أوباما يتقهقر... نظرة تزداد قوة في الشرق الأوسط

 

شبكة النبأ: أقوى رجل في العالم قرر تهديد الرئيس السوري بشار الأسد. يقول الرئيس الأمريكي باراك أوباما لكن في كاريكاتير بصحيفة الشرق السعودية "سنضرب بكل قسوة". لكن متى؟ يكمل اوباما في الكاريكاتير بابتسامة حالمة "بعد يوم أو اسبوع أو شهر أو سنة أو عشر سنوات أو... تعرفوا تعدوا حد كام؟"

وتعكس السخرية شكوكا بين أصدقاء واشنطن وخصومها على حد سواء في الشرق الأوسط في ان إحالة أوباما قرار القيام بعمل عسكري للكونجرس هي بالتأكيد علامة ضعف وخطوة تهز مصداقية إدارته بشكل غير مسبوق في المواجهة مع سوريا وإيران.

وأثار قرار أوباما المفاجيء بوقف خطط معاقبة الأسد على استخدام الغاز السام وانتظار موافقة الكونجرس دهشة وحدت المنطقة المتشرذمة ولو للحظات. وفيما يعكس وجهة نظر سائدة على نطاق واسع في احاديث أجرتها رويترز في مختلف أرجاء المنطقة قالت صحيفة الوطن الجزائرية إن أعداء الاسد تتملكهم الشكوك فيما يبدو في مواجهتهم معه إذ يخشون فشل التدخل.

وفي الوقت نفسه يفرق الرأي العام في الشرق الأوسط عادة بين أسلوب أوباما الذي يميل للتشاور -ويصفه بعض المنتقدين بالتردد- وبين أسلوب الإلزام الذي تنتهجه الولايات المتحدة باعتبارها قوة عظمى تميل إلى ممارسة دور شرطي المنطقة نيابة عن صديقتها إسرائيل وحلفائها في دول الخليج.

- "تقهقر" أوباما..

اعتاد الكثير من العرب اسلوب جورج بوش الأبن القاطع الذى اعتمد على مبدأ "إما معنا أو مع الإرهابيين" في أعقاب هجمات 11 سبتمبر أيلول عام 2001 والذي ذهب لغزو العراق في 2003 لذا يستغربون عزوف أوباما عن الحرب ويرونه أمرا غير عادي.

قال واثق الهاشمي رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية إن العرب يربطون الحروب في المنطقة بالجمهوريين وليس بالديمقراطيين. ويضيف أن انتهاء الحرب الباردة أعطى واشنطن مجالا لمهاجمة دول كانت تدور في فلك موسكو خاصة العراق في صراعات أثارها بوش ومن قبله والده.

وفي الوقت نفسه قال الهاشمي إن خطوة أوباما أثارت حيرة كثيرين في المنطقة وكانت بمثابة "تقهقر".

قال محمد ياسين (45 عاما) وهو فلسطيني من غزة إن أوباما لا يبدو بالصرامة التي كان عليها بوش. وأضاف "أبو حسين يفتقر للجرأة" مستخدما كنية عربية لأوباما مستمدة من اسم والده الكيني. وقال إن الأسد يستحق العقاب لكن ليس من الأجانب.

وقال عدنان دياب وهو مدرس سوري مقيم في لبنان "هناك مثل شعبي في سوريا يقول: الكلب الذي يعوي لا يعض." وأضاف "هذا ما نتوقعه... إن شاء الله لن يحدث شيء."

وفي اسطنبول قال مصطفى توبراك (37 عاما) وهو مندوب مبيعات كان جالسا ينفث دخان الأرجيلة في مقهى على شاطيء البوسفور إن العزوف عن التحرج جعل أوباما يبدو ضعيفا غير جاد.

وفي وسط القاهرة قال محسن احمد الطيب (38 عاما) الذي يبيع حقائب في الشارع إن أوباما "متردد... بالتأكيد لن يضرب سوريا الآن." وهذه بالتحديد النتيجة التي يخشاها أعداء الأسد. بحسب رويترز.

وقالت شخصيات من المعارضة السورية اتصلت بها رويترز انها لا تزال على ثقة في أن أوباما سيشن هجوما في نهاية الأمر على قوات الأسد ومن المحتمل أن يكون كبيرا.

وقال فواز تللو الناشط السوري المعارض متحدثا من برلين إن الأمر كان سيصبح مستغربا لو أن أوباما حشد كل قوته العسكرية لمجرد "ضرب الأسد على يده".

وقال أيمن عبد النور صديق الاسد منذ أيام دراستهما الجامعية ومستشاره الذي ترك سوريا عام 2007 إنه إذا وقع هجوم عسكري يتجاوز الهجوم الشكلي فإن بعض كبار قادة الجيش سينشقون. لكن الشكوك لاتزال سائدة بين حلفاء المعارضة.

- خيبة أمل سعودية..

في السعودية التي تواصل حث المجتمع الدولي على التدخل في سوريا منذ قرار أوباما تأجيل الضربة لم تتلق رويترز ردا عندما حاولت الاتصال باثنين من المسؤولين للتعليق. لكن المحللين يقولون ان المسؤولين يبدون قلقا في أحاديثهم الخاصة. وقال عبد العزيز صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث إن قرار أوباما "يعكس افتقارا للحسم" مشيرا إلى ان ذلك بدا واضحا منذ بداية الأزمة السورية. وأضاف "هناك شعور عميق بخيبة الأمل في منطقة الخليج إزاء قرار الرئيس السعي للحصول على موافقة الكونجرس."

أما مسؤولو إدارة اوباما فيقولون إن خطوة الرئيس للتشاور مع الكونجرس يجب أن ينظر إليها باعتبارها تعضد قراره وتدعم مصداقية الولايات المتحدة في الخارج مفترضين أن الكونجرس سيدعم قرار الرئيس. وحذروا من ان عدم موافقة الكونجرس هي التي قد تقوض مصداقية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وفي العالم.

وكتب انتوني كوردزمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن يقول أنه يتعين على أوباما إظهار قيادة حقيقية وليس "رد فعل مبالغا فيه وتراجعا مفاجئا وعدم تيقن." وأضاف كوردزمان الذي يدرس العلوم العسكرية أن رفض الكونجرس سيكون أشبه بالكارثة مشيرا إلى ان النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط سيتضرر بشدة ولن يكون لدى الولايات المتحدة استراتيجية ذات معنى تجاه الحرب في سوريا.

وقال يزيد صايغ الباحث بمركز جارنيجي في بيروت إن غياب سياسة تتعلق بسوريا هو السبب وراء ما بدا عليه أوباما من تردد وان هذا يعكس حسبما يردد البعض مساعي أوسع من جانب واشنطن للانخراط في المنطقة منذ انتفاضات الربيع العربي في أوائل عام 2011.

- "ابتهاج" إيران..

أما موقف إيران حليفة الاسد التي تخوض هي نفسها مواجهة مع قوى عالمية بشأن برنامجها النووي فيتسم بالحذر. لكن نقل عن علاء الدين بروجردي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الإيراني قوله إنه يأمل ان يصوت الكونجرس الأمريكي برفض القرار قائلا ان ذلك سيتماشى مع رغبة الشعب الأمريكي.

كما تأمل طهران في أن تنتهج واشنطن خطا أكثر دبلوماسية تجاهها. وتنفي إيران اتهامات الغرب بانها تسعى للحصول على سلاح نووي. وقال دبلوماسي مقيم في طهران إن الحكومة الإيرانية اعتبرت قرار أوباما نقطة ضعف أمريكية. وأضاف أن أول رد فعل من جانب المسؤولين الأمريكيين كان "ابتهاجا".

ويرى الإسرائيليون المواجهة مع سوريا بمثابة اختبار لقدرة الأمريكيين على الوفاء بتعهداتهم بمنع إيران من امتلاك قنبلة نووية عن طريق العمل العسكري إذا فشلت المساعي الدبلوماسية.

وحرصت السلطات في إسرائيل على تجنب الحديث علنا عن الموقف الأمريكي إزاء سوريا لكن ربما كانت هناك تحفظات في الأحاديث غير الرسمية. وطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -الذي وعده أوباما العام الماضي بأنه سيحمي دوما ظهر إسرائيل- من وزرائه عدم التحدث عن المسألة السورية على الملأ لكن الوزراء تجاهلوا الأمر وبخاصة وزير الاقتصاد نافتالي بينيت.

وكتب بينيت على صفحته على فيسبوك يقول "أكثر من ألف مدني منهم العديد من الأطفال والرضع قتلهم نظام ظلامي باستخدام غاز سام. والعالم متردد." وأضاف "في لحظة الحقيقة لن نعتمد إلا على انفسنا."

وتذكر جاي شابيرو المقيم في القدس قولا قديما مأثورا مفاده أن السياسة الخارجية الأمريكية تتحدث بلطف وتمسك بعصا غليظة. وقال "الرئيس أوباما ينتهج السياسة المعاكسة.. يتحدث بصوت عال ولا يحمل اي عصا." وأضاف "انه لا يحمي ظهرنا ولا يحمي حتى ظهر امريكا."

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 12/أيلول/2013 - 5/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م