نووي ايران... مرونة تقابلها مخاوف

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: دخلت الأزمة النووية الايرانية عبر المسار الدبلوماسي أو المفاوضات المكثفة رحلة البحث عن فرصة حقيقية لايجاد انفراجة في النزاع النووي بين ايران والغرب وذلك في احدث مؤشر يمهد لانهاء الازمة المستعصية منذ عشر سنوات.

حيث خلقت التحركات الحثيثة والليونة الدبلوماسية غير المسبوقة بين طرفي النزاع وخاصة من لدن الجانب الايراني، مناخنا ايجابيا يتيح احتمال التوصل لاتفاق نووي مع ايران افضل من اي وقت مضى، خصوصا بعد المكالمة التاريخية بين الرئيس الامريكي باراك اوباما والرئيس الايراني حسن روحاني في اعلى اتصال بين البلدين منذ 30 عاما، اضافة الى اجتماع كيري وظريف هو الاجتماع "الرسمي" الاعلى مستوى بين مسؤولين امريكيين وايرانيين منذ ما قبل الثورة الاسلامية الايرانية في 1979، مما اثار امالا بحدوث انفراجة في كوة النزاع الطويل الامد.

غير ان النزاع النووية بين الجانبين اتسم بالمناورات السياسية وألأجندة المجهولة في مختلف مراحله وتطوراته السابقة، بسبب معضلة فقدان الثقة بين الإطراف المتخاصمة، لذا فليس من السهل الحصول على تسوية سريع لنزاع يشوبه الغموض ومستمر منذ عقد تقريبا واثار مخاوف من اندلاع حرب جديدة في الشرق الأوسط.

فعلى الرغم من ان المشهد مهيئاً للدبلوماسية من خلال المبادرات إلايرانية التصالحية بشأن برنامجها النووي واستعداد واشنطن للتعامل مع طهران دبلوماسيا، الا انه لا يتوقع حدوث انفراجة كبرى ما لم تقرن الأقوال بالافعال.

وفي هذا السياق قال وزير الخارجية الامريكي جون كيري انه قد يتم التوصل بسرعة نسبيا لاتفاق بشأن برنامج الاسلحة النووية الايراني، وقال كيري ان الجهود الدبلوماسية المكثفة لحل الخلاف بشأن البرنامج النووي الايراني قد تسفر عن اتفاق في غضون الاطار الزمني الذي دعا اليه الرئيس الايراني حسن روحاني الذي يتراوح ما بين ثلاثة الى ستة اشهر.

وقال كيري ان بامكان ايران اثبات صدقها بفتح منشاتها النووية على الفور امام المفتشين وابقاء جهودها لتخصيب اليورانيوم عند مستويات متدنية لا يمكن ان تكون ملائمة للاستخدام العسكري، ودافعت ايران عن حقها في تخصيب اليورانيوم في اطار طاقة نووية مدنية وبرنامج طبي ونفت انها تهدف الى صنع اسلحة نووية ولكن الولايات المتحدة وحلفاءها يسعون لإنهاء تخصيب اليورانيوم لمستويات اعلى.

في المقابل قال محمد جواد ظريف وزير خارجية ايران ان حق بلاده في التخصيب النووي السلمي غير قابل للتفاوض ولكنها لا تحتاج لتخصيب اليورانيوم لمستويات يمكن استخدامها في اغراض عسكرية، وقال ظريف ان ايران مستعدة لفتح منشاتها النووية امام التفتيش الدولي في اطار اتفاق نووي مادامت الولايات المتحدة انهت عقوباتها الاقتصادية المؤلمة، واردف قائلا لبرنامج  في محطة ايه بي سي ان"المفاوضات تجري لبحث الجوانب المختلفة لبرنامج التخصيب الايراني. حقنا في التخصيب غير قابل للتفاوض، "لانحتاج لليورانيوم للمستويات العسكرية.هذه حقيقة ولن نسير في هذا الاتجاه، وقال ظريف ان ايران مستعدة لان يزور مفتشون دوليون منشاتها لاثبات انها لا تسعى لصنع قنبلة نووية، واضاف "اذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للاعتراف بحقوق ايران واحترام حقوق إيران والتحرك من هذا المنظور فأمامنا فرصة حقيقية.

حيث تقترح ايران تنفيذ اتفاق نووي بشكل كامل في غضون عام، وقج عقد وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف اجتماعا ثنائيا مع وزير الخارجية الامريكي جون كيري بعد ان شارك الوزير الايراني في اجتماع مع نظرائه من القوى العالمية الست لبحث مخاوف الغرب بشان برنامج طهران النووي.

وقال كيري للصحفيين بعد المحادثات التي عقدت في مقر الامم المتحدة حيث جلس هو وظريف جنبا الي جنب في لفتة اشارت الي رغبة الجانبين كليهما في استكشاف كيفية تخفيف الخصومة القائمة بينهما منذ اكثر من ثلاثة عقود "عقدنا اجتماعا بناء جدا".

لكن كيري اضاف قائلا "غني عن القول ان اجتماعا واحدا وتغيرا في الاسلوب -وهو شيء موضع ترحيب- إلا انه لا يجيب على تلك الاسئلة وهناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به."

وبدا ظريف -وهو دبلوماسي تلقى تعليمه العالي في الولايات المتحدة- حذرا ايضا وأصر على على تخفيف سريع للعقوبات المؤلمة التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة على ايران لرفضها تعليق برنامجها لتخصيب اليورانيوم.

واضاف قائلا "بالطبع ونحن نسير للامام يجب ان تكون هناك ازالة للعقوبات وفي نهاية الامر يجب ان يكون هناك رفع شامل لجميع العقوبات .. العقوبات الثنائية والعقوبات المنفردة كليهما وكذلك العقوبات المتعددة الاطراف وعقوبات الامم المتحدة ونحن نأمل بان يكون بمقدورنا التحرك في ذلك الاتجاه في فترة زمنية قصيرة."

في الوقت نفسه أجرت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية محادثات "بناءة" وقال الجانبان إنهما سيجتمعان مرة أخرى خلال شهر في تكثيف للجهود الدبلوماسية الرامية لإنهاء أزمة كان من الممكن أن تؤدي إلى حرب.

وأجريت المحادثات في فيينا مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتزامنت مع تصريحات للرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني عبر فيها للقوى العالمية في نيويورك عن رغبته في التوصل إلى اتفاق خلال شهور لإنهاء النزاع القائم منذ فترة طويلة، وقال روحاني إنه يريد أن تؤدي المحادثات مع الدول الست الكبرى بشأن برنامج بلاده النووي إلى نتائج ملموسة خلال فترة قصيرة.

وقال هيرمان ناكيرتس نائب المدير العام للوكالة إن المباحثات التي جرت في مقر البعثة الدبلوماسية الإيرانية في فيينا كانت "بناءة للغاية" لكنه لم يقدم أي تفاصيل. وأضاف أن إيران والوكالة "ستشرعان في مناقشات جوهرية بشأن كيفية المضي قدما في حل جميع القضايا المعلقة" خلال الاجتماع التالي الذي سيعقد يوم 28 أكتوبر تشرين الأول.

وسيكون ذلك بعد أسبوعين تقريبا من اجتماعات بين إيران والقوى العالمية الست مرة أخرى في جنيف يومي 15 و16 أكتوبر تشرين الأول في إطار ما وصفته مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون بأنه "جدول زمني طموح" لمعالجة مخاوف الغرب.

ويساور المحللين شك في أن إيران ربما تكون تسعى لاستغلال المحادثات مع الوكالة الدولية في نيل قرار بتخفيف العقوبات عنها في إطار أي تسوية سياسية أوسع مع القوى العالمية الست وهي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين.

في غضون ذلك، اعرب الرئيس الايراني حسن روحاني عن امله في ان يحل الملف النووي الايراني خلال ثلاثة اشهر عبر المفاوضات الدبلوماسية مع التزامه الشفافية، وذلك خلال مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست، وردا على سؤال لمعرفة ما اذا كان المرشد الاعلى علي خامينئي قد اعطاه صلاحية حل المسألة، اجاب روحاني بان "تسوية الملف النووي هي احدى مسؤوليات حكومته"، واضاف "حكومتي لها كامل السلطة لاجراء المفاوضات حول النووي"، واكد انه مستعد ليكون "شفافا" حول البرنامج النووي لبلاده كي يثبت انها لا تسعى لامتلاك السلاح النووي.، موضحا ان مثل هذا الاتفاق من شأنه ان يتيح اقامة علاقات طبيعية محتملة مع الولايات المتحدة. وقطع البلدان علاقاتهما عام 1980، كما قال الرئيس الإيراني حسن روحاني في مقابلة مع قناة إن.بي.سي نيوز التلفزيونية إن حكومته لن تطور أبدا أسلحة نووية وان لديه السلطة الكاملة للتفاوض على اتفاق نووي مع الغرب، وأضاف "قد تكون خطوات دقيقة وصغيرة نحو مستقبل مهم للغاية" في إشارة أخرى على أنه ربما يسعى لتحسين العلاقات بين إيران والغرب بعد مواجهة مستمرة منذ سنوات بشأن برنامج طهران النووي، لكن المسؤولين الأمريكيين لا يزالون يلزمون الحذر ويقولون إنهم يريدون أفعالا وليس مجرد أقوال.

وعليه يبدو ان هناك ارداة سياسية من أجل تحقيق انفراجة في الأزمة النووية وهذا ما جسده حوار واشنطن مع إيران عبر المسارات الدبلوماسية المكثفة في الاوة الاخيرة، ولكن يبقى السؤال الاهم هو: هل ان تسوية هذه الازمة النووية المستعصية ستتم خلال الاشهر المقبلة أم السنوات المقبلة؟.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 10/تشرين الاول/2013 - 4/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م