هلاك أمة العرب

هادي جلو مرعي

 

من ذكريات الرئيس المصري المعزول والمغلوب على أمره محمد مرسي التي يستعيدها بين الحين والآخر جلسته التسامرية والتشاورية في ذات الوقت التي خصصها للإستماع لوجهات نظر مختلفة تقدم بها عدد محدود من الشخصيات التي أنتجتها ثورة 25 يناير التي اطاحت بسلفه المسمى المخلوع محمد حسني مبارك وكانت مكرسة لمناقشة الثورة الأثيوبية لإسقاط الجنسية المصرية عن نهر النيل وإبقائه بجواز مرور وهوية أحوال مدنية أثيوبية فقط من خلال بناء سد النهضة العملاق الذي يحاكي إستراتيجية مشروع نهضة مصر الذي جاء به الإخوان المسلمون وضيعه المتظاهرون في 30 حزيران عندما نجحوا في الإطاحة بمرسي وبالإخوان وبمشروع النهضة وأغلقوا ميدان النهضة بذاته.

مشروع سد النهضة يمكنه حجز الكمية الأكبر من مياه النيل الخالد الذي تعتمده مصر لإرواء ملايين الهكتارات من الأراض الزراعية التي توفر ضمانة العيش شبه الوحيدة لعشرات الملايين من المصريين وهو من الأنهار المخلدة المهددة بالإنقراض بفعل الإستخدام غير المسبوق للمياه في الصناعة والزراعة وتوليد الطاقة الكهربائية فلم يعد إستخدام المياه تقليديا كما كان خلال آلاف من السنين مرت من عمر البشرية ولكنه الآن أسلوب حياة مختلف بفعل التطورات الهائلة في تقنيات الزراعة والصناعة وتوليد الطاقة الكهربائية والتبريد المستمر لمصانع ومفاعلات نووية منتشرة عبر العالم عدا عن إن النيل يقطع الأراضي المصرية من الجنوب الى الشمال ويروي الصحراء التي هي وصف طبيعي لبيئة هذا البلد، ومن دون النيل لايمكن أن تستمر مصر.في تلك الجلسة إقترح احدهم توجيه ضربات جوية للسد الأثيوبي المزمع، الطريف إن الجلسة سربت بتفاصيلها لوسائل إعلام محلية وكانت الفضيحة بجلاجل.

في الثمانينيات من القرن الماضي كنا في رحلة الى مدينة خانقين الشهيرة في العراق وهي من توابع جمهورية كردستان هذه الأيام رغم عائديتها الإدارية لمحافظة ديالى وكان نهر الوند الذي يسبح فيه صديقي صباح زنكنة عندما كان صغيرا، هائجا في ذلك الوقت الربيعي من العام وإنبرى صديقين شاب وشابة ليغنيا أغنية كانت مشهورة في مطلع الثمانينيات..

ليش ليش ياجارة

متردين الزيارة

زعلانة إنت علينا

متردين الزيارة

واضطررنا للإستمرار في الحفل على ضفافه المفعمة بالخضرة حتى المساء. نهر الوند وغيره من الأنهار التي تمر من الأراضي الإيرانية الى الداخل العراقي فقدت روح الحياة بفعل السدود المقامة عليها أو لتحويل مجاريها وإستخداماتها الزراعية، وقد شكا العراقيون من ذلك وحزنوا لزيادة نسبة الملوحة في مياه شط العرب. بالفعل فإن المياه الواصلة إليه من نهري دجلة والفرات لم تعد تكفي فتركيا تستعد لبناء مشاريع خزن وسدود عملاقة لا أظن أن (ألسو) سيكون الأخير، وهو ماسبب حزنا مضاعفا وتشكيا من العراقيين الذين تظاهروا ومنهم من أقام الندوات وورش العمل للتعريف بالمخاطر التي يسببها النشاط التركي المتصاعد في أعالي النهرين الخالدين والمهددين بالإنقراض.

تركيا وإيران وأثيوبيا تشكل هذه الدول الثلاث محورا فاعلا قد يؤدي الى هلاك العرب من مصر وحتى العراق..هلاكهم عطشا..

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/hadijalomarei.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 12/تشرين الاول/2013 - 6/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م