الهجرة غير الشرعية... وجه يخفي الحرمان وفقدان الامان

 

شبكة النبأ: قضية الهجرة غير الشرعية باتت اليوم من أهم المشاكل وأخطرها للكثير من دول العالم، وخصوصا تلك الدول التي تمثل مصدرا للمهاجرين وكذلك الدول التي تستقبلهم خصوصا مع ازدياد أعداد المهاجرين الساعين للحصول على فرص عمل او لأسباب الأخرى، كما يقول بعض المراقبين الذين أكدوا على هذه القضية كانت ولاتزال محط اهتمام وترقب المنظمات الحقوقية والإنسانية، التي تخشى من تفاقم الأوضاع المأساوية التي يتعرض المهاجرين بسبب الملاحقات والمخاطر الأخرى التي قد تتسبب بإزهاق الأرواح، وفي هذا الخصوص فقد اكد المحققون ان المهاجرين الستة الذين غرقوا قرب كاتانيا هم مصريون، مشيرين الى فرضية ان يكون القارب الذي كان يقلهم ترك لمصيره من قبل سفينة اكبر امام شواطىء صقلية. والضحايا الستة الذين قفزوا من قارب اعتقادا منهم انهم وصلوا الى الشاطىء عرفوا بانهم مصريون تتراوح اعمارهم بين 17 و27 عاما، وقد قضوا جميهم غرقا.

وقد جنح القارب الذي كان يقل مهاجرين غير شرعيين وعلق في الرمال على بعد خمسة عشر مترا من الشاطىء قبالة منتجع سياحي. وتمكن حينها قسم من المهاجرين معظمهم سوريون وايضا مصريون من الوصول الى الشاطىء سباحة فيما انقذ الاخرون من قبل حرس السواحل. ويعتقد المحققون ان القارب كان يقل اكثر من مئة شخص فيما تم التكفل رسميا ب94 ناجيا. وتمكن ثلاثة مهربين من الفرار بعد القفز الى المياه.

من جهة اخرى اعلنت النيابة العامة توقيف شابين مصريين في السادسة عشرة والسابعة عشرة من العمر كانت مهمتهما على القارب توزيع الطعام. والفرضية التي يرجحها المحققون تشير الى ان القارب الخشبي القديم تم جره من "سفينة رئيسية" ما لبثت ان تخلت عنه امام سواحل كاتانيا. وفي الواقع لاحظت قوات الامن ان اللاجئين كانوا يتضورون جوعا ومنهكين لكن لم تبدوا عليهم اشارات تشير الى انهم قاموا برحلة طويلة في البحر. خصوصا الطفل البالغ سبعة اشهر الذي ادخل المستشفى لفترة وجيزة لاجراء فحوصات ظهر في صحة جيدة رغم معاناته من بداية اجتفاف.

وفتح مدعي عام كاتانيا جوفاني سالفي تحقيقا بتهمة التحريض على الهجرة السرية والقتل المتعدد. وقال لصحيفة افينيري الكاثوليكية انه للوصول الى مدينة بحجم كاتانيا "قد يكوهنوا نقلوا على الارجح ليلا من سفينة اكبر والا لكان تم رصدهم قبل ذلك". وراى القاضي ان ذلك يدل على وجود شبكة منظمة للوصول الى الساحل بدون التوقف في لامبيدوزا الى الجنوب والاكثر قربا من سواحل افريقيا الشمالية وللنجاح في التخلص من نظام المراقبة على السواحل. واعتبر انه من الممكن ان يكون هناك روابط مع الجريمة المحلية بما في ذلك مافيا صقلية.

وبشان ظروف موت الشبان المصريين الستة ذكر بطابعه المأساوي قائلا ان المركب وجد محصورا على رصيف رملي، اعتقدوا انهم وصلوا في حين ان المياه القريبة عميقة واولئك الذين لا يجيدون السباحة وقعوا في الفخ. وتكثفت عمليات تدفق المهاجرين غير الشرعيين مع هدوء البحر خلال الاسابيع الاخيرة في ايطاليا.

وغالبا ما يترك المهربون ركابهم المهاجرين في عرض البحر ما ان يشعروا بان خفر السواحل الايطاليين او المالطيين رصدوهم. الى ذلك جنح مركب اخر ينقل 80 مهاجرا ولاجئا خاصة من المصريين وبعض السوريين وعلق في الرمل بدون تسجيل اصابات قرب موناستيراسفي كالابري.

الى جانب ذلك وصل حوالى 180 مهاجرا على دفعتين الاحد الى جزيرة لامبيدوزا الايطالية الصغيرة، لكن شهودا قالوا ان ثلاث نساء فارقن الحياة خلال الرحلة، كما ذكرت السلطات. فقد اعترضت سفينة تجارية مجموعة من 90 مهاجرا يحملون الجنسية الصومالية، وبينهم 14 امرأة، كانوا على متن قارب مطاطي تائه في قناة صقلية، فانقذتهم ورافقتهم الى لامبيدوزا حيث اخذتهم الشرطة على عاتقها.

واكد المهاجرون الذين كانوا منهكين وفي حالة يرثى لها ان الرحلة استمرت خمسة ايام وان ثلاث نساء قد فارقن الحياة خلال الابحار ورميت جثثهن في البحر. وانقذت سفينة عسكرية ايطالية مجموعة ثانية من 84 مهاجرا منهم تسع نساء خلال الليل كانوا على متن قارب مطاطي آخر في جنوب لامبيدوزا. بحسب فرانس برس.

وجزيرة لامبيدوزا التي تبلغ مساحتها 20 كلم مربعا تبعد نحو 100 كلم عن سواحل شمال افريقيا، بينما تبعد صقلية عنها نحو 200 كلم. وفي 2011، وبسبب الثورات في العالم العربي، تدفق حوالى 50 الف مهاجر ولاجئ الى لامبيدوزا. ومنذ بداية السنة، وصل حوالى 12 الف لاجئ الى السواحل الايطالية معظمهم الى لامبيدوزا.

في قبضة السلطات

في السياق ذاته اوقفت السلطات الاسبانية والفرنسية 75 شخصا ينتمون الى شبكة تهرب المهاجرين الصينيين بشكل غير شرعي الى اوروبا والولايات المتحدة، وتزودهم بجوازات سفر مزورة. ووصل عدد الموقوفين في هذه القضية الى 75 شخصا، منهم 51 اوقفوا في اسبانيا و24 في فرنسا، ومن بين هؤلاء الموقوفين مسؤولون اساسيون في هذه الشبكة التي تتخذ من مدينة برشلونة مقرا لها. وجرى تنسيق أمني بين الشرطة الاسبانية وشرطة الحدود الفرنسية لاتمام هذه العملية.

وكان اعضاء هذه الشبكة يتقاضون ما بين اربعين الف يورو وخمسين الفا عن كل مهاجر صيني يدخلونه ببطاقات شخصية مزورة الى الولايات المتحدة ودول اوروبية منها فرنسا واسبانيا واليونان وايطاليا وبريطانيا وايرلندا وتركيا. وبحسب الشرطة الاسبانية، فان هذه الشبكة كانت تعمل ايضا في مجال الدعارة وفي الاستغلال الجنسي للمهاجرين. وقد تم ضبط 81 جواز سفر مزورا تحاكي جوازات سفر دول آسيوية منها تايوان وكوريا الجنوبية وماليزيا واليابان وهونغ كونغ وسنغافورة.

واظهرت التحقيقات ان هذه الشبكة تتمتع بتنظيم محكم، ويقيم رأس الهرم التنظيمي في الصين، ويشغل خلايا مستقلة عن بعضها تنشط في مختلف الدول، بحسب ما نشرت الشرطة في بيان. وكانت الشبكة تبحث عن المواطنين الصينيين الراغبين في الهجرة، مقابل اربعين الف يورو او خمسين الفا، وتزودهم بجوازات سفر مزورة، وترسل مرافقين في الرحلة معهم. وهؤلاء المرافقون هم عادة من الصين او ماليزيا، وهم اشخاص موثوقون تماما لدى الشبكة ولديهم معارف واسعة في المطارات والمدن الاوروبية التي يتوجهون اليها في رحلات المرافقة. وفور انتهاء مهمة المرافق، يعود مباشرة الى بلده حتى يصعب تعقبه وتحديد مكانه.

وبحسب تحقيقات الشرطة، فان اسبانيا كانت المرحلة الاخيرة من الرحلة قبل الوجهة النهائية التي تكون عادة اما الولايات المتحدة واما بريطانيا. ولدى وصول المهاجر الى مطار برشلونة، يأتي متعاونون مع الشبكة للبحث عنهم وتأمين أماكن اقامة لهم، بانتظار انتهاء الرحلة. وكانت الشبكة هذه تزود زبائنها بالمعلومات الضرورية المفيدة لتجنب التعرض لتفتيش دقيق، ومن هذه التعليمات الاختلاط ضمن مجموعات السياح. وكانت تراجع الإجراءات المتبعة باستمرار، وتغيرها وتعدلها بحسب الضرورات. بحسب فرانس برس.

وإضافة الى المسؤولين الأوروبيين في الشبكة اللذين اوقفا في برشلونة، اوقفت الشرطة 49 شخصا في مختلف مطارات اسبانيا، ولا سيما في مدريد وبرشلونة ومالاغا وبالما ومايورك، كما اوقفت الشرطة الفرنسية 24 شخصا على اراضيها. وخلال عمليات المداهمة المنفذة في اسبانيا، عثرت الشرطة على 81 جوز سفر مزورا، في منزلين تستخدمها الشبكة. وعثرت الشرطة أيضا على اجهزة تستخدم في تزوير جوازات السفر، من اجهزة كومبيوتر، واجهزة مسح ضوئي، واختام مزورة تحاكي اختام نقاط حدودية عدة. وتظهر الصور التي نشرتها الشرطة وجود اسلحة نارية واجهزة محمولة وأوراق نقدية ضمن المضبوطات.

6400 مهاجر

من جانب أخر رحل المغرب منذ مطلع السنة الجارية اكثر من6406 مهاجر سري أغلبهم من دول جنوب الصحراء بحسب ما أفاد تقرير صادر عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. ويرصد التقرير الصادر عن لجنة الهجرة واللجوء التابعة للجمعية شرق المغرب، عدد المرحلين بناء على شهادت مهاجرين وزيارات ميدانية للمستشفيات أو أماكن اختباء المهاجرين.

وأحصى التقرير من بين المرحلين 22 طفلا قاصرا و73 مصابا إصابات مختلفة الخطورة. وغطى التقرير مدن شمال المغرب وأهمها طنجة والحسيمة والناضور، التي يقصدها مهاجرو دول جنوب الصحراء لقربها من مدينتي سبتة ومليلية الاسبانيتين شمال المغرب. من جانبه أكد حسن عماري مسؤول لجنة الهجرة واللجوء استمرار عمليات ترحيل المهاجرين نحو الحدود الجزائرية، وأفاد بترحيل 147 مهاجرا آخر بينهم نساء ومصابون وقاصرون نحو الحدود على متن أربع حافلات.

وتحدث عماري استنادا الى شهادات المهاجرين عن استمرار سوء المعاملة قبل وبعد الاعتقال من قبيل الركل والرفض والشتم والتجريد من الهواتف والأموال، رغم امتلاك بعضهم لوثائق المفوضية العليا للاجئين. وأكد وفاة مهاجر سنغالي على الحدود الجزائرية المغربية بعد تعرضه للتعنيف والضرب المبرح وفق من كانوا معه من المهاجرين.

في المقابل، نفت وزارة الداخلية المغربية في بيان كل التهم الموجهة لها، وقالت ان المملكة تسهر على ممارسة حقها المشروع في احترام تام لقوانينها الداخلية المتعلقة بدخول وإقامة المهاجرين على أراضيها. وأكدت الداخلية انها لم تلجأ يوما ل"الترحيل التعسفي للمهاجرين الذين يقيمون بصفة شرعية أو يملكون اوراق لجوء"، معتبرة ان السلطات الأمنية تحارب شبكات الاتجار في البشر ولن تتسامح مع من يستغلون هشاشة وضع المهاجرين غير الشرعيين.

ونفى البيان ان تكون السلطات الأمنية قد رحلت نساء حوامل أو قاصرين ومصابين او حاملي أوراق قانونية. من جهتها أكدت المجموعة المناهضة للعنصرية للدفاع عن الأجانب والمهاجرين في بيان ان السلطات الأمنية المغربية ترحل القاصرين والنساء الحوامل والمصابين وحاملي أوراق اللجوء بل حتى حاملي الجوازات في حالة قانونية.

وسبق لمنظمة أطباء بلا حدود التي كان تواكب المهاجرين المصابين والحوامل شرق المغرب، ان أعلنت مغادرتها المغرب قبل أشهر موضحة ان المشكلة ليست في المواكبة الطبية نظرا لتوفر الإمكانيات، بل في استمرار عنف السلطات المغربية والإسبانية. ودانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في الرباط في بيان الاستعمال المفرط للعنف في حق المهاجرين غير النظاميين، واستعمال الرصاص من طرف السلطات الاسبانية تجاه المهاجرين العزل. بحسب فرانس برس.

ودعت الجمعية الدولة المغربية إلى احترام التزاماتها الدولية في مجال الهجرة. وفي نهاية 2012، اكدت جمعيات للدفاع عن حقوق الانسان ان بين 20 الفا الى 25 الفا من المهاجرين السريين المتحدرين من افريقيا جنوب الصحراء موجودون على الاراضي المغربية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 12/أيلول/2013 - 5/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م