دم دم دم

هادي جلو مرعي

 

هذا هو لون العراق أن يكون أحمر قان في كل الأوقات.. أن يتلذذ بذلك القتلة ويعيثوا فيه فسادا مستغلين صراعات السياسة والفوضى والفساد وغياب الوازع الوطني، وفقدان الثقة بين المكونات، وعدم المعرفة بما يرغب فيه كل مجموع في هذا البلد الموبوء بأشكال من الطموحات والمطامع التي لاتلتقي، بل هي في تقاطع مستمر مع بعضها مايدفع الساعين إليها للدخول في صراع محموم لايكاد ينتهي حتى يبدأ بشكل جديد، ويأخذ حيزا من الإهتمام ينسي المتقاتلين ماكانوا عليه قبل ذلك من تزاحم ومواجهة مرة ومثيرة للأسف والمقت، وباعثة على حزن لايكاد ينقطع في نفوس ملت وكلت وماعاد فيها مساحة لتستوعب مزيدا منه.

واضح تماما لكل ذي لب مامغزى كل مايجري من عنف وتقتيل وتفجير تدفع له جهات إقليمية ودول جوار عبر أجهزة مخابرات إحترفت الموت والقتل وتدبير المؤامرات ونسج المصائب لتكون على مقاس شعب تعود القهر والحزن والعذابات منذ عقود وهو مدرك تماما إن مواعيده مع الفرح لن تكون حاضرة ولن يتحقق منها شيء أبدا مادام النموذج السياسي والعقائدي والقومي الحاضر غير متجانس ويشهد منافسة شرسة وهو يتقلب في تحولاته حتى ليجعل من العراق والمنطقة ساحة لصراعات مفتوحة بين قوى سياسية ومذهبية متشددة وأجهزة مخابرات وأنظمة قومية متلهفة للصعود والسيطرة وهي تدرك إن أي تردد منها في مايتعلق بالتدخل في الشأن السياسي العراقي سيعرض مصالحها الى الخطر في المستقبل وتعلم جيدا إنها إن لم تتحرك فإن غيرها سيجد المساحة الكافية ليشغلها بينما يتركها لتتحسر وتأسف دون جدوى.

التفجيرات اليومية في العراق والمتصاعدة من حين لآخر لاتنفصل عن طبيعة الأحداث الجسام في الجوار العراقي فالجماعات الدينية الساعية الى بناء منظومتها العقائدية وفرض شروطها تحضيرا لرسم خارطة سياسية جديدة للشرق الأوسط تعمل بشكل حثيث على إستغلال مظاهر الفوضى والنزاع الذي يزداد ضراوة في سوريا ولبنان والعراق ويرتبط بشكل أو بآخر بمايجري في شمال سيناء وبلاد المغرب العربي وحتى في شبه القارة الهندية وهي لن تتردد على الاطلاق في استخدام كل الوسائل المتاحة لتحقيق أهدافها بمساعدة دول ومنظومات إستخباراتية قد تدفع ثمن تعاونها مع المتطرفين لاحقا لكنها تجد إنها مضطربة لهذا الدعم بدوافع تحقيق المصالح وربما تكون التقاطعات الدولية والتدخلات المتكررة في العراق منذ 2003 وحتى اللحظة تعبيرا صريحا عن نوع العلاقة بين التنظيمات المتشددة وأجهزة الإستخبارات وعدم رضا دول مجاورة للعراق عن التطورات الحاصلة فيه منذ التاريخ الآنف والتي ستعمل على قلب المعادلة بالوسائل الممكنة وبالدعم المادي والتسليحي والإعلامي لذلك فلا مناص من الإنتباه الشديد لنوع الصراع ومحاولة اللعب بطريقة غير تقليدية من قبل الذين يمتلكون الرغبة في الدفاع عن العراق وحماية أمنه من المخاطر.

أطفال العراق يقتلون في أحضان آبائهم !

[email protected]

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/hadijalomarei.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 17/أيلول/2013 - 10/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م