الشباب ومعادلة الثقافة والترفيه

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: يقول علماء الاجتماع، ان المجتمع يتكون من فئات عمرية عديدة، هي فئة الاطفال، والشباب، والكهول، وكبار السن او الشيوخ، وتبعا لهذه الفئات من حيث الكم والنوع، يمكن ان تتحدد هوية المجتمع وانتمائه الى التقدم او عكسه، ويجزم المعنيون، أن حيوية المجتمع تعود الى الفئة العمرية الشابة، وحجمها او نسبتها في المجتمع، فضلا عن حسن بنائها، ثقافة وتفكيرا ومهارات.

بمعنى اذا كانت نسبة فئة الشباب هي الاعلى من بين الفئات الاخرى للمجتمع، فإنه سوف يكون فاعلا، نشيطا، حيويا، نظرا للطاقات الكبيرة التي يمتلكها الشباب، لكن علينا أن لا ننسى جانبا مهما، حتى تكتمل صورة المجتمع المثلى، وحتى ينتمي الى التقدم والانتاج الامثل، فالامر يتعلق بالنوع والثقافة والمهارات، وليس بنسبة فئة الشباب في تكوين المجتمع، هذا الامر يجعلنا نؤكد بأن الحاجة الى الشباب المثقف، تتقدم على الامور الاخرى، اذا اردنا ان نبني مجتمعا متطورا.

في عصرنا الراهن، عصر السرعة الخارقة، وعصر العالم في غرفة واحدة، وعصر شبكة التواصل التي جعلت من العالم كله، مكشوفا لنفسه في عموم الجهات الاربع، في مثل هذا العالم الخالي من الحواجز والخصوصية! كيف يمكن أن نحمي فئة الشباب من الانزلاق في مخاطر التقليد، وكيف نحميهم من الانحراف في موجات ثقافية دخيلة، لا جوهر لها سوى التسلية ونشر النمط الاستهلاكي لترويج بضاعة تدّعي الحداثة والتجديد، لكنها تفتقر كليا للجوهر المفيد.

من الواضح أننا كعراقيين وعرب ومسلمين نحتاج الى الشباب الواعي المثقف، وليش الشباب الذي ينضوي تحت (المودات) التي تسربها وسائل الاعلام كافة، في الملبس والمأكل والمشرب، والسلوك، والاستماع، والمشاهدة، وطريقة العيش كلها، نعم تحاول بل تستميت الجهات والشبكات المستفيدة، أن تحول شبابنا الى شكل فارغ من الجوهر، وعقل خالي من المواهب والقدرة على الابتكار، والسبب كي نتحول الى مجتمع مستهلك لا ينتج او عاجز عن الانتاج، وبالتالي سوف يعتمد كليا على ما يرد إليه من بضائع (ومودات)، في الملابس والاحتياجات الاخرى، فيكون المجتمع بذلك، كله مشلولا وعاجزا عن التقدم خطوة واحدة، في ظل عالم يلهث نحو التقدم في كل دقيقة تمر عليه من عمر الزمن!.

يؤكد علماء التنمية البشرية والاجتماع، أن التقدم المجتمعي من المحال أن يتحقق من دون الدور الحقيقي لفئة الشباب، او الدور العملي المتمثل بتوظيف طاقاتهم ومواهبهم، خاصة انهم كما يقال، قوة الحاضر، وأمل المستقبل، لذا يستدعي الامر من الجهات المعنية اهتماما مدروسا ومخططا له، أي تكريس الاهتمام الحكومي والمدني بشكل عام بالشباب، وتطوير ملكاتهم ومواهبهم، واستثمار طاقاتهم كل في مجاله، لان الامر سوف ينعكس على المجتمع.

قد تكون اماكن الترفيه كالمقاهي والكازينوهات، وسطا يساعد على تبذير الوقت بالنسبة للشباب، وربما تكون مثل هذه الاماكن الوسط الناقل لعوامل تراجع الشباب، ولكن لا يمكن الغاء هذه الاماكن، لانها الرئة (النفسية) للشباب، ومنعها او منع الشباب عن ارتيادها بأية طريقة كانت، ليس هو الحل الصحيح، لان الترفيه امر مطلوب للجميع، وللشباب بصفة خاصة، لذلك نضع هنا بعض المقترحات امام المعنيين، لرفع الوعي والمستوى الثقافي للشباب من خلال:

- بناء الاماكن الترفيهية للشباب والفئات الاخرى، على ان تقدم انشطة متنوعة في الثقافة.

- اقامة الامسيات الادبية والفكرية والفنية في هذه الاماكن بشكل دوري، وقد قام بعض المعنيين بالثقافة بمثل هذه الفعاليات، ومثالنا بعض الاندية التي تقدم فعالياتها في نقابة المعلمين والمتنزّهات.

- شروع المنظمات المعنية بالثقافة بتطوير الشباب والعناية بمواهبهم.

- الاهتمام الحكومي يجب أن يمثل قصب السبق في هذا المجال، على ان يتم مراعاة الشباب بطرق واساليب مخطط لها ومدروسة بعناية.

- ان تسهم المؤسسة التربوية والتعليمية في هذا المجال، وفق خطط علمية تعدها شخصيات وجهات معنية بتطوير الشباب.

- أن يتم تخصيص الاموال اللازمة لهذا الغرض، من لدن الجهات الحكومية المعنية، على أن لا تغيب المشاركة المدنية، من لدن الاثرياء ومحبي الثقافة في هذا الجانب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 22/تشرين الاول/2013 - 17/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م