الطائرات بلا طيار... تدخل نطاق الاسلحة استراتيجية من أوسع الابواب

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تعد الطائرات بدون طيار من احدث الأسلحة الحربية الإستراتجية متعددة الاستخدامات كالقتال والتجسس، حيث ينتشر هذا النوع من الأسلحة في المناطق الساخنة من العالم كأفغانستان وباكستان واليمن وإسرائيل وعلى نحو خاص في الشرق الأوسط، غير أن هذا الانتشار يشكل مجموعة من التحديات أو المخاطر الجديدة امام الامن العالمي على المدى القريب.

حيث أصبحت الطائرات بلا طيار جزءاً رئيسياً من الاستراتجيات العسكرية في الحروب الأمريكية الحديثة، التي تتجه بخطى ثابتة باتجاه تطوير هذا النوع من الطائرات على الرغم مما تثيره من جدل عالمي حقوقي كون استخدامها تسببت بسقوط ضحايا مدنيين في العديد من الدول  مثل باكستان وافغانستان واليمن والصومال واماكن اخرى ما زاد من المشاعر المناهضة للاميركيين في هذه الدول على نحو خاص.

ويرى بعض المحللين المتخصصين في هذا الشأن ان هذا السلاح الجوي الذي تموله الحكومة الأمريكية جاء بعد تكبدت خسائر كبرى بسبب حربي العراق وأفغانستان وادراكت ان اتباع استراتيجية حربية مختلفة تماما تعتمد على الطائرات بدون طيار أفضل من المواجهة المكلفة، حيث تجوب طائرات حربية بدون طيار سماء باكستان واليمن باعتبارها السلاح الافضل بالنسبة للولايات المتحدة في حربها ضد تنظيم القاعدة.

وتسعى الولايات المتحدة لتطوير السلاح الانسب للجيش الامريكي حاليا فقد اعلنت البحرية الاميركية ان نموذج الطائرة الشبح من دون طيار اكس-47 بي، حطت على حاملة الطائرات الاميركية يو اس اس جورج اتش دبليو بوش، في سابقة تفتح فصلا جديدا في تاريخ سلاح الطيران البحري، خصوصا وان تدريب طياري البحرية على الهبوط بطائرة مقاتلة على حاملة طائرات في البحر يستغرق عدة سنوات، وهي احدى اصعب المهام في الطيران، لكن الهبوط غير المسبوق الطائرة بلا طيار اثبت قدرة برنامج كمبيوتر معقد على اداء المهمة نفسها وارشاد طائرة روبوت للهبوط بامان على سفينة مبحرة، وعليه في ظل السباق التسلح المتسارع دون ردع من لدن المنظمات الدولية الداعية للحد من انتشار وتقنين تداول السلاح في أنحاء العالم، أصبحت الطائرات بدون طيار ركنا رئيسيا في التخطيط الاستراتيجي الحربي في أمريكا.

انجاز تاريخي

في سياق متصل حطت طائرة اميركية بلا طيار بسلاسة على متن حاملة طائرات اميركية محققة انجازا تاريخيا على مستوى الطائرات المسيرة عن بعد، وحطت طائرة اكس-47 بي التابعة للبحرية الاميركية على حاملة الطائرات يو اس اس جورج اتش. دبليو. بوش بسرعة متدنية ثم التقط حبل التوقيف خطافا على ذنبها لتتوقف في عملية هبوط مثالية على ما شاهد المراسلون وكبار الضباط.

وقال وزير البحرية راي مابوس للصحافيين لاحقا "لقد شاهدتم المستقبل اليوم"، وانطلقت الطائرة التجريبية قبل ساعة من قاعدة باتاكسنت ريفر الجوية في ماريلاند لتصل الى السفينة على بعد حوالى 80 ميلا مقابل سواحل فيرجينيا، ويشكل هبوط الطائرة التي سميت "الكلب المالح" انطلاقة مرحلة جديدة في في طيران البحرية، حيث كانت موازية تماما مع مدرج السفينة في اثناء الهبوط وصححت موقعها تلقائيا باستخدام نظام ملاحة يعتمد الاقمار الصناعية مثبت في الطائرة وعلى السفينة. بحسب فرانس برس.

وعلى عكس الطرازات السابقة على غرار بريداتور وريبر يستطيع هذا النموذج الطيران بمزيد من الاستقلالية ولا تحتاج الى سيطرة عمال طيران عليها في كل خطوة باستخدام عصا تحكم، وحسبت الطائرة تلقائيا توقيت انزال اطارات الهبوط، كما تمت تجربة اجراءات الاحتياط في حال الحاجة الى الغاء الهبوط ما ادى بالطائرة الى الارتفاع مجددا محلقة فوق السفينة في دوائر، وصرح الاميرال مات وينتر رئيس برنامج البحرية للطائرات بلا طيار "ما شهدتم اليوم هو عرض بصري مهم لكننا نثبت ونحرز نضوج التكنولوجيا في المختبر وعبر النماذج وعمليات المحاكاة"، وسبق ان انطلقت طائرة اكس-47 بي بنجاح من حاملة طائرات باستخدام آلية المنجنيق انطلقت بشكل معتاد من على متن السفينة مخلفة الدخان فيما ارتفعت الى السماء، ولن يتم تشغيل هذه الطائرات قبل 2019 وستقوم بانشطة مراقبة ومهام توجيه ضربات، وبعد انتقال البرنامج الى المرحلة التالية سيتم نقل الطائرتين التجريبيتين اكس-47 بي الى متحفين في قاعدة باتاكسنت ريفر الجوية وقاعدة بنساكولا الجوية في فلوريدا.

القاعدة تتصدى للطائرات بدون طيار

على الصعيد نفسه افادت صحيفة واشنطن بوست نقلا عن وثائق استخبارات اميركية سرية ان قادة القاعدة شكلوا خلايا من المهندسين في محاولة لاسقاط او تعطيل او خطف طائرات اميركية بدون طيار، وقالت الصحيفة على موقعها الالكتروني ان قيادة القاعدة "تامل في استغلال نقاط الضعف التكنولوجية لنظام اسلحة الحق اضرارا هائلة بهذا التنظيم الارهابي"، واضاف التقرير "رغم انه ليس هناك ادلة على ان القاعدة تسببت بتحطم طائرة بدون طيار او اعترضت بنجاح عمليات الطيران، الا ان مسؤولي الاستخبارات الاميركية تابعوا عن كثب جهود المجموعة الحثيثة لتطوير استراتيجية مضادة للطائرات بدون طيار منذ العام 2010". بحسب فراس برس.

وقالت الصحيفة ان قادة القاعدة يريدون تحقيق "اختراق تكنولوجي يمكن ان يوقف حملة الضربات بطائرات بدون طيار التي ادت الى مقتل حوالى ثلاثة الاف شخص في العقد المنصرم".

اليمن

على صعيد ذو صلة قالت وزارة الداخلية إن خمسة أشخاص يشتبه بأنهم من متشددي القاعدة قتلوا في هجوم جوي في شرق اليمن وهو ما يأتي في اطار حملة متصاعدة على فرع التنظيم في اليمن بعد تحذيرات في الفترة الأخيرة من احتمال وقوع هجمات، وقالت الوزارة إن الرجال هوجموا وهم يستقلون سيارة في محافظة حضرموت في منطقة غيل باوزير على مسافة 45 كيلومترا من المكلا عاصمة المحافظة.

ولم تذكر الوزارة مصدر النيران لكن مسؤولا محليا ابلغ رويترز في وقت سابق بان طائرة أمريكية بلا طيار أطلقت الصواريخ على السيارة، وقال السكان انهم سمعوا دوي انفجار شديد ورأوا السيارة بعد ذلك مدمرة، وقالت الوزارة ان سلطات الامن في حضرموت تحتفظ بالجثث في مشرحة مستشفى ريثما تكتمل الاجراءات القانونية. بحسب رويترز.

وقال اليمن إنه أحبط مخططا لتنظيم القاعدة للسيطرة على المكلا وهي مدينة تطل على خليج عدن وكذلك على مرفأين لتصدير النفط والغاز، وجاء ذلك بعد ان أعلنت الولايات المتحدة إغلاق بعثاتها الدبلوماسية في عدة دول بالشرق الأوسط وقامت هي وبريطانيا بإجلاء موظفي سفارتيهما في اليمن بسبب معلومات تفيد باحتمال تعرض تلك البعثات للهجوم على ايدي متشددين، وفي وقت سابق قتل ثمانية متشددين في هجومين بطائرات بدون طيار أحدهما في محافظة مأرب بوسط اليمن والاخر في حضرموت. وقتل ما لا يقل عن 30 شخصا يشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة في هجمات بطائرات بدون طيار في الاسبوعين الاخيرين فيما يمثل زيادة ملحوظة في وتيرة مثل هذه الهجمات.

سيناء وإسرائيل

من جهة أخرى قالت جماعة إسلامية متشددة إن أربعة من أعضائها قتلوا في هجوم بطائرة إسرائيلية بلا طيار في شمال سيناء بمصر، ونفت اسرائيل ان تكون نفذت هجوما على أرض مصرية ووصفت ذلك بأنه "شائعات وتكهنات"، وقالت جماعة أنصار بيت المقدس في بيان على موقع إسلامي على الانترنت "ارتقى أبطالنا لمرتبة الشهداء (نحسبهم والله حسيبهم) أثناء تأديتهم لواجبهم الجهادي ضد اليهود بعملية إطلاق صواريخ على المغتصبات اليهودية القريبة من حدود الأراضي المحتلة"، ولم يتضح كيف علمت الجماعة ان أعضاءها كانوا هدفا لهجوم بطائرة إسرائيلية بلا طيار.

وفي وقت لاحق نقلت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية عن مصدر أمني رفيع المستوى قوله ان طائرة هليكوبتر آباتشي مصرية نفذت الهجوم، ونقلت الوكالة عن المصدر قوله "التفجيرات التي وقعت بمنطقة العجرة بين علامتي الحدود رقم 10 و11 جنوبي رفح كانت نتيجة استهداف طائرة اباتشي مصرية ترافقها طائرة اخرى طراز جازيل لمجموعة جهادية مكونة من اربعة افراد كانت تحاول نصب منصة اطلاق صواريخ بالموقع"، وقال المصدر "تعاملت الطائرة الاباتشي مع الهدف وقتلت أربعة جهاديين... وتم ضبط منصة صواريخ بها عدد ثلاثة صواريخ كان يجري إعدادها للاطلاق تجاه الاراضي المصرية"، واضاف المصدر ان العملية "أُحيطت بسرية تامة حفاظا على القوات المشاركة فيها... وان شهود عيان من سيناء تحققوا من الطائرات المصرية التي كانت تحلق فوق الحدود"، ونفى المصدر تقارير عن اختراق إحدى الطائرات الاسرائيلية المجال الجوي المصري. بحسب رويترز.

وفي القدس امتنع متحدثون باسم الجيش الاسرائيلي عن التعقيب ورفض وزير الدفاع موشي يعلون ما وصفه "بشائعات وتكهنات" بخصوص هجوم سيناء، وقال يعلون في بيان "تحترم دولة اسرائيل سيادة مصر بشكل كامل" مضيفا ان "الجيش المصري كثف نشاطه مؤخرا... ضد البنية التحتية للارهابيين في شبه جزيرة سيناء"، وفي وقت سابق قالت خمسة مصادر أمنية لرويترز إن الهجوم نفذته إسرائيل. إلا أن القوات المسلحة المصرية نفت ذلك. ورفضت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي في القدس التعقيب على الواقعة.

وانتقدت أنصار بيت المقدس الجيش المصري لما وصفته بتعاونه المتكرر مع إسرائيل، وقال الجيش المصري إن انفجارين وقعا في مكان يبعد ثلاثة كيلومترات إلى الغرب من الحدود جنوبي مدينة رفح المصرية، وقالت المصادر الأمنية في سيناء لرويترز إن طائرة إسرائيلية ضربت الجهاديين المسلحين وقتلت أربعة بعد أن اكتشفت أنهم كانوا يعتزمون إطلاق صواريخ على إسرائيل، إلا أن متحدثا باسم الجيش المصري نفى أي دور إسرائيلي في الواقعة.

باكستان

من جانبه اكد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون خلال زيارة الى باكستان على ضرورة ان تعمل الطائرات الاميركية بدون طيار في اطار القانون الدولي، وشنت وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي اي ايه) مئات الغارات بالصواريخ باستخدام هذه الطائرات استهدفت مسلحين مشتبه بهم في مناطق شمال غرب باكستان منذ 2004، في حملة تتسبب في توتر العلاقات بين اسلام اباد وواشنطن. بحسب فرانس برس.

وتحدث بان كي مون عن تلك الطائرات في كلمة في الجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا في اسلام اباد حيث افتتح مبنى جديدا، وقال "كما قلت باستمرار وفي أغلب المناسبات فان استخدام الطائرات بدون طيار المسلحة يجب ان يخضع كاي سلاح اخر للقانون الدولي الراسخ بما في ذلك القانون الانساني الدولي"، واضاف وسط تصفيق الحضور ان "هذا موقف واضح جدا للامم المتحدة. يجب ان يتم بذل كل جهد لتجنب الاخطاء والضحايا المدنيين"، ويقول مكتب الصحافة الاستقصائية في بريطانيا ان واشنطن شنت نحو 400 غارة بطائرة بدون طيار في باكستان منذ 2004 اسفرت عن مقتل 3500 شخص من بينهم مئات المدنيين.

الكونغو الديموقراطية

الى ذلك اعلنت الامم المتحدة انها تعاقدت مع شركة ايطالية لتزويدها بطائرات بدون طيار ستكون الاولى من نوعها التي تستخدمها بعثتها في جمهورية الكونغو الديموقراطية لمراقبة المناطق المضطربة في شرق هذا البلد.

وتشهد هذه المنطقة منذ اسابيع توترات انفجرت معارك بين متمردي حركة ام23 والجيش الكونغولي، واقامت البعثة الاممية "منطقة امنية" حول مدينة غوما، عاصمة اقليم شمال كيفو حيث وجهت المنظمة الدولية انذارا الى الحركة المتمردة لالقاء السلاح.

واكدت الامم المتحدة ان الطائرات بدون طيار التي ستستخدمها بعثتها في الكونغو الديموقراطية ستكون مهتمها المراقبة حصرا ولن تكون باي حال من الاحوال مجهزة باي سلاح، وقال المتحدث باسم المنظمة الدولية مارتن نيسيركي ان الشركة التي وقع الاختيار عليها هي شركة "سيليكس ايه اس" التابعة للمجموعة الايطالية العملاقة "فيميتشانيكا"، مشيرا الى ان الطائرات التي ستتزود البعثة الاممية بها هي من طراز "فالكو" وسوف توضع في الخدمة "في غضون الاسابيع المقبلة". بحسب فرانس برس.

واضاف ان هذه الطائرات تحلق على ارتفاع متوسط ويمكنها التقاط صور ذات جودة عالية، مشددا في الوقت نفسه على ان هذه الطائرات لن يتم تزويدها باي سلاح، وقال ان "استخدام الطائرات بدون طيار غير المسلحة سيسمح لقواتنا في جمهورية الكونغو الديموقراطية ان تراقب بشكل افضل تحركات المجموعات المسلحة وان تؤمن بشكل افضل الحماية للمدنيين"، وفي حال نجحت تجربة هذه الطائرات في الكونغو الديموقراطية فان الامم المتحدة قد توسع نطاق استخدامها ليشمل المنطقة الحدودية مع كل من رواندا واوغندا، كما سيكون بالامكان عندها استخدام طائرات مماثلة في كل من دولة جنوب السودان وساحل العاج.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 12/أيلول/2013 - 5/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م