مصر والاخوان... معارك استنزاف ورهان على الوقت

 

شبكة النبأ: تشهد مصر ازمة سياسية حادة واضطرابات امنية خطيرة بسبب الخلافات المتواصلة بين جماعة الاخوان المسلمين المعزولة سياسيا والحكومة الجديدة المدعومة من الجيش، فلا تزال الصراعات والانقسامات بين طرفي النزاع في أوجها بسبب استمرار المظاهرات العنيفة واشتباكات بين أنصار جماعة الاخوان ومعارضيها  قد تجر البلاد لمزيد من العنف والفوضى.

فمنذ عزل مرسي في الثالث من تموز/يوليو، ينظم انصاره تظاهرات دورية للمطالبة بعودته الى الحكم، لكن هذه الحشود لا تستمر فترة طويلة بسبب القمع الذي تقوم به السلطات المصرية الموقتة، حيث تواصل قوات أمنية، عمليات نوعية لتوقيف قيادات وعناصر بارزة في جماعة الإخوان المسلمين للتحقيق معها في بلاغات تتهمها بارتكاب جرائم عنف تشهدها البلاد وراح ضحيتها أكثر من خمسة آلاف بين قتيل ومصاب، وقتل مئات من أعضاء الاخوان وسجن كبار قادة الجماعة في واحدة من أكبر الحملات الأمنية في تاريخ الجماعة.

ويتهم أنصار مرسي الحكومة بانها تزداد سلطوية وتعيد مصر إلى ما كانت عليه في عهد مبارك الذي حكم البلاد بقبضة من حديد لمدة ثلاثين عاما، وقد نظم الإسلاميون مظاهرات عديدة تطالب بعودة مرسي للحكم ما دفع الحكومة لبحث فرض قيود شديدة على التظاهر في خطوة اثارت انتقادات عنيفة من جانب الجماعات المدافعة عن حقوقة الانسان، وامتدت الاحتجاجات الى الجامعات ومنها جامعة الأزهر.

فقد تؤجج المحاكمة التوترات بين جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي لها مرسي والحكومة المدعومة من الجيش وتعمق الاضطرابات التي أضرت بالسياحة والاستثمار في مصر أكبر الدول العربية سكانا، كما تثير الاضطرابات قلق حلفاء مصر الغربيين الذين كانوا يأملون أن تحول الانتفاضة التي أطاحت بحكم مبارك مصر اكبر دولة في المنطقة الى قصة نجاح في مجال الديمقراطية.

وكانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يريدان عملية سياسية شاملة في مصر التي تربطها اتفاقية سلام مع إسرائيل وتتحكم في قناة السويس الممر المائي الحيوي بين أوروبا واسيا، لكن ليست هناك دلائل على أن الاخوان أو الحكومة على استعداد لتقديم تنازلات.

وإلى جانب الأزمة السياسية تواجه الحكومة المؤقتة في مصر أعمال عنف يقوم بها إسلاميون متشددون في سيناء بالقرب من إسرائيل وقطاع غزة. وتسيطر على قطاع غزة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الفلسطينية التي خرجت من عباءة جماعة الاخوان المسلمين.

وتزايدت الهجمات على الجنود ورجال الشرطة بدرجة كبيرة منذ الإطاحة بمرسي. وقالت مصادر أمنية إن مسلحين قتلوا شرطيا في شمال سيناء، وتتزايد المخاوف من ان يمتد عنف المتشددين إلى خارج سيناء. وأعلنت جماعة إسلامية متشددة مقرها سيناء وتستلهم فكر تنظيم القاعدة مسؤوليتها عن محاولة فاشلة لاغتيال وزير الداخلية المصري في سبتمبر أيلول الماضي.

وهناك مخاوف من أن تمتد الهجمات التي يشنها الإسلاميون خارج سيناء. وقتل إسلاميون مشتبه بهم ستة جنود قرب قناة السويس، وقالت مصادر أمنية إن مسلحين قتلوا ضابط شرطة وأصابوا آخر في مدينة بورسعيد على قناة السويس.

ويقول الخبراء انه اذا استمر انصار مرسي في تحدي الجيش فسيتم تشديد الحملات الامنية ضدهم بالنظر الى ان الغالبية العظمى من المصريين تؤيد الجيش الذي استعاد مكانته وشعبيته بعد عزل مرسي.

ويرى بعض المحللين ان ما تشهدته مصر من حالة احتقان سياسي وتظاهرات عنيفة، ستجعلها في دائرة الازمات، بسبب ديمومة التنافر السياسي الحاد، و اعمال العنف المتواصلة، حيث أدت الى شل النظام السياسي والتنمية الاقتصاد المرهق اصلا، وعليه وضعت تلك العوامل آنفة الذكر بلاد الفراعنة على حافة مواجهة سياسية شرسة، خاصة مع استمرار جماعة الاخوان بتعهداتها بشأن استمرار الاحتجاجات ورفض الحوار، حتى وصلت العلاقة بين الحكومة والمعارضة الاخوانية في مصر درجة عالية من الحساسية السياسية مع تمسك كل جهة بموقفها والسير في طريق المواجهة حتى النهاية، مما يمهد لمعركة سياسية طويلة الامد ومكلفة الخسائر تنتج فوضى مستدامة.

فقد دعا انصار الرئيس الإسلامي المعزول محمد مرسي المصريين لتنظيم احتجاجات حاشدة يوم الرابع من نوفمبر تشرين الثاني وهو اليوم الذي تبدأ فيه محاكمته في اتهامات بالتحريض على القتل ما يثير مخاوف من المزيد من إراقة الدماء مع استمرار الأزمة السياسية في البلاد.

وقال التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب الذي يضم جماعة الاخوان المسلمين في بيان "شدد التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب على أن الانقلابيين يريدون كسر الإرادة الشعبية بمحاكمة مرسي في 4 نوفمبر المقبل".

ودعا التحالف في البيان من وصفهم بالأحرار في مصر وخارجها إلى "الوقوف بجانب الإرادة الثورية والمعارضة لقوى الانقلاب والتي تسعى لكسر هذه الإرادة" مشددا علي أن كافة الفعاليات ستكون كما "كانت دائما في الإطار السلمي الذي اتخذناه وسيلة وإستراتيجية". بحسب رويترز.

وقال قاض إن مرسي وأعضاء آخرين بجماعة الاخوان المسلمين وجهت لهم اتهامات بالتحريض على قتل وتعذيب المتظاهرين امام قصر الاتحادية الرئاسي، وتتعلق الاتهامات بمقتل نحو 12 شخصا في اشتباكات خارج القصر الرئاسي في ديسمبر كانون الأول الماضي بعد ان أغضب مرسي المحتجين بإصدار إعلان دستوري يوسع من سلطاته.

وجسدت الاضطرابات الاخيرة ماشهدته جامعتان مصريتان وقوع اشتباكات، بين طلاب مؤيدين وآخرين معارضين للرئيس المعزول محمد مرسي، أسفرت عن إصابة أربعة أشخاص بينهم ثلاثة أفراد أمن مدني في إحدى الجامعتين، وذلك في خامس أيام التظاهر للطلاب المؤيدين لمرسي بعدة جامعات مصرية.

ففي محافظة القليوبية (شمال القاهرة)، أصيب أربعة أشخاص إثر اشتباكات بين مؤيدي ومعارضي مرسي من طلاب جامعة بنها، بحسب مصدر بالأمن المدني للجامعة، وشهود عيان.

وأسفرت الاشتباكات “المحدودة” التي جرت في مجمع الكليات بجامعة بنها، عن إصابات وصفت بالطفيفة لمدير إدارة الأمن المدني بالجامعة واثنين من أفراد الإدارة، إلى جانب إصابة أحد الطلاب المؤيدين لمرسي.

وفي محافظة الشرقية (دلتا النيل)، وقعت اشتباكات بين طلاب مؤيدين وآخرين معارضين للرئيس المعزول، لم تسفر عن وقوع إصابات.

واحتجز مسؤولو الأمن الإداري في جامعة الزقازيق محمد سعيد مرسي، نجل شقيق الرئيس المعزول، الطالب بالفرقة الرابعة بكلية الحقوق أثناء مشاركته في مسيرة بساحة الكلية، لمدة ربع ساعة مع طلاب آخرين قبل إطلاق سراحه، وبحسب مصدر أمني فإن احتجازهم كان خوفا على حياتهم أثناء وقوع اشتباكات بين الطلاب.

كما ذكر مراسلو وكالة فرانس برس ان الاف الطلاب تظاهروا في القاهرة للمطالبة بعودة الرئيس الاسلامي محمد مرسي الذي عزله الجيش واطلقت قوات الامن قنابل مسيلة للدموع على متظاهرين في جامعة الازهر، واكدت وزارة الداخلية من جهتها في بيان ان "اكثر من ثلاثة الاف طالب من جامعة الازهر تظاهروا وقطعوا طريق النصر" في العاصمة المصرية. واضافت ان المتظاهرون رددوا هتافات معادية لقوات الامن ورموا حجارة "ما ارغم القوات على استخدام الغاز المسيل للدموع لتفريقهم"، وقال مصدر طبي ان هذه الصدامات في ضواحي جامعة الازهر لم تسفر عن اصابات، وتحدث مسؤولون في الاجهزة الامنية ايضا عن اشتباكات على مقربة من جامعة القاهرة بين طلاب مناهضين واخرين من انصار الاخوان المسلمين.

على صعيد آخر أوقفت عناصر الأمن المصري وليد الحدّاد، منسق العلاقات الخارجية في حزب (الحرية والعدالة) الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين المنحلة.

وقال مصدر أمني مصري ليونايتد برس انترناشونال إن قوة أمنية من عناصر البحث الجنائي وجهاز الأمن الوطني قامت بمداهمة منزل والدة الحدَّاد في الجيزة (جنوب القاهرة)،حيث أوقفت المطلوب وتم نقله إلى أحد المقار الأمنية.

وكانت نيابة أمن الدولة العُليا، طلبت ضبط وإحضار وليد أحمد الحداد أمين (33 سنة) والحاصل على بكالريوس كلية العلوم، للتحقيق معه في جملة من البلاغات التي تتهمه بالضلوع في أحداث العنف التي شهدتها البلاد مؤخراً بصفته يحمل صفة منسق العلاقات الخارجية في حزب (الحرية والعدالة) الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين المنحلة.

كما أحالت سلطات التحقيق القضائية في مصر، المرشد العام السابق للإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف، إلى محكمة الجنايات بتهمة إهانة السلطة القضائية، وقرَّر المستشار ثروت حماد، قاضي التحقيق المنتدب من وزارة العدل للتحقيق مع عاكف، إحالة الأخير إلى محكمة جنايات القاهرة، وإرسال القضية إلى رئيس محكمة استئناف القاهرة لتحديد موعد أولى جلسات المحاكمة والدائرة التي ستباشر المحاكمة.

وأبلغت مصادر قضائية يونايتد برس انترناشونال، أن قرار الإحالة للمحاكمة الجنائية جاء عقب انتهاء التحقيقات في بلاغات تقدَّم بها عدد من القضاة والمستشارين ضد عاكف للتحقيق معه فيما نُسب إليه، خلال حديث أجرته معه صحيفة كويتية، من توجيه إساءات للقُضاة والسلطة القضائية وتلويح عاكف بعزل أكثر من 3 آلاف قاض وفقاً لتعديل تشريعي يتم الإعداد له بتخفيض سن تقاعد القضاة إلى 60 سنة بدلاً من 70، ويُذكر أن التهديد بعزل القُضاة، قبل ثورة 30 يونيو 2013 التي أطاحت بنظام جماعة الإخوان المسلمين وعزل الرئيس السابق محمد مرسي القيادي في الجماعة، أثار حالة من الغضب على الساحة المصرية وكان من بين أسباب قيام الثورة.

من جهتها نقلت صحيفة مصرية عن الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة المصرية قوله إن جماعة الإخوان المسلمين حذرته من وقوع هجمات إذا جرى عزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي.

وقال السيسي في مقابلة مع صحيفة (المصري اليوم) إنه اجتمع مع نائب المرشد العام للإخوان المسلمين خيرت الشاطر يوم 25 يونيو حزيران أي قبل خمسة أيام من المظاهرات الحاشدة التي أدت إلى عزل مرسي في الثالث من يوليو تموز.

ونقلت الصحيفة عن السيسي قوله إن الشاطر حذر من “أعمال إرهابية وأعمال عنف وقتل من جانب جماعات إسلامية لا يستطيع هو ولا جماعة الإخوان السيطرة عليها موجودة في سيناء وفي الوادي وبعضها لا يعرفه جاءت من دول عربية”، وقال السيسي إن الشاطر قال إنه “إذا ترك الرئيس منصبه فستنطلق هذه الجماعات لتضرب وتقتل وإن أحدا لن يقدر على أن يسيطر عليها”، وقال وزير الدفاع إن هذه التعليقات أغضبته.

الى ذلك  قالت الحكومة المصرية إنها أمرت بإلغاء ترخيص جمعية الإخوان المسلمين تنفيذا لحكم قضائي صدر الشهر الماضي بحظر أنشطة جماعة الإخوان المسلمين والكيانات المتفرعة عنها، وقالت الحكومة في بيان إن لجنة شكلتها في الثاني من أكتوبر تشرين الأول الحالي لتنفيذ الحكم كلفت وزير التضامن الاجتماعي “بشطب جمعية الإخوان المسلمين من سجل الجمعيات الأهلية المعتمدة بوزارة التضامن الإجتماعي”، وصدر حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بحظر أنشطة جماعة الإخوان المسلمين يوم 23 سبتمبر أيلول متضمنا التحفظ على أموال الجماعة السائلة والمنقولة والعقارية وكلف الحكومة بإدارتها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 27/تشرين الاول/2013 - 22/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م