متى نتخلص من آفة العنف المدرسي؟

 

شبكة النبأ: من الواضح أن ظاهرة العنف المدرسي لم تكن وليدة اليوم، كما انها تنتج عن الوعي المتدني للمجتمع وللوسط التعليمي التربوي، لكن اللافت في هذا الخصوص أن هذه الظاهرة أخذت تتضاعف مع مرور الوقت، مع أن العكس من ذلك، هو المطلوب تماما، فبدلا من مظاهر واساليب العنف المتعددة التي يتعرض لها طلاب المراحل الدراسية، لاسيما الابتدائية والمتوسطة، ينبغي أن تحل الاساليب التعليمية الحديثة الخالية من مظاهر العنف، وهي اساليب تركز على حماية شخصية الطالب وكرامته ومواهبه، حتى يكون مستعدا ومؤهلا لهضم المعلومات وتحويلها الى منتج ايجابي يسهم في بناء الدولة المجتمع.

لكننا على العكس من ذلك، نلاحظ ان المعلمين يذهبون الى الضرب كوسيلة سريعة في معالجة بعض الاشكاليات والافعال التي يبديها الطالب، في حين يجب ان يكون اسلوب اللين والتوضيح والتقرب والانسجام بين الطالب والمعلم، هو السلوك المعتاد بين الاثنين، ولعل المشكلة الكبيرة التي يكاد أن لا يفهمها المعلمون او يتغاضون عنها، أن العنف المدرسي الذي يتعرض له الطلبة الصغار إنما يؤسس لطريقة حياة خاطئة، بل كارثية، لأنها تساعد على انتشار وتنمية معظم انواع العنف الاخرى في المجتمع، فالغرس الجديد المتمثل بالطلبة الصغار حينما يتم التعامل معهم بوسائل العنف لابد أن ذلك سينعكس على حياتهم المقبلة في المجالات العملية المختلفة، فإذا تسنم احدهم أي منصب مهما كان نوعه، فإنه لابد أن يلجأ الى وسائل القسر التي عُومِل بها من لدن معلميه وهو صغير، لأنه نشأ فيها حين فتح عينيه ووعيه، فتعوَّد  الضرب والتجاوز والاكراه في التعامل مع العلم والتعليم وغيره، وهكذا تصبح معظم مؤسسات المجتمع الانتاجية والادارية والعلمية والتعليمية والأسرية وغيرها، عرضة لمثل هذا النظام القهري الخطير الذي تم زرعه في نفوس الصغار منذ مراحل التعليم الاولى، وليس في هذا الرأي محاولة لتضخيم العواقب، أما بخصوص دور الاباء فإنه دور مساعد على العنف المدرسي، كما هو واضح مما يحدث في واقع العملية التربوية التعليمية!.

إن الاب الذي يؤكد للمعلم قبوله بالتعامل العنيف مع ابنه، يسهم عن قصد او من دونه بتشجيع العنف المدرسي ضد ابنه وعموم الطلاب، فهناك آباء يوافقون على العنف ضد ابنائهم! إذ يقولون للمعلم (أنا اسلمك ابني، لك اللحم ولنا العظم!)، في اعلان صريح عن قبول الضرب وكل اساليب العنف ضد الطلاب الصغار والمراهقين، بغض النظر عما تتسبب لهم هذه الاساليب القسرية من تداعيات نفسية وسلوكية خطيرة، فضلا عن انها تشجع المعلمين على الايغال اكثر في استخدام العنف ضد الطلاب، لذا فإن الاسلوب الصحيح من الاباء هو الوقوف مع ابنائهم فيما يتعلق باساليب الضرب والقهر وما شابه، وأن لا يسمحوا بهذا الاسلوب، وان يحموا ابناءهم من الاذلال والاساليب التي تؤذي نفسياتهم، وتحاول ان تحطم شخصياتهم، من خلال التجاوز المادي واللفظي عليهم.

لذلك فإن التخلص من آفة العنف المدرسي تتطلب تعاونا مشتركا بين الآباء والمعلمين، من خلال التعامل المدروس والسليم مع الوضع النفسي للطلبة الصغار، والعمل على توفير الاجواء الدراسية الصحيحة لهم، كذلك هناك متطلبات مادية ينبغي توفيرها لهم، وهذه مسؤولية الاباء بالدرجة الاولى، فلا يجوز محاسبة الابناء على تقصير أو خطأ معين، في حين لا يتنبّه الاباء الى اخطائهم!!، أما المعلمون فمطلوب منهم التمسك بالمنهج التربوي الخالي من العنف، واللجوء الى اساليب معاصرة تتفهم اوضاع الطلاب، واحتياجاتهم في الجانبين المادي والنفسي، في هذه الحالة يمكن ان يثمر التعاون بين الاباء والمعلمين، من خلال نبذ العنف بصورة تامة، مع توفير الصفوف المدرسية الجيدة والمناهج الجديدة، عند ذاك سوف يتحقق حلم التعليم السليم، وتنتهي ظاهرة العنف المدرسي التي باتت من الظواهر المتخلفة والمدمرة في الوقت نفسه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 13/تشرين الاول/2013 - 7/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م