شبكة النبأ: بقي الصوف ينسج طوال قرون
في منطقة كشمير ويصدر إلى المتاجر الفاخرة في الغرب، لكن هذا القطاع
يتدهور اليوم في ظل انتشار المنتجات المقلدة المنخفضة الكلفة وغياب
ضمانات استداماته.
تعمل هدايات أولاه في منزلها الواقع في وادي النعم في منطقة هملايا
على آلة حياكة خشبية قديمة، في حين يقبع والدها المريض في سريره.
وتخبر هدايات من بلدتها النائية الواقعة في منطقة كشمير الباكستانية
"تعلمت المهنة من والدي، لكن ابني لا يريد المضي قدما في هذا المجال.
فهو يفضل العمل في الحقول أو مزاولة مهن أخرى أكثر ربحية من الحياكة".
ومنطقة كشمير المتنازع عليها بين الهند وباكستان أعطت اسمها للصوف
الناعم والرفيع الخيوط المستخرج من الماعز الذي يرعى في جبالها الشامخة.
ويباع هذا الصوف بأسعار جد مرتفعة في أوروبا وأميركا وآسيا، وهو بالكاد
يدر 3 آلاف روبية (30 دولارا) على حائكيه الذين يعملون على حياكة شال
واحد أسبوعين كاملين.
وطوال عقود، بقي سكان وادي النعم يأخذون مواعزهم للرعي في الصيف ثم
يجزون صوفها في أيلول/سبتمبر ويحيكونه في الشتاء حتى يأتي موسم
المبادلات التجارية في الربيع.
ولم تعد بلدة هدايات أولاه تضم اليوم إلا نحو عشرة حائكي صوف
معروفين ب "خاديس"، في مقابل أكثر من مئة حائك في ما مضى. ويبدو أن
الطلب المحلي قد تراجع أيضا.
وتخبر زينت بيبي البالغة من العمر 32 عاما والتي تتساءل ابنتها ذات
الأعوام العشرة لماذا تضيع أمها وقتها في هذا العمل الغريب والقديم
الطراز أن "الشال الذي تمت حياكته يدويا يكلف 10 آلاف روبية (100 دولار)،
لكن تتوافر نسخا مقلدة منه في الأسواق الشعبية بسعر ألفي روبية أو
ثلاثة (20 إلى 30 دولارا)".
وتشرح فاطمة يعقوب الأستاذة المحاضرة في جامعة الفنون والثقافة في
كشمير الباكستانية أن "المستهلكين يجدون اليوم ملابس معاصرة بأسعار
أفضل. ويبعدون بالتالي عن الصناعات التقليدية التي يتدهور وضعها يوما
بعد يوم".
وبغية إنعاش القطاع، لا بد من أن تقوم السلطات الباكستانية بتحديثه
ومساعدة الحائكين على استبدال آلاتهم القديمة بأخرى جديدة وتدريب اليد
العاملة الشابة وإعداد إستراتيجية تسويق فعالة، على حد قول تقديس
جيلاني رئيسة أكاديمية الثقافة في كشمير. بحسب فرانس برس.
وتتنازع الهند وباكستان السيطرة على منطقة كشمير، لكن الحائكين
جميعهم في هذه المنطقة المقسومة إلى قسمين يواجهون المشاكل عينها. وقد
قامت السلطات الهندية باتخاذ تدابير للحد من تدهور هذا القطاع التقليدي
ونفور الشباب منه.
وهي حصلت من منظمة التجارة العالمية على ضمانة لمنشأ المنتج ونوعيته
في ما يخص شالات البشمينة. كذلك استحدثت مختبرا في سرينغار عاصمة كشمير
الهندية للتأكد من أن كل شال يختم بضمانة "بشمينة من كشمير" هو أصلي.
ويعد البشمينة من أجود أنواع صوف كشمير وهو يستخرج من عنق الماعز
الذي يرعى على ارتفاع يتخطى الأربعة آلاف متر في برد قارس. وشالات
البشمينة الزاخرة بالألوان تباع بمئات أو حتى آلاف الدولارات في
المتاجر الفاخرة. لكن الانتاج القليل لا يكفي لتلبية الطلب، ما يزيد من
النسخ المقلدة. من هنا أهمية الضمانة الجغرافية وضرورة التمييز بين
الصوف المصنع وذاك الأصلي. |