مائتا ملف فساد فقط.. قليلة؟

زاهر الزبيدي

 

لم يكن غريباً ما صرح به خادم بغداد السيد علي التميمي من أن هناك 200 ملف فساد في محافظة بغداد قيد التحقيق، فالفساد أصبح لدينا "فساد مؤسساتي" وليس فساد أشخاص وكأننا بالفساد يسري بين موظفي المؤسسة الواحدة ليدخل جميع دوائرها ليغري الكثير من موظفيها حتى ليقتدي الموظف البسيط فيها بمديره ورئيس قسمه أو أن يولد لدى الشريف منهم الإحباط الشديد لحجم الفساد الكبير والذي وصل الى 80 مليار دينار في مشروع واحد فقط حسب تصريح المحافظ من خلال تلك الملفات التي تمثل أكثر من 200 مشروعا أرسلت ملفاتها الى هيئة النزاهة، فيما أكدت المحافظة ان نسبة انجاز تلك المشاريع لم تتجاوز الـ 5% من المخطط لها.

كذلك فإن باب عدم الغرابة في الأمر يعود الى ان العراق مشهود له بأنه في مستوى متدن من الشفافية فهو لم يتجاوز بضعة مراتب على مقياس منظمة الشفافية العالمية ولازال يقبع في ذيل ترتيب قائمة الدول على الرغم من كل الجهود التي تبذلها العديد من الجهات الرقابية المستقلة كهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية وجيش من مكاتب المفتشين ولجان التفتيش ولجان البرلمان والإعلام الحكومي والإعلام المستقل وما تنشره الصحف اليومية في كل يوم تقريباً عن الفساد وتؤشر لإنتشاره المرعب... إلا إن ذلك كله لم يتمكن من إيقاف المفسدين أو ردعهم عن إفسادهم.. أما لماذا؟ فذلك لكون أن فسادنا لم يعد يقتصر على شخص واحد فقط في المؤسسة بل أصبح يمتلك فرق عمل كاملة تتحرك داخل المؤسسات بصور شبحية متضامنة فيما بينها ومتفقة على توزيع نسب الإرباح ولها القوة والمناعة المكافحة لمواجه الإجراءات الحكومية كذلك فإن لها إسناد خارجي وداخلي من بعض الفئات السياسية أو المجاميع التي تسيطر على أعمال بعض تلك المؤسسات.

الفساد اليوم بدأ يتطور ويأخذ أبعاداً عدة وقد يصل في بعض الأحيان الى الإمكانية لتصفية من يقفون أمام مسيرته في تلك المؤسسات لذلك ومع إختلاط العمليات الإرهابية مع تلك الجنائية؛ لم تتمكن الهيئات الرقابية من أن تؤدي دورها الرقابي الذي يتناسب وحجم التهديدات التي تطرحها البيئة المضطربة الخارجية.

إن المؤشرات العملية لوجود الفساد لا تخلو منها شوارعنا ومؤسساتنا وحتى الخدمات العامة التي تقدمها تلك المؤسسات للمواطنين.. فكل خلل في تلك المفاصل له سبب وحيد يتمحور في الفساد الذي يأتي يومياً على مبالغ ضخمة من الموازنات المخصصة للمؤسسات الخدمية، على سبيل المثال البسيط، في مدينة الشعب عمدت الإدارة المحلية الى زرع أشجار معمرة في أواني بلاستيكية ! مات أغلبها بسبب الظروف البيئية الصعبة حيث أن الشجرة المزروعة لا تنمو إلا في الطقس البارد! هذا مثال بسيط.. أما المثال الأكثر ألما فهو ماجاء في تصريح السيد خادم بغداد، آنف الذكر، عن 80 مليار دينار كفساد في ملف واحد وما سبق كان أعظم عندما كان الفساد يصل الى مئات الملايين من الدولارات أي ما يفوق الترليون دينار عراقي.

الشعب العراقي اليوم لازال يأمل في تركيز الإجراءات الحكومية بشأن مكافحة الفساد وإيلاءه الأهمية القصوى في التخطيط وتنفيذ عمليات رقابية متواصلة ودورية وأن لا تنتظر الرقابة المالية مرور عام كامل يُفسِد فيه المفسدون لنصل في نهاية العام وقد قُرِضت الموازنة في أبواب لا جدوى منها وأمله أكثر في بعض الأصوات الوطنية التي تنادي اليوم للقضاء على الفساد وأذنابه.

إن إتباع ستراتيجية متوازنة وناجحة التطبيق في كافة مؤسسات الدولة لهو أمر مهم جداً في تحديد كفاءة الأداء الحكومي لها ناهيك عن أهمية إجراء دراسة الجدوى الإقتصادية من قبل المكاتب الإستشارية للمشاريع المنفذة في تأمين أهمية تلك المشاريع من عدمها مضافاً الى ذلك أهمية الحسابات الختامية وضرورتها في هذا الجانب لنعلم أين ذهبت أموال الشعب والى أي جيوب تسربت كتلها الكبيرة.. حفظ الله الوطن.

[email protected]

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/Zahiralzubaidy.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 18/أيلول/2013 - 11/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م