السينما العربية... مشاكل تتفاقم وانتاج يتراجع

 

شبكة النبأ: صناعة السينما في العالم العربي كانت ولاتزال تعاني الكثير من المشاكل والصعوبات التي اسهمت بتراجع وتدهور هذا الفن المهم، الذي يفتقر للكثير من الامور ومنها مصادر التمويل وغياب الدعم الحكومي، هذا بالإضافة الى التطورات السياسية المعقدة وحالة عدم الاستقرار الأمني والاضطرابات المستمرة التي أعقبت ثورات التغير التي شهدتها العديد من الدول العربية والتي أثرت سلبا على صناعة السينما، وفي هذا الشأن فقد قال سينمائيون مصريون في بيان إن تراجع إنتاج الأفلام في بلادهم هذا العام سيؤدي إلى تعرض 300 ألف عامل في صناعة السينما للبطالة رغم عملهم في إنتاج سلعة قابلة للتصدير وتحقيق عائد اقتصادي كبير.

وحققت السينما المصرية منذ الثلاثينيات مكانة فنية وثقافية بارزة لمصر في العالم العربي إضافة إلى اعتبارها ثاني مصدر للدخل القومي بعد القطن حتى الخمسينيات حيث كان الفيلم المصري يوزع في كثير من الدول الأجنبية في كل انحاء العالم بما في ذلك أوروبا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.

وقال البيان إن صناعة السينما العريقة تمر الآن بلحظات فارقة ومشكلات متفاقمة تسببت في أزمة طاحنة تهدد بانهيارها وإن الأزمة بدأت عام 2009 وتفاقمت في العامين الماضيين ومن المتوقع ألا يزيد عدد الأفلام عام 2013 على 15 فيلما بعد أن كان متوسط الإنتاج السنوي أكثر من 40 فيلما في العشرين عاما الماضية أما في السبعينيات والثمانينيات فبلغ الإنتاج السنوي نحو 120 فيلما.

وأضاف البيان أن السينما في مصر صناعة عريقة مثلت خلال أكثر من 100 عام مضت ركيزة أساسية من ركائز قوة مصر الناعمة وأسهمت بشكل أساسي في بناء منظومة الأمن القومي المصري ولكن أكثر من 300 ألف من العاملين فيها معرضون حاليا للبطالة والتشرد رغم عملهم في أكثر السلع قابلية للتصدير.

وتابع البيان الذي وقعه كل من جبهة الإبداع ونقابة المهن السينمائية وغرفة صناعة السينما وإدارة مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية أنه بعد نجاح ثورتي 25 يناير و30 يونيو في إنهاء حكم الرئيسين السابقين حسني مبارك ومحمد مرسي أتيح لمصر استعادة دورها السياسي والثقافي والفني وبات من الضروري الاهتمام بصناعة السينما كمطلب ملح وضروري للإسهام في هذا الدور.

وقال الموقعون على البيان إنهم قابلوا وزير الثقافة المصري وإنه قدم مطالبهم إلى مجلس الوزراء الذي قام بدوره بتكوين لجنة وزارية لوضع حلول لأزمة هذه الصناعة المهمة. وأضاف الموقعون على البيان أنهم سيعقدون مؤتمر إنقاذ صناعة السينما لبحث مشكلات السينما واقتراح حلول لها ومنها حقوق الملكية الفكرية ومحاربة القرصنة ودور الدولة في تطوير صناعة السينما باستيعاب التقنيات الحديثة والقوانين الحكومية ودورها في إزالة عقبات الإنتاج والعرض. بحسب رويترز.

ونتيجة لما يراه كثيرون تدهورا لصناعة السينما انخفض عدد دور العرض التي بلغت نحو 400 قاعة عرض عام 1958 وتراجعت إلى 140 دار عرض عام 1995 ومع إجراءات تشجيع الاستثمار أنشئت قاعات صغيرة في المراكز التجارية وبلغ عدد دور العرض نحو 400 عام 2009. وما زالت دور عرض حكومية مغلقة وتنتظر التطوير ويضطر المنتجون احيانا الى الانتظار فترات طويلة قبل ان تتاح الفرصة لعرض افلامهم بسبب قلة دور العرض.

سينما مستقلة

في السياق ذاته فالتأسيس لسينما مُغايرة لما هو سائد أو كما يسميها مجموعة من الشبان المغاربة "بديلة" كان من تأثيرات الحراك الإجتماعي في المغرب الذي نشأ عن إنعكاسات موجة الربيع العربي على البلاد. وقامت مجموعة من الشبان أغلبهم له إلمام بمجال السينما ومن خريجي "مدرسة مهن السينما" بتصوير عدد من الأفلام الوثائقية والروائية دون المرور بالمؤسسات الرسمية من أجل الحصول على رخصة ليؤسسوا بذلك لما إعتبروه "سينما مستقلة" أو "بديلة".

وقال يونس بلغازي وهو شاب من خريجي مدرسة مهن السينما ومنتج عدد من الأفلام عن الحراك الإجتماعي في المغرب "هدفنا أن نخدم سينما مستقلة. أن نعرف بمشاكلها والعراقيل التي تعترضنا عند التصوير." وقال بلغازي تصادف الربيع العربي مع سنوات تخرجنا من معهد السينما فعملنا مجموعة من الأفلام التسجيلية القصيرة بثت على الانترنت كانت بالأساس للتعبئة من أجل الخروج إلى الشارع لمحاربة الفساد وتغيير الواقع المزري.

ويضيف أنه بعد ذلك توالى مع المخرج ناذر بوحموش إنتاج أفلام مثل فيلم تسجيلي بعنوان عندما يصبح الزواج عقوبة عن قصة فتاة مغربية إنتحرت بعدما زوجها والداها من مغتصبها. وقال خلقنا شبكتنا الصغيرة ونحاول أن نقدم البديل بدون المرور عن طريق المركز السينمائي المغربي.

وعرض بلغازي فيلم "أنا ومخزني" في اشارة الى السلطة التي يعبر عنها بالمخزن في المغرب من إنتاجه ومن إخراج الناشط الحقوقي المغربي المقيم في أمريكا بوحموش. ويتحدث الفيلم عن الحركة الإحتجاجية التي قادتها بالخصوص حركة 20 فبراير الشبابية في المغرب إسوة بما يحدث من احتجاجات في المنطقة العربية. كما عرض بلغازي في ألمانيا فيلم "باسطا" الوثائقي عن الرقابة في المغرب.

ويقول بلغازي الذي ينتمي إلى حركة 20 فبراير إن ما يجمعه بالشبان ليس بالضرورة 20 فبراير "لأننا أصلا تخصص سينما.. و20 فبراير ليس حزبا كما أن ثقافة حقوق الإنسان هي كونية ولا تحتاج إلى إنتماء معين." وتعترض بلغازي ورفاقه في المهنة الذين يشكلون مجموعة تقارب العشرة صعوبات جمة أولها التصوير بدون رخصة في أماكن عامة مما يعرضهم للطرد وتكسير الكاميرا أحيانا والتعنيف "بسبب إنتشار ثقافة الرقابة" بالإضافة إلى عدم وجود ممولين.

كما أن المركز السينمائي المغربي لا يعترف بهم كمجموعة أفراد إذ لا يتعامل إلا مع الأشخاص المعنويين. ويقول بلغازي إن تصوير أفلامهم التي يغلب عليها الطابع الوثائقي "نوع من العصيان المدني نخرق فيها القانون." ويكتفون بالدعم المعنوي الذي تقدمه لهم بعض الجمعيات الحقوقية في الداخل والخارج. ويقول بلغازي إن الهدف الأساسي من التسويق في الخارج هو دحض الشعار الرسمي "الإستثناء المغربي" الذي ظل يرفع منذ حلول الربيع العربي بأن المغرب بلد متميز ولا يمكن أن يقع فيه ما يقع عند جيرانه.

واضاف "نحن تركنا لهم معلمات جديدة عن المغرب ليتكلفوا بالبحث عن الواقع المغربي." وتابع "صحيح لقد فوجيء عدد من النشطاء لما رأوا الفيلمين وتساءلوا هل يحدث هذا في المغرب." كما تواجه مبادرة هؤلاء الشبان تحديات أخرى أولها أن الأفلام تعرض فقط على الانترنت وهو "ما لا يسمح لكل الفئات بالإطلاع عليها" نظرا لعدم إلمام كافة الشرائح الإجتماعية بثقافة الانترنت أو عدم القدرة على التواصل بها. بحسب رويترز.

ويقول بلغازي إن هدفهم هو الوصول على سبيل التحدي إلى إنتاج 19 فيلما في العام مثل المركز السينمائي المغربي بالرغم من الإمكانيات المحدودة جدا." وأضاف "سنوفر للناس المعلومة البديلة ليقارنوا بينها وبين المعلومة الرسمية وعليهم بذكائهم أن يختاروا." وبلغازي ورفاقه بصدد تصوير فيلم عن "دانييل" الإسباني الذي أُدين باغتصاب 11 طفلا مغربيا وتمتع بعفو ملكي مما أثار ضجة وإحتجاجا قويا في المغرب مؤخرا كما يعدون لفيلم عن "أمضير" القرية بالجنوب المغربي التي تضم أكبر منجم للفضة بإفريقيا ويحتج سكانها من مدة بسبب الفقر والتهميش.

بيروت تمنع

الى جانب ذلك قررت السلطات اللبنانية منع عرض فيلم للمخرج اللبناني زياد الدويري صورت أجزاء منه في تل أبيب، بطلب من مكتب مقاطعة اسرائيل التابع لجامعة الدول العربية، وهو قرار وصفه المخرج بأنه قرار غبي. والفيلم هذا مقتبس عن رواية الاعتداء للكاتب الجزائري ياسمينة خضرا، وهو يروي قصة طبيب اسرائيلي يكتشف ان زوجته نفذت هجوما انتحاريا في تل أبيب. ويأتي ذلك بالتزامن مع نيل الفيلم جائزة الجمهور وجائزة النقاد الخاصة في الدورة السابعة عشرة من مهرجان الافلام الفرنسية في هوليوود.

وكتب الدويري على صفحته على موقع فيسبوك يؤسفني إعلامكم أن وزير الداخلية اللبناني مروان شربل قرر معاقبتنا من خلال منع الفيلم بحجة أني ذهبت الى اسرائيل لتصوير مقاطع منه هناك. واضاف الدويري هذا قرار غبي وغير عادل. وكان الفيلم نال رخصة لعرضه في لبنان قبل اشهر، الا ان السلطات اللبنانية عادت عن قرارها بعدما طالب مكتب مقاطعة اسرائيل في جامعة الدول العربية، بمنع عرضه ليس في لبنان فحسب بل في كل الدول العربية.

وقال وزير الداخلية لقد وافقنا على عرض الفيلم ولم تكن لدينا أي مشكلة فيه، لكن عندما تلقينا رسالة الاحتجاج كان علينا ان نلتزم بها. واضاف شربل علما ان الفيلم مؤيد للفلسطينيين، بحسب ما علمت. واوضح زياد الدويري انه صور جزءا من فيلمه في تل ابيب لان جزءا كبيرا من القصة يدور هناك، وانه عمل مع ممثلين اسرائيليين ايضا.

ويقول على صفحته على فيسبوك لست نادما، ولا أشعر بأنه يتوجب علي أن اقدم اعتذارا لاحد. ويضيف هناك الكثير من الافلام الفلسطينية التي صورت في اسرائيل، ومع ممثلين اسرائيليين، لا بل وبتمويل اسرائيلي، ورغم كل ذلك عرضت هذه الافلام في بيروت. ويتساءل هل ينبغي على اللبنانيين أن يكونوا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين؟". وبحسب الدويري، فإن السلطات اللبنانية رفضت أيضا أن يكون الفيلم ضمن الترشيحات اللبنانية لجوائز أوسكار، للأسباب نفسها التي أدت الى منع عرضه.

ومع ان لبنان يتمتع بحرية واسعة في استخدام الانترنت، وانتشار نسخ غير قانونية من كافة الافلام والاعمال الفنية والثقافية الصادرة في مختلف أنحاء العالم، ألا أن السلطات تلتزم بالقائمة السوداء التى يعدها مكتب مقاطعة اسرائيل التابع للمنظمة العربية. بحسب فرانس برس.

أما الرقابة الداخلية فيقوم بها جهاز الامن العام اللبناني، ولا يتعرض إجمالا سوى للأعمال التي يرى فيها اثارة للمشاعر الطائفية او نيلا من المقدسات الدينية او انتهاكا للآداب العامة أو ترويجا للتطبيع مع اسرائيل. وغالبا ما تكون القرارات الصادرة عن الامن العام بمنع عمل فني او ثقافي محل انتقادات حادة من الاوساط الثقافية والحقوقية في لبنان.

صمت الراعي

من جهة اخرى تدور احداث الفيلم الروائي السينمائي العراقي الجديد "صمت الراعي" في مناطق نائية جنوب البلاد يكتشف انها مليئة بمقابر جماعية لعراقيين دفنوا احياء في تلك المنطقة ابان فترة حكم النظام السابق. ويندرج هذا الفيلم وهو رابع فيلم روائي طويل تنتجه دائرة السينما والمسرح التابعة لوزارة الثقافة العراقية، ضمن برنامج الاخيرة المتصل بمشروع تتويج بغداد عاصمة للثقافة العربية 2013.

وبدأت مراحل تصوير الفيلم في منطقة نائية تابعة لمدينة السماوة التي اقترنت صحراؤها النائية بأشهر سجن عراقي يعرف بباستيل الشرق كان منفى للسجناء السياسيين هو سجن "نقرة السلمان" حيث اكتشفت بعد العام 2003 العديد من المقابر الجماعية. ويركز الخط العام للفيلم الذي كتب السيناريو له واخرجه المخرج العراقي المغترب رعد مشتت، على صمت العراقيين عما شهدته تلك الفترة بسبب البطش والقتل الذي يؤدي الى تلك المقابر عندما تكتشفها صدفة طفلة مع احد الرعاة.

ويقوم بتأدية ادوار الفيلم الذي تستخدم في تصويره احدث كاميرا تصوير سينمائية وصلت الى العراق، عدد من الفنانين العراقيين في مقدمتهم محمود ابو العباس وسمر قحطان والاء نجم واخرون. وتقوم دائرة السينما والمسرح بإنتاج 21 فيلما سينمائيا في اطار مشروع بغداد عاصمة للثقافة العربية العام 2013 بينها اربع افلام روائية طويلة. بحسب فرانس برس.

ومن هذه الافلام الروائية الطويلة "نجم البقال" للمخرج عامر علوان وستنجز مراحل المونتاج له في باريس، وفيلم المسرات والاوجاع لمحمد شكري جميل وبغداد حلم وردي للمخرج فيصل الياسري. ومن الافلام الروائية القصيرة المنجزة ضمن المشروع الثقافي اغتيال مع وقف التنفيذ للمخرج الراحل فاروق القيسي الذي توفي بعد ايام من انجاز فيلمه بسبب نوبة قلبية المت به.

الحب في زمن الاحتلال

على صعيد متصل يعمد المخرج الفلسطيني هاني ابو اسعد في فيلمه الروائي الجديد عمر المشارك في تظاهرة "نظرة ما" في الدورة السادسة والستين لمهرجان كان السينمائي الدولي، الى تصوير الواقع الفلسطيني متناولا الحب في زمن الاحتلال وعائق جدار الفصل فضلا عن مشاعر الشك والثقة التي تتحكم بعلاقات الصداقة والحب في قلب المجتمع الفلسطيني. ويؤسس المخرج لأحداث فيلمه الذي يأتي بعد "الجنة الآن" (2010) الذي رشح لاوسكار افضل فيلم اجنبي ونال جائزة غولدن غلوب لافضل فيلم باللغة الاجنبية، في مكان ما لا يحدده من الضفة الغربية وان كان التصوير تم على مدى سبعة اسابيع بين نابلس والناصرة.

وفي غياب تصريح اسرائيلي للتصوير امام الجدار الحقيقي، اعاد المخرج بناء جزء من الجدار كديكور يحضر بشكل حاسم على طول الفيلم الذي صفق مطولا له جمهور متحمس حضر العرض الاول له الاثنين. وقال هاني ابو اسعد الذي بدا متأثرا في تصريحات بعد العرض انه فخور بان يختار مهرجان كان لتقديم فيلمه.

وحول مضمون الفيلم اعتبر المخرج الفلسطيني المعروف دوليا ان عمر عبارة عن قصة حب في ايام الاحتلال. واضاف رأيت أن من المهم ان نعرف ما الذي يجري لعلاقات الحب والصداقة حين تخضع للاحتلال والفيلم يتناول موضوع الثقة والحب والصداقة واعتقد ان الجمهور يتفاهم مع الشخصيات ويتعاطف معها. وردا على سؤال حول عودته في هذا الفيلم للتطرق لموضوع العمالة لاسرائيل، قال هاني ابو اسعد ان المجتمع الفلسطيني كما في كل مجتمع فيه الخائن والعميل والصادق والمقاوم.

وانطلقت فكرة الفيلم حين حكى له احد الاشخاص في رام الله كيف ان الاحتلال حاول استخدام قضايا شخصية جدا وخاصة ضده لدفعه للتعامل معه. ليلتها لم ينم هاني وفي الصباح كان قد وضع الخطوط الاساسية للعمل. ويؤدي آدم بكري، اخ الممثل صالح بكري وابن النجم الفلسطيني محمد بكري شخصية عمر ، في اول دور سينمائي له بعد تخرجه من نيويورك.

ويرتكز الفيلم الشديد الحركة والحيوية على طاقة آدم بكري الذي لا يكف عن الركض والتجول والهروب من المحتل الذي يلاحقه في المكان المحاصر في مشاهد نابضة. وادى آدم بكري الدور كما عدد من الممثلين بحس عال وقال لا اعرف ان اصف شعوري لكن هاني اعطاني كل الثقة لالعب بحرية.

ويقدم فيلم عمر اطلالة جديدة على الواقع الفلسطيني تتسم بالجرأة وتحاول التماهي مع ذلك الواقع وفق حبكة بوليسية ابطالها أربعة شباب يحاولون العيش بكرامة ضمن واقع لا يرحم احلامهم البسيطة بالعيش الكريم. ومرة اخرى يكون على الشاب الفلسطيني هنا تحدي عدد من المستحيلات قبل ان يلتقي بحبيبته او يفكر بالزواج بها فشرط الاخ لذلك اثبات الجدارة بممارسة فعل مقاوم لا يدع الحياة بعدها كما هي.

وكما في الكثير من الأعمال الفلسطينية التي تتناول الواقع ينتصب الجدار الاسرائيلي عائقا ويكون عليه ان يتسلقه ليلتقي حبيبته في الجانب الآخر من البلدة نفسها ويكون على العشاق الشباب اخفاء حبهم بينما يقضي المحتل على كل علاقات الثقة الممكنة بين الاصدقاء والمحبين. وعلى خلفية حب لا يكتمل بين مراهقة وشاب خارج للتو من جلد المراهقة، تتنامى محاور الفيلم لتصورما يختبره الشباب الفلسطيني المعرض لواقع لا يرحم ، لكن الشريط لا يخلو من سخرية سوداء ونكات لا تتوقف يطلقها الشباب فيما بينهم لتنم عن عبثية واقعهم ومرارة ما يختبرون.

كذلك يظهر الفيلم مدى العنف الذي يتعرض له الشباب الفلسطيني والذي ينعكس عنفا آخر في قلب مجتمعهم المحاصر والعرضة لكل التأثيرات من قبل المحتل الذي يتلاعب بمصائر شخصيات الفيلم ليصبح كل منهم في النهاية اما قاتلا واما مقتولا، اما مناضلا واما عميلا. ويظهر الفيلم قوة الاسرائيلي بآلته العسكرية الضخمة وضعف الفلسطيني الذي لا يملك غير عزيمته، كما يعرض لكيفية وقوع الشباب فريسة سهلة لاساليب الاستخبارات الاسرائيلية التي لا تنتهي وحيث لا بد امامها من نسيان البراءة. بحسب فرانس برس.

حب عمر الرومانسي لناديا (ليم لباني) يجعل خسارته مضاعفة وفقدانه لصديقيه يفاقم من فداحة وضعه وكما في "الجنة الان" يدفع اليأس صاحبه للقيام بعملية انتحارية. لكن وبهذا الفعل فان الفلسطيني في "عمر" ينتصر في النهاية، ليس عبر تصفية الفلسطيني العميل ولكن عبر تصفية السبب وهو رمز يقدم للمرة الاولى في السينما الفلسطينية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 24/أيلول/2013 - 17/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م