الفضاء الخارجي... هدف متاح لكل طامح

 

شبكة النبأ: استكشاف الفضاء الخارجي أصبح من أهم الأمور لدى العديد من دول العالم خصوصاً تلك الدول المتقدمة التي تسعى الى فرض هيمنتها وتعزيز قوتها العلمية والعسكرية والاقتصادية، من خلال تطوير تقنيات الفضاء وأجهزة الرصد واعتماد البحوث والدراسات و الخطط المستقبلية في سبيل التعرف على بعض الأسرار الجديدة، وفي هذا الشأن أعلنت السلطات الأمريكية أنها ستطلق قمراً صناعياً فائق التطور، ومخصص لعمليات التجسس، إلى مداره حول الكرة الأرضية، وبينت السلطات الأمريكية أن القمر الصناعي الجديد قادر على التقاط صور فائقة الدقة تمكنه من تحديد نوع السيارة ورقم لوحة القيادة من علو مئات الكيلومترات فوق الكرة الأرضية، بحسب ما نشرته مجلة لوس أنجلوس تايمز. ويشار إلى أن هذا القمر الصناعي الذي أطلق عليه اسم "NROL-65" يتبع لمكتب الاستطلاع الوطني الأمريكي، الذي يعتبر مسؤولاً عن تصميم وبناء وإطلاق بالإضافة إلى صيانة الأقمار الصناعية الخاصة بالاستخبارات الأمريكية، بحسب ما ذكره الموقع الرسمي للمكتب.

الى جانب ذلك اطلق صاروخ يحمل قمر صناعيا اسرائيليا للاتصالات بنجاح من منشاة روسية في كازاخستان، بحسب ما اعلن بيان صادر عن شركة اسرائيل للصناعات الفضائية. واشار البيان انه تم اطلاق قمر عاموس 4 من مركز بايكونور على متن صاروخ زينيت روسي. وقالت الشركة ان عاموس 4 سيقوم بتزويد "خدمات البث والاتصالات لاوروبا والشرق الاوسط والساحل الشرقي من الولايات المتحدة وافريقيا وروسيا وجنوب شرق اسيا". واطلقت اسرائيل في السابق ثلاثة اقمار صناعية الى الفضاء كان اخرها عاموس 3 الذي اطلق في 2008 من كازاخستان على متن صاروخ زينيت ايضا. بحسب فرانس برس.

ولدى اسرائيل صاروخ شافيت اطلق من خلاله ستة اقمار صناعية للتجسس الى الفضاء الخارجي،كان اخرها اوفيك 9 الذي تشير التقارير الى انه قادر على مراقبة ايران. ويعتقد ان اسرائيل، القوة النووية الوحيدة ولكن غير المعلنة في الشرق الاوسط، تملك مخزونا من الصواريخ البالستية القادرة على حمل رؤوس نووية.

دول اخرى

من جانب اخر اعلنت وكالة الفضاء اليابانية (جاكسا) انها ستطلق صاروخا من طراز جديد اسمه ابسيلون، سيحمل على متنه التسلكوب الفضائي الياباني سبرينت-أيه. ومن المتوقع ان تجري عملية الاطلاق من قاعدة اوشينورا الفضائية في جنوب اليابان. ويبلغ طول هذا الصاروخ 24 مترا، وهو الطراز الجديد الاول الذي تنتجه اليابان منذ انتاجها في العام 2001 الصاروخ اتش-2 ايه.

وهذا النوعان من الصواريخ ليسا معدين للاستخدامات نفسها. وقد تطلب تصميم صاروخ ابسيلون الجديد سبعة اعوام. وتبلغ كلفة اطلاق الصاروخ ابسيلون نصف كلفة اطلاق صاروخ اتش-أيه، بفضل تطوير وسائل التشغيل الآلي في الطراز الجديد. وكتب مدير مشروع ابسيلون ياسوهيرو موريتا على موقع الوكالة اليابانية "جرى تخفيض المعدات اللازمة للاطلاق، والمدة اللازمة للاطلاق ايضا".

وتسعى اليابان الى بلوغ هدف يتمثل في انتاج صاروخ منخفض التكلفة اقلاعا وهبوطا، وقادر على السفر في الفضاء والعودة مجددا الى الارض. وقال موريتا حول هذا الامر "ما زلنا بحاجة الى بعض الوقت"، معتبرا ان الصاروخ ابسيلون يشكل خطوة مهمة في هذا الاتجاه. وسيحمل الصاروخ في رحلته الاولى الى الفضاء التسلكوب الفضائي سبيرنت-أيه، وهو أول تلسكوب مخصص لمراقبة الغلافات الجوية لكواكب المجموعة الشمسية وخصوصا الزهرة والمريخ والمشتري. وهو سيسبح حول الارض في مدار يرتفع عن سطحها ما بين 950 و1150 كيلومترا.

الى جانب ذلك فالروبوت الياباني كيروبو الذي ارسل الى محطة الفضاء الدولية في مدار الارض بهدف تقديم الدعم النفسي لرائد فضاء ياباني، نطق كلماته الاولى في الفضاء، بحسب ما اعلن رفاقه على المحطة من البشر. وقال الروبوت تقدم روبوت خطوة صغيرة نحو مستقبل اكثر اشراقا للجميع، وهي عبارة مستوحاة مما قاله رائد الفضاء الاميركي الراحل نيل ارمسترونغ عندما خطا على سطح القمر انها خطوة صغيرة لانسان ولكنها قفزة هائلة للبشرية.

واضاف الروبوت باللغة اليابانية صباح الخير جميعا على كوكب الارض، انا اول روبوت رائد فضاء في العالم اتحدث اليكم، انا سعيد بلقائكم. والروبوت من تصميم توموتاكا تاكاشاشي وتطوير الباحثين في جامعة طوكيو ووكالة جاكسا ومجموعتي تويوتا ودنتسو. ويبلغ طول هذا الروبوت 34 سنتيمترا، وهو مصمم ليجري محادثات باللغة اليابانية مع رائد الفضاء الياباني كويشي واكاتا الذي يفترض ان ينضم الى طاقم المحطة في تشرين الثاني/نوفمبر. بحسب فرانس برس.

وتملك اليابان مختبرا اسمه "كيبو" على متن المحطة الدولية التي تسبح في مدار على ارتفاع 400 الف متر عن سطح الارض. ويتمتع الروبوت بقدرات تمكنه من المشي والتعرف على الوجوه، وهو يسجل الصور، ويتكلم، ويتحرك في ظروف انعدام الجاذبية. وقد صمم توأم لهذا الروبوت يدعى ميراتا، من المقرر ان يبقى بين العلماء على كوكب الارض، لاجراء الدراسات والمقارنات في حال تعرض كيروبو لاي عطل في مدار الارض. والهدف الاساس من هذا الروبوت، هو معرفة مدى الـتاثير النفسي الايجابي الذي يمكن ان يقدمه روبوت لاشخاص معزولين في رحلات فضائية طويلة.

على صعيد متصل أعلنت هيئة أبحاث الفضاء الهندية، نجاح عملية إطلاق أول قمر صناعي هندي مخصص للاستخدامات العسكرية فحسب. وأطلق القمر الصناعي "جي.سات-7" المتقدم للاتصالات المتعددة من ميناء كورو الفضائي بمدينة جويانا الفرنسية على متن صاروخ "أريانا-5" التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، حسبما ذكر موقع المال الالكتروني. وكانت هيئة أبحاث الفضاء الهندية قامت بتصنيع القمر الصناعي "جي.سات-7" الذي يزن 5ر2 طن بتكلفة نحو 85ر1 مليار روبية (28 مليون دولار).

وقال البيان" إن القمر الصناعي جرى وضعه بنجاح في مدار انتقالي وبدأ البث لمنشأة تحكم رئيسية تابعة للمنظمة في بلدة هاسان قرب بانجالور". وتم تجهيز القمر الصناعي بمعدات اتصال الكترونية للمساعدة في الاتصال بين السفن الحربية التابعة للبحرية الهندية من خلال نظام مشفر وتقليص الاعتماد على الاقمار الصناعية الأجنبية.

في السياق ذاته قالت وسائل إعلام حكومية ان الصين سترسل أول مسبار لها يهبط على سطح القمر في نهاية هذا العام وهي الخطوة التالية في برنامج فضاء طموح يشمل إقامة محطة فضاء في نهاية الأمر. وفي عام 2007 أطلقت الصين اول مسبار للدوران حول القمر والتقط صورا لسطحه وحلل توزيع العناصر. وكانت هذه هي الخطوة الأولى في برنامج الصين المكون من ثلاث مراحل لاستكشاف القمر وتعقبها رحلة للقمر غير مأهولة ثم جلب عينات من تربة القمر وصخوره في عام 2017 تقريبا.

وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إن برنامج المسبار (تشانغ اه3) يمضي في طريقه للهبوط قرب نهاية العام. ونقلت الوكالة عن بيان للحكومة قوله ان المسبار "دخل رسميا مرحلة تنفيذ الاطلاق بعد ان مر بفترة الابحاث والانشاء." وأضافت الوكالة دون ان تذكر تفاصيل أخرى ان "المهمة ستشمل استخدام تقنية ابطاء السرعة على جرم سماوي للمرة الاولى" دون ان تقدم أي تفاصيل أخرى. وتحدث علماء صينيون عن احتمال إرسال رجل الى القمر بعد عام 2020. وأكمل الصينيون بنجاح أحدث مهمة فضاء مأهولة في يونيو حزيران عندما أمضى ثلاثة رواد فضاء 15 يوما في مسار والتحموا مع مختبر فضائي تجريبي في إطار مساع لبناء محطة فضائية تعمل بحلول عام 2020 .

استكشاف غبار القمر

من جهة أخرى قال مسؤولون ان مركبة فضاء آلية صغيرة تابعة لادارة الطيران والفضاء الأمريكية ناسا اطلقت من قاعدة قبالة ساحل فرجينيا في مهمة لاستكشاف غبار القمر الغامض الذي صادف رواد فضاء برنامج أبولو قبل عشرات السنين . وقال ريتشارد ايلفيك عالم المشروع في مركز ابحاث اميس التابع لناسا في موفيت فيلد بولاية كاليفورنيا في تلفزيون ناسا خلال عملية الاطلاق "لاول مرة منذ 40 عاما تتاح لنا فرصة معالجة هذا الغموض."

ومن مدار لايزيد عن 50 كيلومترا فوق سطح القمر ستقوم المركبة الفضائية لادي باستكشاف جيوب الغاز الرقيقة المحيطة بالقمر. وقد يحمل هذا الغلاف الجوي الرقيق الذي يحتوي على الارجون والهيليوم والصوديوم والبوتاسيوم وعناصر اخرى على مفاتيح تفسر كيفية احتجاز الماء داخل حفر في اقطاب القمر المجمدة. وقال ايلفيك "تعلمنا في المدرسة الابتدائية وربما في المدرسة الاعدادية ان القمر ليس له غلاف جوي. "بالفعل له غلاف ولكنه لايشبه تماما غلافنا الجوي."

وبعد مرور ما يربو على 40 عاما من هبوط طاقم برنامج ابولو على سطح القمر ستتولى المركبة لادي التحقق من أحد أكثر اكتشافات أبولو غرابة. وكانت اطقم ابولو قد رصدت وهجا غريبا في أفق القمر قبيل شروق الشمس. وكانت هذه الظاهرة التي دفعت قائد أبولو 17 يوجين كيرنان إلى تدوينها في دفتر الملاحظات غير متوقعة لأن القمر الخالي من الهواء يفتقر إلى الغلاف الجوي ليعكس أشعة الشمس.

ويساور العلماء الشك في أن غبار سطح القمر كان مشحونا كهربيا وارتفع بطريقة ما عن سطح القمر. وستدور المركبة لادي حول القمر لتجمع بيانات للتحقق من هذه النظرية. ووصف رواد ابولو غبار القمر بانه يشبه مسحوق التلك الا انه يتسم بخشونة الملمس وتشبه رائحته البارود المحترق وقد التصق هذا الغبار باحذية رواد ابولو وقفازاتهم ومعداتهم. بحسب رويترز.

وتشمل البعثة التي تتكلف 280 مليون دولار نظاما تجريبيا بصريا للاتصالات بالاستعانة بأشعة الليزر تأمل ناسا أن تدرجه في بحوث الفضاء لبرنامج مسبار الكواكب في المستقبل بما في ذلك مركبة فضاء من المقرر أن تنطلق إلى المريخ عام 2020. ومن المقرر ان تتخذ المركبة لادي مدارا قريبا من سطح القمر لتبدأ مهمتها العلمية بعد نحو 60 يوما من اطلاقها. وتستغرق رحلة المركبة من الارض الى القمر 30 يوما اي اطول من برنامج رحلة ابولو بواقع عشر مرات بسبب انخفاض قدرة معدات الاطلاق.

فويجر-1 تخرج

على صعيد متصل خرجت المركبة الفضائية غير المأهولة فويجر-1، التي انطلقت من الارض قبل 36 عاما، من نطاق المجموعة الشمسية الى الفضاء الخارجي، وهي اول مركبة من صنع البشر تصل الى هذه المسافة في الكون. وكانت وكالة الفضاء الاميركية ناسا اطلقت هذه المركبة في آب/اغسطس من العام 1977، وقد ارسلت المركبة أخيرا اشارات وبيانات دلت على خروجها من نطاق المجموعة الشمسية الى الفضاء الخارجي قبل نحو سنة.

وقال ايد ستون المسؤول العلمي عن المهمة في معهد التكنولوجيا في كاليفورنيا "باتت لدينا الآن معطيات تشير الى ان البشرية قد اجتازت مرحلة تاريخية مع خروج المركبة من فضاء المجموعة الشمسية". واضاف ستون "لقد فتحت فويجر-1 حقبة جديدة من اكتشاف الفضاء". وكان العلماء يقولون على مدى الاشهر الماضية ان المركبة موجودة في المنطقة العازلة على حدود المجموعة الشمسية مع الفضاء الخارجي وانها في طريقها للخروج في وقت لم يكونوا قادرين على تحديده بدقة.

الا ان تحليل كثافة البلازما حول المركبة، بناء على المعطيات المجموعة بين التاسع من نيسان/ابريل و22 ايار/مايو، اظهر ان المركبة باتت موجودة فعلا في الفضاء الخارجي، خارج حدود المجموعة الشمسية، بحسب النتائج التي توصل اليها علماء في جامعة ايوا، من بينهم دون غارنت المشرف على هذه الدراسة. ويقول علماء الفيزياء الفلكية ان فويجر-1 باتت الآن على بعد 21 مليار كيلومتر من الشمس، وقد خرجت تماما من الغلاف الشمسي لتسبح الآن في البرد والظلام الدامس. ويقدرون انها خرجت من المجموعة الشمسية في آب/اغسطس من العام الماضي.

وقال دون غارنيت "لقد قفزنا على كراسينا عندما بينت لنا المعطيات ان المركبة باتت موجودة في منطقة جديدة تماما، تتلاءم مع ما يمكن ان نتوقعه في الفضاء الخارجي، وهي باتت خارج الغلاف الشمسي تماما، وهو عبارة عن فقاعة تتشكل من اشعة الشمس" تسبح كل أجرام المجموعة الشمسية داخلها. وفي المؤتمر الصحافي الذي عقد للمناسبة، عرض العلماء تسجيلا صوتيا هو الاول من نوعه من الفضاء الخارجي.

لكن دون غارنيت اشار الى ان اتجاه الحقل المغناطيسي لم يتغير، بخلاف ما كان متوقعا، وهو أمر ليس له تفسير بعد. وكانت دراستان سابقتان تحدثتا عن امكانية ان تكون المركبة قد خرجت فعلا من النظام الشمسي في العام 2012، لكن وكالة الفضاء الاميركية لم تعرها اهتماما كبيرا. وقد استندت هذه الدراسات الى الانخفاض المفاجئ في الجزيئات الموجودة في النظام الشمسي، وتزايد الاشعة الكونية الآتية من المجرات، وفقا لقياسات الاجهزة على متن فويجر-1.

ووفقا لعالم الفيزياء الفلكية مارك سويسداك، فان المركبة خرجت من المجموعة الشمسية في السابع والعشرين من تموز/يوليو 2012. وهي المرة الاولى التي تخرج فيها مركبة من صنع الانسان من حدود المجموعة الشمسية لتستكشف الفضاء الخارجي. ويقول جون غرانسفيلد مدير المهمات العلمية في وكالة ناسا "ان فويجر-1 تخوض مغامرة في مكان لم تبلغه أي مركبة أخرى، في واحد من اتم الانجازات التقنية في تاريخ العلوم".

واطلقت مهمة فويجر وقوامها مسباران، فويجر-1 وفويجر-2، بهدف دراسة كواكب المجموعة الشمسية، وقد حلقا فعلا فوق كواكب المشتري وزحل واورانوس ونبتون واقمارها الثمانية والاربعين. وهما ما زالا يعملان بشكل جيد. وجمعت الاجهزة التسعة الموجودة على متن كل من المسبارين معلومات جعلت من مهمة فويجر المهمة الفضائية ذات الفائدة العلمية الأكبر. وفي العام 1990 قرر العلماء اطفاء الكاميرات على متن المركبتين توفيرا للطاقة. ويتوقع ان تنفد الطاقة فيهما في العام 2020. ويتوقع ان تخرج فويجر-2 من النظام الشمسي خلال ثلاث سنوات.

وستكون المركبات بجوار نجوم اخرى بعد حوالى اربعين الف سنة، على بعد سنتين ضوئيتين من شمسنا (السنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة وهي تساوي 9461 مليار كيلومتر). ويقول عالم الفيزياء الفلكية مارك سويسدال "لا شيء يمكنه ان يوقف فوجير-1. ستواصل طريقها في الفضاء لوقت طويل جدا قد يمتد على مليارات السنوات". بحسب فرانس برس.

ويحمل كل من المسبارين ما يشبه الرسائل التي تلقى داخل زجاجات في البحر، وهي عبارة عن اسطوانة اطلق عليها اسم "فويجر غولدن ريكورد" تحتوي على صور وتسجيلات تختصر تاريخ البشر وتشتمل على رسم يوضح موقع الكرة الارضية في الفضاء، وصورة لجنين، وتوضيح للحمض النووي، واصوات حيوانات، ومقطوعات موسيقية، ورسائل بخمس وخمسين لغة، في حال وقعت المركبة بأيدي كائنات ذكية.

رعب في الفضاء

من جانب أخر روى رائد الفضاء الايطالي لوكا بارميتانو من مقر اقامته الحالي على متن محطة الفضاء الدولية على مدونته، الحادثة المرعبة التي واجهها وهو يسبح في الفضاء عندما بدأ الماء يتسرب الى خوذته. ووقعت تلك الحادثة في السادس عشر من تموز/يوليو الماضي، ولم يعرف بعد ما هي الاسباب الكامنة وراءها. فبعد ساعة ونصف الساعة على خروج رائد الفضاء الايطالي من محطة الفضاء الدولية التي تدور على ارتفاع 400 كيلومتر عن سطح الارض، بدأ يشعر بتسرب المياه الى خوذته، وهو حادث من شأنه ان يقضي عليه غرقا.

وكتب رائد الفضاء لوكا بارميتانو عن هذه الحادثة في مدونته قائلا "ان الشعور غير المنتظر بوجود مياه في الخوذة فاجأني، وانا في مكان كنت آمل الا اواجه فيه مفاجآت". ويروي الرائد الايطالي انه حذر زميله الاميركي كريس كاسيدي الذي كان برفقته اثناء الخروج من المحطة، وكذلك ارسل تحذيرا الى القاعدة الفضائية في هيوستن. ويقول الرائد البالغ من العمر 36 عاما "شعرت فجأة ان حرارة السائل باردة جدا ولا يمكن ان يكون عرقا، وشعرت انها تزداد حجما".

وتمكن لوكا من اخطار زميله والمحطة الارضية بالمشكلة، فجاءته الاوامر بقطع المهمة والعودة الى المحطة الفضائية. وفيما كان يهم بالعودة الى المحطة التي تسبح في مدار الارض "ازداد الشعور بالمياه واصبحت متأكدا". وشعر حينها ان المياه ستغطي سماعات الاذن وخشي ان يفقد الاتصال الصوتي مع زملائه. وجاء ايضا في روايته للحادثة بحسب ما كتبها من مكان اقامته في مدار الارض "غطت المياه الجزء الامامي من الخوذة، فلم أعد قادرا على الرؤية بشكل جيد".

وبينما كان يقترب الى المحطة، وعلى بعد سنتيمترات قليلة شعر ان الماء قد ملأ الجزء الاعلى من الخوذة، ولم يعد متأكدا من قدرته على التنفس. ويقول "لم اعد حينها اعرف ما اذا كان الشهيق التالي سيحمل الى رئتي الهواء او الماء". ثم تذكر الرائد حبل الامان الذي يربطه بالمحطة، فشده. ويضيف "بقيت هادئا، وصرت ابحث بهدوء وصبر عن المقبض الذي يفتح باب المحطة في الوقت الذي كنت افكر فيه بطريقة ازيل فيها المياه قبل ان تصل الى فمي".

وفكر الرائد باحتمال ان يفتح صباب الامان قرب اذنه اليسرى لتفريغ الخوذة، حتى وان كان ذلك غير مشكور النتائج في الفضاء. وبعد دقائق "كانت بمثابة دهر" انتظر الرائد اتمام عملية رفع الضغط، وفي هذا الوقت قرر انه في حال استمرت المياه بالتدفق بشكل خطر على تنفسه، فانه سينزع الخوذة عن راسه حتى وان ادى ذلك الى فقدانه الوعي جراء انخفاض الضغط "لكنه افضل من الموت غرقا في الخوذة". وفي دقائق قليلة انتهت الإجراءات اللازمة وعاد لوكا الى داخل المحطة سالما معافى.

وخلص الرائد الشاب الى القول "ان الفضاء مكان قاس وغير مضياف..ونحن ما زلنا فيه في طور الاستكشاف وليس الاستعمار..لقد جعلنا التقدم التقني ننظر الى الاشياء على انها عادية، بينما هي ليست كذلك..أحيانا ننسى!. واطلقت وكالة الفضاء الاميركية ناسا تحقيقين منفصلين لمعرفة ملابسات ما جرى مع الرائد الايطالي. ويغلب الظن ان السبب وراء الحادثة هو تسرب المياه من نظام التبريد المزودة به بذلة لوكا الفضائية، او تسرب مياه الشرب. والى حين جلاء الحقيقة، اوقفت كل عمليات خروج الرواد من محطة الفضاء الدولية الى خارجها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 16/أيلول/2013 - 9/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م