العنف في العراق وخيارات الحل... التقسيم أمرا واقعا

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تقف الحكومة العراقية عاجزة امام اعمال العنف المتفاقمة في البلاد، فيما دب الضعف في مفاصل المؤسسة الامنية والعسكرية بشكل لافت مع اتساع دائرة الاقتتال الاهلي في سوريا وبروز تنظيم القاعدة كقوة محركة لطبيعة الحرب غي الداخل السوري.

وغالبا ما يلقي المسؤولون العراقيون باللائمة على تدخلات دول الجوار في اذكاء الحرب الاهلية مجددا، سيما في اتهام بغداد للرياض وقطر بدعم وتمويل العمليات الانتحارية المؤثرة، وتأليب بعض اطراف السنة على الحكومة التي يقودها الشيعة.

فعلى مدار اكثر من عام شنت التنظيمات السنية المسلحة هجمات بالسيارات والعبوات الناسفة في عمق المدن الشيعية واكثرها تحصينا، سواء في العاصمة بغداد الذي يشكل الشيعة فيها ما نسبته 70% من سكانها، او المدن الجنوبية ذات الاغلبية الشيعية المطلقة، فضلا عن استهداف التجمعات الشيعية في المناطق ذات الاغلبية السنية في شمال وغرب العراق.

وكان العراق قد خصص ميزانيات للقطاع الامني هو الأضخم في الشرق الاوسط، اذ حظي القطاع الأمني والتسليحي بتخصيصات بلغ مقدارها حوالى 14 مليار دولار، الا ان ذلك لم يؤت أثره على الواقع الميداني، ويعزو خبراء الفشل الامني الى عمليات فساد واسعة الانتشار في المؤسسات الامنية والعسكرية.

ويرجح معظم المراقبين ان التقسيم بات اقرب مما يكون في حال استمرار اعمال العنف الدامية التي تستهدف شيعة العراق، خصوصا ان ضبط النفس والحيلولة دون وقوع حرب اهلية واسعة النطاق لن يصمد طويلا امام الضربات الموجعة التي تستهدف المدنيين، وعلى الاغلب ان الانهيار سيكون نصيب الحكومة الائتلافية التي يقودها خليط من الشيعة والسنة والاكراد.

فالجماعات الدينية والطائفية في جنوب العراق ووسطه، الى جانب بعض القوى الليبرالية ستكون مجبرة على قبول الامر الواقع المتمثل في انسلاخ وسط وجنوب العراق عن بقية أجزائه، بعد تنامي المطالب الشعبية بالتقسيم، وانفلات زمام المبادرة من يد الحكومة المركزية، وهو ما يراه الكثير من المحللين السياسيين وسيلة ناجعة ما يتعرض له الشيعة من عمليات ابادة جماعية تنفذها الجماعات السنية المتطرفة.

وتعد عمليات التهجير المتبادلة التي يتعرض لها الآلاف من العراقيين مؤشرا قويا على انعزال وعدائية المجتمعات العراقية التي باتت تحركها الخلفيات الطائفية وتحدد اهدافها، مما يمهد بقوة للتقسيم.

ويتهم السنة حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي بالاستئثار بالسلطة، وتهميش السنة ومعاداة قياداتها، حيث تشهد العديد من المدن السنية احتجاجات منذ اشهر تطالب بإسقاط النظام، في اعقاب اعتقال حماية نائب رئيس الوزراء ذو الخلفية السنية رافع العيساوي وما سبق ذلك من صدور حكما بالإعدام على نائب رئيس الجمهورية الهارب طارق الهاشمي بعد اتهامه بقيادة عمليات ارهابية ذهب ضحيتها العشرات من المدنيين بين قتيل وجريح.

وسبق ان اعترف الهاشمي في تصريح صحفي محاولاته المتكررة في قلب نظام الحكم واغتيال رئيس الوزراء نوري المالكي على الرغم من تولي الهاشمي منصب نائب الرئيس الغائب لدواعي صحية جلال الدين الطالباني.

من جانب آخر تخشى الولايات المتحدة من سيناريو التقسيم خسارة نفوذها لدى الشيعة، خصوصا ان المناطق الجنوبية تعد مصدرا ضخما لمنابع الطاقة والنفط، وستكون لقمة سائغة لإيران كما يرى ذلك معظم الساسة الامريكان، ويتمتع الاقليم الشيعي المحتمل بمنفذ يشارك الدول العربية في الخليج.

اذ تظهر السياسة الامريكية ازاء العراق حذرا شديدا يخلو من أي ضغوط على حكومة المالكي، كاظمة في علاقاتها مع بغداد غيضها من سياسات العراق الفاشلة في الداخل والخارج، أملا في الحفاظ على ما تبقى من اشلاء واحتها الديمقراطية المفترضة.

بدورها ترى دول الجوار في تقسيم مصلحة استراتيجية نظرا لانهيار قوة اقتصادية وعسكرية صاعدة بعد عقدين من التغييب القسري، الى جانب تفتت حليف ايران الى اجزاء لن تكون مؤثرة بشكل فاعل في المنطقة، بالإضافة انكشاف الجبهة الشرقية لسوريا بشكل اكبر امام مخططات قطر والسعودية الطامحتان بسقاط نظام الاسد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 1/تشرين الاول/2013 - 24/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م