الأمن يبدأ من المدرسة

 

شبكة النبأ: لا يزال نزيف الارواح مستمرا في العراق منذ قرابة أربعة عقود، حروب تتلوها حروب في الداخل والخارج، حطبها الفقراء والضعفاء والابرياء دائما، وأسبابها سوء في الادارة على المستويات كافة، وعندما بدأ العراقيون رحلتهم الجديدة مع (الحرية)، بعد نيسان 2003، كان الجميع يتأملون خيرا بالوضع السياسي الاقتصادي الجديد، وكلنا كنا نأمل أن نحصل على التعويض الذي بمقدوره أن ينسينا عذاب الأمس، بيد أن القهر والعذاب وفقدان الامس لا يزال مستمرا الى الآن، وكأن القدر المكتوب على العراقيين هو الموت والنزيف الدائم!.

في وضع كهذا، يتخلخل فيه الامن بشكل يومي، مطلوب إعادة تخطيط، وإعادة نظر في منظومة حياتنا كلها، هناك خلل كبير في عموم المجالات التي تنطوي عليها تفاصيل حياتنا اليومية على الصعيد الامني وسواه، على الجهات المعنية أن تتحرك بجدية كي تعالج هذه الاوضاع التي تتعلق بأمن الناس وارواحهم وممتلكاتهم.

إن الامن يبدأ من المدرسة، هكذا يقول المعنيون بضبط الامن، ولكن كيف يتم تفسير معنى هذه المقولة، أي ماذا نعني عندما نقول (الامن يبدأ من المدرسة)، يتحدث احد الخبراء بالامن ومعظم المعنيين بالامن والفكر وبناء المجتمع المحصَّن، أن الامن يجب أن يبدأ بالطالب الابتدائي، الطالب الصغير ابن السنوات الست، حيث يتم بناءه امنيا وفق برامج وخطط موضوعة مسبقا، و وفق دراسات وتجارب عملية يتدرب عليها الطالب لكي يكون ذا قدرة امنية متكاملة، تجعله يسهم في بناء الامن منذ الاصغر، ومع مرور السنوات يتعلم ويعتاد الامور التي تعلمها قولا وفعلا، لتصبح جزءً من كيانه ومنهجه في الحياة.

من المعروف ان الدولة تصرف مليارات الدولارات لضبط الامن، تذهب مقابل تجهيزات عسكرية وآليات واسلحة مختلفة، فضلا عن الدورات التدربية المتواصلة داخل وخارج البلد وفي الصنوف كافة، وبهذا يتم رصد وصرف مبالغ طائلة وكبيرة من اجل حفظ الامن الداخلي والخارجي، وما يعنينا هنا في هذا المقال الامن الداخلي، والحد من مخاطر المفخخات والتفجيرات والاعمال الاجرامية التي يقوم بها الارهابيون ضد ابناء الشعب العزل الابرياء، فقد اشارت آخر احصائية لهذه العمليات الجبانة، لعدد الضحايا العراقيين الذين وقعوا صرعى او جرحى نتيجة لتلكم الاعمال الارهابية، حسب ما اعلن عنها في وسائل الاعلام المختلفة، فقد أفادت أحصائية  لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) بـ استشهاد  واصابة ما مجموعه ثلاثة الاف و112 شخصاً آخرين جراء أعمال العنف والإرهاب التي وقعت خلال شهر أيلول الماضي، وذكر بيان للبعثة استشهاد 979 شخصاً واصابة الفين و133 آخرون جراء أعمال العنف والإرهاب التي وقعت خلال شهر أيلول، وتمثل هذه الارقام حصيلة اعلى من حصيلة  الشهر الذي سبقه اب لكنها اقل من تموز. ويعد شهر أيلول بحسب احصائية البعثة الاممية من الاشهر التي سجلت ارقاما قياسية من حيث عدد الضحايا لكن يبقى تموز الماضي الذي صادف به شهر رمضان هو الأكثر دموية منذ عام 2008.

إن هذه الاعداد الكبيرة من الشهداء والجرحى، تستدعي بناء منظومة امنية نوعية تبدأ بالنسيج المجتمعي كله، وتكون البداية مع طالب المدرسة، صعودا، ليتم شمول الشرائح المجتمعية كافة، حتى لا يبقى الجهد الامني تقليديا، ومحصورا بالاجهزة الامنية فحسب، بمعنى يجب أن يكون الامن جهدا مجتمعيا جماعيا، يبدأ من الطالب في المدرسة، حتى يكبر الطالب ويكبر معه الحس الامني، والمساهمة الفعالة في مقارعة الارهاب وعمليات استهداف الابرياء.

يحتاج هذا الهدف، جهدا استثنائيا في التخطيط والتنفيذ، ويحتاج أيضا الى مبالغ كبيرة، يمكن أن تخصصها الحكومة لهذا الامر، أي لبث الوعي الامني من المدرسة صعودا، ويمكن ان تأخذ هذه المبالغ من حصة الامن بصورة عامة، على أن تبدأ الجهات المعنية في القيام بالجهد التعلمي الامني المبرمج في هذا المجال، لكي يصبح الامن هاجسا جماعيا يفكر فيه الجميع، ويسعى اليه الجميع، فيما لو تم تطبيقه عمليا في المدارس كافة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 6/تشرين الاول/2013 - 29/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م