
شبكة النبأ: هناك نوعان من المقاولين
الذين يمتلكون القدرة العملية والمالية، لمسك المشاريع الاقتصادية في
القطاعات المختلفة، النوع الاول: مقاولون ناجحون قادرون على تحقيق
الالتزامات التي يتم الاتفاق عليها مع الحكومة او الوزارات او الجهات
المعنية في الاستثمار، ونعني بتحقيق الالتزامات والضوابط المتفق عليها،
إتمام المقاول للمشروع بدرجة عالية من الجودة والاتقان، فضلا عن
الالتزام بالوقت المحدد للتنفيذ، فيجمع بذلك بين السرعة والدقة في
التنفيذ، مع الحفاظ على درجة الاتقان والجودة المطلوبة في الانجاز.
أما النوع الثاني من المقاولين، فهو على النقيض من النوع الاول، وهو
يمثل مجموعة المقاولين الطارئين على هذا القطاع المهم في بناء الاقتصاد،
حيث يدخل او يتسلل مجموعة من الافراد لمهنة المقاولات، يتمتعون بصفات
الاحتيال والتلاعب والتخريب وما شابه، ليمسكوا عددا من المشاريع
الاقتصادية، وقد يكون من بينها مشاريع مهمة وبعالية التكاليف، يمكنهم
الحصول عليها والفوز بها بأساليب وطرق مختلفة، يطلق عليها بالصفقات
المشبوهة التي لا تخضع لضوابط ارساء العقود بصورة سليمة، وتتخللها
حالات تعاطي (الرشوة) والهدايا وتبادل المصالح المادية، على حساب الشعب
والاقتصاد والجودة والاتقان التي تعد العمود الفقري لكل مشروع اقتصادي
او تعليمي او خدمي، يسهم في تطوير البلد وحياة المجتمع ككل.
يتضح لنا الفرق الكبير بين النوعين المذكورين من المقاولين، ويبقى
معيار الجودة والاتقان والالتزام بوقت التنفيذ ودقته، هو الفارق
الجوهري بين النوعين، وعلى العموم يسهم النوع الاول من المقاولين
بتطوير البلد وتقوية الاقتصاد وتحسين حياة المجتمع، مع احتفاظه بالمجد
المادي والمعنوي، إذ ان المقاول من النوع الاول يحقق مكاسب مادية
وارباحا جيدة، مع تحقيق سمعة رائعة تجعله في صدارة المقاولين وتفتح له
ابواب المشاريع المختلفة، وهكذا يكسب المال والسمعة المعنوية الاخلاقية
الكبيرة، فضلا عن راحة الضمير وهي الاهم من جميع المزايا الاخرى، كذلك
تمتعه بالسعادة التي يشعر بها المقاول، وهو يرى اسهامه الكبير في بناء
البلد وتطويره اقتصاديا ودفعه الى امام، من خلال اخلاصه في تنفيذ
المشاريع المتنوعة التي رستْ عليه بطرق قانونية لا يشوبها الفساد، ولا
تقرب منها الشبهات.
أما لو أتينا الى النوع الثاني من المقاولين، فإننا سنجد رائحة
الانحراف تلازمه منذ اول خطوة، يبدأها مع اي مشروع يرسو عليه، حيث يحصل
على هذا المشروع بطرق منحرفة ايضا، ولا يخضع للضوابط السليمة التي تحقق
العدالة في التنافس بين المقاولين على المشاريع المطروحة، اذ غالبا ما
يلجأ المقاول من النوع الثاني (ونقصد بهم المقاولين المحتالين)، الى
عقد الصفقات المشبوهة من خلال شراء ذمم المسؤولين والقائمين على
المشاريع، حيث يتعهد المقاول المحتال بتقديم نسبة كبيرة من الارباح الى
المسؤول الفلاني، أو مجموعة من المسؤولين عن المشاريع، وبهذه الطريقة
يتمكن من غلق افواه هؤلاء المسؤولين، حتى لو غابت عن التنفيذ معايير
الجودة والاتقان، فضلا عن وقت الانجاز والتأخير الذي قد يمتد الى سنوات
من دون ان يتعرض المقاول للمسائلة لانه دفع حصة المسؤولين عن المشروع
مقدما !!.
هذا النوع المحتال من المقاولين، سوف يخسر السمعة والمستقبل، ويخسر
ماديا ايضا، لانه لن يحقق مستقبلا عمليا راسخا متطورا في قطاع
المقاولات، فضلا عن التخريب الذي يلحقه بالبلد نتيجة لعدم التزامه
وغياب الجودة والاتقان في عمله، وبهذا يخسر الكثير على الصعيد الشخصي
العملي والاخلاقي، كما انه يبقى متهما بتخريب الاقتصاد الوطني عن عمد،
مع إلحاق الاذى بالمواطن والتجاوز على حقوقه، ولا ننسى المسؤولين الذين
يشتركون في عمليات التخريب هذه، فهم ايضا يتعرضون للمساءلة والمقاضاة
في يوم ما، فينفضح امرهم كما اثبتت الوقائع، فكلما تمكنت الدولة من
بناء مؤسساتها بصورة قوية، خاصة في مجال القضاء، عند ذاك لن يفلت مسؤول
او مقاول أساء للمجتمع بهذه الطريقة او تلك.
لذا من المتفق عليه، أننا كعراقيين، نحتاج اليوم الى المقاول من
الصنف الاول، المقاول الذي يربح كل شيء حتى نفسه، بمعنى يربح المادة
(الاموال)، والسمعة، وصناعة الازدهار في البلد، ويربح المستقبل الناجح
له ولذويه ايضا، من خلال السمعة الكبيرة التي يحصل عليها نتيجة لإخلاصه
في العمل والتزامه بمعيار الجودة والاتقان. |