النظام البحريني والتغيير القسري القادم

متغيرات الامر الواقع

متابعة: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: على الرغم من الاعياء الشديد الذي تعانيه سلطات المنامة الناجم عن استماته الشعب البحريني في سبيل تحقيق مطالبه المشروعة ونيل حقوقه كاملة، لا يزال النظام الحاكم يماطل في استجابته ويسعى الى اجهاض الحراك الشعبي العارم.

واكثر ما تخشاه سلطات المنامة هو تسوية الازمة السورية التي خطفت الاضواء عما يجري من اعمال بطش وتنكيل ترتكبها قوات الامن والمرتزقة الحكومية بحق المواطنين البحرينيين، اذ تخشى العائلة الحاكمة ان يقلب الغرب لها ظهر المجن خصوصا مع الانفراجة الملحوظة التي لاحت بوادرها خلال الايام القليلة الماضية بين امريكا وفرنسا من جهة وروسيا وايران من جهة أخرى.

اذ عبرت السلطات البحرينية من انزعاجها الشديد بعد تلويح الرئيس الامريكي باراك اوبما بضرورة احلال الديمقراطية في البحرين وحل الازمة القائمة، خصوصا ان أي تسوية ستكون على حساب العائلة القابضة على السلطة.

وعبرت البحرين عن خيبة أملها بعد أن قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن المملكة تعاني من التوتر الطائفي وقالت إن مشكلتها مع إرهابيين يذكون الانقسام.

وفي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أشار أوباما إلى جهود لحل التوترات الطائفية التي مازالت تظهر في مناطق كالعراق والبحرين وسورية. ودفع التصريح سفيرة البحرين في الولايات المتحدة هدى نونو إلى الكتابة على موقع وصف بأنه مدونتها الرسمية إنها تشعر بخيبة أمل لسماعه (أوباما) يقارن الوضع في البحرين بالوضع الحالي في العراق والمآسي الدائرة في سوريا. وأضافت أن البحرين ملتزمة بأن تصبح امكانا أفضل لكل مواطنيها وإن أقرت بأن برنامج الاصلاح لم يستكمل بعد. وقالت امثل هذه المقاربة المغلوطة لا جدوى منها سوى إرباك هذا العمل المهم.

وشهدت العلاقة بين البحرين والولايات المتحدة توترات في الماضي. وتوجد في البحرين قاعدة للأسطول الخامس الأمريكي لكن البلاد تواجه انتقادات أيضا بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان. وقال تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية في وقت سابق هذا العام إن الحكومة لم تنفذ التوصيات الأهم التي تضمنها تحقيق مستقل تناول تعامل البحرين مع اضطرابات عام 2011. ورفضت الحكومة البحرينية تقرير الخارجية الأمريكية وحث نواب في برلمان البحرين الحكومة على منع السفير الأمريكي في البلاد من التدخل في الشؤون الداخلية.

فيما اظهرت ردود افعال القوى المعرضة ارتياحها من الطرح الامريكي الاخير، بعد سنوات من غض الطرف عن الانتهاكات مارستها امريكا ازاء ما يحدث في البحرين، حيث رحبت جمعية الوفاق الوطني الاسلامية المعارضة بالتوجه الاميركي للمساهمة في ايجاد حل للازمة في البحرين، وضرورة التحول الديمقراطي في البلاد.

واكدت الجمعية على ما جاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة بحاجة البحرين للتحول الديمقراطي، وأكدت ان ملف البحرين من الطبيعي ان يكون حاضرا في اهم وابرز خطابات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومن ذلك ما جاء على لسان الرئيس الاميركي باراك اوباما.

واضافت الوفاق في بيان لها ان البحرين النموذج الذي لا يمكن للمحافل الدولية ان تتجاوزه كونه يعبر عن حالة مهمة في وجود مطالبات تتسم بالعمل السلمي وهناك أغلبية سياسية من شعب البحرين تطالب بالتحول الديمقراطي والخروج من حكم الفرد والقبيلة الى حكم الشعب على أسس ديمقراطية عريقة.

واشارت الى ان الشعب البحريني يدفع ثمنا باهظا ويتعرض لمختلف انواع الانتهاكات والتجاوزات لحقوق الانسان امام مرأى ومسمع العالم في مقابل مطالباته بالديمقراطية.

ولفتت الوفاق الى المواقف الداعمة للديمقراطية في البحرين واشادت بموقف ٤٧ دولة أصدرت بيانا تدين فيه انتهاكات حقوق الانسان الذي يتعرض لها شعب البحرين نظير مطالبته بالديمقراطية كما أشادت بقرار البرلمان الأوربي الداعم لحقوق الانسان وحماية المطالبين بالديمقراطية وهم غالبية شعب البحرين.

وتشهد البحرين منذ ما يقرب من ثلاث سنين احتجاجات وتظاهرات عارمة في مختلف ارجاء المملكة، ولم تغني عمليات القمع والاعتقال عن شيء قادر على وقف تلك الاحتجاجات.

فعلى الرغم انهاء حركة الاحتجاجات التي شهدتها المملكة بين منتصف شباط/فبراير واذار/مارس 2011 بالقوة، لا تزال القرى الشيعية المحيطة بالمنامة تشهد تحركات واحتجاجات بشكل مستمر.

وقتل 89 شخصا على الاقل منذ انطلاق الاحتجاجات في البحرين بحسب الفدرالية الدولية لحقوق الانسان.

وسبق ان اعلنت المعارضة البحرينية تعليق مشاركتها في الحوار الوطني بعد توقيف القيادي في جمعية الوفاق الشيعية المعارضة خليل مرزوق بتهمة التحريض على العنف. واكدت المعارضة في بيان مشترك انه "في ضوء كل (..) الانتهاكات ورفض الحكم الالتزام بما الزم نفسه به، فقد قررت (المعارضة) تعليق مشاركتها في الحوار الوطني، وسوف تخضع هذا القرار للمراجعة المستمرة في ضوء التطورات السياسية والحقوقية على ارض الواقع".

واعتبرت المعارضة التي تشارك منذ سبعة اشهر في الحوار الذي يهدف الى اخراج المملكة من الازمة السياسية، ان "حجم الانتهاكات التي تقوم بها السلطات تجاوزت كل التوقعات المحلية والدولية".

واشارت خصوصا الى توقيف مرزوق الذي يشغل منصب المساعد السياسي للامين العام لجمعية الوفاق الوطني الاسلامية التي تمثل التيار الشيعي الرئيسي في البلاد.

واعتبرت المعارضة ان هذه الخطوة من قبل السلطات "تعبر عن ازدراء واحتقار الجانب الرسمي لكل الاعراف السياسية وتعكس عدم ممارسة وزارة العدل لدورها المطلوب باعتبارها الوزارة المختصة بشؤون الجمعيات السياسية.

وتظاهر بحرينيون بالالاف تلبية لدعوة من المعارضة في اعقاب صدامات ليلية بين شبان ناشطين وعناصر من الشرطة في قرى قريبة من المنامة. وكانت المعارضة الشيعية دعت الى التظاهر للاحتجاح على اعتقال قيادي في جمعية الوفاق ابرز احزاب المعارضة الشيعية.

وذكر شهود ان التظاهرة التي نظمت في شارع البديع الكبير غرب العاصمة لم تتخللها اعمال عنف. وذكرت المصادر نفسها من جهة اخرى ان مجموعات صغيرة من المتظاهرين حاولت السير الى دوار اللؤلؤة السابق تم تفريقها بقنابل مسيلة للدموع القتها الشرطة.

وكان دوار اللؤلؤة مركز الاحتجاجات التي قام بها الشيعة الذين يشكلون الاكثرية في البحرين، ضد آل خليفة السنة ربيع 2011 في خضم الربيع العربي. ومنذ ذلك الحين منع المتظاهرون من الوصول الى الدوار. وخلال التظاهرة رفع متظاهرون اعلاما بحرينية ورددوا هتافات مثل ‘ثورة حتى النصر’ و’لن ننسى الشهداء’.

ووقعت في الليلة التي سبقت التظاهرة صدامات بين متظاهرين وشرطيين في قرية بحرينية قبل تظاهرة للمعارضة الشيعية، كما اعلنت وزارة الداخلية. وزعمت الوزارة في بيان ان ‘عملا ارهابيا استهدف شرطيين عندما القيت باتجاههم زجاجات حارقة احرقت جزئيا آلية لقوى الامن في قرية شهركان (غرب)’.

واطلقت الشرطة القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين الذين ردوا برشق الحجارة والقاء الزجاجات الحارقة بحسب الشهود.

منظمة العفو الدولية

من جهتها طالبت منظمة العفو الدولية السلطات البحرينية بالافراج عن القيادي المعارض والنائب السابق خليل مرزوق الموقوف على ذمة التحقيق بتهمة التحريض على العنف والارتباط بتنظيم شيعي سري متهم بالارهاب. وقالت المنظمة في بيان ان "خليل مرزوق سجين رأي وقد وضع في السجن فقط لانه انتقد الحكومة". وشددت نائبة مدير المنظمة للشرق الاوسط وشمال افريقيا حسيبة حج على وجوب "الافراج عنه فورا ومن دون شروط".

واعلنت النيابة العامة البحرينية ليل الثلاثاء توقيف مرزوق بتهمة التحريض على العنف والعلاقة بائتلاف 14 فبراير السري المعارض الذي تتهمه السلطات بالارهاب.

وأمرت النيابة بحبسه 30 يوما للتحقيق في اتهامه ب"التحريض على ارتكاب جرائم إرهابية والترويج لها".

وكان مرزوق احد النواب الشيعة ال18 الذين استقالوا في شباط/فبراير 2011 بعيد انطلاق الاحتجاجات ضد الحكم.

واعتبرت حج ان توقيف مرزوق "يشكل صفعة جديدة للحوار الوطني الذي استخدمته السلطات البحرينية كذريعة لالغاء زيارة خبير الامم المتحدة في شؤون التعذيب الى البلاد". وكانت خمس جمعيات معارضة، على راسها جمعية الوفاق والتي يشغل فيها مرزوق منصب المساعد السياسي للامين العام، تعليق مشاركتها في الحوار.

وشددت السلطات البحرينية مجددا على ان توقيف مرزوق لا علاقة له بنشاطه السياسي بل بالتحقيق في علاقته ب"مجموعة ارهابية"، في اشارة الى ائتلاف 14 فبراير.

احكام بالسجن واعتقالات غير انسانية

وفي سياق اعمال القمع التي تمارسها سلطات المنامة بحق المحتجين حكمت محكمة على اميركي من والدين خليجيين بالسجن عشر سنوات بتهمة الشروع في قتل رجال الشرطة والمشاركة في اعمال شغب، بحسب ما افاد محاميه.

وقال المحامي محمد الجشي ان تقي الميدان البالغ من العمر 25 عاما والذي يحمل الجنسية الاميركية فقط وهو من والد سعودي ووالدة بحرينية، حكم بالسجن عشر سنوات بتهمة "الشروع في قتل رجال الشرطة".

كما ادين ب"الحرق الجنائي" لسيارة شرطة وبالتجمهر غير المشروع في تظاهرة في قرية شيعية قريبة من المنامة. وذكر الجشي ان موكله انكر التهم "جملة وتفصيلا" معربا عن تفاجئه بالحكم الذي صدر "بالرغم من الادلة الضعيفة".

وحكمت المحكمة بالسجن 10 سنوات على ناشطين شيعيين آخرين في نفس القضية. واوقف الميدان في تشرين الأول/أكتوبر 2012 في منزله في قرية السنابس الشيعية. ونشرت عائلته بعيد اعتقاله بيانا على شبكة الإنترنت أشارت فيه الى ان "تقي تعرض للضرب في احد مراكز الشرطة في البحرين لاجباره على الاعتراف على ضلوعه بقضايا أمنية.

وولد الميدان في كونيتيكت في الولايات المتحدة عام 1988 حيث كان والده السعودي يدرس للحصول على درجة الماجستير في جامعة ييل. ووالدته بحرينية لكن الميدان ولد على الأراضي الأميركية وبالتالي أصبح مواطنا أميركيا.

في السياق ذاته اعلن مصدر قضائي بحريني ان المحكمة الجنائية حكمت بالسجن حتى عشر سنوات على خمسة مواطنين شيعة بتهمة مهاجمة دار الحكومة البحرينية الذي يضم خصوصا مقر وزارة الخارجية في نيسان/ابريل 2013 بزجاجات المولوتوف.

وذكر المصدر ان المحكمة قضت بحبس ثلاثة متهمين بالسجن 10 سنوات فيما قضت بسجن اثنين آخرين لمدة 3 سنوات. وبرأت المحكمة متهمين اثنين آخرين في القضية نفسها.

وكانت النيابة العامة البحرينية اتهمت السبعة الذين تتراوح اعمارهم بين 15 و33 عاما، بأنهم "شرعوا في قتل رجال الأمن بقذفهم بالزجاجات الحارقة، وخاب أثر الجريمة لتدارك المجني عليهم للوضع".

كما وجهت لهم تهمة "إشعال حريق من شأنه تعريض حياة الناس للخطر، وتهمة الاشتراك في تجمهر مؤلف من أكثر من 5 أشخاص للإخلال بالأمن العام، وحيازة مولوتوف". واشار محامون الى ان المتهمين انكروا امام المحكمة ما نسب إليهم من تهم، فيما اكد احد المحامين ان المتهمين ذكروا امام المحكمة بانهم "تعرضوا للتعذيب خلال توقيفهم".

وكانت وزارة الداخلية البحرينية أعلنت عن مهاجمة الدوريات الامنية المتوقفة قرب دار الحكومة البحرينية في المنامة وغرفة الحراسة والسور الرئيسي للمبنى، ما اسفر عن تضرر السور جراء سقوط عدد من الزجاجات الى الداخل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 29/أيلول/2013 - 22/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م