ساسة العراق... عهود تفتقر للتطبيق

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: من الظواهر التي رافقت الفعل السياسي العراقي منذ سنوات، تعدد الاجتماعات والمؤتمرات التي تضم قادة الكتل والاحزاب، والتي غالبا ما تأخذ عناوين وطنية، تنتهي بالتوقيع على بنود جيدة ومهما من حيث المضمون، لكنها تتلكأ فيما يتعلق بالتطبيق، نتيجة لتضارب المصالح والافكار، وكما هو معروف أننا بحاجة الى جمع الشمل بسبب الوضع الامني الخطير في المنطقة وداخل البلد ايضا، لذلك في ظروف داخلية واقليمية بالغة التعقيد، إلتقت الاحزاب والكتل السياسية العراقية، لكي تعضّد من متانة النسيج المجتمعي العراقي، الذي عانى ولا يزال من مشكلات خطيرة، تتعلق بتهديد السلم الاهلي، والتناغم والانسجام بين مكونات الشعب، لأسباب كثيرة ظاهرة وخفية، أكثرها خطورة، بوادر الفتنة الطائفة والتهجير القسري، والمحاولات المتكررة لتنفيذ المخططات الاقليمية التي لا تريد للعراق أن يستقر، ويتطور ويأخذ دوره في استقرار المنطقة، فضلا عن استقراره وتقدمه والاستفادة الذاتية من ثرواته الطائلة، بعد عقود بل قرون من الظلم والحرمان التي تعرض لها العراقيون.

ولا شك أن الظرف المعقد الذي تمر به المنطقة، ومؤشرات التخلخل الامني الداخلي، وموجة الاحتراب التي تدور رحاها في سوريا، والدلائل التي تشي بقدوم حرب دولية معقدة ربما لا تكتفي بسوريا وحدها، إنما ستمتد بتأثيراتها الجانبية الخطيرة الى الدول المجاورة، وسوف يكون العراق اكثر الدول عرضة للخطر، إذ سيواجه ضغطا امنيا كبيرا في حالة انهيار النظام السوري، فضلا عن الظرف الامني الداخلي المعقد اصلا في العراق، لهذه الاسباب وسواها كان لابد أن يلتقي قادة الكتل والاحزاب السياسية العراقية، لكي يسهموا بطريقة حقيقية فاعلة في تمتين وتأمين التماسك المجتمعي، من خلال التوقيع على وثيقة شرف تضم في  بنودها المهمة، خطوات فعلية تحرم سفك الدم العراقي، وتقارع الطائفية وتحد من عمليات التهجير، وتلاحق القائمين بها، وتحد من قدرات الأذرع العاملة على تنفيذ الاجندات الخارجية التي تهدف الى إبقاء العراق بلدا ضعيفا، معرضا لموجات الفتن والاحتراب بين طوائفه ومكوناته المتنوعة، كي تتمكن تلك الدول الطامعة، من جعل العراق تابعا لها، وذا ارادة سياسية ضعيفة تابعة، وعاجزة عن مواجهة المشكلات الامنية الخطيرة التي تهدد سلامة و وحدة وأمن العراق.

لهذا كان لابد من اتخاذ هذه الخطوة المهمة نحو توقيع هذه الوثيقة، ولعل الاسباب التي دفعت بعض قادة الكتل الى عدم التوقيع عليها، غير مقنعة، ولا يمكن النظر لها على انها نابعة من حرص حقيقي على العراقيين، خاصة ان البعض لم يوقع على هذه الوثيقة تحت ذريعة أنها تحاول ان تستغفل العراقيين!، أو ان الوثيقة حبر على ورق، وما شابه من تبريرات، للتهرب من التوقيع على الوثيقة من اجل ترصين الجبهة الداخلية وتمتين النسيج المجتمعي العراقي، ونحن هنا نتساءل ما هي البدائل التي طرحها الآخرون لتعضيد الامن الداخلي، والتحصّن من موجات التهديد الامني القادم من وراء الحدود، ثم ما هي الخطوات التي يمكن من خلالها تجنيب العراق ما يتعرض له من هجمات شرسة تطال الابرياء يوميا، و كيف يمكن ان نواجه موجات الفتن المتواصلة والتهجير والقتل والتطرف، اذا لم تتعاون الكتل والاحزاب باعتبارها مصدر القرار، ومصدر التفيذ الفعلي له؟، هل سنأتي بأطراف من خارج العراق لا علاقة لهم بمصلحة الشعب، لكي يتخذوا الخطوات اللازمة لحماية العراقيين مما يحدث وسيحدث له على الصعيد الامني؟.

إن هذه الوثيقة في جميع الاحوال تعد خطوة مطلوبة، خاصة أننا لم نجد البديل لها، كما ان بنودها تأتي في مصلحة التقارب الوطني ومساندة الافعال والاصوات التي تحاول ان تدرء خطر الفتنة بدلا من التفرج، والوقوف بعيدا عن مناطق الخطر، كما يفعل بعض السياسيين، حيث يعترض ويستميت بمواقفه ضد الاجراءات الحكومية، وعندما يحصل على ما يريد يغلق فمه ويبلع لسانه، لذلك في كل الاحوال تبقى هذه الوثيقة خطوة على الطريق الصحيح، على الرغم من انها لا تمثل حلا جذريا لما يتعرض له العراق من مشكلات، تشترك فيها جهات خارجية وداخلية يعرفها الشعب العراقي، لأن مواقفها وافعالها تدل عليها!، واخيرا لابد من التذكير أن الاتفاق الاخير ينبغي أن يتحول من خانة القول الى الفعل، وأن لا يبقى حبرا على ورق، خاصة اننا بحاجة ماسة لتحويل الاتفاقات والعهود المهمة الى حيز التطبيق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 22/أيلول/2013 - 15/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م