الشراهة الاستعمارية وصناعة الحروب

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: الحروب صناعة رائجة يتقنها الغرب وامريكا التي تقود العالم، منذ قرن او اكثر، ولا تزال تمضي بعالمنا الى المجهول، كما تدل على ذلك حالات الاحتقان وبؤر العنف، والارهاب والحروب الاهلية التي تجتاح الشرق الاوسط ودولا عديدة من العالم، وتبقى امريكا، هي التي تتقدم الركب العالمي، في جميع الاحوال، حتى ان المراقبين وصفوا هذا القرن الـ (21) بأنه قرن أمريكي بلا منازع، لكن للاسف إتّسمت هذه القيادة الامريكية الغربية للعالم، بصناعة الحروب المباشرة او بالوكالة، وطبعت عالم اليوم بالموت، والدليل القريب على ذلك، أن دولا عديدة في منطقة الشرق الاوسط اصبحت تعج بالحروب، لسبب واضح، لا يختلف عليه الجميع، كي تتحول ثروات وخيرات هذه المنطقة بيد امريكا وتتحكم بها كما تشاء، وكي تؤمن السلامة التامة لاسرائيل التي اغتصبت ارض فلسطين رغما عن المواثيق الدولية، ولا زالت تسلك العدوان والحروب طريقا لتحقيق اهدافها، تُرى لماذا هذه الشراهة في صناعة الحروب، وما الهدف منها، وكيف لا تفكر حضارة - تعلن دائما بأنها من افضل الحضارات التي بزغت عبر التاريخ- بطريق آخر غير طريق الحروب لتحقيق اهدافها؟!.

من الواضح ان العودة الى جذور النشأة الامريكية، سوف تسهّل علينا الوصول الى اجابة صحيحة عن التساؤل أعلاه، ذلك ان الخليط البشري الهجين الذي تألف منه المجتمع الامريكي في بداية نشوئه، ونزعة القتال التي كانت تتميز بها الاقوام الوافدة على ارض الهنود الحمر، والقسوة التي لا تعرف الرحمة لتلك الاقوام، والميل المطلق للحرب لتحقيق المصالح الفردية والجمعية، كل هذه المؤشرات التاريخية القريبة، تعطي انطباعا واضحا الى النزعة الحربية التي تتميز بها امريكا والغرب عموما، وعندما يحاججنا بعضهم، بأن الامريكان والغرب يتميزون بروح انسانية تثبتها أدلة كثيرة، مثل التبرعات الخيرية ومساعدة الدول عندما تتعرض للكوارث والمجاعات وما شابه، فإن هؤلاء في الحقيقة يغضون الطرف عن الشراهة القصوى التي تتمتع بها امريكا لسحق الاخرين عبر الحروب المباشرة او بالنيابة، لكي تحقق اهدافها، ولعل قمة الخطورة في هذا السلوك الاجرامي الواضح، تتمثل في عدم مراعاة حرمة الانسانية حتى في ما يتعلق بأغلى الاشياء لديها وهي روح الانسان، حتى باتت امريكا مسؤولة عن اكبر الحروب واكثرها دموية في العالم الى وقت ليس ببعيد.

فقد اعلن بوش الاب قبل اكثر من ثلاثين سنة وتلاه بوش الابن قبل عشر سنوات، بأنهما يخوضان حربا نظيفة ضد الارهاب، ولكن بعد كل هذه السنوات والعقود، اوضحت النتائج القائمة على الارض، اننا امام سلسلة من الحروب لا تنتهي، واننا في مواجهة خطر الموت بماكنة الحروب الاهلية او الحروب بالوكالة الى امد لا يعرفه احد وهي صناعة امريكية غربية، فقد تحولت منطقة الشرق الاوسط والدول العربية (العراق وسوريا ومصر وليبيا واليمن وبعض دول المغرب العربي)، الى ساحة قتل متواصل بشتى انواع الحروب، كلها تعود الى صناعة استعمارية لا تقبل الشك، كونها واضحة أو معلنة أحيانا.

إن نزعة الشراهة الاستعمارية التي تقودها امريكا والغرب، والصراع الواضح على خيرات وثروات الشرق الاوسط، بات امرا واضحا للعيان، بل لا تستحي الدول الاستعمارية من اعلان اهدافها بوضوح، بأنها تحمي مصالحها القومية، ولأنها تسعى لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي، فإنها لا ترى في صنع الحروب المباشرة او بالوكالة مشكلة، ولا تجاوزا على حرمة الشعوب وازهاق ارواح الابرياء من اجل تحقيق اهداف دنيئة، تتناقض كليا مع ما هو معلن من لدن امريكا والغرب، حول مراعاة حقوق الانسان وحقه في العيش الكريم، فضلا عن المنهج الديمقراطي الذي يعد من ابسط حقوق الانسان، لكن يبقى هذا الكلام الجميل المثالي (كلاما مجردا) وخاليا من الصدق، لأن الوقائع التي تجري على الارض تؤكد غير ذلك، وتشير الى موجات متتالية للتطرف والموت تصنعها ماكنة الحرب الامريكية الغربية التي برعتْ ولا تزال بارعة في صناعة مختلف انواع الحروب، بغض النظر عن نتائجها الكارثية على العالم!.  

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 14/أيلول/2013 - 7/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م