اعلنت عدد من التنظيمات الجهادية المعارضة السورية عدم اعترافها بأي
تشكيلات معارضة في الخارج بما فيها الائتلاف الوطني السوري المعارض
والحكومة المؤقتة. واعلن الشيخ زهران في 30 سبتمبر 2013 تشكيل جبهة
اسلامية جديدة ودعت جميع الجهات العسكرية والمدنية إلى الوحدة ضمن إطار
إسلامي ويقوم على أساس تحكيم الشريعة وجعلها المصدر الوحيد للتشريع.
ويمثل القرار انتكاسة للولايات المتحدة والغرب الذين يحاولون دعم
جماعات المعارضة الاقرب للتيار المدني ويزيد من مخاوف سيطرة المتطرفين
مابعد الاسد. القرار يمثل تمردا لعدد كبير من الالوية التي تقاتل تحت
راية الجيش الحر ويعد انقلابا اسلاميا وضربة قوية للمعتدلين.
أن البيانات الصادرة من فصائل المعارضة السورية، الجهادية ومن التي
تقاتل تحت مظلة الجيش السوري الحر تعكس الخلافات والمواجهات مابينها.
الجيش الحر اصبح يقاتل على جبهتين الاولى ضد النظام والاخرى ضد
الجهاديين. ما يحدث الان في سوريا من مواجهات كان متوقعا ويعود السبب
في ذلك لاختلاف الايدلوجيات والمرجعيات الجهادية. الانتقادات الموجهة
الى المعارضة الجهادية بانها خالية من الفكر المنظم وما تقوم عليه هو
المواجهة العسكرية فقط. فإذا سقط نظام الاسد سيتفجر صراع أشد ضد الغرب
من قبل الجهاديين مع اي حكومة قادمة، وسوف يكون استهدافا اكثر الى
مصالح الولايات المتحدة والغرب في الخارج ايضا.
لقد التحق الجهاديون بالحرب في سوريا لأسباب مختلفة، فقدمت خلاياهم
من العراق ولبنان وليبيا ودول عربية واجنبية لتشكل كتائب والوية جهادية
وبمباركة اوربا والولايات المتحدة وتمويل اطراف اقليمية.، ثم تواصل
قدوم الباقين عبر الشبكات الاجتماعية الخاصة تحت دوافع سياسية تخص كلاً
منهم؛ فالليبيون مثلاً لديهم رغبة في الانتقام من النظام الذي ساند
القذافي، والشيشانيون يقاتلون ضد الروس في سورية. التحليلات تشير ان
مباركة اوربا والولايات المتحدة وبعض الدول الداعمة للتغيير في سوريا
يأتي في سبيل التخلص من هذه التنظيمات الجهادية في سوريا على مبدا
التخلص من النفايات النووية والكيميائية.
"الجهاديون" يحذرون من استهدافهم
استطاع "الجهاديون" ان يفرضوا أنفسهم في الحرب السورية لتظهر هنالك
الوية وكتائب اكثر بطشا من تنظيم القاعدة وتحصل على الدعم والاهتمام
الاعلامي أبرزها جبهة النصرة و"الدولة الاسلامية في العراق والشام "،
لواء التوحيد والفاروق واحرار الشام وغيرها من التنظيمات لتقاتل تحت
الرايات السود بدلاً من العلم السوري التي تستخدمها الوية الجيش السوري
الحر. وهذه الرايات السود اثارت قلق الغرب وبعض دول المنطقة للتحول الى
قوة سوداء تتمدد بالمنطقة. ولتكون قوة يحتسب لها حساب في موازين قوى
المعارضة السورية واحتساب ردود افعالها امام اي خيار عسكري ضد سوريا
تقوم به الولايات المتحدة والغرب. هذه التنظيمات تفهم ان الضربة
العسكرية لاتستثني تنظيماتها، ففي الوقت التي ترغب في زعزعة النظام
وتوجيه الضربة العسكرية، فان هذه التنظيمات ارسلت تحذيرات مباشرة
للولايات المتحدة في حالة تعرضها الى اي هجمات بالصواريخ الاميركية.
الجهاديون يأخذون بتجارب رفاقهم في مالي وشمال افريقيا من تعرضهم
الى عمليات عسكرية وتصفية، لذا بات من المرجح ان تقوم التنظيمات هذه
باتخاذ خطة بديلة تتضمن البعض منها تغيير مقراتهم وعدم الظهور الاعلامي
كثيرا خلال هذه المرحلة والتشديد على اصدار التوجيهات والرسائل.
المواجهة مابين الجيش الحر و"الجهاديين"
"الجهاديون" ابتعدوا تدريجيا عن سيطرة الجيش السوري الحر، قيادة
اللواء سليم ادريس وبدأت هذه الالوية تستقوي عليه بل تدخل بمواجهات
مسلحة وتصفي بعض قياداته. ان اعلان عبد العزيز سلامة المسؤول السياسي
للواء التوحيد في 25 سبتمبر 2013 بيان يدعو فيه التوحد تحت الشريعة
الاسلامية، تعتبر نقطة تحول في المعارضة السورية المسلحة. هذه الخطوة
كانت متوقعة منذ اندلاع الثورة السورية، لتكشف هذه التنظيمات عن
اجندتها الحقيقية وعن سبب دخولها القتال ضد النظام السوري والذي لا
يتحدد بتغيير النظام بقدر ما يهدف الى اقامة خلافتهم الاسلامية.
ان معظم الكتائب والتنظيمات تعمل تحت مظلة الجيش الحر الذي يمثل
مظلة رمزية لا تنظيمية، لكن المواجهات الاخيرة بين الجيش الحر
والجهاديين ابرزها في منطقة اعزاز منتصف سبتمبر 2013 اعلنت كسر العلاقة
الرمزية ايضا. المعارضة المسلحة في السورية وبكل انواعها كانت تحصل على
الدعم المالي من اطراف اقليمية وتسليح من قبل الولايات المتحدة
وبريطانيا وفرنسا مباشرة عبر البوابة التركية.
لكن اعلان الاتفاق الروسي الاميركي في جنيف سبتمبر 2013، كشف عن
توافقات اميركية روسية ايرانية بإبقاء النظام مقابل نزع الترسانة
النووية لبشار الاسد، وهذا وضع الغرب والولايات المتحدة في خانة
والمعارضة الجهادية في خانة اخرى. أما المعارضة السورية السياسية
والمسلحة المتمثلة بالجيش الحر فأعربت عن اعتراضها الى هذا الاتفاق
والتوافق. اتفاق جنيف ممكن ان يعتبر خطوة للوراء في حسم الازمة في
سوريا، والتي بدا ينظر اليها انها ازمة اسلحة كيميائية اكثر من ازمة
نظام. ان ابقاء الحرب في سوريا حالة بدون حسم عسكري، يشجع " الجهاديين
" من الاستمرار والتناسل والمطاولة ومن كسب مقاتلين جدد.
القاعدة في خطاب اوباما
قال الرئيس الأمريكي، في كلمته أمام الدورة 68 للجمعية العامة للأمم
المتحدة 23 سبتمبر 2013، إن واشنطن فوجئت بالتغييرات المتلاحقة التي
تشهدها منطقة الشرق الأوسط، في الوقت الذي بدأ فيه خطر تنظيم القاعدة
يتزايد مجدداً، بعد انقسامه إلى عدة جماعات إقليمية. وأضاف "ليس هناك
أي مصالح للولايات المتحدة في سوريا، غير توفير الأمن لشعبها، واستقرار
جيرانها، ونزع الأسلحة الكيميائية، وضمان ألا تصبح ملاذاً للإرهابيين
ومواجه الاعتداءات الخارجية على حلفائنا وشركائنا كما فعلنا خلال حرب
الخليج"، مؤكدا عزمه على تفكيك الشبكات الارهابية. وهذا يعني ان هذه
المرحلة ستعمل اميركا على تفكيك هذه التنظيمات من الداخل والتخلص منها
بالتزامن مع صندقة النظام السوري، مع احتمالات التعاون الاستخباري ما
بين الولايات المتحدة والنظام السوري لتصفية قيادات التنظيم. ما يحدث
في سوريا هو ذات الاستقطاب "الجهادي " في العراق.
الشيعة
ان المواجهات في سوريا أصبحت فعلا معقدة، فلم يعد اسقاط النظام هو
الهدف الوحيد، فمن هذه الاهداف هو اقامة خلافة اسلامية، والاخر مواجهة
الشيعة في سوريا والمنطقة ومقاتلتهم قبل مقاتلة الصليبيين.
وكانت معارك القصير ودخول حزب الله ميدانيا في سوريا اثارة السلفية
الجهادية وحتى السنية لمواجهة التواجد الشيعي في سوريا والمتمثل في
ايران وحزب الله وميليشيات شيعية. هذه المواجهات امتدت الى حرب الاضرحة
والمآذن. يشكل الشيعة الإثنا عشريون حوالي 3% من سكان سوريا وتزداد هذه
النسبة إذا ما إضيف لهم الشيعة الإسماعيلية الذين يتركز تواجدهم في ريف
حماة وفي مدينة السلمية بالذات. يتواجد الشيعة السوريون من المذهب
الإثنا عشري في بضعة قرى وبلدات في محافظة إدلب مثل الفوعة و کفریا
وكذلك في بعض قرى حلب مثل نبل والزهراء أما في محافظة حمص فيتواجد
الشيعة ضمن مدينة حمص بالاضافة الى حوالي 56 قرية و بلدة مثل الدلبوز،
أم العمد، جنينات وغيرها. وتعد مدينة نبل أكبر تجمع للشيعة الإثنى
عشرية في سورية وبعض أحياء العاصمة دمشق.
العلوية
وتسمى كذلك النصيرية هي طائفة من الشيعة الجعفرية الإثني عشرية،
تتميز عن بقية الاثناعشرية بإيمانهم بالدعوة الباطنية ويميزهم بكون
محمد بن نصير النميري أحد نواب الإمام المهدي في فترة الغيبة الصغرى
الذي يجمع من سواهم من الإثنا عشرية، بالإضافة إلى عدم اعتمادهم على
نظام المرجعيات الدينية وهم اليوم يتواجدون في الجبال الساحلية السورية
ويختلفون عن علويي المغرب أو الزيديين في اليمن.
السلفية
على خلاف بعض دول الربيع، شاركت السلفية التقليدية في الثورة
السورية المدنية منذ البداية، ومشاركتها المدنية جائت لقناعات دينية
بدولة إسلامية على نموذج الخلافة لذا غالبية الحركات الجهادية السلفية
تشترك فيما بينها في فكرة الخلافة الإسلامية.ان السبب الرئيس للتخوف من
السلفية الجهادية، يكمن في امرين اساسيين هما توجهاتها الجهادية ونموها
العشوائي. لقد اخذت السلفية الجهادية بالنمو السريع باستغلالها سياسة
القتل والمجازر التي يقوم بها النظام والصور المروعة للضحايا. وهنالك
عامل اخر هو دعم مكومات واجهزة استخبارية لدول مختلفة في المنطقة رغم
الاختلاف في مواقفها من الثورة. وهنالك دعم من أجل التخلص من قيادات
الجماعات بدفعها الى سوريا على امل ان يتم القضاء عليها من قبل النظام.
أهم التنظيمات الجهادية
لواء الفاروق
هو لواء مقاتل في المعارضة السورية، ويحارب تحت مظلة الجيش السوري
الحر. تم تشكيله في أغسطس 2011، ويقدّر عدد مقاتليه بين 7000- 10000
مقاتل مسلح. يتمركز لواء الفاروق في الغالب في مدينة حمص، وله تواجد في
درعا وأيضاً في أجزاء من إدلب قرب الحدود التركية 2012.
لواء التوحيد
تشكَّل اللواء في يوليو 2012 في حلب وريفها، ويُقدَّر عدد مقاتليه
بين 7000- 10000. يتكوّن لواء التوحيد من ثلاثة ألوية فرعية - لواء
فرسان الجبل ولواء دارة عزة ولواء أحرار الشمال- ويضم 195 كتيبة.
جبهة النصرة
بدأت الجبهة عقد اجتماعات في سورية في أكتوبر 2011، إن العديد من
أعضائها كانوا موجودين كجزء من تنظيم القاعدة في العراق. وقد جاء
قائدها أبو محمد الجولاني إلى سورية من العراق في العام 2011. وصدر أول
بيان لها مسجّل بالصوت والصورة في 24 يناير 2012. يتمركز معظم عناصر
هذه الجماعة في حلب ودير الزور، لكنها موجودة أيضاً في ضواحي دمشق وحمص
ويُقدَّر عدد مقاتليها بنحو 5000- 7000 مقاتل.
"دولة العراق الاسلامية في العراق والشام"
تأسست في اعقاب مقتل ابو مصعب الزرقاوي 2006 وانطلقت منها جبهة نصرة
الشام حتى انشقاق الاخيرة ومبايعتها الظواهري في ابريل 2013. تعتبر من
اكثر التنظيمات قدرة بشرية وعسكرية بزعامة ابو بكر البغدادي، وبدا يتسع
جغرافيا في داخل سوريا خاصة في المناطق المحاذية الى محافظة كركوك
الغنية بالنفط ويشترك مع الاكراد بعدة مواجهات، وانضم تحت لوائها عدد
من الالوية والكتائب من تنظيمات اخرى بسبب مايقدمه التنظيم من رواتب
وامتيازات وهو الاكثر عنفا.
أحرار الشام هي كتيبة
تشكَّلت هذه الكتيبة في أواخر 2011 وأوائل 2012، وتتمركز عموماً في
محافظة إدلب، علماً أنها موجودة أيضاً في حماة وحلب. يُقدَّر عدد
مقاتليها بالآلاف. تضم كتيبة أحرار الشام أيضاً أجنحة غير عسكرية
تتولّى توزيع المساعدات واقامة المحاكم الشرعية.
الجيل الثالث من القاعدة
أن ماموجود الان من مقاتلين في سوريا ممكن تصنيفهم من الجيل الثالث
والرابع القاعدي، فالجيل الاول قاتل في افغانستان 1989 والجيل الثاني
في افغانستان 2001 والعراق 2003 وفي ساحات اخرى.
الجيل الثالث يعتبر اكثر مرونة واكثر حركة في التنقل وتنحصر اعمارهم
مابين 16 ـ 30 عاما، وامتلاك هذا الجيل معلومات ومعرفة حول التقنية
والمعلومات والانترنيت ساعدته بالتثقيف " الجهادي " ومتابعة اصدارات
التنظيم على الانترنيت. بدأت هذه التنظيمات تعد التحضيرات لخلافتها
الاسلامية على سوريا من خلال فرض تعاليمها على المناطق التي تسيطر
عليها وتشكيل هيئات ومحاكم على غرار طالبان. أن المواجهات مابين الجيش
الحر والجهاديين تأتي بسبب تدخل الجيش الحر الى صالح الاهالي الذين
يعانون من اعمال العنف من قبل تلك التنظيمات بالإضافة الى الصراع على
الغنائم. ففي الوقت الذي يتعرض له الجيش الحر من فتح جبهة واستنزاف مع
الجهاديين، فان شعبيته بين الاهالي في تصاعد اكثر وهنالك حالة من
التواصل مابين المواطنين والجيش الحر.المواطنون بدأوا يستغيثون اكثر من
سلطة وقبضة الجهاديين اكثر من ايام النظام السوري. المرحلة الحالية سوف
تشهد دعما اكثر للجيش الحر وتشكيل تنظيمات جديدة لمواجهة الجهاديين
اكثر من مواجهة نظام الاسد.
ان اعلان الفصائل " الاسلامية " بخروجها من مظلة الجيش السوري الحر
وعدم اعترافها بالائتلاف السوري يعتبر انقلابا اسلامويا ضد تيار الدولة
المدنية مابعد الاسد. ويمثل هذا الانقلاب تعقيدا بخارطة المعارضة
السورية ويربك الولايات المتحدة والدول الداعمة. ان سوريا داخلة على
مواجهات عسكرية مابين التنظيمات الجهادية المتطرفة وتنظيمات مقاتلة
جديدة موالية للولايات المتحدة تحت اشراف الجيش الحر، وهذا ما يعمل على
مطاولة النظام.
http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/JasimMohamad.htm |