الأقليات الدينية تواجه ضغوطاً في باكستان

 

شبكة النبأ: يجلب الانتماء إلى أقلية عرقية أو دينية في باكستان مخاطر كامنة – وهو ما أمكن تفسيره بشكل واضح في بيشاور الشهر الماضي عندما وقع هجوم بقنبلة على كنيسة أسفر عن مقتل 85 شخصاً على الأقل.

ويشير تقرير الحريات الدينية لعام 2012 الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن نسبة الخمسة بالمائة التي تشكل السكان غير المسلمين، في بلد يزيد تعداد سكانه عن 190 مليون تواجه اضطهاداً متعدد الأشكال يشمل "هجمات على دور العبادة والتجمعات الدينية والقيادات الروحية تقوم بارتكابها جماعات إرهابية ومتطرفة تتسم بالعنف والطائفية". وقد نجم عن تلك الهجمات سقوط مئات القتلى خلال هذا العام.

وتناولت منظمات مراقبة حقوق الإنسان بشكل متكرر المحنة التي يواجهها المواطنون غير المسلمين. وفي تصريح جاء في أعقاب الهجوم على كنيسة بيشاور قالت زهرة يوسف، رئيسة لجنة حقوق الإنسان، التي تتخذ من لاهور في باكستان مقراً لها، أن "لجنة حقوق الإنسان في باكستان تناشد الحكومة أن توضح خطتها لمواجهة هذا التهديد وأن تتخذ خطوات جدية لطمأنة المواطنين الباكستانيين غير المسلمين بأن الحكومة تملك الإرادة والقدرة على حماية أرواحهم وحرياتهم الدينية".

وكحال المسيحيين، فإن الهندوس الذين يمثلون أقل من 2 بالمائة من السكان يواجهون اضطهاداً متزايداً خاصة في شكل تحولهم "بالقوة" إلى الإسلام، ويظهر ذلك في تزويج الفتيات الصغيرات لمسلمين وإجبارهن على اعتناق الإسلام.

وقال أمارناث موتومال، وهو محامي يعمل في كراتشي وأحد قيادات المجتمع الهندوسي: "نسمع عن عشرات من تلك الحالات. ليس لدينا مشكلة عندما تختار امرأة هندوسية راشدة يتجاوز عمرها الثامنة عشرة الزواج من مسلم، ولكن في حالة الفتيات في الفئة العمرية ما بين 14 أو 15 عاماً، لا يكون الإكراه أو حتى الاختطاف أمراً غير مألوف. علاوة على ذلك، فإن زواج الفتيات الأقل من 16 عاماً هو أمر مخالف للقانون".

وقد تناول البرلمان قضية اختطاف الهندوس وتحولهم إلى الإسلام. ومن المتوقع قريباً صدور تقرير استناداً على الاستجواب الذي بدأ العام الماضي.

المجتمع الأحمدي

ويقول الأفراد المنتمون إلى الأقلية الأحمدية التي واجهت أسوأ هجوم على الإطلاق في تاريخها عام 2010 في لاهور عندما قتل ما يقرب من 100 شخص منهم، أنهم يعيشون في خوف دائم.

وتعتبر هذه المجموعة نفسها مسلمة، ولكن تم إعلانها في عام 1974 جماعة غير مسلمة، وفقاً للقانون الباكستاني على أساس معتقداتها التي اعتبرتها الجماعات التقليدية مثيرة للخلاف والجدل. وتقدر أعداد الطائفة الأحمدية بحوالي 3 إلى 5 مليون نسمة في باكستان.

وقال قمر سليمان، المتحدث باسم الطائفة الأحمدية في بلدة ربوة في البنجاب، أن "الخوف موجود بطبيعة الحال. فهناك منشورات يتم توزيعها تحث على قتل أفراد الطائفة الأحمدية لأنهم كفار". بحسب شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين".

وأضاف سليمان أن "التقارير عن الهجمات على أفراد طائفتنا تأتي من جميع أنحاء البلاد، كما توجه إليهم التهديدات وقد شهدوا مؤخراً زيادة في المضايقات في المؤسسات التعليمية حيث طالت تلك المضايقات الأطفال الصغار. كما تعرضت فتاة جامعية تنتمي إلى الطائفة الأحمدية في مؤسسة تعليمية خاصة لمؤامرة حاكها زملاؤها لكي يتم دهسها بالسيارة".  وقال سليمان أنه لا يرى أي علامات على تحسن الموقف بل يتحدث العديد من الناس عن تدهور الموقف.

مجموعة الهزارة العرقية

تتكون مجموعة الهزارة العرقية من 6,000 إلى 7,000 شخص، طبقاً لما ذكره زعماء المجموعة التي تتعرض أيضاً لهجمات. ويتم استهداف هذه المجموعة لأنها أقلية عرقية متمركزة في أجزاء معينة من كويتا وتتحدث باللغة الفارسية ولأن الهزارة كلهم تقريباً من الشيعة. وقال عبد القيوم شانجيزي، زعيم الهزارة الجارجا أنه "الهزارة يستهدفون بسبب تلك العوامل ... كما لا نتمتع بأية حماية".

وقد عاش مجتمع الهزارة لشهور تحت الحصار حيث تم إغلاق الطرق المؤدية إلى المناطق ذات الأغلبية للهزارة، ولكن ذلك لم يمنع الهجمات بالقنابل مثل الهجوم الذي حدث في يناير هذا العام وخلف 96 قتيلاً. وقد وقعت هجمات أخرى منذ ذلك الحين.

مجتمع الكیحال

مجتمع الكیحال هو أحد المجتمعات الأخرى التي تتعرض لضغوط، حيث قال سامو کیحال أحد أفراد المجتمع الذي تحدثت معه شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) في عام 2010 أن "الأمور تزداد سوءاً بالنسبة لنا منذ ذلك الحين. فالناس يقولون أننا قذرين ولا يدفعون لنا أموالاً في بعض الأحيان عندما نتسول ويقولون أنهم سوف يعطون أموالهم إلى المسلمين فقط".

التقارير عن الهجمات على أفراد طائفتنا تأتي من جميع أنحاء البلاد، كما توجه إليهم التهديدات وقد شهدوا مؤخراً زيادة في المضايقات في المؤسسات التعليمية حيث طالت تلك المضايقات الأطفال الصغار

وقد عاش أفراد الكیحال لقرون على طول ضفاف نهر السند حيث يكسبون رزقهم من صيد الأسماك أو استخدام البوص لصناعة مراكب النهر. ولكن التنمية المتسارعة على طول نهر السند "ومصادرة الأراضي التي كانت ملك الكیحال لأجيال، كما يدعي سامو کیحال، قد هددت مصادر رزقهم ومنازلهم.

وعلى الرغم من أن الكیحال يقولون أنهم مسلمون، إلا أن غالبية السكان يرفضون الاعتراف بهم كمسلمين لأنهم يأكلون طعاماً "نجساً" ومحرماً على المسلمين مثل لحم التماسيح. وكسكان بدو رحل لا يحق للكیحال الحصول على بطاقات هوية وطنية إذ يتطلب ذلك الحصول على عنوان ثابت، وبالتالي لا يحق لهم التصويت. وقال سامو کیحال: "لا يتم حتى اعتبارنا بشراً".

مجتمع الكلش

مجتمع الكلش الذي يسكن أفراده في ثلاثة أودية في منطقة تشيترال في إقليم خيبر بختون خوا هم جماعة وثنية يتبعون الديانة الوثنية. وقالت شيمشالا بيبي من تشيترال: "خلال حياتي التي دامت لأكثر من 70 عاماً رأيت ثقافتنا وهي تتمزق حيث يتحول شعبنا إلى اعتناق الإسلام فقط من أجل يبقوا آمنين بالرغم من أنهم عملياً يتبعون معتقداتنا القديمة".

وبعيداً عن الضغوط التي يتعرضون لها لكي يعتنقوا غير ديانتهم فإن حوادث مثل التي وقعت في 2009 كاختطاف عامل الإغاثة اليوناني قد أدت إلى تفاقم أوضاعهم.

وعلى الرغم من أن أثناسيوس ليرونيس الناشط في منظمة غير حكومية قد أطلق سراحه بعد حوالي سبعة أشهر من اختطافه من قبل متشددين على غرار طالبان، إلا أن الحادث قد جلب المزيد من انتشار القوات الأمنية في أودية الكلش، وطبقاً لما ذكره السكان المحليون، فقد جلب ذلك معه تهديداً أكبر من طالبان التي تستهدف القوات الحكومية على نحو متكرر.

وقال رزاق شاه من وادي كلش الرئيسي في بومبوريت أنه "بسبب وجود المزيد من رجال الأمن فإننا نخشى التعرض للمزيد من الهجمات".

ويعتقد أن عدد أقلية الكلش يبلغ ما بين 3,000 و4,000 شخص مع تراجع سريع في أعدادهم كنتيجة رئيسية لعمليات التحول الإجباري إلى الإسلام. وتتراوح تقديرات الأعداد بصورة متباينة حيث تشير بعضها إلى وجود حوالي 6,000 شخص من الكلش. وقالت بيبي أن الناس الذين حاولوا مساعدتهم قد طردوا وهي تخشى من أن يأتي يوم يختفى فيه الكلش.

المجتمع الشيعي

على الرغم من أن الطائفة الشيعية تمثل حوالي 25 بالمائة من السكان المسلمين وتعتبر نفسها جزءاً من الغالبية المسلمة، إلا أنها تعرضت في الآونة الأخيرة للمزيد والمزيد من الهجمات من قبل الجماعات التقليدية المنتمية إلى غالبية المجتمع السني الذين يشككون في بعض معتقدات الشيعة.

ففي شهر يوليو من هذا العام لقي 57 شخصاً من الشيعة مصرعهم في هجوم بقنبلة في السوق في بلدة باراتشينار في منطقة كورام القبلية. وتواصل الجماعات الشيعية الاحتجاج على قتل الشيعة وخاصة في كراتشي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 23/تشرين الاول/2013 - 18/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م