بين الأقبح والأجمل... أسماء تشتكي من معانيها!

عصام حاكم

 

شبكة النبأ: في زحمة التراكمات اللفظية التي يطرحها الشارع العراقي تتولد قناعات ضاغطة باتجاه تصوير  معاني القبح والجمال وان ملامح تلك القضية  وما تحمل من عناوين لها علاقة بالسلطة الابوية فهي صاحبة القرار النهائي في مثل تلك المسألة مع احتمالية ان يتدخل الاقارب والاصدقاء في تحديد هوية المولود الجديد ذكرا كان ام انثى وفي سياق ذلك المعنى نحاول ان نستعرض خصوصية الاسماء غير المحببة وغير المستساغة التي يطلقها الاهل على اولادهم وان فحوى ذلك التوجس والاستهلال منسل من البعد القائم بين الاسماء ومعانيها وهذا ما أتت على ذكره ثقافتنا العشائرية وبأشكال مختلفة فمنها من اتى منسجما مع فصائل الحيوانات واسماء اخرى قدر لها ان تكون بلا عنوان وهي مجرد تركيبات لا يفهم منها شيء.

الاعلامي جاسم الكلابي يلمح الى ان الاسماء عند العرب تأتي من منظور ديني او اجتماعي او سياسي فنلاحظ مثلا العوائل ذات التوجه الديني تسمي ابناءها عبد الله، عبد الرحمن، وغيرها او باسماء شخصيات دينية، وبعض العوائل عادة ما تسمي الابن البكر بأسماء الاب او الجد وهذه الاسماء نقول عنها اجتماعية وبعض العوائل المتأثرة بالمذهبية تسمي ابناءها بطابع مذهبي فبعضهم يسمي عبد علي ،وعبد الزهرة، وعبد الحسن والى اخره يقابلها اسماء عمر وعثمان وعائشة ، الى اخره وبعضهم من يتأثر بالشخصيات السياسية والفنية ويسمون ابناءهم عليها ، عموما الاسماء لها مدلولاتها ومعانيها فكل اسم يحمل معنى ومقصدا عند العائلة التي تطلقه على ابنائها فالعرب القدامى كانوا يسمون ابناءهم على اسماء الحيوان والجماد والنبات ، وهناك اسماء مشهورة عند العرب مثل عكرمة وكلب وحنظلة وجرو ...الخ فسال ذات يوم احد العرب لماذا تسمون ابناءكم بأسماء الحيوانات والجماد والنبات فقال انما نسمي ابناءنا لاعدائنا ونسمي عبيدنا لنا، اي يسمون ابناءهم لعدوهم حتى يبثوا الرعب في نفوس الاعداء ويسمون عبيدهم حتى يتفاءلوا بهم لذلك قيل ان العرب تسمي ابناءها بأقبح الاسماء وتسمي عبيدها بأجمل الأسماء.

خير الأسماء ما عبد وحمد

الحاج فاضل عبد الحسين الشبلاوي يحمل صفة نساب أي له دراية في انساب العرب واصل العشائر العربية حيث يقول: سابقا يعتقد الاهل بضرورة ان يسموا اطفالهم بأسماء غريبة كي يكونوا خارج دائرة الحسد والفتنة وهناك من الامثلة اسماء واسماء تطرح نفسها في الشارع اليوم فتجد اسم (ازبالة) او(سحيول) او (مطجعر) او(مطرود) وما شاكل وبعض الاسر تلجأ الى هكذا اسماء على امل ان تتفادى الاصابة بالأمراض كالجدري والحصبة وبطبيعة الحال تلك السلوكيات لا يحسب لها حساب في بادىء الامر بل هي مجرد اجراءات وقائية تتماشى مع الوعي المجتمعي انذاك وبالتالي هم غير معنيين بالانعكاسات النفسية التي يمر بها الشباب اثناء وجوده في الشارع أو المدرسة وهذا ما لمسناه فعلا فبعض الاصدقاء كانوا يعانون من هذه الحالة وتم تغيير اسمائهم في بطاقة الاحوال المدنية الا ان الاسم القديم بقى عالقا في اذهان الناس ولم يغادروه بسهولة وهناك ثمة عوائل اخرى ورغم وجودها في واقعنا المعاصر الا انها فضلت خيار ان تسمي ابناءها على اسماء رؤوساء بعينهم مثل (صدام) أو (بوش) او عبد الكريم وبعد سقوط تلك الزعامات بدت المعاناة لديهم ومن خلال ذلك اعتقد بان السلوك السوي يحتم علينا ان نستحسن كلام الرسول (ص) حينما قال خير اسماء ما عبد وحمد.

قد تكون الأرياف هي السبب

القانوني على غالب اتى على ذكر ان العراق يعتبر من الدول العربية المتمسكة بالتقاليد العرفية وبعض الامور التي تدخل في مسمى الجاهلية حيث ان الاسماء التي يتوارثها الناس ولازالوا الى الان يعملون بها حيث لا يعيرون اهمية الى الالقاب ويظنون ان الاسماء التي يطلقونها على ابنائهم تزيدهم شجاعة وتضيف لهم خصوصية بالمعرفة بين القبائل العربية علما ان بعض الاسماء هي اسماء حيوانات وعندما يسمى الشخص على اسم الحيوان يزيده لمعانا ويضيف له لقبا يميزه بين القبائل او القرى علما بان تلك الاساء في المنظور الاخر هي اسماء متخلفة عن الواقع ولا تليق بان تنسب للانسان الذي كرمه الله وجعله في احسن تقويم علينا ان نحارب هذه الظاهرة ونعمل على تثقيف المجتمع ليكون جميلا في كل شيء ابتداء من الاسماء الخفيفة في اللفظ ونترك ما تعارف عليه الاجداد.

الشيخ طارق الحائري طالب علوم اسلامية  اكد على ان اصل فكرة وجود الاسماء غير المقبولة في وقتنا الحاضر تكون وبشكل واسع في الأرياف وهذا بسبب الجهل المطبق الذي يسود تلك المجتمعات وهم يقدسون بعض الشخصيات او الاماكن او الاحداث او حتى بعض الحيوانات ومن خلال ذلك هم يريدون ان يخلدوا تلك الذكرى على واقعهم مثلما انطبعت في عقولهم حتى امسوا في عداد الاسرى لتلك الاسماء وهم بطبيعة الحال غير معنيين بالمستقبل بل الاهتمام منصب على الواقع الذي يعيشونه الان وسواء كان الاسم مقبولا ام غير مقبول مستقبلا.

في حرية الاختيار ومعانيها

القاص عدنان عباس سلطان استهل مداخلته بان المسافة الشاسعة بين الاسم والمسمى هو حتما ياتي من الجذر الثقافي للمجتمع ومفهومة للبطولة والعنف وغلبة الاخرين فان الاسم لا بد ان يمثل هذه القوة وتاتي الاسماء مثل ليث او سيف وما شاكل ذلك كي يسقط جانبا اخر من من ثقافة المجتمع وهي التخفي من الاخرين او الاعداء المفترضين كان يسمي المولود باسم لا اهمية له مثل كلب او جرو او غبار وما شاكل من هذه الاسماء تحت اعتقاد بان المائز من الاسماء قد يتعرض الى التصفية الجسدية وقد تعد الامراض من ضمن السحر الذي يستعمله الاعداء والذي ياتي على شكل طاعون او أي مرض من الامراض السائدة ولذا فان مسالة التخفي تجد نفسها حتى في اسماء الاشخاص فتاتي الاسماء وفقا لتصور ان الامراض والبلايا قد تستهدف المميزين من افراد المجتمع ولذا تكون الاسماء مهينة بدرجة كبيرة او ربما باسماء بعض الحيوانات التي لا تشكل اهمية بين مراتب الحيوانات المتوحشة ولذا فان كل المسميات للأشخاص تظل في خيمة الثقافة السائدة وليس بالضرورة ان تكون معبرة عن شخص المسمى.

محطتنا التالية كانت مع عامر ساهي احد منتسبي دوائر الجنسية في كربلاء ذكر لنا بان خاصية حضور تلك الاسماء غير المحببة في وقتنا الحاضر تكاد تكون في أضعف حالاتها وهذا ما توكده الوقائع اليومية والدوائر الرسمية فغالبية الولادة الحديثة غير مهتمة بالأسماء القديمة بل على العكس تماما هناك تحول ملحوظ نحو الاسماء الحديثة اضافة الى ذلك يسعى الكثير من الناس ممن يحملون اسماء لا تتناسب مع الواقع الى الدخول في اجراءات رسمية بغية تغيير اسمائهم بأسماء اخرى تحاكي الواقع الا ان ذلك لم يمنع الناس من ان تقع في نفس الخطأ خاصة وان البعض كثيرا ما يبلغ في تحديد هوية واسم المولود الجديد حتى يعطيه اسم له علاقة ببعض الشخصيات والادوار التلفزيونية ومن ان يحسب مقبولية تلك التسمية في المستقبل وهل تخدم شخصية الوليد القادم ام لا.

ومن هنا نستشف بان حسن اختيار اسم المولود القادم له ضوابط وشروط نفسية واجتماعية واخلاقية لابد ان نحرص على تأديتها حتى نتحاشى خلط الاوراق الى جانب ذلك ينبغي علينا ان نعطي مساحة لا بأس بها للأسماء كي تأخذ حرية اختيار معانيها سواء كانت سلبا او ايجابيا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 20/تشرين الاول/2013 - 15/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م