القراءة في مواجهة أنهار الدم!

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: في الثامن والعشرين من أيلول/ سبتمبر من هذه السنة التي قاربت الانتهاء.. انطلق مشروع قرائي متميز، في دورة جديدة، اطلق القائمون على هذا المشروع اسم (أنا عراقي أنا أقرأ)، وكان هذا الفعل العراقي الجماهيري المتميز، قد حققت في العام الماضي، نجاحا واضحا، حيث اجتمع عدد كبير من القراء في شارع ابي نؤاس من الفئات العمرية كافة، وقاموا بالقراءة الجماعة في ظاهرة جديدة ومهمة، وفي مشهد يسر الناظرين جميعا/ كونه يصب في تطوير الوعي الفردي والجمعي على حد سواء.

في دورة العام الحالي التي انطلقت قبل يومين (السبت 28/9/2013)، تضاعف عدد المشاركين في هذا المشروع، حتى امتلأت الساحات والحدائق والشوارع والارصفة بأعداد كبيرة من القراء الذين قاموا بالفعل القرائي، على نحو متواصل تحت فيء الاشجار او وهج الشمس، مع ملاحظة حالات السرور والبهجة التي رافقت الجميع، وقد شارك في هذا المشروع اعداد كبيرة من جميع الاعمار ومن كلا الجنسين، الامر الذي شكل ظاهرة جديد بين العراقيين، وأثبت بأنهم يملون الى تعميق الوعي ويحاولون بجدية ان يحصلوا على التطوير الثقافي المتواصل.

وقد أعلن كثير من المشاركين في مشروع (انا عراقي انا اقرأ)، عن الأهمية القصوى لهذا المشروع، كونه يأتي في ظروف أمنية قاهرة، تتمثل في ظاهرة سيول الدم التي تتواصل على نحو يومي في عموم المدن العراقية، لاسيما العاصمة، حيث التفجيرات الدموية تتواصل يوميا، مستهدفة حلقات بشرية ضعيفة غير محمية مثل الاسواق الشعبية التي يتكدس فيها الناس للشراء احتياجاتهم، واماكن تجمع العمالة (المساطر)، ومجالس العزاء التي تطال المعزين الابرياء، لدرجة ان مشهد الدم يكاد يشكل الون الاكثر حضورا في حياة العراقيين، مع عجز شبه تام في معالجة هذا الموت المجاني المتواصل.

ومع ذلك، نلاحظ حضورا لافتا لجميع الفئات العمرية حتى الاطفال، الى الساحات والاماكن التي بدأ فيها مشروع القراءة، في اصرار منقطع النظير على مواجهة انهار الدم بالفعل القرائي المتواصل، ومما يثير الدهشة والامل، ان هذا المشروع لم يقتصر على العاصمة فقط، أو سكانها، بل اصبحت هناك منافذ قرائية اخرى لهذا المشروع في معظم محافظات العراق، ترتبط بأواصر تنظيمية وفعلية مع مقر المشروع الاساس في بغداد، وقد شكل الفعل القرائي في المحافظات الاخرى حضورا ممتازا ايضا، فأصبح الجميع تقريبا معني بهذا المشروع ومهتم به، ويسعى للاشتراك به.

ولعل عدم ارتباط هذا المشروع الثقافي القرائي بأية جهة او حزب او كتلة سياسة اعطاه زخما اكبر في التأثير والحضور، حتى التمويل كان ذاتيا، أسهم فيه عدد من الافراد بصورة طوعية، ساعدت على القيام بعمليات تنظيمية، لابد من انجازها كي يواصل هذا المشروع ديمومته ونجاحه، وقد ابتعد القائمون على المشروع والمشتركون في الاعداد له وتنظيمه في بغداد والمحافظات، ابتعدوا جميعا عن زج السياسة والتسييس في هذا المشروع واهدافه، لمعرفة الجميع، ان السياسيين سرعان ما يحاولون تجيير اي مشروع لصالح اهدافهم المحصورة بالمصلحة والمنفعة الذاتية التي تحمي مناصبهم ومراكزهم.

لذلك ينبغي ان يحذر القائمون على المشروع والمساهمون فيه في السقوط في فخ التمويل والمصالح، لكي يبقى مشروع (انا عراقي انا اقرأ) نظيفا وراسخا وقابلا للتطور والتأثير المتصاعد في شرائح اخرى ربما لا يتاح لها الآن المشاركة في تعميم وتعميق القراءة، ولكنها مع مرور الزمن سوف تنخرط في هذا المشروع فعليا، وهذا هو الهدف الاساس حيث يحاول العراقيون مواجهة التطرف والارهاب والقتل المجاني بالوعي والثقافة والفعل القرائي المتواصل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 1/تشرين الاول/2013 - 24/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م