريات على تعلم القيادة. ويقول المؤيدون للحظر ان السماح للمرأة بقيادة السيارة سيشجع على الاختلاط بين الجنسين مما يؤثر سلبا على الآداب العامة. وكانت صحيفة سبق الالكترونية ذكرت ان 200 من الشيوخ والدعاة زاروا الديوان الملكي في جدة لبحث هذه القضية.

ونقلت الصحيفة عن الشيخ ناصر بن سلمان العمر الامين العام لرابطة العلماء المسلمين قوله جئنا إلى ولي الأمر (العاهل السعودي) لبيان خطورة هذه المرحلة. واضاف قوله فإن كان أولئك أصحاب مؤامرة قيادة المرأة للسيارة أرادوا أن يأتوا البيوت من ظهورها فالمشايخ أرادوا أن يأتوا البيوت من أبوابها.

وفي 2011 استجابت عشرات السعوديات لحملة مماثلة ونشرن صورا وتسجيلات فيديو لأنفسهن وهن يقدن سيارات على مواقع تويتر وفيسبوك ويوتيوب. واحتجز البعض منهن لفترة وجيزة ووجهت اتهامات لاثنتين منها تهمة تحدي العاهل السعودي. وأطلق سراح واحدة منهما بعدما وقعت تعهدا بعدم قيادة السيارة مرة أخرى في حين حكم على الثانية بعشر جلدات لكن لم يتضح ما إذا كانت العقوبة قد نفذت. وقالت أميرة سعودية في تغريدة على موقع تويتر إن العقوبة ألغيت.

وكان الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية قال إن حظر قيادة المرأة للسيارات لا يفرضه أي نص شرعي. وأكد آل الشيخ أنه لا يملك أي سلطة لتغيير السياسة السعودية بشأن قيادة المرأة للسيارات لكنه نفى صحة تقرير نشرته وسائل إعلام محلية ذكر أن تعليمات صدرت في الآونة الأخيرة لأعضاء الهيئة بعدم تعقب أو إيقاف نساء لقيادتهن السيارات في المستقبل.

في السياق ذاته قالت الاعلامية المستقلة ميساء العمودي، احدى الناشطات اللواتي اطلقن الحملة الجديدة، من المؤسف اننا ما زلنا ندور حول المطلب ذاته منذ عشرين عاما. واضافت تشدد السعوديات على حقهن في قيادة السيارة خلال عهد الملك عبدالله لانه اكثر من يفهم المرأة السعودية بعد ان فاجأها بقرارات ساعدتها في العمل والتحرك.

وقد قرر الملك عبد الله بن عبد العزيز الاصلاحي الحذر مطلع العام الحالي تعيين ثلاثين امراة في مجلس الشورى، كما كان اعلن قبل عامين منح المرأة حق الترشح والتصويت في الانتخابات البلدية. كما سمح للمرأة بالعمل في محلات اللوازم النسائية والنزول في الفنادق من دون ولي امر. وختمت العمودي معربة عن الامل في حدوث مفاجئة سارة هذه تخص هذا الملف العالق.

من جانب أخر قالت صحيفة سعودية ان شرطة المرور السعودية حررت مخالفات مرورية لمالكي ست سيارات قادتها فتيات في تحد للحظر المفروض على قيادة النساء للسيارات في المملكة. وحررت الغرامات المرورية في المنطقة الشرقية وتزامنت مع حملة دعا نشطاء مدافعون عن حقوق المرأة وقالت صحيفة الشرق نقلا عن متحدث باسم الشرطة قوله ان اجمالي الغرامات بلغ 5400 ريال (1400 دولار) وانه تم تحرير المخالفات نظرا لإعطاء المركبة لشخص غير مؤهل للقيادة. وقال الرائد منصور الشكرة المتحدث باسم مرور المنطقة الشرقية بالنيابة الحالات رصدت على الشواطئ والمخططات الجديدة غير المأهولة بالسكان وغالبا كان الهدف منها التسلية وليس اكتساب مهارات القيادة.

من جهتها اعتبرت منظمة العفو الدولية ان السلطات السعودية تتذرع بحجة ان المجتمع هو الذي يفرض المنع وتؤكد ان القانون ليس تمييزيا ازاء النساء لكنها تستمر في مضايقة وتخويف الناشطات. ونددت هذه المنظمة المدافعة عن حقوق الانسان في بيان ب"المكالمات الهاتفية والتهديدات عبر الانترنت والمنع التعسفي من السفر واجبار الناشطات وافراد عائلاتهن على توقيع تعهدات بعدم قيادة السيارات، وكذلك اللجوء الى وسائل الاعلام التي تسيطر عليها الدولة لتشويه سمعة الناشطات. ودعا مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة بدوره السعودية الى وضع حد للتمييز الذي يمارس بحق النساء من بين تجاوزات أخرى.

السعودية أسوأ الدول

على صعيد متصل وضع تقرير السعودية على رأس قائمة الدول التي تحد قوانينها من الفرص الاقتصادية للمرأة وذكر أن جنوب آسيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي المناطق التي سجلت أقل تقدم على مدى الخمسين عاما الماضية في تحسين الفرص الاقتصادية للمرأة. وقال التقرير الذي أعده البنك الدولي إن حقوق المرأة تحسنت بدرجة كبيرة على مستوى العالم في السنوات الخمسين الماضية لكن 90 بالمئة تقريبا من جملة 143 دولة شملها التقرير مازال فيها قانون واحد على الأقل يحرم المرأة من وظائف معينة أو فتح حساب مصرفي أو الحصول على رأسمال أو اتخاذ قرارات مستقلة.

وأظهرت الدراسة أن 28 دولة بها عشرة أوجه للتمييز القانوني أو أكثر بين حقوق الرجال والنساء وأن نصف هذه الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا و11 دولة منها في منطقة افريقيا جنوب الصحراء.

ويظهر التقرير أنه عندما يحدث تمييز في الحقوق القانونية بين الرجل والمرأة يقل عدد النساء اللاتي يملكن مشاريع خاصة ويزيد التفاوت في الدخول وهو استنتاج قد يؤدي إلى نظرة جديدة لمسألة تحسين الفرص الاقتصادية للمرأة وما قد يترتب على ذلك من خفض نسبة الفقر في العالم.

وقال جيم يونج كيم رئيس البنك الدولي بمناسبة نشر التقرير الذي يحمل عنوان عمل المرأة والقانون" عندما يشارك الرجل والمرأة في الحياة الاقتصادية على قدم المساواة يمكنهم المساهمة بطاقاتهم في بناء مجتمع مترابط واقتصاد متين. وبدأت العديد من الدول في أنحاء العالم إزالة العوائق القانونية التي تحول دون مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية إلا ان التقدم في هذا المجال كان متفاوتا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 29/تشرين الاول/2013 - 24/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م