الحجاب... حق شخصي تصادره المجتمعات الغربية!

 

شبكة النبأ: لاتزال الأقليات المسلمة في الدول الغربية تعاني الكثير من المضايقات والانتهاكات بسب بعض القوانين والإجراءات الصارمة التي تفرض ضدهم ومنها قوانين منع ارتداء الحجاب في المؤسسات العامة والحكومية باعتباره رمز ديني، وهو ما يعتبره بعض المراقبين انتهاك صارخ لحق المرأة في حرية التعبير وحرية الدين خصوصاً وان القانون الدولي لحقوق الإنسان يكفل حق كل فرد في حرية التعبير، وحرية إظهار دينه ومعتقداته كيفما يشاء وهذه الحريات تمتد إلى مظهر المرء وما يختاره لنفسه من الثياب. محذرين في والوقت ذاته من تنامي مظاهر العنف والتمييز العنصري بين طبقات المجتمع. وفي هذا الشأن طفى مجددا على السطح في فرنسا نقاش منع ارتداء الحجاب في الأماكن العامة مع اقتراح تقدم به المجلس الأعلى للاندماج لحظر ارتداء الرموز الدينية في الجامعات الفرنسية.

وجاء في تقرير سري للمجلس نشرت مضامينه صحيفة لوموند الفرنسية الواسعة الانتشار أن ارتداء الرموز الدينية يتسبب في مشاكل للجامعات. وتحدث تقرير المجلس الاعلى للاندماج عن حالات تم خلالها التذرع بالدين لطلب اعفاء أو رفض الاختلاط إضافة إلى حالات اعتراض على محتوى المناهج.

وكانت فرنسا قد حظرت ارتداء الحجاب في المدارس عام 2004 ومنعت ارتداء النقاب في الأماكن العامة عام 2010 ما تسبب آنذاك في موجة غضب كبيرة بين المسلمين في فرنسا والذين يبلغ عددهم نحو خمسة ملايين شخص. ويقول بعضهم إن خطوات حظر ارتداء الحجاب تحد من حريتهم في ارتداء ما يشاءون. لكن الحكومة الفرنسية تقول إنها بحظر الحجاب تدافع عن علمانية الدولة والفصل بين الدين والسياسة.

الى جانب ذلك أظهر استطلاع رأي نشرت صحيفة لوفيغارو نتائجه، أن 78 في المئة من الفرنسيين يعارضون ارتداء الحجاب أو غطاء الرأس الإسلامي في قاعات التدريس في الجامعات. وأشار الاستطلاع الذي أعدّه معهد إيفوب لحساب الصحيفة، إلى أن 4 في المئة فقط من المستطلعين يؤيدون السماح بارتداء الحجاب في قاعات التدريس في مؤسسات التعليم العالي، فيما ذكر 18 في المئة أن لا رأي لهم في المسألة.

وأظهر الاستطلاع أن الشبان الذي تقلّ أعمارهم عن 35 سنة، هم أكثر انفتاحاً على السماح بارتداء الحجاب، من المسنّين، إذ أبدى 86 في المئة من المتقاعدين رفضهم الحجاب، فيما وافق 11 في المئة من الشبان على ارتدائه، وعارضه 63 في المئة منهم.

في السياق ذاته دافع وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس، عن الحظر الذي فرضته فرنسا على ارتداء النقاب في الأماكن العامة، بعد أن أثار تدقيق الشرطة في هوية منقبة أعمال شغب في أحد أحياء باريس. وفجر إصرار الشرطة على تفتيش منقبة صداماً مع زوجها في حي تراب جنوب غرب باريس وسرعان ما تحول الأمر إلى مواجهة أدت إلى محاصرة بضع مئات المتظاهرين لمركز للشرطة ورشقه بالحجارة. وأضرمت النار في مبنى آخر خلال أعمال عنف في الشوارع استمرت ساعات وأدت إلى اعتقال ستة أشخاص.

وقال فالس إن الشرطة قامت بواجبها على أكمل وجه ورأى الوزير أن أعمال الشغب التي وقعت في تراب غير مقبولة لكنه أكد أن الشرطة تمكنت من احتواء الوضع، وأن الشغب انحسر. وأضاف أن القانون الذي يحظر النقاب هو قانون في صالح النساء وضد تلك القيم التي ليس لها علاقة بتقاليدنا وقيمنا. ويجب أن يطبق في كل مكان..

ويقول منتقدون إن القانون لا يطبق بشكل كامل لأن الشرطة تتحاشى المواجهات في الأحياء الفقيرة التي فيها عدد كبير من المسلمين. ورشق المتظاهرون حجارة وأحرقوا حاويات قمامة ودمروا محطة حافلات. وردت الشرطة باستخدام قنابل يدوية وغاز مسيل للدموع. ونشرت أعداد كبيرة من الشرطة في أجواء من التوتر ومخاوف من اندلاع العنف مجدداً، قبل عودة الهدوء. وقال النائب العام فنسان لوكاس إن زوج المنقبة حاول خنق شرطي خلال الحادثة. بحسب فرانس برس.

في المقابل، نقل اتحاد مكافحة العداء للإسلام عن السيدة المنقبة قولها إن زوجها كان يرد على استفزازات عناصر الشرطة، وإنه تعرض للضرب. وأشارت إلى أن اعتقاله أدى إلى انطلاق الاحتجاجات، لكنه أطلق سراحه ووضع تحت المراقبة القضائية، وسيحاكم بتهمة التعرض لشرطة. وهذه أعمال الشغب الأولى بسبب حظر ارتداء النقاب.

وكان ساركوزي تحدث عن تلك الأحياء كمثار قلق خاص لكن الرئيس الحالي فرنسوا هولاند قال إن تلك الأحياء يجب أن تعامل مثل أي جزء آخر في فرنسا. وتعهد فالس أن تكون السلطات صارمة في التعامل مع الإسلاميين المتشددين، مؤكداً أنها لن تستهدف المـسلمين العاديين. وقال إنني لا أخلط بين من يصومون رمضان ومن يرتدين النقاب.

السويد وأمريكا

على صعيد متصل انبثقت حركة تلقائية على ما يبدو، في السويد تدافع عن حق النساء في ارتداء الحجاب وحصلت على تاييد ناشطات مدافعات عن حقوق النساء الى درجة انها اثارت حيرة خصوم الاسلاميين. وبدأ كل شيء اثر شكوى رفعتها امرأة حامل قالت انها تعرضت الى اعتداء في ضواحي ستوكهولم من جانب رجل شتمها مستخدما عبارات عنصرية. وبعد ايام استجاب مئات من السويديين، معظمهم من النساء ومعهم بعض الرجال، لنداء ثورة من اجل الحجاب نشر على الانترنت مرفقا بصور نساء محجبات تجاوز عددهن الالفين. وشاركت في التحرك نائبات يساريات وناشطات في حركات نسوية واناس غير معروفين وحتى اطفال.

واستقبلت وزارة العدل منظمي التحرك ثم نظموا تظاهرة في ستوكهولم. واجتذبت صفحة ثورة من اجل الحجاب على فيسبوك عشرات الالاف من مستخدمي الانترنت قبل غلقها بسبب ملاحظات عديدة عنصرية ومناهضة للنساء. وصرحت احدى منظمات التحرك فوجان روزبيه بان عدد الاعتداءات على النساء المسلمات ازداد مؤخرا. وانتقدت روزبيه (33 سنة) حكومة يمين الوسط وقالت لم يقل احد منا ان كل ذلك بدأ مع هذه الحكومة لكننا نقول انه تفاقم لانهم لم يأخذوا الخطر على محمل الجد.

وقالت ان المسلمات صرن بمثابة كبش فداء في ظروف تزداد فيها البطالة في السويد وغيرها من البلدان واعربت عن الاسف لخطاب ديمقراطيي السويد (يمين متطرف) ثالث حزب في البلاد بحسب الاستطلاعات، وللصورة السيئة التي تتناقلها وسائل الاعلام عن الاسلام. وافادت احصاءات حكومية ان الاعتداءات على المسلمين قليلة نسبيا في حين تحدث المجلس الوطني لتفادي الجريمة عن 306 شكوى خلال 2012 مقابل 278 في 2011 و272 في 2008.

واستذكرت روزبيه وثيقة تعود الى 2006 انتقدت فيها منظمات اسلامية "تصاعد الأجواء العنصرية المعادية للاسلام في السويد وافادت ان 16,4% من الشبان المسلمين تعرضوا لاعتداءات كلامية و1,4% لاعتداءات جسدية بسبب اصولهم او دينهم. وقد اثارت تلك الوثيقة التي وقعها ناشط اخر يدافع عن الحجاب، جدلا اذ بدا كانها تنتقد تقصير الحكومة في مكافحة جرائم الشرف المرتكبة داخل عائلات مسلمة. واعلنت سارة محمد رئيسة جمعية مكافحة جرائم الشرف انها تعتبر الناشطين من اجل "ثورة من اجل الحجاب" مدافعين عن التيار الاسلامي.

وقالت ادعم تماما الاحتجاجات ضد العنف الذي تتعرض له النساء، عبر الخطاب والتظاهر وليس بارتداء الحجاب المعروف في العالم اجمع بانه رمز اسلامي لقمع النساء. واعتبرت محمد ان من الافضل ان تدافع النائبات السويديات اللواتي ارتدين الحجاب، عن النساء اللواتي يجازفن لانهن يرفضن ارتداء الحجاب. واعتبرت روزبيه ان هذا النقاش لا جدوى له في السويد مؤكدة انها تدافع عن النساء اللواتي اخترن ارتداء الحجاب. بحسب فرانس برس.

وطلبت جمعيتها من الحكومة تشكيل لجنة تحقيق حول اعمال العنف التي تتعرض لها المسلمات ووضع حد لحظر الحجاب بالنسبة للصحافيات اللواتي يقدمن النشرات الاخبارية في التلفزيون العام. واوضح عالم الاجتماع آيي كارلبون من جامعة مالمو ان السويديين متسامحون مع الحجاب ولكن ليس مع النقاب. ونفى ان يكون لاحظ تصاعدا لتيار عدم قبول الاخر وقال "منذ ان بدأنا نستقبل مهاجرين من بلدان اسلامية يقال ان الظاهرة في تنام وانتشار، ولست ادري لماذا نفعل ذلك اليوم".

الى جانب ذلك انقسمت آلاراء بشأن المقترح الذي قدمته إدارة الرئيس الأمريكي أوباما إلى الكونجرس الأمريكي بخصوص منع ارتداء النقاب في الأماكن العامة لدواعي أمنية، وأكد موقع إذاعة هولندا العالمية عن محمد الزهراني أن هذا المقترح مجحف وعنصري لو تم اعتماده، مشيراً إلى أنه ضد الحرية الدينية التي يكفلها الدستور الأمريكي، وأن هناك أكثر من طريقة للتأكد من الهوية، موضحاً أن زوجته منقبة ولم تواجه أي مشكلة على الإطلاق غير أن مثل هذا القرار في حال وافق عليه الكونجرس الأمريكي قد يدفع زوجته إلى العودة للسعودية.

وأضاف الزهراني حسب الموقع ذاته أنه ناقش الأمر مع زوجته التي بدورها أكدت أنه في حال تم إقرار هذا القانون فإنها ستعود إلى السعودية دون تردد لأن ذلك يعتبر انتهاكاً لخصوصية المسلمين. فيما يخالفهما في الرأي المبتعث سليمان الشمري الذي يرى منع ارتداء النقاب في الأماكن العامة سيحسّن صورة المسلمين في أمريكا و أمام العالم إذ لن يكون بوسع المجرمين التنكر في زي سيدة منقبة، مؤكداً أن النقاب يثير كثيراً من الشكوك و الشبهات حول المرأة في أمريكا، وبيّن أن المجتمع الأمريكي ودود بطبعه و لكن من الصعب عليه أن يتقبّل التعامل مع شخص لا يرى وجهه رغم أنهم يجاملون المنقبات، وغالباً ما تحرج المنقبة من التعليقات التي يطلقها عليها الأطفال في الأماكن العامة.

ومن جانبها تؤكد زوجته تغريد القرني أن السبب الذي دعاها إلى الاكتفاء بالحجاب دون النقاب أنها تؤمن أن الحجاب جاء للستر و ليس للفت النظر مشيرة إلى أن مسؤولة الحضانة طلبت منها ذات مرة التحدث مع إحدى المنقبات، لتطلب منها إما الاكتفاء بالحجاب أو تبحث عن شخص يقوم بتوصيل أطفالها للحضانة لأن منظرها يثير خوف الأطفال.

وأكد المبتعث خالد خوجة أن من حق السلطات الأمريكية فرض القوانين التي تراها مناسبة لحفظ أمن وسلامة المواطنين والمقيمين على أراضيها، مشيراً إلى أن الخيارات كثيرة ومن لا يلتزم بالقوانين فعليه البحث عن مكان آخر، وتوافقه الرأي سلمى الحربي التي ترى أن النقاب يخلق حاجزاً كبيراً بين المبتعثة والمجتمع الأمريكي، ويعيق أحياناً مشاركتها في الأنشطة الطلابية داخل الحرم الجامعي، مشيرة إلى أن المنقبات عادة يواجهن حرجاً شديداً في الأماكن العامة، وقالت الحربي إن هناك أزواجاً يجبرون زوجاتهم على ارتداء النقاب كما حدث لإحدى صديقاتها حسب قولها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 10/أيلول/2013 - 3/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م